عندما يسهم الإعلام في انتشار مزاعم الإرهاب

أحمد الحمد

عضو بلاتيني
مرت بخاطري الراحلة مارغريت ثاتشر مساء الاثنين الماضي فيما كنت أتابع التغطية التلفزيونية لبدء محاكمة مايكل آديبولاجو (Michael Adebolajo) مرتكب جريمة قتل الجندي البريطاني لي ريغبي (Lee Rigby) في الـ23 من مايو (أيار) الماضي بضاحية وولتش جنوب شرقي لندن. الأرجح أن كثيرين من المنتمين لجيلي المقيمين في هذا البلد، يتذكرون مقولة للسيدة الحديدية أواخر ثمانينات القرن العشرين كان مضمونها هو التالي: امنعوا عنهم أكسجين الإعلام.


المقصود بالخنق الإعلامي كان الجيش الجمهوري الآيرلندي، وقصد القابضة على مقاليد حكم بريطانيا آنذاك كان الحيلولة دون تغطية إعلامية رأت من جانبها أنها تحمل في مضمونها نوعا من التبرير لعمليات القتل والتدمير، ومن ثم الانتشار الأوسع لرسالة الإرهاب.


تلك المقولة سرعان ما أخذت شكل قانون أعلنه دوغلاس هيرد، وزير الداخلية زمنذاك، في الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) 1988 يمنع قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة من بث تصريحات لقادة الجناح السياسي للجيش الجمهوري الآيرلندي (شين فين) بأصواتهم، أو إجراء مقابلات تلفزيونية معهم، وظل المنع ساري المفعول حتى رفع نهائيا في الـ16 من سبتمبر (أيلول) 1994 بعد أربع سنوات من تسلم جون ميجور الحكم.


ووجهت فلسفة الليدي ثاتشر تلك بموجات سخرية لاذعة، وحملات انتقاد شديدة. استند الساخرون آنذاك إلى أن تطبيق الرؤية الثاتشرية، ومن ثم القانون الذي بني عليها، بدا مضحكا، إذ التف أهل الإذاعة والتلفزيون حول قرار المنع باستخدام ممثلين بدل زعامات الجيش الجمهوري الآيرلندي، ليحل مكان أي منهم صوت ممثل يردد مضمون تصريحاتهم ذاتها. أما النقد الجاد والمقلل من فعالية ذلك فرأى أن السيدة ثاتشر كانت تجر بريطانيا إلى المربع ذاته الذي تأخذه على دول العالم الثالث، وهو تقييد حرية الرأي.


مع ذلك، رغم مرارة سخرية الساخرين، ووجاهة رأي المنتقدين، كان واضحا أن ذلك الإجراء الثاتشري ترك أثرا سلبيا على الترويج الإعلامي لرسالة الجيش الجمهوري الآيرلندي بحرمان وجوهه السياسية من بريق المنصات التلفزيونية وأضوائها، إذ إن أداء أي ممثل لا يمكن أن يعكس مدى قوة الحضور المباشر لقيادي مثل مارتن ماكغينيس، أو جهورية الصوت لدى جيري آدامز وملكة الخطابة التي يملكها.


الواقع أن الساخرين باستخفاف من فلسفة الليدي ثاتشر تلك، والمنتقدين لها بجدية أو المقللين من شأن فعاليتها، لم يدركوا آنذاك أهمية حجتها في التعاطي الإعلامي مع الإرهاب على نحو يوازن بين تغطية إعلامية تعطي الجمهور الضروري من المعلومة الإخبارية والتحليلية، وبين إعطاء الحدث والأشخاص مساحات أكثر مما ينبغي، صوتا وصورة، بما يوفر الفرص لنشر رسالة الجماعات الإرهابية ومزاعم من يبررون القتل تحت أي مظلة كانت.


في السياق أعلاه، إذ رحت أستمع لمراسل التلفزيون ينقل تقريبا النص الكامل لمرافعة آديبولاجو عن نفسه وتبريره قتل ريغبي بالساطور في شارع لندني، فيقحم الخالق عز وجل فيما ارتكب من جرم، مدعيا أنه ليس مدنيا بل هو جندي من جنود الله، وإن لم يلبس الزي العسكري، وأنه مارس القتل ضمن حرب يخوضها، بعد نحو 10 دقائق من الاستماع لذلك الهراء، تساءلت عن الأهمية الإعلامية في نقل تلك المزاعم لقاتل مغسول الدماغ من داخل قاعة المحكمة إلى بيوت ملايين الناس، ومن ثم أين الغرابة إذا التبس الأمر على عوام المشاهدين والمستمعين، فاعتقدوا أن جزءا ما من شخصية ذلك القاتل ومفاهيمه قد يسكن كل مسلم يتردد على أي مسجد لعبادة الله؟ ولماذا الدهشة إذا تسلل إلى خلايا أدمغة كثيرين أن دوافع «الخلايا النائمة» لارتكاب جرائم مماثلة، أو تلك التي استيقظت بعد نوم ونفذت ما خططت من قبل، كما حصل في سابع يوليو (تموز) 2005، موجود في الدين نفسه؟ كلا، يجب ألا نستغرب، من جانبنا، إن بدا الإسلام لغيرنا في حرب مع كل ما ومن هو غير مسلم.


