الحمدلله الذي نصر عبده واعز جنده وهزم الأحزاب وحده وصلى الله على محمد وأله وصحبه, أما بعد
فإن الحديث عن المصلحين وأئمة الدين لا يبلى مهما تعدد , ولا يمل مهما تردد , لأن الحديث عنهم معين ثري , يستطيبه الكاتب والمتحدث , ولاكن الكذب والتدليس والتزوير تأباه الفطر السوية , وإحقاقا للحق فإن دعوة الشيخ محمد رحمه الله هي دعوة للتوحيد وجهاد صافيان من البدع الإبليسية ولديكم تاريخ نجد لإبن غنام النجدي وهو من أتباع الشيخ رحمهم الله جميعا تكلم عن دعوة الشيخ وهو من أهلها وأفضل من تكلم عنها ولذلك الكتاب الآن غير موجود بالسوق وظهرة كتب أخرى تكذب على الشيخ ودعوته وأعتقد أن كتاب إبن غنام موجود على النت لمن أراده وسوف يعرف المنصف كذب وتدليس بعض من يكتبون عن دعوة الشيخ محمد رحمه الله تعالى.
إن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قامت دعوته بالجهاد بالسيف وبالكلام والبيان والحجة والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .
ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ،والميزان هو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود رحمهم الله على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
فإن الشيخ محمداً لمّا استخدم الجهاد لنشر التوحيد وتسلّطت الدول الخارجية آنذاك واسقطوا دولته تكلم فيه كثير من العلماء بأنه سبب هذاوطعنوا فيه، فهذا التاريخ يعيد نفسه؛ فيما يقال في الشيخ ابن لادن الآن قد قيل مثله في الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
فهذه دولة طالبان سقطت كما سقطت الدولة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الأولى.
واحتلت أفغانستان كما احتلت الجزيرة، وقتل المسلمون في أفغانستان كما قتلوا في الجزيرة.
وهدّمت المدن والقرى في أفغانستان كما هدّمت الدرعية وغيرها في الجزيرة.
وسيق المسلمون أسرى إلى (جوانتناموا) كما سيقوا من الجزيرة إلى مصر واسطنبول.
وأختفى الملا عمر وابن لادن في كهوف أفغانستان كما اختفى الإمام تركي بن عبد الله - جد الملك عبد العزيز - في (مغارة) جنوب الرياض لا تزال معروفة إلى اليوم باسم (مغارة تركي) .
وحوكم أتباع ابن لادن في كل مكان كما حوكم أتباع ابن عبد الوهاب وعلى رأسهم (الإمام عبد الله بن سعود آل سعود) آخر أئمة الدولة الأولى حيث حوكم في اسطنبول بتهمة أنه من (الخوارج التكفيريين) ، وقتل وصلب ثلاثة أيام ثم ألقيت جثته في البحر رحمه الله تعالى.
ثم كان ماذا؟
ذهبت الدولة العثمانية ودولة باشا مصر وكل من حارب دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وصاروا أثراً بعد عين وبقيت دعوة الشيخ محمد وانتشرت وبقيت هذه الدولة بفضل تلك الدعوة - وإن كانت تنكرت لها - وهكذا الدعوات الإصلاحية العظيمة والتي منها دعوة الشيخ ابن لادن حفظه الله ستبقى وسيزول كل من حاربها بحول الله وقوته ودين الله باقي ولو كره الكافر ,
وأما دولة ال سعود الحالية صارت تحارب أمرين لولاهما ما قام لها كيان وهما (التوحيد الذي يسمونه التكفير) و (الجهاد الذي يسمونه الإرهاب) فلولا هذان الأمران ما قام للدولة كيان ولا عرف آل سعود الحكم،
فإن الإمام محمد بن سعود رحمه الله تعالى ما كان يحكم غير قريته الدرعية ولم يكن له في غيرها حل ولا عقد، حتى جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عام 1158 وتعاقد معه على نشر (التوحيد) بـ (السيف) وبدأو الجهاد، وخرجوا على ستة من سلاطين الدولة العثمانية من السلطان عثمان الثالث حتى السلطان محمود عدلي الثاني وجاهدوهم بالسيف وهكذا الدولة الثانية والثالثة، ولولا ضيق الوقت لسردت ما أحفظه من الفتاوى (التكفيرية الإرهابية) لعلماء الدولة بمراحلها الثلاث، فلولا هذان الأمران اللذان تحاربهما الدولة الآن أشد المحاربة ما قام لها كيان أصلاً، والله سبحانه يقول: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لايكونوا أمثالكم}.أن الدولة صارت تتلفت يميناً ويساراً تبحث عن سبب ظاهرة ما يسمونه بالعنف والإرهاب، وقتلت الشباب وملأت السجون وكممت الأفواه، وحاربت الدعاة وغيّرت المناهج الدينية، ومكنت العلمانيين من العباد، وسلّطت الصليبيين على البلاد، وتركت أعظم الأسباب وأهمها وهي سياسة الدولة نفسها.
فإن هذه الجزيرة؛ جزيرة الإسلام وأرض محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يحكمها غير شرع الإسلام، وقد بقيت هذه الجزيرة أربعة عشر قرناً قد حماها الله من الاستعمار حتى جاءت هذه الدولة ووضعت فيها القواعد الصليبية وجعلت من جزيرة الإسلام مسرحاً للصليبيين لتنفيذ مخططاتهم لضرب الإسلام وأهله، فلمّا أعلن بوش الحملة الصليبية الأولى على أفغانستان كانت تدار من قاعدة الأمير سلطان، ثم لمّا أعلن الحملة الصليبية الثانية على العراق كانت تدار من القاعدة نفسها ثم زادت الدولة من الخضوع للصليبيين بتغيير مناهج المسلمين إرضاءً لهم، فهذه الأمور وأمثالها هي التي أخرجت هذه الظاهرة فإذا أرادت الدولة أن تعالجها فلتعالج نفسها أولاً، وهب أنكم قتلتم هؤلاء الشباب أو كاتب هذه السطور هل ستنتهي هذه الظاهرة؟ وأنا أقول إذا كانت سياسة الدولة السابقة قد أخرجت (ابن لادن واحد) فسياستها الحالية ستخرج ألف ابن لادن، وستذكرون ما أقول لكم ,أسأل الله أن يثبتني على دينه وأن يقبضني إليه غير مفتون ولا مضيع ولا مفرط.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين