مواصيل ممطره . .

Way one

عضو مخضرم
تحدثت مع الطبيب بحسم حيث قلت له : مادام هذه تفاصيل الحالة الصحية ، وبأنه لاوجود لأمل مستقبلي فلتسمح لي بالعودة لبلدي و أواجه المصير المحتوم هناك ، بدلا" من الإنتظار المستمر والملاحظة الدائمة لحالة صحية متذبذب وضعها ، ولايلوح في الافق أمل واضح !
إبتسم الطبيب بهدوء وقال لي : دعك من ذلك الوهم إذ لايوجد في القاموس شئ أسمه لايوجد أمل ، ويجب عليك البقاء هنا حتى تتبين ملامح الحالة ، فأنت مازلت لم تصل للوضع الحرج ، ألا تلاحظ إننا نسمح لك بالخروج وتناول الكافيه خارجا" ، ألا نسمح لك بالمبيت في الخارج لمدة يوم ، هل تعتقد لو حالتك صعبة حسب وصفك سندعك تخرج ؟
إنتهى جواب الطبيب ، ثم نظر لي بجدية واضحة و انصرف ، هنا تأكدت أن العودة للبلاد صعبة ولايوجد تفكير على الاقل حتى للفترة القادمة ..
الحقيقة أني تعبت جدا" من حالتي ، ومن الكتابة عنها ، صحيح أني على الورق اشكو همي ، لكن هل للورق شعور ، هل يملك إحساس ؟
بعد أيام من الحوار مع الطبيب ، طلبت أذن للخروج ، وكانت الموافقة سريعة جدا" ، لم تتعد الثلاثة دقائق !
لبست و كنت ناويا" الذهاب لمطعم صغير في احد أزقة فيينا ، يعمل البيتزا بشكل عجيب ، أشهى بيتزا تناولتها بحياني فيه ، ذهبت إليه وجدته فاتحا" كالعادة ، الوقت كان بداية الظهر ، طلبت فنجانا" من القهوة الفرنسية التي يبدع بها المطعم ، حيث يأتي الفنجان تسبقه رائحة البن النفاذه ، يبدو ان تحميص القهوة هنا بالمحل ، لأنها طازجة ، إرتشفت فنجانين من القهوة اللذيذة التي " تقعد الراس " ، وبعدها بوقت قصير طلبت بيتزا من الحجم الوسط ، وكنت تقريبا" الوحيد بالمحل ، لم يكن هناك احدا" غيري ، وبصراحة أعجبني ذلك جدا" ، كأني الزبزن المدلل !
الغريب .. بعد خروجي لمحت اكثر من خمسة زبائن دخلوا المحل ، إبتسمت بيني وبين نفسي : يبدو إني عميل سوبر ستار !



......
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
بعد السير في دروب فيينا العتيقة ، كنت افكر واتفكر ، وأداعب ذكريات مضت ، كأنها في دقائق ..
ثم وجدت أمامي شخص اعرفه جيدا"
لم أراه منذ زماااان .. إنه الشعر والقصائد ..
ثم كانت :
في الحقيقة
إننا كنا نجامل
في مسارات الحوار
وبالحقيقة
ماتعدينا المعابر
في اراضي العمر .. والحلم .. ومنصات الحقيقة
لو دقيقة
إستمرينا
على نفس المحاور
كان يمكن وصلنا .. في دقيقة
يانصيب الحظ
والتبر .. و دقيقة
يا رفيف البرق
لاولع في صدر الجو
وأشعل بي حريقة !
تايه في بنص الشوارع
لا لقاء .. ولا موادع
كني المخلوق بلحالي
ولا غيري بشر
كني اللي ماسهرت إبهالليالي
او تعنيت إل سهر
آه .. تتعبني الجروح
وين أواجه .. وين اروح
واللقاء مصبوب من في قاع المقابر
وللقاء . . الله قادر
لا طبيب ولا دكاتر ..
وبالحقيقة
ماتعدينا المعابر
في اراضي العمر .. والحلم .. ومنصات الحقيقة
لو دقيقة !!



. . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
توقيتات الخروج من المستشفى لم تكن متشابهة ، كل خروجية لها وقت يختلف عما سبق ، وبصراحة لم يكن ذلك يهمني ، الأهم أنني مادام استطيع الخروج سأتمناه وأسعى إليه . .
هذه المرة فكرت وطرأ على بالي الحجز لحضور أمسية موسيقية يتم فيها عزف السيمفونيات التي اشتهرت بها هذه البلاد ، من بيتهوفن ( اظنه نمساوي ) وموتسارت وغيرهم ، وكنت اتشوق لحضور هذا الحفل النخبوي الراقي ، وللأسف لظروف تتعلق بتوقيت الخروج والعودة للمستشفى لم يكن هناك مجالا" لتحقيق هذه الرغبة الملحة في خاطري !
سألت الممرضة إن كان هناك مجالا" للسماح لي بإحضار بعض الفاكهة الطازجة + قهوة طازجة ( اقصد شراء قهوة من المطحنة ، وليست في معبأة جاهزة ) وبعد اقل من ساعة أتت الموافقة بشرط عدم الإفراط في الأكل والشرب ( لأسباب تتعلق بتناسب وأدوية العلاج اليومية ) فكانت هذه الموافقة اشبه بالبشارة !
ولأن كان هناك إذن للخروج ، فقد خرجت وتوجهت لسوبرماركت قريب وأخذت بعض الفاكهة الطازجة اللذيذة ، ومررت بمحل يبيع القهوة وأخذت ماتيسر منها ( قهوة فرنسية ) ، ومنها اتجهت للعودة ادراجي للمستشفى . .
لما وصلت وضعت الفاكهة في الثلاجة ، والقهوة في الخزانة المخصصة بجانب صانعة القهوة ، وبعد ذلك إنتظرت حتى حل المساء ، ثم اطفئت بعض الإنارة لتكون الإنارة خافتة قليلا" ، وغسلت الفاكهة ووضعتها بشكل مناسب على للطاولة ، وعملت ألذ قهوة وسط ممكن اتخيلها ، واحضرت الآي باد وشبكته بالواي فاي ، وشغلت إحدى أروع أغاني محمد عبده ، وبلا سيمفونيات بلا غيرها !
السيمفونيات حلاوتها في الحضور بالمسرح وليس السماع وأنا في غرفة منعزلة في احد مستشفيات فيينا ، لذلك كان المزاج مع ابا نوره . . . . وبصوت مناسب ( حتى لايكون إزعاج لأحد ) ..
استمعت بمزاج ل :


