مواصيل ممطره . .

Way one

عضو مخضرم
يبدو بأن مشاعر الغربة وألم المرض مخلينك تشوف كل النساء عندهم حسناوات :)

بس جميل أن تختار فندق عتيق تستشعر معه دفء الماضي والذكريات

اختيار موفق وأحداث أجمل :)

النساء في الغربه " وطن "

إختيار الفندق العتيق .. فلأن الجو العام .. يتطلب ذلك ..

الله يوفقج .. مرورج جميل استاذه الدر
 

Way one

عضو مخضرم
قلبه خضر .. هذا وهو مريض ..الله يعين لو صاحي .. :)

هههههه المقصد في ما أوردته من مشاهد مكتوبه لأحداث القصه . هو إن " ناصر " ..ونظرا" لمرضه .. و الوحده القاتله ..بعيدا" عن الوطن والأحباب .. امتزجت مع الغربه . فكونت حاله نفسيه .. آلمت ناصر .وأثرت عليه .

لذلك كان يحتاج لأي لفته حانيه . كلمه طيبه .. حتى إبتسامه . في ظروفه هذه لم يكن ينظر للمرأه دائما" .. نظرة عشق .. بل كان يحتاجها أما" ..وأخت .. و قد تكون متدثره بالعشق . لو حصل . وفي تلك الأحداث . صعب تحصل ..

تخيلي .. مريض .. وحيد .. غريب .. معادله صعبه !


..

سعدت بتواجدك إستاذه خوله ..
 

Way one

عضو مخضرم
البارح نمت وأنا متعب جدا" .. من أثر الحقنه . كانت مؤلمه ..
شعرت بجسدي . وقد إجتاحه الخدار .. أردت النوم لم استطع ..
صعب أس ميه أرق . بل ليلا" مفعما" بالألم ..

استيقظت وماتزال الأنابيب البلاستيكيه الخفيفه .. تتمادى في سكونها راقدة على شراييني المجهده ..

أنظر .. وافتح عيني نصف فتحه . وأغمضها للمره تلو المره ..

خاطري أن أنهض . ولا أظنني سأستطيع .. متعب جدا" جسدي ..

أحاول أن أضغط على زر الجرس بجانبي لإستدعاء الممرضه . فلا تقوى يداي !

لم أريد سوى فتح النافذه ..

والمساعده على النهوض لكي أجلس على كرسي مقابل للنافذه ..

أريد الحياه .. وأهل الحياه . والماره في الشوارع .. والمطر . والثلج . ومشاهدة القطار بذهابه وإيابه ..
أريد الحياه .. أطمح للأمل ..

ولا أجد الحياه . ولا أرى الأمل ..

أشعر ببعض الماء المنهمر من عينيي . هذا الماء المسمى " دموع " !

لا أستطيع مسح الدموع . يداي لاتقويان القيام بالمسح ..

ما أوجع الغربه . وما أتعب الوحده . و اليأس وآلامه

لايوجد حولي أحد ..

ولايد يد حانيه تمسح دمعي . ولا لغه عربيه . ولا لهجه كويتيه . ولا لسان أعرفه .

فجأه وجدت نفسي وقد خضعت للنوم ..

وهل أملك غيره .. غير النوم ؟ ..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 37


سمعت آهات شخص يبدو عليه التعب والمرض . ضجيج صوته أيقظني من نومي .. تلفت .. لم أجد سواي ..

