قناص خيطان
عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم
( الشيخ عبدالله الخلف الدحيّان )
كتب فارس الفارس:
هو قاضي الكويت وفقيهها وعالم من علمائها المعتبرين في زمانه، اكتسب محبة الجميع حكاما وشعوبا
ووثقوا به... وابتعد عن مجاملتهم حفاظا على دينه وعقيدته السليمة الصافية، قصده كثير من طلبة
العلم الذين أصبحوا بعد ذلك منارات يهتدى بهم وذلك بفضل شيخنا الفاضل ـ بعد الله عزوجل ـ وعلمه
الغزير الذي شهد له جميع من عرفه، اشتهر رحمه الله بالحلم والتواضع... كريم لا يعرف طريق
البخل... يعطي ولا يبالي قاصدا وجه ربه الكريم، رحل عن هذه الدنيا الفانية وهو في السابعة والخمسين
من عمره... ولكن بقيت ذكراه العطرة تملأ الكويت ولازال أهل الكويت وطلبة العلم يحفظون للشيخ
الجليل قدره ومكانته.
قرأت كتاب (علامة الكويت الشيخ عبدالله الخلف الدحيان، حياته ومراسلاته العلمية وآثاره) للأخ محمد
بن ناصر العجمي، فوجدت بين صفحاته من المعلومات القيمة والأخبار التي ألزمتني أن أنقل بعضها
لأبناء الوطن الأعزاء ولقراء «الوطن» الكرام، لكي يكون هذا العالم نبراسا وطريقا نبني عليه ثقافتنا
وعقيدتنا.
اسمه ونسبه ومولده
هو العلاّمة الكريم الفاضل والشيخ الجليل العامل عبدالله بن خلف بن دحيان الحربي الحنبلي السلفي
الأثري، ويرجع نسبه الكريم الى قبيلة حرب الشهيرة في الحجاز ونجد وهي قحطانية الأصل.
ولد الشيخ الفاضل في الكويت في الثامن والعشرين من شوال سنة 1292 هـ الثاني والعشرين من
سبتمبر سنة 1875 م،وكان والده مقيما في بلدة المجمعة عاصمة سدير، وكان إماما وخطيبا في
جامعها، وكان أيضا يعلم أولاد البلدة القرآن الكريم، وسافر إلى الكويت في حدود عام 1285 هـ.
نشأ شيخنا الفاضل في حضن والده، وتعلم عنده القرآن الكريم ومبادئ الكتابة والحساب، ونشأ نشأة
طيبة وسيرة حسنه، وحُبب إليه العلم، فشرع في قراءة الفقه وتعلم اللغة العربية على يد علامة الكويت
الشيخ محمد بن عبدالله الفارس وأخذ منه علما كبيرا حتى أصبح من أبرز تلاميذه وبمكانة أبنائه، وبعد
ذلك تمكن الشيخ عبدالله من مواصلة حياته العلمية ولكن ظل ملازما لشيخه إلى وفاته، حيث قام بنفسه
بغسله وتكفينه والصلاة عليه وذلك حسب وصية شيخه الشيخ محمد عبدالله الفارس رحمه الله، كما كان
شيخنا الفاضل مستمعا جيدا عند الشيخ السيد مساعد السيد عبدالجليل الطبطبائي رحمه الله.
رحلته العلمية ومشايخه
سافر شيخنا الفاضل الى الزبير سنة 1310 هـ، فقرأ على الشيخ صالح بن حمد المبيض والشيخ
عبدالله بن عبدالرحمن الحمود والشيخ محمد بن عبدالله العوجان، وقد كانوا جميعهم من كبار العلماء
في الزبير، ثم رجع شيخنا الكريم إلى الكويت بعد سنتين، ثم عاد مرة ثانية للزبير لتكميل دروسه وبعد
سنة عاد إلى الكويت مرة أخرى، واستمر في تحصيل العلم حتى حصل على علم غزير بفضل من الله
سبحانه وتعالى.
صفاته الكريمة
كان شيخنا الفاضل يضرب به المثل في حسن الخلق والتواضع والنزاهة والاستقامة في الدين، وكان
رحمه الله يسعى لقضاء حوائج الناس، ويحرر الوثائق ويكتب عقود الزواج محتسبا الأجر من الله
سبحانه وتعالى، كما كان رحمه الله دائم المساعدة للمحتاجين والفقراء.