تفرغت لك ياكامل الزين بلحالك
تقل غيرك من الناس ماهم ب حييني . .


وبعدها . سافر الخيال مع :


يوم الله أحسن صورتك خصني فيك
فيك الجمال .. وصادق الحب فيني . .


ويالها من ليلة . . وذكريات . . و تذكرات . . ومتذكرات . .
. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
قبل يومين تعرفت على مريض أسكتلندي موجود في المستشفى منذ أقل من شهر ، كان ودودا" رغم صعوبة الحركة التي يعاني منها ، وكان مهتم بالسياسة بشكل كبير ولايخلو حديث له عن السياسة ، و من كلامه علمت أن تخصصه في الجامعة هو العلوم السياسية ، وكنت اسهب بالحديث معه حول كل شئ واي شئ في السياسة ، ولاحظت ثقافته العاليه و حفظه لعدة أحداث تاريخية سياسية ، واتفقت معه على آراء وعلى طريقة الإختلاف الذي لايفسد للود قضية إختلفنا في آراء أخرى ..
من ضمن الأحاديث كان الحديث عن نوايا إسكتلندا الخروج من عباءة بريطانيا والرغبة بالإستقلال ، وكان يتسم بالواقعية تجاه ذلك الخيار او النوايا ، إذ كان يحبذ بل أنه إستخدم مصطلح العض بالنواجذ على الإرتباط بالأمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس ، وأحد اهم اسباب قناعاته على طريقة المثل المصري الشهير : اللي ماعندوش كبير .. يشتري كبير !
ترجمت له المثل المصري وابتسم برضا شديد وسعادة لاتخفى عبرت عنها قسمات وجهه المتعب ، إذ قال نعم صحيح . إسكتلندا بحاجة لدولة كبيرة تتكئ عليها ولايوجد أفضل من بريطانيا ..
الإنطباع الذي لمسته عن ذلك الأسكتلندي هو أن ممارسة السياسة والإشادة والإنتقاد لسياسيي بلاده ليس بينها مفردات التخوين ، وعبارات مليئة بالإتهامات بلا دليل ، بل كان يتحدث إشادة وإنتقاد بموضوعية وضمن سياق الحدث وليس في الأشخاص ..
ما احوجنا للموضوعية في إدارة السياسات ، والبعد عن الشخصانية . . والإتهامات بلا دليل ، والإشادات بلا مجاملات ..
السياسة لها أهلها .. ومفكريها .. وجهابذتها .. وليس حفنة من المتسلقين عليهم ألف شبهة فساد ، أو مجموعة من الفوضويين لايفهمون ولايسنوعبون ، رغم نظافتهم الظاهرة ، إلا أن السذاجة الطاغية غطت عليهم !
. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
مع مرور الأيام أصبحت أذونات الخروج إعتيادية ، صحيح بين وقت ووقت يكون هناك حظر خروج إنما لأسباب تتعلق بأمور تخص العلاج ، ويوم أمس تحدثت مع الطبيب المباشر عما إذا كانت هناك إمكانية للسماح بالخروج والمبيت خارج المستشفى لو ليلة او ليلتين مع التعهد بفتح التواصل المستمر ألكترونيا" مع المستشفى ( أقصد عبر الإيميل وتطبيقات التواصل ) إلا ان الطبيب إبتسم وتحدث بهدوء وأوضح بأنه لايمكن لمثل حالتي السماح له بالمبيت خارجا" نظرا" لطبيعة العلاج المستخدم ، والخروج يوميا" لساعات محدودة أساسا" ضمن بروتوكول العلاج ، ومايزال الوقت مبكرا" للسماح بهكذا أذونات ..
بعد اخذ جرعة من العلاج ، والفحص اليومي تم الإذن لي بالخروج لساعات قصيرة والعودة ( في حال الخروج تكون معي شريحة ألكترونية تحدد موقعي كإحتراز أمني ) ..
كالعادة توحهت إلى احد المقاهي العتيقة بأحد شوارع فيينا ، كان المقهى الذي ازوره للمرة الثانية والمرة الأولى لا اتذكر بالضبط إنما قبل أكثر من سنة ، مما يميزه رائحة القهوة النفاذه حتى تدخل الانف قبل تناولها ، المقهى صغير في إحدى الزوايا ، وتديره وتقوم بخدمة الزبائن به إمرأة عجوز يبدو أنها نمساوية أو ألمانية تساعدها إمرأة يبدو من سحنتها إنها شرقية ، متوسطة الطول شعرها أسود ليلي غامق ، بشرتها بيضاء ، من الآخر جميلة ..
قدمت لي القهوة وقالت تفضل !
هل انتي عربية ( سألتها ) قالت : نعم
إبتسمت وقلت ماشاء الله حظي اليوم كبير ، كانت إبتسامتها رغم الجمال لكن مسحة الحزن لاتخطأها العين ..
كنت أنا الوحيد بالمقهى ، والعجوز منهمكة يبدو أنها تجهز أو ترتب متعلقات تختص بالمقهى ، فكانت فرصة لتجاذب اطراف الحديث ، وكان من امتع الأحاديث ، وجدتها مثقفة جدا" ، وقارئة للأدب وللشعر وللتاريخ والفكر ، بإختصار أذهلتني !
حدثتها عن حالتي وحدثتني عن احوالها ، لاحظت نزول دمعتها وانا اتحدث عن حالتي ، كانت مرهفة الشعور ، ربما للحزن الذي يلازمها ، عرفت منها أمورا" مرعبة وقاسبة عن بعض الأمور التي تعرضت لها قبل قدومها لهذا البلد ، وكنا أنا وهي وكأن أحدنا وجد من يشكو له ويتشارك معه المشاعر ..
قبل مغادرتي للمقهى أتفقنا على التواصل ، و كان الوعد الليلة سنتواصل عبر الرسائل الألكترونية ، مضى الوقت معها البارح إلى الفجر ، الوقت يمر ولانشعر به ، حكت لي الحياة ومآسيها وحوادثها ، وحكيت لها عما جرى لي، وظروفي الصجية ، وكان للشعر مكانا" بارزا" في حواراتنا ، مرة شعر عامي ، ومرات كانت الفصحى هي سبدة الشعر في تلك الليلة التي لاتنسى ..
الأكيد .. أنها أجمل ليلة منذ أكثر من سنة . . .
وتذكرت محمد عبده وهو يترنم :