إستغربت !
من أي أتى هذا الصوت المتعب ؟ .. صمتت لم يكن أمامي إلا الصمت . ولا أملك سواه ..حاولت إستئناف النوم .. لم أستطع .. ماتزال الآهات المنبعثه من الغرفه المجاوره . تمنعني عن النوم ..
كانت إضاءة الغرفه خافته جدا" .. لدرجه إني حاولت أن أرى الساعه المعلقه على الجدار .. أمامي .. لم أستطع تأكيد الرؤيه .. حدقت بعيني أكثر .. لم أستطع !
آه .. وكيف أعرف أي ساعة أنا فيها ؟!!
الأمل الوحيد .. هو إنتظار مرور أي ممرض أو ممرضه .. أو حتى عامل نظافه .. لأسأله عن الوقت !
رفعت بعض الأنابيب البلاستيكيه الخفيفه الملتصقه بجسدي المتعب . لأغير نومي من على ظهري . إلى الجنب الأيمن .. ونجحت بذلك . بعد أن أرخيت بعض " الوايرات " ..
غمضت عيني .. لو غفوه .. كنت بحاجه لإغماض العين ..
أسدلت جفوني ببعضهما . وأرخيت الهدب .. وغطت رموش بقية ماتبقى من الجفن .. شعرت إني وكأني أطير إلى الماضي !
شعرت بروحي تخرج من جسدي في أنسبروك .. ذاهبه إلى ديرة العز " الكويت " كنت وكأني أسبح في فضاء رحب ..
أول شئ ذهبت إلى أمي .. رأيتها راقده متلحفه ببطانيتها ذات اللون البيج .. ناظرتها و هي نائمه .. كنت أتمنى إيقاظها لأحضنها .. شددت النظر إليها أكثر .. وماتزال نائمه .. نوم العوافي ياراعية المعروف والخير ..
ذهبت بعدها إلى أبي .. والدي رأيته يجلس في الديوانيه . معه أبو خالد ..
حاولت أقبل رأسه . لم أستطع .. لكني أرتحت . فقد شاهدته يبتسم أثناء حديثه ..
ذهبت بعدها إلى زوجتي .. كعادتها مع الصغيره .. واضح إنها منهكه منها .. أشاهدها . ولاتنتبه لي .. أناظرها أكثر . ولاتدري عني .. هذه هي . بكل ماهي . من تفاصيل وخطوط عريضه ..
أذهب بعدها إلى الأبل .. فلم أجدها !
آه .. تذكرت إنني لم أعد مالكا" للأبل !

صحوت فجأه . على صوت " البولنديه " !

لتنبهني لأخذ حقنه مقرره . . .

آه ما أجمله من سفر .. وإن كان في
الحلم !

وأتذكر . . و أغني بصمت :

ياليل خبرني عن أمر .... المعاناه
..................هي من صميم الذات .. وألا أجنبيه ؟



..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 38 / جزء 1



استأذنت من الطبيب . للخروج .. بسبب عدم خروج 28 يوم متواليه .. أشعر بحاله من الضجر .. والملل .. أجوائي كئيبه . وأحوالي بائسه ..
بعد ثلث من الساعه . أذن لي بالخروج .. بحد أقصى يومين . على أن يكون جهازي الهاتفي النقال مشتغلا" طوال الوقت .. ( إشترط علي تفعيل خدمة تحديد الموقع في الجهاز ) ..

قررت أن أذهب هذه المره إلى " هالشتات " وهي بلده صغيره .. تطل على بحيره رائعه . وبها نزل صغيره ( أي فنادق صغيره جدا" ) ..

لبست ملابسي الثقيله .. وأمتطيت الحقيبه الصغيره . وتأكدت من شحن الجهاز الهاتفي .و وسط برد قارس . وثلوج منهمره .. كنت قد أمسكت بمظلتي الصغيره ( الشمسيه ) الحاميه عن الأمطار والثلوج .. سيرا" على الأقدام . نحو محطة القطار القريبه ..

كان الشارع يخلو من الماره .. لكنه وبسبب الجو الشتوي الصعب . لم يكن هناك سواي .. ولا تسألني عن قليل هنا .. أو هناك .. قد مروا ..
وصلت محطة القطار .. لم يكن هناك سوى أثنان . رجل وإمرأه .. سألتهما عن موعد وصول القطار .. قالا : بعد ساعه وقليل ..

جلست بالإنتظار داخل كابينه قديمه .. لكنها نظيفه .. و ذات ترتيب ملحوظ ..

بعد ساعه وقليل . وصل القطار .. كان خط السير .. يمر بمنطقة زل أم سي .حيث يتوقف لتنزيل و استقبال ركاب . ومن ثم إستئناف المسير إلى هالشتات ..

زل أم سي .. أعرفها جيدا" .. راااائعه .. لكنها في مثل هذه الأجواء لاتصلح .. لي على الأقل . . . .

