هل ينفع الشجن الوطن ؟ شعر : عبدالمجيد فرغلي

هل ينفع الشجن الوطن ؟شعر
عبدالمجيد فرغلي ( 1 )

الزهرة البرية

انتفضت لتنتزع الكفن

وصحت لتبعث من جديد

قبل يوم الحشر في الثوب الحسن

قالوا : بأن الزهرة الفيحاء

قد نبتت علي وجه العفن

قلت الحقيقة أنها :

هي لم تكن نبتت سوي عذراء

في غصن التقاء المحتضن

من دوحة فرعاء فيحاء الفنن

هي زهرة عطرية الأنداء

عطرت الدمن

شمخت إلي الاّفاق من روض الإباء

وحيث تقترع القنن

وغدت تنوح علي فنن الزمن

( 2 )

قد قلت للباكي الحزين : ألا انتظر

إن كنت لا تدري البكاء

ولست تعرف ما الشجن

أو كنت لم تدرك مكان القصيد

أو كيف المدامع تهتتن؟

أو كان حيرك الوفاء

وشاخ في العين الوسن

وتسربت منك المشاعر " دونما تدري "

إلي تعاشيب العطن

أو جف نهر الدمع من عينيك

في غور الأسن

أو كان مات غزال برك

ثم دثره الكفن

وطواه لحد الفناء أو قبر الفناء المحتضن

فلتعتزل دمع العيون

فأنت لم تبك الوطن

( 3 )

فامسح دمع العين عن وجه تغضن بالمحن

واركب علي فرس التفاؤل

لا تدع عينيك من مدمعها اهتتن

فالزهرة البرية

انتفضت

وزايلها الوهن

شرعت تقول لك استرح

إن كان دمعك ليس يكفي

أو تبخر واندفن

أو كان نهر الدمع جف

ونهر دمعك ما هتن

فلم البكاء ؟

لم العويل ؟

لم الشجن ؟

أولي بزهرتك البتول بغربة لك

تمتحن

ولتترك الحزن العصوف

وأن تعود لهمس رونقها الحسن

وطن وأنت به حفي في السريرة

والعلن

( 4 )

أما غزال البر إن كان الشهيد

فإن أرض النيل طاهرة البدن

متي بأرض الزهر يفترش العطن

ومحبة الوطن العزيز بلا دموع

أو حزن

وإذا بكيت هل البكاء يزيل

عن وطن محن ؟

وطن إذا ترثيه بالدمع الحزين

متي يعود ؟

وإن يعود فلمن ؟ ومن ؟

مالحزن يمسح غربة عن غائب أو قائم فيه تروعه الفتن

هل يرجع الوطن العويل ؟

وهل يزيل كروبه يوما شجن ؟

يا باكيا لا ترسل الدمع الهتون

فذاك لا يجدي الوطن

كن درعه مما ينوب به

ومن سهام الدهر كن أنت المجن

ثم اغترابك عنه إن عز اللقاء

هو الوفاء ؟

أو النضال به اقترن

والمجد كنز للخلود ولن يعادله ثمن

يا راثيا وطنا غزال البر فيه شهيده

خلع البدن

وثوي بجسم تراه في وطن يدثره

الإباء بما ترائي أو بطن

يكفيه أن بذل الفداء

وكان من دمه الكفن..

وكفاه أن حصل الخلود له

وأصبح في عدن

هو ذا الشهيد ..

وأين مثل شهيدنا احتضن الفنن ؟

يا " سعد " لا تبك الشهيد

فقيد روحك والوطن

هو في النعيم

وأنت تعلم ما بطن ؟

ارفق به متفائلا

فغزال برك قد سكن

سكن الخلود بروحه

بدمائه دفع الثمن

**************************************************
في 15-7-1993


القصيدة معارضة شكرية لقصيدة الشاعر : سعد عبد الرحمن ..

" مرثية جديدة لغزال البر "

ومطلعها :

" ابكيك أم أبكي الوطن ؟
يا زهرة برية علي وجه العفن "

والتي نشرت في جريدة الأحرار المصرية في 15 من يوليو 1993 في باب " قضايا ثقافية "


تسجيل صوتي للقصيدة بصوت الأستاذة ليلي الشامي

في المؤتمر الثاني لرحالة الشعر العربي
عبدالمجيد فرغلي
في مركز رامتان بمتحف طه حسين بالهرم
في 11من ديسمبر 2011

 
أعلى