في المساء نفسه، بعد خبر فاصل في شأن آخر، انتقل المذيع إلى ما قيل إنه فشل القوات الفرنسية في وقف ما يجري من مذابح بين مسلمين ومسيحيين في جمهورية أفريقيا الوسطى. ليس هنا مجال الخوض في أسباب تلك المجازر، وبصرف النظر عن الطرف البادئ بالظلم، وعلى الرغم من أن هناك صورة مشرقة للمسلم الذي يحقق إنجازات أحدثها، على سبيل المثال، استضافة دبي لمعرض «إكسبو 2020»، يبقى أن المسلم يظهر على شاشات التلفزة في معظم أنحاء العالم، في صورة جندي يقاتل الآخرين في عقر دارهم فقط لأنهم ليسوا مسلمين. ذلك باطل مرفوض يلعب الإعلام دورا مغرضا في نشره بزعم تغطية القصة الصحافية، مع أن ذلك الغرض لا يتطلب بالضرورة الذهاب بعيدا في إثارة تروِّج لرسالة إرهاب هو العدو الحقيقي للإسلام، لأن من يغسل أدمغة الإرهابيين بالباطل يقنعهم أن عدوهم موجود في شوارع بريطانيا أو غيرها من دول العالم، وليس هناك على جبهات القتال، حيث بوسع كل شجاع أن يكون جندي الحق الذي يؤمن به.


حقا، الميدان هناك، على الجبهة فقط، وليس في أي من العواصم والمدن، بما فيها مدن بلاد تمزقها معارك أهلها أو حروب الغير على أرضها.


http://aawsat.com/leader.asp?section=3&article=753520&issueno=12798#.UqmwzUof5Lg


التعليق:


ان ما تقوم به المجاميع المتطرفة من تغرير بالشباب المسلم وخصوصاً الخليجي واستخدامهم في شن عمليات قتل وتفجير ودفعهم للموت كالاضاحي يعتبر من اكبر واخطر المشاكل التي تواجهها اغلب الحكومات والشعوب الاسلامية. ان من يغسل ادمغة الشباب ويدفعهم لتفجير انفسهم بالاسواق والمدارس والمستشفيات وتحريضهم على حكوماتهم واهلهم هو بالتأكيد مجرم وارهابي وليس له علاقة بالجهاد او حتى الاسلام.

 

أحمد الحمد

عضو بلاتيني
ان قيام تنظيم داعش الارهابي من جهة ومليشيات القتل الطائفية من جهة اخرى بالتغرير بالشباب ودفعهم للقتال والموت بحجة الدفاع عن أهل السنة او مراقد وقبور أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حوّل الحرب في سورية الى حرب طائفية قذرة تضر بالشعب السوري.
 

أحمد الحمد

عضو بلاتيني
واذا تذكّرنا كلام محمد العوفي الذي قال "بان المخابرات الاقليمية هي التي تسيطر على القاعدة وتحدد لها حتى الاهداف والضحايا" سنعرف بان هناك أيادي خفية تغرر بشبابنا المسلم وتقوم بعملية غسيل دماغ لهم تدفعهم لاستهداف حتى بلدانهم واهلهم.

وما التفجيرات الاخيرة التي استهدفت بناية المرور في السعودية وغيرها الا دليل على تلاعب اجهزة المخابرات تلك بعقول الشباب ودفعهم لتكفير واستهداف اقرب الناس اليهم.
 

أحمد الحمد

عضو بلاتيني
وزبدة الكلام ، اقول لكل من يطبّل ويهلل فرحاً لمنظر القتل والتفجيرات ومن يدافع عنها او يحاول تبريرها ، ان خطر الارهاب سوف لن يستثني احد. وسوف تكون بلدانكم ومدنكم وحتى عوائلكم اهداف للارهاب الاعمى الذي لا يفرق بين مسلم وغير مسلم. وساعتها سنقول لكم "هذه بضاعتكم ردّت اليكم". والايام بيننا.
 
أعلى