بعد توقف قصير في زل أم سي ..وصلت إلى هالشتات .. رغم روعة الشتاء وأنا أشاهد تفاصيله عبر نافذة القطار . إلا أن الأروع . كان الوصول إلى هالشتات ..
كان الوصول إلى البلده . في أعلى الجبل .. حيث ينزل الراكب . ومن ثم يتجه الراكب إلى مركب بحري صغير ( أشبه باليخت الصغير ) يقله إلى الضفه الأخرى للبحيره .. في رحله تستغرق أقل من نصف ساعه ..

كنت لوحدي في المركب . . وتحرك فورا" قائده ( لم يكن يوجد سواي .. ) .. وكان تعامل صاحب المركب راقيا" .. ولبقا" ..

وصلت الضفه الأخرى . ومايزال الثلج يهطل بغزاره .. توجهت للفور للسؤال عن أقرب فندق .. وبعد دقائق كنت في فندق قديم جدا" .. وصغير .. إلا أنه وللحق نظيف جدا" .. و أنيق بشكل مذهل . كانت جدرانه كلها من الخشب ذا اللون الغامق ( الأدعم ) .. قابلت في الإستقبال إمرأه عجوز . ذات إبتسامه لبقه . وتتحدث الإنجليزيه بشكل مقبول .. سألتني إن كنت أريد وجبة غداء . فأجبتها بنعم . فأشرت لي بمطعم مجاور .وامتدحت طعامه وأسعاره ..
صعدت غرفتي .كانت في الدور الأول . صغيره .. بها حمام . أنيقه جدا" .. أثاثها راقي .. النافذه تطل على البحيره ..
رغم برودة الجو . لكن الفندق به نظام تدفئه ممتاز . لدرجه لاتشعر بالبرد أبدا" داخله ..

ذهبت بعدها إلى المطعم . وتناولت وجبه لذيذه .مكونه من شوربه ربيان .. و ربيان مع أرز ( حبة الرز متينه .. كأنها أرز المزه الباكستاني ) .. مع بعض من الكاتشب . والكولا ( رغم البرد . لكنه كان لذيذا" ! )

وبعدها .. عدت للفندق الذي يبعد خطوات عن المطعم الرائع ..


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 39 / جزء 2

بدلت ملابسي . مددت جسدي على السرير ( السرير نظام نفر و نص ) .. شغلت جهاز التلفاز .. وقلبت القنوات .. و وجدت قناه نمساويه تبث تسجيل لمباراه من الدوري النمساوي لكرة القدم بين فريقي " رابيد فيينا " و " تيرول " .. استمتعت بمشاهدتها رغم أني لم ألحق سوى على الشوط الثاني ..

جو الفندق لايصلح أبدا" لشخص وحيد . يصلح لمن مع زوجه .. ( هكذا كنت أحدث نفسي ) ..جو رومانسي جدا" .. حتى لو لم تكن عاشقا" .. ستتمنى العشق !

فعلا" الرجال بلا نساء . . . ولا شئ !

فتحت النافذه ..ومنظر الثلوج الغزيره .. يجبر الذاكره أن تتحرك .. تتمدد . تذهب إلى هناك . إلى الكويت !

لبست .. ثم نزلت لبهو الفندق .. الوحده متعبه .. وجدت نفس العجوز اللبقه في مكانها . تقرأ كتابا" ( هنا الأكثريه تجد مع الواحد منهم كتابا" )

ألقيت عليها التحيه .. وابتسمت بلطف . ثم قالت : هل اعجبك مكاننا ؟ . و أجبت بنعم .واثنيت عليه . ثم كلمتني بإستغراب : كيف تأتي لوحدك .. في مثل هذه الأجواء نادرا" مايأتي رجلا" لوحده . أو إمرأة لوحدها ! ..أوضحت لها بأني لكلا" ظروفه .. وتجري الرياح بما لايشتهي السفن .. أحيانا" ..هززت رأسها متوافقه معي ..دار بيني وبينها حديث وتفاصيل .. علمت به إنها شريكه في هذا الفندق الصغير . ومعها عدة شركاء . وكل الشركاء بما فيهم هي .. تمكنوا من الشراكه عن طريق الوراثه .. وكانت لطيفه جدا" معي .. سألتها عن البلده .فقالت بأن هذه الفتره لايأتي هنا سوى من يريد ممارسة هواية التزلج على الجليد .. أو الثلوج .. أو من لديهم أعمال خاصه . واستغربت مني كشاب شرق أوسطي أو عربي . أن أأتي في هذا الوقت بالذات من السنه !