تفرغت لك ياكامل الزين بلحالك
تقل غيرك من الناس ماهم بحييني . .



. . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
هذا اليوم سمح لي بالخروج كالعادة ، وعلى غير العادة لم أخرج ، أشعر بضجر شديد ولا كأنني مريض أحمل مرضا" صعب علاجه ، أتساءل : كيف يرخصون لي بالخروج مادام الوضع بهذه الخطورة الصحية ؟
الآن البرنامج أو البروتوكول العلاجي يتغير بشكل أسرع من قبل ، أمور كثيرة كانت ممنوعة والآن مسموحة ، ترى هل هذه إشارات لتقدم ممتاز في حالتي الصحية ؟

عندي في الغرفة ماكينة لصنع القهوة ، عملت قهوة وفتحت الجهاز الألكتروني وتجولت مع الكتب المتاح قرائتها ألكترونيا" بنظام PDF ووجدت عدة كتب قرات صفحات قليلة من عدد من الكتب ، ثم وجدت الحل الافضل هو الجلوس امام النافذة بعد فتح الستارة و بصحبة فنجانا" من القهوة ، الجو ماطر كالعادة ، سماء فيينا تستمر في كرمها المعتاد وتهطل الأمطار بغزارة ، تعود الناس على هذه الاجواء الجميلة ، أثناء الجلسة الرائقة التي استمرت أكثر من خمس ساعات مرتني الممرضة مرتين مرة للسؤال السريع ، واخرى لتناول الادوية المقررة ، على غير العادة لم تفتح معي حوار ، وانا كذلك حبذت ذلك ..

بس أذكر أنها قالت لي وهي مبتسمة بأن رائحة القهوة نفاذه ، قلت تفضلي فاعتذرت بلطف لأن قهوتها جاهزة بالمكتب حسب قولها ..

أتى أحد الممرضين سألني : أمرك غريب على غير عادتك لم تستغل السماح بالخروج ؟
قلت : اليوم اشعر ان الجلوس هنا أريح .. والمزاج لايصلح وحتى الجو خارجا" سأعاني منه بسبب غزارة الامطار .. ابتسم و ذهب في حاله ..

كنت أجلس هادئا" صامتا" في حضرة المطر ، اشعر كأن بيني وبين قطراته حوار صامت ، لا اعلم مالذي قلته ولا أعلم مالذي قاله لي اثناء الحوار الصامت ، الأكيد كنا نتحاور بصمت ، ويالله على حوارات المطر الغزيرة !


. . . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
صباح أمس لم يكن يوما" عاديا" ، حيث تم إبلاغي بخبر الإنتقال إلى مستشفى آخر بمدينة أخرى بسبب إجراء فحوصات تخصصية قد تستغرق من الأسبوعين إلى الثلاثة أسابيع ، ومن ثم العودة إلى المستشفى بفيينا ، المستشفى المقصود يقع في مدينة أنسبروك وهي تبعد ساعات عن العاصمة فيينا ، تلقيت الخبر على مضض ، وعلمت من خلال فحوى الخبر أنه سيرافقني طبيب وممرضة حتى يسلماني للمستشفى هناك ، وعلمت أيضا" بأن الإنتقال كان بعد تواصل استغرق ايام بين المستشفيين ، حتى وصلت الموافقة على إستقبالي ..

توقعت أن يكون الذهاب إلى هناك بسيارة إسعاف كما جرت العادة ، لكني فؤجئت بأن الإنتقال سيكون بسيارة المستشفى الخاصة وهي سيارة دفع رباعي ألمانية الصنع ، يقودها سائق المستشفى ويجلس بجانبه بالمقعد الأمامي الطبيب ، وفي المقعد الخلفي جلست أنا وبجانبي الممرضة !

وصلت المستشفى وتم إدخالي المستشفى بإجراءات سريعة وسلسة ، وكان الوقت وقتئذ تقريبا" الثالثة بعد الظهر ، وماتزال زخات المطر تزين الأجواء الرائعة ، ولا أعلم هي بالمصادفة أم إحتفالا" بقدومي !