يقول مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله: «هو أجل علماء الكويت اليوم وأصلحهم، وقد
امتاز عليهم بالهدوء والسكون، وحسن المعاشرة، وبالأخلاق الفاضلة، والآداب الجمة التي يغبط
عليها، قلما يسيء إلى جليسه مهما بدر منه، صبور على الشدائد، جلد على المصائب، وهو على علمه
لا يستنكف من الأخذ عمن هو دونه علما، وقد جمع مع علمه الواسع الكرم الحاتمي، وعقله
الحصيف»، ويقول كذلك: «وله مكانة بين القوم سيما أهل الحي القبلي، لعفته النادرة، وتقاه الصحيح».
ويقول خالد سعود الزيد في كتابه أدباء الكويت في قرنين نقلا عن والده وهو من طلبة الشيخ
الجليل: «كان الشيخ رحمه الله من مفاخر زماننا هذا، كثير الحياء، عظيم الوفاء، محبا للمساكين،
جوادا، سخيا، من رآه كأنما رأى بعض الصحابة، وكأن النور يخرج من وجهه، كثير العبادة، ينتفع
الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه، ومجلسه عامر بأهل العلم والصلاح».
وفي مجلة المجتمع العدد 17 يقول الشيخ عبدالله النوري رحمه الله: «والذين عرفوا عبدالله بن خلف،
عرفوا فيه رجلا تقيا، متواضعا لله في نفسه، عظيما في أعين الناس، يقضي نهاره وكل نهار من أيام
عمره معلما للناس، واعظا لهم، حلاّلا لمشاكلهم، مفتيا في قضاياهم، يقرأ القرآن ويتدبر معانيه
ويستنتج منه أحكامه، يعبد الله ويختلط بالناس، يجلس في مجلسه لهم، ويعود المرضى ويهنئ أو يعزي،
ولم يذكر عنه رحمه الله أنه أضاع ساعة من عمره في لهو أو عبث».
وفي كتاب علماء نجد خلال ستة قرون، يقول الشيخ عبدالله البسام: «ولازلنا نسمع الأخبار العجيبة عن
ورعه واستقامته، فإن كثيرا من أقاربي عرفوه وصاحبوه وأكثروا من مجالسته».
أخلاقه وصلاحه
يقول الشيخ الجليل محمد بن سليمان الجراح رحمه الله: «أعطي الشيخ عبدالله الخلف كيسا فيه مال،
وذهبنا لزيارة مريض من أصحابنا وهو فقير، فلما ذهبت إليه وجدت عنده الكيس نفسه، أحضره له
الشيخ عبدالله».
ويقول الشيخ أحمد الخميس رحمه الله: «كان عندنا جرار فيها رز وتمر ونحوه من الأطعمة، فكنا إذا
أصبحنا نرى فيها نقصا، فعلمنا أن الشيخ عبدالله كان ينفق منها سرا».
ويقول الشيخ الأديب إبراهيم الجراح رحمه الله: «أرسل له الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله حاكم
الكويت آنذاك ابن عون ومعه سبعون نيره، وهو مبلغ عظيم جدا في ذلك الزمان، وقال ابن عون: إن
الشيخ أحمد الجابر يقول لك: إنها ليست من الجمرك، بل هي من مزارعنا في الفاو ـ أي إنها خالص
المال وحلاله ـ فأخذها الشيخ عبدالله وأخرجها وعدها وأظهر كأنه قد قبلها حتى لا يكون في الخاطر
شيء، ثم أعادها إليه وقال: أرجعها وقل له: أنتم ذخر إذا احتجت إليها أخذتها».
هكذا كان ورعه وهكذا كان أدبه، وهذه أخلاق العلماء الأجلاء من أهل الكويت.
هيئة الشيخ ولباسه
يقول الشيخان محمد وإبراهيم الجراح رحمهما الله عن لباس الشيخ الفاضل وهيئته: «كان الشيخ
رحمه الله ربعة من الرجال، قمحي اللون، ولم يكن به لما توفي شيب كثير، وكان يكحل عينيه بالإثمد
قبل المنام كل ليلة، ويلبس العمامة المطرزة بقليل من خيوط الإبريسم يوم الجمعة، وأما باقي الأيام فإنه
يلبس العباءة (البشت) البيضاء على ثيابه، كما كان ندي الصوت في قراءة القرآن الكريم، وكان صوته
يوحي بالخشوع، ولا يتكلف في القراءة كما يفعلون الآن».