تتحدث عن العرب بإحترام شديد . إذ حسب مافهمت منها .. قد تعاملت مع سياح عرب في فترات سابقه .. ( طبعا" تقصد أوقات الصيف ) ..

أثناء حديثنا .. دخلت الفندق إمرأه عمرها تقريبا" أواخر العشرينات . أول الثلاثينات ( هكذا يبدو ) وألقت التحيه بلطف وتبسم . ثم جلست بجانب العجوز .. كانت بيضاء مليانه قليلا" .. شفتاها مكتنزتان .. شعرها كستنائي يميل للأشقر .. عيناها الورق واسعتان ..

مكياجها خفيف . تملك روح مرحه .. تحدثت معي بإنجليزيه معتبره ! ..سعدت بها .. كانت السياحه التي أنشد .. بعد وصولها بدقائق .. إستأذنت العجوز ( ما أسعدني هذه اللحظه ) .. إستمرت أحاديثي معها فوق الثلاث ساعات . وكأنها ثلاث دقائق .. كل شئ تحدثنا عنه . عن بيتهوفن وموتسارت والسيمفونيه السابعه ..حتى وصلنا تل أبيب ! ..( كشفت لي إن أباها نمساوي يهودي .. ) ..
كان مساءا" حالما" .. قامت بعمل القهوه لي من يداها الرقيقتين .. و فنجان يطارد الآخر .. مثقفه جدا" ..جميله جدا" ..أنثى بمعنى الأنثى !
كانت جمهوريه من نساء ! ( أظن هذه العباره سبقني إليها نزار )

كانت مستمتعه بالحديث معي ( هكذا قالت ! ) ..
تحدثت معها عن الحب . و دهاليزه . والعشق وأسراره . والغرام وأحلامه ..
أسرت لي بأنها تحتاج العطف الغرامي . وبأن يداها ترتعش حين تقرأ كتابا" عن الحب .

كانت عطشانه . تحتاج الإرتواء . وكانت ساخنه في عز ليالي يناير القارسه !

طالت بنا السهره . وليله لاتنسى . وتسجل في سجل الأيام الفير العاديه ..

هل أكمل ؟

لا داع . . . . . !


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 40


مللت من البقاء المستمر بالمستشفى .. أنا إنسان والإنسان حر بالفطره . فكيف أبقى كل هذه المده بهذا المبنى الكئيب .. !

منذ أربعة أيام تمت إزالة الأنابيب البلاستيكيه الخفيفه من جسدي . كان الإكتفاء بالحقن والأدويه ..

وكان الطبيب قد طلب مني ممارسة رياضة المشي الخفيف . في ممرات مباني المستشفى . والجديد إنه قرر لي ممارسة تمارين العلاج الطبيعي يوميا" لمدة ساعتين صباحا" . في القاعه المخصصه لذلك في المستشفى ...

كان هذا التغيير له أثره الإيجابي على نفسيتي .. بدأت بالخروج المأذون كل يوم صباحا" .. وكنت ألتقي بكثير من ممارسي العلاج الطبيعي . من المرضى . رجالا" ونساءا" . .

ذات يوم .. بالتحديد اليوم الثالث للعلاج الطبيعي .. كنت أمارس بعض التمارين المقرره بالقاعه .. فسمعت صوت عربي بالقرب مني !

غريبه .. شهالصوت ؟ ( هكذا سألت نفسي ) ..إتضح إنه لرجل عربي كبير بالسن . وبصحبته أبنته الأربعينيه ( كانت تحمل ملامح من الجمال .. رغم عدم استخدامها المكياج ) ..في اليوم السادس .. حصل تعارف بيني وبين الرجل العحوز وإبنته ..حيث قال لي إنه بالمستشفى منذ اسبوع .. وتفأجأ بوجودي ككويتي في هذا المستشفى الغير مشهور .وفي منطقه لم تشتهر بالطب ومصحاته .. وكان هذا العجوز عربي من إحدى دول شمال أفريقيا . ويعيش ويعمل في المانيا بمدينة دورتموند. متذ واحد وثلاثين سنه . وحاصل على الجنسيه الألمانيه منذ سنوات .