تم تسجيل إقامتي بإحدى الغرف وكنت لوحدي بها ، وهي غرفة واسعة تصلح لتكون غرفة بفندق 5 نجوم ، لاتبدو عليها الفخامة ، لكنها نظيفة جدا" وأنيقة ، ومتوفرا" بها كل مايلزم من وسائل الراحة وكذلك لفت نظري السرير الطبي الذي لأول مرة استخدم مثله حيث يتوفر ضمن السرير جميع ادوات الفحص ، وهو سرير متطور ويبدو انه آخر طرازات هذا النوع من المعدات الطبية ..

بعد الجلوس لمدة ساعة تقريبا" حيث أديت الصلاة ، وبدلت الملابس ، أتت ممرضة بيضاء البشرة شعرها اسود كانه الفحم ، عيناها واسعتين ، جميلة ملفتة للنظر ، وسعدت بها أيما سعادة ، حيث قابلتني بإبتسامة وابلغتني بأنها هي الممرضة الملازمة لي وستكون المسئول الاول عني طيلة وجودي بالمستشفى ، وعرضت علي قائمة طعام مصممة بحسب توصيات الأطباء ، لأختار وجبة الغداء ، وابلغتني بأن القهوة والشاي لامشكلة في تناولهما إنما علي ان أتوقف عن الشرب والأكل من الساعة الثامنة مساء إستعدادا" لفحوصات مكثفة تبدأ من صباح الغد ..

وبعدها جلست معي وكان حديثها جديا" بينما كان عيني تتمحور حول عينيها الجميلتين ، وتذكرت أغنية كاظم الساهر من كلمات عبدالرحمن بن مساعد :

سألتها، ليه البحر ساكن عيونك ؟
ليه البحر ساكن عيونك ؟
جاوبتني للغرق
وليه السواد اللي في عيونك ؟
وليه السواد اللي في عيونك ؟
جاوبتني للأرق

سألتها، ليه رقتك مثل النسايم والورود ؟
قالت لي لا . يمكن أرق !


. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
بعد يومين من الفحوصات والتحاليل الطية أشار إلي الطبيب المباشر بأن اليوم لاتوجد فحوصات ولا تحاليل وبإمكاني الخروج من الغرفة فقط داخل المستشفى ، كنت تعبا" قليلا" وطلبت الأذن بالسماح لي بتناول القهوة ففوجئت بالإعتذار المهذب عن ذلك لأن الحالة الآن لاتسمح بمثل هذة الشراب !
فقط ماء وأدوية لايوجد في اللآئحة غيرها ، جلست على كرسي خشبي بجوار النافذة ألحظ وأناظر الأحرار الذين يسيرون ويتسكعون بالشارع ، وأتذكر مقولة : الصحة تاج على رؤوس الأصحاء !
الأمطار لاتهدأ هنا ، تشعر وكأنها الأصل في مناخ أنسبروك التي تلقب بعاصمة جبال الألب ، حيث المدينة محاطة بسلسلة جبلية شاهقة ، وهي مدينة جميلة تستقطب السياح من كل بقاع العالم ، وشاهدت عبر النافذة الكثير من مختلف الأجناس البشرية ، من رجال ونساء وأطفال و كبار سن ، كنت أغبطهم على الحرية والصحة وأقول في نفسي إن شاء الله الفال لنا يالله ياكريم . .
شعرت برغبة شديدة لتناول أي مشروب ساخن : قهوة مثلا" ، بالتأكيد أعلم بأنه غير مسموح لي بتناولها ، لكن من وين الصبر ؟
خرجت من غرفتي إلى بهو المستشفى ( مقر المستشفى ليس كبيرا" كمستشفى فيينا لكنه على أي حال ليس صغيرا" ) وأثناء خروجي من المصعد وفي الدور الأرضي ببهو المستشفى شممت رائحة نفاذه لقهوة ، ياااه ... يبدو انه سيقع المحظور !
بالفعل كانت توجد زاوية بها مكان صغير يقف عليه موظف يقدم القهوة لمن يطلبها . . ثم كان :
قهوة وسط لو سمحت !
. . . . . . . .
 

Way one

عضو مخضرم
إرتشفت فنجان القهوة الذي أستقبلته بيدي وكأني استقبل اعز قريب ، من أيام لم اتناول وأشعر بنكهة القهوة ، لماذا يمنعونها عني ؟ هل ستمنع الموت ؟ هل ستوقف الألم ؟ هل سيمكث الحزن بعيدا" ؟ هل سيغادرني المرض ؟
أتساءل بيني وبين نفسي ، وبنفس لحظة التساؤل أشعر بالخوف من ان يراني أحد المختصين بحالتي ويرصد الجرم المشهود !
يالله . . أصبح شرب فنجان قهوة ممنوع وربما جريمة !
. . . .
شعرت بإحساس مختلف بعد إنقضاء جلسة القهوة الرائقة ، ورغم وجود كاميرات لكني لم أعبأ بها فالشوق للقهوة لايقاوم ، سليت نفسي والعمر بس لحظات !
بعد الجلسة سرت مشيا" بين ممرات المستشفى ، ورأيت قاعات يبدو أنها دراسية مكتظة بمجتمعين واضح انهم طلبة طب ، فغبطتهم على وضعهم ، وتمنيت لهم التوفيق ، إذ انهم سيكونون ضمن ركب ملائكة الرحمة في المستقبل ، وأتذكر طلبة الطب في بلدي واتمنى ان تتاح لهم مثل هذه القاعات الرائعة والتقنيات العلمية المتطورة ، شعوبنا تستحق الإهتمام ، ماذا يعني السفر لبلاد بعيدة من أجل علاج وبلادنا لاينقصها شئ ، واتذكر مفارقات كبار السياسيين المضحكة حيث يثنون على انظمتنا الصحية وبكفائتها ، وعند اول نغزة في الجسم تتحرك طائراتهم الخاصة نحو بلاد الغرب !


