حائل جارة الجبل..!

البريكي2020

عضو فعال
حائل جارة الجبل..!
بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
فتحت حائل دراويزها لمقدمي وبانت شُعلاتها الوضّاءة من بعيد تستدرجني للولوج، اقتربت.. فتطايرت أمامي مكامن حُسنها، كان أوّل بناء يشدّ ناظري تلك الليلة هو مسجد ضخم اتخذ من المدينة مكانا غربياً، وللوهلة الأولى خيّل لي بأن نسخة جديدة من (آيا صوفيا) سكنت قلب صحراء العرب!
لم أنتظر طويلا.. فَمَع ترتيب أمور سكني وإناخة أمتعتي قررت سبر ذاك البناء العظيم لأقترب منه أكثر وأعرف عنه أكثر، إنه مسجد الراجحي الذي بني على المعمار الإسلامي التقليدي بقبابه التي يصل عددها إلى 56 قبّة والمرتفعة جدا عن استواء الأرض بحوالي 70 مترا، ومآذنه الأربع التي يفوق ارتفاعها 85 مترا، لتعانق بذلك العلو مستوى قبة السماء ولتلهب العيون بمنظرها الشامخ البهي، ويضم المسجد بالقرب من محراب الجمعة غرفة خاصة للترجمة الفورية للخطبة، وهي فكرة مبتكرة ورائعة لخدمة المصلين بمختلف لغاتهم، وقد تم تدشين ذلك الجامع قبل عامين وفي يوم جمعة مباركة.
صباح (حائلي) لطيف زفّ إليّ مع طلوع تباشير نوره مفاجأة من العيار الجميل، فقد التقيت عند مدخل الفندق الذي أقمت فيه ليلتي الأولى الباحث في التاريخ الأستاذ العزيز عبدالعزيز العويّد، فغنمت منه وقتا ثمينا شرح لي فيه تاريخ جبلي (أجا وسلمى)، وقصة العشق الأسطورية التي سطرتها بيوت الشعراء الأولين، ومنهم لبيد بن ربيعة الذي قال:
كأركان سلمى إذ بدت أو كأنها ذرى أجأ إذ لاح فيه مواسل
وكسبت من الأستاذ العويّد أيضا نبذة عميقة عن تاريخ حائل قبل أن أودعه ويودعني، لأبدأ مشوار رحلتي إلى منازل الكرم والسخاء إلى مسقط رأس وقرية حاتم الطائي، الذي غطّت حكايات جوده مشارق التاريخ ومغاربها، حيث لامَسَت أطرافي مواقدَ الكرم وأطلال قصوره الطينية العتيقة وتربة قبره الذي يقيم فيه إقامة أبدية تحت سفح جبل طيء بالقرب من قرية توارن الأثرية.
وحاتم الذي اقترن اسمه بالعطاء اللامحدود فصار مضربا خالدا للكرم هو شاعر فارس قضى نحبه قبل بعثة النبي الكريم بأربعة عقود، لكن ابنته (سفن) التي توقفّت في قرية قريبة سميت باسمها وابنه عدي قد أدركا الإسلام فركبا مركب الرسالة السمحاء.. أتجه إلى خارج الوادي ومعي جهازي أقلّب به صوري التي أجدني فيها بين حلقات السنين البعيدة والفتات المتبقية من سيرة رجل صنع للإنسانية قيمة نبيلة عنوانها (السخاء).
اقتطعت من يومي وقتا قصيرا لزيارة قصر القشلة التاريخي الذي يتمركز في قلب حائل ويشرف على سوق حرفي قديم ويتميز بأسواره الضخمة التي تتخللها أبراج شاهقة على الطراز الهندسي للبناء النجدي وهو مبني من اللبن والطين بمساحة كبيرة تتجاوز الـ 20 ألف متر مربع، والقشلة كلمة تركية الأصل وتعني المعسكر الشتوي للجنود، وقد بنيت بأمر من الملك عبدالعزيز في العام 1940 قبل أن يؤول مصيرها إلى يد الهيئة العامة للآثار السعودية لتصبح مزارا ثقافيا، وإن كان البعض يرى أن ذلك القصر كان لآخر حكام بني رشيد قبل الفتح السعودي لحائل إلا أنها تبقى أقاويل مرسلة لا دليل على صحتها.
بعد قيادة الراحلة نهاراً كاملاً في رحلة التجوال التي حملت لي مع كل خطوة علبة مفاجأة، أجد مكانا جميلا قبل الغروب بقرب الجبال الحائلية التي تتساقط جداول صغيرة، لأقتنص وقتا للراحة بجانب قرية العُقدى الجميلة وصخور ملساء كانت مقعدا طبيعيا لمن يتوق لمنظر تدفق ماء السماء بنعومة وهو ينتحر ناحية القاع حيث أودية الجفاف..!
 

رافع الراية

عضو ذهبي
نورت حايل

بعض الاماكن المذكورة بالمقال

1336639954664.jpg


جامع الراجحي




d303daff89cc09413fb9489400f36b52.jpg

عبارة اهلا بكم في حائل على سفح اجا

c5fb2a5de2.jpg

منازل حاتم

4d3347c26f65e.jpg

قرية السفن

04f6f4ba2215b3.jpg

قرية عقدة
 
أعلى