وقد عزمني على جلسه في غرفته لإحتساء فنجان قهوه . وكان مرحا" .. وإن كنت إهتميت بإبنته أكثر ! ( لم تحصل أي علاقه شخصيه معها .. حيث لم يسمح الوضع ! )

كان تعرفي عليهما ذا تأثير إيجابي علي .. تواصلت بعدها اللقاءات أربعة مرات . إلى أن غادر المستشفى .. وكنت في غاية الفرح والأسى لمغادرته .. الفرح لأنه خرج معافا من فضل الله . والأسى لأنه وابنته الفاضله هما من كانا يؤنسا وحدتي ..

وهكذا عدت للوحده من جديد . . . !


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 41


جاءني الطبيب صباحا" . أثناء التفقد الأعتيادي اليومي . وكان منشغلا" بقراءة ملفي العلاجي . وكان يفتح جهازه " الآي باد " ويسجل ملاحظاته . وكانت معه الممرضه البولنديه .. وكانا بين اللحظه و ذاتها . يتبادلان حوارا" عمليا" .يبدو واضحا" إن حذافيره حول حالتي .( كنت مستلقيا" على السرير أثناء وجودهما . صامتا" .. لا أملك سوى تقليب ناظري بينهما ! )

وبعد ساعه إلا ثلث تقريبا" .. أخبرني الطبيب . بضرورة إنتقالي إلى مستشفى آخر . في العاصمه " فيينا " .. نظرا" لأن حالتي تستدعي الإنتقال هناك . لإستكمال العلاج بذاك المستشفى المتخصص .

سألت الطبيب . عن متى سيكون الإنتقال ؟
فبين لي إنه سيراسل المستشفى ألكترونيا" بعد قليل . حتى يتم تجهيز غرفه و سرير لي هناك . والإحتمال خلال يومين أو ثلاث ايام بالكثير .. سيتم الإنتقال .
سألته عن خروجي متى ؟ ..فقال غدا" قبل الظهر .ستغادر .العلاج الكافي ليومين ريثما تصل هناك .وأما ملفك العلاجي وتقاريرك .سترسل ألكترونيا" هناك .

أبديت شكري الجزيل للطبيب .على حسن خلقه. ومهنيته في التعامل .

وبالفعل . بعد خمسة أشهر .في تلك المصحه . سأنتقل إلى " فيينا " . و مرحله جديده .

في اليوم التالي . ومنذ الساعه التاسعه .بدأت إجراءات الخروج . وكانت تتم عن طريقة إدارة الجناح . و لفت نظري إن جميع الإجراءات كانت ألكترونيه !

وبعد إنتهاء الإجراءات . تم إهدائي هديه رمزيه بسيطه . مع ورقه تذكاريه فيها توقيع الطبيب والممرضه . ( الهديه وطريقة إهداءها كانت بسيطه جدا" ..لكن كان إهتمامهم بمعناها الإنساني يفوق التصور ).

خرجت بعد الظهر . مستقلا" سيارة أجرة . متوجها" لفندقا" قريب . لأقضي الليله في أنسبروك .و غدا" صباحا" أستقل القطار إلى فيينا ..

وبإنتظار مرحله جديده . وأحداث حبلى . على ضفاف نهر الدانوب ..


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 42

بعد خروجي من المصحه . ذهبت للفندق .الذي كان كالعاده .قديما" .. ويحتفظ بالأناقه والنظافه ..

وضعت حقائبي الصفيره في غرفة الفندق . وخرجت للتسوق .في آخر يوم لي في هذه المدينه العريقه . ذهبت إلى كافيه متواضع . على ناصية الشارع . وأرتشفت فنجانا" من القهوه . وقطعة بسكويت صغيره ..تناولت خلال جلوسي إحدى المجلات المتواجده في السله الخشبيه المعلقه على الجدار . كانت مجله متخصصه في الزهور والورود وتنسيقها . وكانت تحوي صورا" إحترافيه رائعه . استمتعت بقراءتي ( طبعا" إن كان النظر إليها قراءه . سأكون قارئا" ! ) لها .