...........
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
لاجديد في المستشفى الجديد ، مازلت في خضم الفحوصات والتي لا اعلم متى تنتهي ، ومتى ينتهي وخز الابر في جسدي المنهك ، وكتى تنتهي التحاليل المتتالية ، ومتى تنتهي جلسات الأطباء المكثفة معي !
صحيح الإهتمام مميز ، وعلى قدر الثقة ، لكني سئمت الحياة والفحوصات والابر ، والتحاليل ، وآه آه ما أجمل الحياة السوية ، وما اجمل ان تكن صحتك جيدة !
أحد الممرضين الذين وقفوا على حالتي من أصل عربي ، وكان لطيفا" معي ، وأستغربت عربيته بسبب عدم وضوح ذلك ، لا في السحنة ولا اللغة ، ولا الاسم كذلك ، علمت بأنه بلا دين أو كما يسمى لاديني ، وجدته قانعا" بوضعه ، من خلال إختلاطي معه أثناء العلاج كانت بيننا الأحاديث والحوارات تبدأ ولاتنتهي وباللغة الإنجليزية حيث ان لغته العربية مكسرة وضعيفة ، تحدثنا عن الدين وفطرة الإنسان وبدا لي أنه مثقف جدا" ويفهم بالفلسفة والموسيقى ويقرأ في العلوم الإنسانية والأدبية ، و لفت نظري بأنه يحب جدا" أغنية " قارئة الفنجان " لعبدالحيلم ، أستغربت كونه لايتحدث العربية ، و زال العجب عندما اسر لي بأنه قرأ الكلكات مترجمة وعجبته جدا" كلمات نزار ، وعندما سمع الأغنية اعجب بموسيقاها واصبح يترنم بها دائما" حسب قوله ، مما عرفت عنه حسب ماقال لي انه يعيش في شقة معه صديقته من اصول افريقية ، وهي لا دينية كحاله ، ولديهما طفل ، سألته لماذا لاتتزوجان مادمتما تعيشان مع بعض وتتعاملان معاملة الازواج ولديكما طفل ، ففهمت من كلامه ان سبب ذلك قانوني بحت ، بسبب مشكلة في الإقامة وكذلك خوفه من اي مشكلة قانونية بخصوص النفقة قد تحدث في حال انفصلا ، وغير ذلك ، الأكيد انه مقتنع تماما" وسعيد بوضعه والاكيد ايضا" انه ضائع ، وحاولت بهدوء ولطف ان اوضح له بعض الامور لكنه كان مقتنعا" قانعا" بوضعه لدرجة كان يرجوني ان اتوقف عن إقناعه لأن ذلك شأن خاص به !
مما فهمت منه أنه بالأصل مسلم ، وكان يعيش في كنف والداه اللذان سجلوه ليلتحق بمدرسة داخلية إبان صغره ويديرها مجموعة ممن يعملون في الكنيسة ، ويبدو انه اختلطت عليه الديانات ولم يتربى على تعاليم الإسلام ، ومع تدرجه في العمر يبدو أنه وضع الدين جانبا" وأصبح بلا دين ولا ملة ، الغريب خلقه عالي جدا" مؤدب ومهذب ، دخلت معه في الحوارات وكان اول الامر مستمتعا" بالحديث ، وتواصلت مع احد الدعاة ممن يفهمون لهذه النوعية ، لكن يبدو لا مجال ، أسأل الله ان يهديه ويعود للفطرة السليمة ..
. . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
مازلت في انسبروك ، و مازالت الفحوصات مستمرة ، تم إعادة تقييم لمراحل العلاج الماضية ، وتم البدء بلوائح علاجية جديدة او مايسمى ببروتوكولات جديدة للعلاج ، من المفارقات أنه رغم العمل الجيد ، لكني اشعر ان مايحدث مجرد إنقاذا" لما يمكن إنقاذه ، يبدو أن الأمور تتجه لمنحى غير جيد ، ولا اعلم لماذا لا اتفاءل رغم يقيني برحمة الله وقدرته ، والتشاؤم ليس له علاقة بإيماني بالله وثقتي به إنما هي حالة نفسية تزداد سوءا" يوما" بعد يوم !


منذ كم يوم تم نقلي لجناح آخر بنفس المستشفى ، يبدو أنه تم بسبب تغير في تفاصيل و درجات العلاج ، و أصبحت في عهدة طبيبة نمساوية لفتني فيها رحابة صدرها وخلقها الرفيع ، ومسحة الجمال الهادئة التي تتمتع بها ، تحاول دائما" أن تشعرني بالأمل وتبتسم و تجلس معي طويلا" نتحدث سويا" عن التاريخ الاوروبي في العصور الوسطى التي تهتم وتحب القراءة عنه كثيرا" ، و كانت أحاديثنا عن القوط الشرقيين والقوط الغربيين واللومبارد وغير ذلك من تفاصيل تلك العصور التي تغيرت اوروبا بعدها تغيرا" كبيرا" .