ويقول الشيخ عبدالله النوري رحمه الله: «لم يلبس فاخر اللباس، ولا انتعل بغالي النعال، بل كان يكتفي
منهما بما يكفيه، بما يرد عنه غائلة برد، أو يمنع عنه وقدة الحر».
إمامته وتوليه القضاء
تولى شيخنا الجليل عبدالله الخلف الدحيان رحمه الله الإمامة والخطابة في مسجد البدر بالحي القبلي،
حيث يقول المؤرخ الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله: «أول من عين إماما وخطيبا لمسجد البدر هو
أستاذنا الفاضل الشيخ عبدالله الخلف الدحيان».
كان الناس يحرصون على الصلاة في مسجد البدر ليصلوا خلفه، ويستمعوا إلى خطبته، وكان كثير من
الناس يقطعون مسافات بعيدة من أطراف الكويت إلى حي القبلة لصلاة الجمعة خلفه، كما كان سكن
الشيخ عبدالله لصيقا للمسجد.
كان القضاء في الكويت متسلسلا في آل العدساني الكرام، وكان آخر من تولى القضاء منهم الشيخ
عبدالله بن خالد العدساني، وبعد وفاته رحمه الله ظل منصب القضاء شاغرا لمدة ثلاثين يوما تقريبا،
وبعد ذلك عرض القضاء على الشيخ عبدالله، وكان رحمه الله يمتنع من ذلك ولكن الضرورة ألجأته إلى
ذلك، حيث كان توليه للقضاء بإلزام من الشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت آنذاك، حيث لم يوجد من يماثله
في العلم والصلاح كما ذكر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه صفحات من تاريخ الكويت.
وقد اشترط عليهم الشيخ عبدالله أن يكون وكيلا للقضاء لا أن يكون أصيلا فيه حتى يجدوا بديلا له،
وكان يقول رحمه الله: «ادعو الله أن يريحني من القضاء».
يقول الشيخ الجليل محمد الجراح رحمه الله: «كان الشيخ أحمد الجابر راضيا بتولي الشيخ عبدالله
القضاء، فكلما صدر الحكم من قبل الشيخ عبدالله أخذ به ووضعه على رأسه توقيرا وتبجيلا للشيخ
عبدالله».
صورة مخطوطة كُتبت بيد العلاّمة الشيخ عبد الله بن خلف الدحيّان
تلاميذه
عمّر الشيخ الجليل وقته ومجالسه بالعلم والتدريس والوعظ والإرشاد العام، فقد درّس الحديث والفقه
والتفسير وغير ذلك من العلوم، حيث كان رحمه الله يقرأ في الصباح تفسير ابن كثير ثم بعد ذلك صحيح
البخاري مع شرحه فتح الباري، وبين المغرب والعشاء كان يقرأ فنونا متعددة، وكلما أنهى قراءة كتاب
شرع في قراءة كتاب آخر وقد اعتنى عناية كبيرة بتدريس كتب الفقه الحنبلي حيث كانت طلبته تقرأ عليه
دليل الطالب وزاد المستنقع والروض المربع وغير ذلك من كتب المذهب.
كان رحمه الله يفتح بيته ومجلسه لعامة الناس، فلا يرد الصغير ولا الكبير وكان يجلس للزائرين صباحا
ومساء، وكان من بين تلاميذه رحمه الله:
الشيخ يوسف بن عيسى القناعي.
المؤرخ الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الرشيد.
الشيخ يوسف بن حمود.
الشيخ محمد بن جنديل.
الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مبارك.
الشاب الشيخ محمد بن عبدالله السبيل.
السيد سعود محمد الزيد.
الشيخ محمد ابراهيم الشايجي.
الشيخ أحمد الخميس الخلف.
العلامة الشيخ عبدالوهاب عبدالله الفارس.
الداعية الشيخ عبدالرحمن محمد الدوسري.
الشيخ عبدالله محمد النوري.
العلامة الشيخ عبدالوهاب عبدالرحمن الفارس.
الشيخ عبدالرحمن العبيدان.
العلامة الشيخ محمد سليمان الجراح.
الأديب الشيخ ابراهيم سليمان الجراح
السيد حسن جارالله الجارالله.
السيد محمد بن مطر.
السيد عبدالعزيز العنجري.
السيد عبدالرحمن الدعيج.
السيد محمد عبدالمحسن الدعيج.... وغير هؤلاء الأفاضل كثير.