بعدها سيرا" على الأقدام . استمتعت بالمشي داخل الممرات العتيقه للسوق . بينما كان الثلج يتساقط بغزاره . لكني كنت مستمتعا" .. كنت أشعر إني لن أعيش مثل هذه اللحظات في " فيينا " ..كنت أريد الإستمتاع بكل لحظه . بكل ثانيه . بكل دقيقه هنا . لا أردي كيف كنت أشعر بأني لن أعود مره أخرى إلى هذه المدينه !

مررت محلا" لشراء تذكارات عن المدينه . ثم تسوقت في سوبر ماركت أنيق ( سوبر ماركت " بيلا " ) أسعاره معقوله جدا" .أخذت منه فاكهه . تفاح أخضر 3 حبات . و موزتين . توت أسود باكيت واحد . كانت كل الفاكهه طازجه .وعلبتين عصير برتقال " راوخ " ..

تمشيت بعدها تقريبا" ساعتين وقليل . كنت مستمتعا" جدا" في تلك اللحظات . رغم المرض . لم أشعر بالتعب . وبالأصل المشي في هذه المدينه والتسوق فيها . أمر مغري . و رائع جدا" ..

بعدها ذهبت . لأحد الكافيات . تناولت قطعة كروسون ساخنه . و كأس شاي ..

كنت أثناء وجودي بالكافيه . أتأمل السكه الصغيره . و وجوه الماره . أناظر البنيان . أتفكر في خمسة شهور مضت .. يا الله . كم هي عقارب الساعه تتحرك بسرعه ..

تواجدت هنا . بدون تخطيط مسبق . و رأي و مشوره . و لاحتى وصفة طبيب !

القدر . هو من قادني إلى هنا .

رغم الوحده البائسه . والغربه القاتله . لكني كنت متفائلا" . أكره التشاؤم . أشعر أن من يتشائم دائما" . لايستحق الحياه . و لامبررات وجوده على اليابسه ..

تفاءل . . فإن التفاؤل حياه ..

...
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 43


وصلت فيينا ..وكان الوقت ظهرا" .. والجو تنسجم به الغيوم مع أشعة شمس هادئه . وإن كان الطقس البارد . يفرض هيمنته . ويتحلى بحضوره ..

وكعادة العواصم .كانت محطة القطار مكتظه بالناس . أهل الذهاب .. و ذوي الإياب ..

نزلت مع حقائبي الصغيره .اللاتي كانت أثقلهن . بها عجلات ساعدتني في نقلها ..

ركبت أول سيارة إجره . وكانت بيدي ورقه صغيره .مطبوع عليها عنوان المستشفى المطلوب ..

عرف صاحب التاكسي المستشفى . حيث هز رأسه . وأومأ به .كدليل على معرفته بالعنوان ..

سيارة الأجره كانت ماركة مرسيدس حجم 200 كما أظن . موديلها حديث .والسائق كان لبقا" .. وأرتحت لتعامله معي ..
مباني فيينا .. يغلب عليها الطابع التاريخي ..خاصه أحياءها القديمه .. و أثناء التوجه للمستشفى .. واجهت عمليات صيانه كثيره للطرق . و واضح إنها صيانه وإنشاءات طرق أيضا" . وليست صيانه فحسب .إنما لم يكن هناك تأثير على حركة السير المروريه ..
دخلنا أيضا" عدة أحياء ..ذكرتني في عاصمة بافاريا الألمانيه " ميونيخ " ..
كان نهر الدانوب يطلق مياهه متوسطا" العاصمه العتيقه .. كنت أشاهده . وأتذكر عما كنت أسمع وأقرأ عنه ..

" فيينا " . . . تاريخ . . و عراقه .

وصلت المستشفى . حيث لفت نظري مبناه البسيط . تشاكيل المبنى فيها لمسات معماريه تاريخيه . لكن النظافه وبعض اللمسات الهندسيه الحديثه تبدو عليه واضحه . وقفت سيارة الإجره أمام الباب مباشره .نزلت وتوجهت لطاقم الإستقبال . حيث ابرزت لهم ظرف من مستشفاي الذي جئت منه . فما أن قرأه موظف الإستقبال اللبق . حتى رحب بي بترحاب ظاهر ..