كنت أسعد كثيرا" بمجرد مجيئها ، إحساس أنها تعطيني وقتا" اكثر ولطفا" أكثر و حيوية أكثر كان هو الطاغي !
لا ادري هل انا مريض بمرض عضال أم أنا رجل يتمتع بوجود الجمال ؟
هل أنا ابالغ ؟ . . . . لا أعلم
القضية ليست إنني احب النساء أو لا ، أعتقد ان القضية أن الانثى بما فيها من رحمة او هكذا خلقها الله تعطي للمريض اليائس جرعات من الأمل ، أو هكذا كنت أتصور ، وأتصور . .
مسافات القرب كانت بقياس مسافات البعد ، كانت الأحاديث تصل احيانا" للحوار حول فلسفة اللغة و دراسة اللغويات وتأثيرها الإنساني على دارسها ، مابين تاريخ وفلسفة ولغويات وفنون كانت تدور الأحاديث ، حتى موتسارت كان يحضر بين التفاصيل أحيانا" ، هل إن قلت لك أن الطبيبة تبقى لساعة متأخرة من النهار بسبب هذه الحوارات ستصدقني ؟


الأكيد أني أشعر أن تواجدها معي الدائم وحواراتها دقيقة التفاصيل جزء من العلاج النفسي ، في الحقيقة هكذا اظن !


الأطباء هم رحمة للبشر ، خاصة إن كان في الوضع طبيبة ومثقفة وطيبة وجميلة ، أليس كذلك ؟


و يأتي الشعر ، وتأبى قوافيه ألا تجلس بيننا ،وأتذكر عمر بن ابي ربيعة ، وهذه الابيات :
وأرى جمالكِ فوقَ كلّ جميلةٍ
وجمالُ وجهكِ يخطفُ الأبصارا . .
إني رايتكِ غادة ً خمصانة ً
رَيَّا الرَّوادِفِ لَذَّة ً مِبْشارا . .



. . . . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
تاخرت كثيرا عن التدوين و يبدو ان الالام تزيد ومعها رحمة الخالق سبحانه تزيد و دائما لا قنوط من رحمته جل في علاه , مازلت بنفس المستشفى وذات المعاناة وياليل خبرني عن امر المعاناة ! لن اكتب كثيرا اليوم ولكن باقرب وقت قد يحدث ذلك ,
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
مازلت في نفس المستشفى , وبصراحة لم تتغير الأوضاع للشكل الذي كنت أرجوه , ومازلت أراقب تتابعات حالتي بذهن مشوش , ومشتت !
أتساءل دائماَ إلى متى سأبقى على هذه الحال ؟
صحيح التفاؤل من صفات المؤمن , لكني إنسان قبل أي شئ .. أليس كذلك ؟
تأتي إتصالات متعددة من الأحبة والأصدقاء تواسي وتدعمني نفسياٌ . لكن هل يصلح العطار ما أفسده الدهر ؟
أقضي جل وقتي بالقراءة . لايوجد غير القراءة ونيس . ولا جليس , وامر المؤمن كله خير ..
وغريب أمر هذا المستشفى . كل فترة وجيزة يتبدل الطاقم التمريضي !
هل أنا المقصود من ذلك ؟ .. كل شئ جائز !
أما علاقتي مع الأطقم التمريضية والأطباء , حدث ولاحرج !
حبه فوق , وحبه تحت كما يقول المثل المصري !
وحتى أكن صريحاُ على حسب جمال الطبيبة أو الممرضة !
إن أردت الصراحة . فهذه هي !
سأنتظر رغماُ عني , فأنا في عهدة الأطباء , إلى ان يكتب الله امراٌ كان مفعولاٌ ,,,,


....
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
اليوم لم يكن يوماٌ عادياٌ . منذ بداية الصباح تم إيقاظي مبكراٌ , ابلغني الممرض بأنه سيتم نقلي لمستشفى آخر ليتم عرضي على لجنة طبية للنظر في حالتي ! .. وهل بقي في الحال حال ؟ .. عموماُ تعودت ولم يعد الأمر جديداُ .. وكل ماقلت هانت جد علم جديد ! .. وصلت المستشفى الذي لم يكن بعيداٌ عن مستشفاي .. والحقيقة كما توقعت . أو قل كما تعودت . مجموعة من عدة اطباء متخصصين ( هكذا يبدو لي ) وكنت صامتاٌ إلا إذا تم سؤالي . وفهمت أنه لم يطرأ تقدم مشجع على الحالة المرضية .. والله المستعان .. عدت إلى حيث كنت .. وفي الطريق سألت الممرض المرافق عما إن جد جديد ..فقال للأسف لاجديد !
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
أحوال المرض محزنة ، وأخبار الحال مؤلمة ، و دهاليز المستشفى موحشة رغم الحركة الدؤوبة ، لكني بعين المريض أراها موحشة ، أشعر أني أعيش نهاية العالم ، عالمي الشخصي ، قبل يومين أبلغت الطبيب المباشر برغبتي بمغادرة المستشفى ، والنمسا للعودة إلى بلدي حيث المثوى للأخير ، إنتظار الموت في الغربة هو موتين وليس موت واحد !

لا أرى داع للعبث ومحاولات لا طائل ورائها ، واضح أن الطرق كلها تؤدي إلى القبر ، ليس يأسا" ولا قنوطا" من رحم الخالق البارئ الرحمن الرحيم ، لكن المسألة الحسابية 2=1+1 ماثلة أمامي ، وبوضوح تام !

البارح قبل النوم ( من فضل الله مازال في الجعبة نوم ! ) مرتني ممرضة حسناء ، كانت هي أحسن من رأيت منذ أيام ، وتحدثت معي بطريقة فهمتها إنها اقرب لرفع المعنويات ، وكعلاج نفسي لحالتي اليائسة ، كانت تتحدث بمصاحبة إبتسامتها الساحرة ، وكلماتها الرقيقة ، وأثناء حديثها حيث كانت تتحدث عن سبب الإنخفاض الكبير في وزن جسمي ، وكانت تحاول قدر الإمكان أن تهدئ من روعي الذي لم يكن موجودا" على أرض الواقع ، فأنا تقبلت الأمر بإيمان وقناعة بقدر الرحمن الرحيم ..

طلبت منها بهدوء وأدب أن تتوقف عن هذا الحديث الذي لافائدة منه ، وتمنيت عليها أن نتحدث عن عينيها السوداوين ، ضحكت بغنج ولم تنبت بكلمة من حرج يبدو أنه أصابها :

الله اكبر كيف يجرحن العيون

كيف ما يبرى صويب العين ابد . .

احسب ان الرمش لا سلهم حنون

اثر رمش العين ما ياوي لاحد . .

يوم روّح لي نظر بعينه بهون

فز له قلبي وصفق وارتعد . .

لفني مثل السحايب والمزون

في عيوني برق وبقلبي رعد . .

وأستمر الحديث عن العينين نحو الساعتين ، إنتهت فترة نوبتها قبل ثلث ساعة ، ومازلنا في حديث العيون !


. . . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
الأيام تسير ببطء كئيب ، والأوضاع من سيئ إلى أسوء ، والحال بارد في أجواء النمسا الباردة ، آلام المرض تزداد ، والأدوية المسكنة على فائدتها لكنها تحمل بين اوزارها مشاكل جانبية ، مافي شئ ببلاش ، كل دواء يسكن ألم وبنفس الوقت له اعراض جانبية ، لذلك أظن أن الأطباء يتعاملون على طريقة أخف الضرر . .

رغم الألم و رغم ماينتابني من اوجاع لكني تعرضت كذلك لصدمة إنسانية ، لكن الأمر لايقف عند حد ، والحياة لاتركن على شخص واحد ، والعلاقات دول على وزن الايام دول ، أحد الاحبة كنت اتواصل معه بطريقة معينة ، ولم يكن هناك مجالا" للواقعية قي العلاقة التي رغم رقيها و مساحة التقدير المتبادل لكنها ليست كاملة ، ولما حاولت دق إسفين في جدار العلاقة ، و حفر ثقب يؤدي لرؤية الضوء بشكل اوضح ، كان الجدار رغم ملمسه الناعم صلبا" لم تستطع أليات الحفر إحتراقه ، مما اوجد حالة من الإنصراف الذهني لمراجعة العلاقة وماهيتها ، و تقييمها من قبل الآخر ، وبالفعل أعرضت عن النواصل و توقفت محاولة البحث عن ضوء وسط الجدار !

مما لاشك فيه لكل حريته في تسيير علاقاته كيفما شاء ، وبما يفيد مصلحته ومايتناسب مع مرئيات قناعته ، وصحيح تم تقدير ذلك من قبلي تقديرا" تاما" وأيضا" بقناعة تامة ، إنما مافي النفس يبقى في النفس ، نحن بشر نشعر ونملك إحساس ولسنا آلات جامدة ، لذا كان موقف الآخر بالنسبة لي على طريقة : أنا الغريق وماخوفي من البلل ، لماذا ؟
لأن الأوضاع أساسا" كانت سيئة ، ولم يكن أي حدث شخصي سيؤثر كثيرا" ، بل سيكون وجعا" تم رميه فوق الاوجاع الموجودة أصلا" !

أجمل مافي الموضوع أن التفارق كان راقيا" وعلى طريقة الهجر الجميل ، و كانت دعواتي خالصة بالتوفيق وحفظ الله للآخر ، وقديما" قيل : عاشر من تعاشر .. فلابد من الفراق !

أثناء كتابة هذه السطور آلمتني الأبرة التي وضعت على ذراعي ، أكاد افكر بنزعها ، والممرضة أراها تراني اكتب رغم الألم ،ولا ادري هل هي معجبة أو ممتعضة !

قرأت عن الوداع للشاعر البغدادي " الأخفش الأصغر "


:سقيا ورعيا وإيمانا ومغفرة
للباكيات علينا حين نرتحل . .

يبكي علينا ولا نبكي على أحد
أنحن أغلظ أكبادا أم الإبل . .


. . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
بعد فترة ليست بالقصيرة في هذة المستشفى قرر الأطباء نقلي إلى مستشفى بمدينة لينز وهي مدينة مطلة على نهر الدانوب ، وتبعد أكثر من ساعتين من مستشفاي الذي اعالج به الآن ، لا أعلم سبب النقل لكني أتوقع منطقيا" بأن السبب طبي بحت أما لوجود علاج أفضل ، أو أن في المستشفى طبيب مختص بمثل حالتي ، التوقعات كثيرة إنما الاكيد أنني سأمكث اليوم والليلة وغدا" صباحا" ستكون الوجهة للمستشفى هناك ، في لينز . .
وصلت مدينة لينز وللمستشفى الذي ومن خلال الإنطباع الأول وجدت نفسي مرتاحا" منه ، حيث لمست الإهتمام والأريحية منذ أول ماوطئت مدخله الواسع الأنيق ، لما وصلت تم إدخالي فورا" غرفة الملاحظة ( واضح أن الإدخال السريع بسبب موعد مسبق وتنسيق واضح ) وفي الغرفة تم عمل إجراءات فحص روتينية سريعة ومن ثم نقلي إلى الغرفة المخصصة لي ، وكانت جاكلين ( جاكي ) أول ماواجهت وقابلت و رأيت في المستشفى ، ما أجمل أن يستقبلك الجمال في بهو المكان ، وما اروع أن ترافقك الإبتسامة الأخاذه رغم هدوئها . . آه نسيت أني مريض !
كلمة لأي إنسان لايفقه في الإنسانية ، إن الإنسان يبقى يحب لآخر رمق من تنفسه ، لايمكن للحياة ان تسير بلا حب ، بلا عشق ، أعشق ولو بالخيال ، حب ولو بينك وبين تفسك ، عش حياتك كما تريد ، أعشق كما تحب ، ومادامت الجميلة جاكي معي فالحب لابد من مرافقته ، ولو على مضض !
هي تفحص وأنا اناظر عينيها الواسعتين ، تضغط بيدي لغرز الأبرة ، وعيني تغرز وجهها الصافي البياض ، تناظرني بغنج ، او هكذا اتخيل ، الأكيد أن كل نظرة باسمة هي غنج حسب عرف المريض ، المريض يصبح بلا وعي ويتملكه الهوس ، والحقيقة لا حرج ولا مرج ، ولا هرج مع المرضى ، أو قل عن المريض كما يقول العامة : خذ و خل !
. . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
تمر الليال والأيام في لينز ، وبرفقة جاكي الممرضة الحسناء ، التي اصبحت أحد ابرز الأدوية التي أتناولها ، أصبحت أعتبر إطلالتها دواء ، و إبتسامتها دواء ، وكلماتها دواء ، هي إحدى سطور ورقة الدواء بالنسبة لي ، لا اعرف مدى تعلقي بها ، الأكيد أن غيابها كان مرضا" بحد ذاته !
ذات مرة وأثناء تعاملها معي حصل موقف جعلني أشعر بقشعريرة دامت أكثر من اللازم ، إذ كانت وهي تعدل أحد الضمادات على ذراعي قد إلتصق جسدها العلوي بصدري من الجهة اليمنى ، أغمضت عيني من وهل الصدفة ، شعرت بسخونتها أثناء ذلك ، وبالطبع ومما لاشك فيه هي لم تقصد ذلك ، أو اعتبرته طبيعيا" جدا" ، لكن المشكلة فيني وفي القشعريرة !
كنت أتفكر فيها اكثر مما اتفكر بالداء ودواءه ، أحدث نفسي : يالهذه الصدفة العجيبة ، وكيف تكون هذه الحسناء فائقة الجمال ملازمة لي ومعي أغلب يومها ، هل انا في نعيم ، أم ان الواقع أنها خيالات مريض معتوه !
الاحوال هي هي ، لم يتغير شئ ، فقط إضافة وحذف لبعض الادوية ، ممكن الحالة النفسية إستفاقت قليلا" بسبب جاكي وجمالها ، لكن الأمور مازالت سيئة ، ولا اعلم متى تتجه للاسوء !
الأكيد أن هذا المستشفى هو أحد أفضل المستشفيات التي ارتحت لها ، وبالتأكيد السبب " جاكي " !
. . . . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
أستمرت الأمور في لينز ، و تغير طاقم الأطباء وبالتبعية طاقم التمريض ، حيث تم نقلي لمكان آخر في ذات المستشفى ، كنت لا أشعر بالوعي التام في كثير من اللحظات ، أفتقدت جاكي الممرضة الحسناء ، وأتت مكانها كارولين ممرضة حسناء كذلك ، لكن لم تكن تعاملاتها معي كتعاملات جاكي ، جاكي كانت تعتمد على العلاج النفسي بجانب العلاج الطبي ، أما كارولين فكان عنوان تعاملها هو الجدية المفرطة التي لاتخلو من أدب في التعامل وتهذيب ، لكني ربنا تعودت على تعامل جاكي ، لذلك اصبح الوضع متأرجحا" بين المقارنة ، والمفارقة في الوضع . .

في الجناح كان من ضمن طاقم التمريض المباشر لي ، ممرض سحنته افريقية ، وعلمت أنه من احد بلدان غرب افريقيا ، كان طيبا" معي لأبعد الحدود ، علمت أنه يعمل بالمستشفى منذ أكثر من أربعة سنوات ، واللافت للنظر أثناء حديثي معه أنه قال أنني اول نزيل بالمستشفى من أصول عربية ، استغربت ذلك ، وبنفس الوقت دعوت الله ألا يمرض احدا" من بني يعرب وألا يضطروا للمستشفيات !

حالتي ماتزال على طريقة : ياويلي منك وياويلي عليك ، حالة متذبذبة الاحوال ، أتعبتني ، حاولت قبل فترة الكتابة ولم تطاوعني نفسي كنت بالكاد اضغط على زر الهاتف النقال لأكتب وأستكمل هذه المتذكرات وليست المذكرات ، كنت أحاول التلصص على صفحتي بين آن وآخر ، لعل وعسى ، ويبدو أنني في الإدراج السابق قد تخطيت حدود المعقول في الكتابة ، ولكن هذه مشاعري وهذا ماحصل ، ولعل العذر مقبول ؟

وتذكرت الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر الذي توفي قبل ساعات ، رحمه الله وغفر له ، ما اجمل اخلاقه وما اروع تواضعه ، كنت بين وقت وآخر أستمع لأغاتيه الرائعة ، وتذكرت :


لاخطاوينا وراها لقا
وإن تلاقينا . . إلتقينا بشقا
ولازم واحد فينا يضحي

وتذكرت أيضا" :

إن بعدت أبعد من حدود النظر !


والله يرحمك يابو خالد ، ويرحمنا أحياء واموات . .


. . .
 

prince

عضوبلاتيني
حياك الله اخي العزيز
نفتقدك ونفتقد حرفك الجميل ونتمنى تعود وعلى الله تعود ; رحم الله الفنان القدير عبدالكريم عبد القادر .
 
أعلى