وطلب لي كأس ماء .. كنظام استقبال معتاد . كما بدا لي ..

و ابلغني بأني يأدخل غرفة الفحص الأولي .بعد نصف ساعه . ريثما يتم تسجيل معلوماتي بسجلات المستشفى ..

كان الأثاث حديث . و تتبين به فخامة التصميم .كما أن طلاء الجدران به عنايه .و فازات الزهور . في كل قاعه . أو ممر ..
كما لايخلو جدار .من لوحه تشكيليه معلقه بعنايه ..

..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 44


بعد إجراء الفحوصات الأوليه . وهي روتينيه على أية حال .وبعد تسجيل معلوماتي في ملف جديد .يخص هذا المستشفى .. تم إرسالي إلى أحد الأطباء المتخصصين . وهو في مكتبه الذي يبعد مسافه ليست قريبه من مكتب الإستقبال .. وأقترح علي الموظف بالإستقبال . إستخدام مركبه صغيره . يقدوها سائق . كي أصل إلى مكتب الطبيب .بسير . وسهوله . ( المركبه . أو العربه : تشبه التي نشاهدها لنقل المصابين في ملاعب كرة القدم ) .

ركبت العربه . وكان السائق يقودها بطريقه سلسه . وهادئه . وكان ذلك مريحا" .. لي . كانت ممرات . و دهاليز . وقاعات المستشفى التي مررت بها أثناء المسير للطبيب . حديثه . و واضح تطورها . والإهتمام الشديد بها . لا أبالغ إني قلت وكأني في فندق 5 نجوم ! ..وليس مستشفى !

غير أن الأهم هو جودة الكفاءه الطبيه .التي يتمتع بها الأطباء .في هذا الصرح الطبي المتطور .

( لاحظت أن كل القاعات والغرف والممرات والدهاليز . وكل المرافق .لاتفتح أبوابها .إلا عبر كارت ممغنط ) .

وصلت مكتب الطبيب . وكان بإنتظاري . و وجدت بجانبه ممرضه شابه ذات شعر كستنائي . فيما كان الطبيب في عمر فوق الستين . وإن كانت واضحه لياقته . و نشاطه . وكان استقباله لي رائعا" . ولم تفارقه الإبتسامه . وكان يتحدث الإنجليزيه بطلاقه .و تبين لي انه قرأ ملفي بالكامل . و وصلت له نتائج التحاليل التي اجريتها قبل وقت قصير . عبر حاسوبه الشخصي . أي أنه كان على إستيعاب مقبول عن حالتي ..
كانت جلستي معه . استمرت تقريبا" ساعه وقليل .( شعرت كأني المريض الوحيد في المستشفى .. كان الوضع هادئا" جدا" . والطبيب متفرغا" لي ) ..

بعدها أخبرني بضروره إجراء دخول للمستشفى . حتى يبدأ الكورس العلاجي إبتداء من الغد .

سألته بعض الأسئله عن حالتي . وكان واضحا" معي . بأن الحاله صعبه نظريا" . إنما بعد علاج مكثف لمدة شهرين . من الممكن الوصول لنتيجه جيده . لكنه لم يضمن لي شيئا" ..

كانت واقعيته مثار راحه لي . وعلى النقيض في مثل هذه الأحوال . فقد شعرت براحه نفسيه لاتوصف .

خرجت منه .و ركبت نفس العربه . للإتجاه لمكتب الإستقبال . و لما وصلت له . علمت بأن تعليمات الطبيب وصلت إلى المكتب عبر الحاسوب .

بعدها . اقترح علي موظف المكتب . أن أذهب إلى مطعم المستشفى لتناول وجبه الغداء المجانيه .. ( كان المطعم نظام مطاعم ال5 نجوم . ببوفيه مفتوح . وفيه فخامه ظاهره . ومأكولاته متنوعه و الإختيارات كثيره ) .
بعد تناولي وجبة غداء معتبره . كانت عباره عن شوربه . ومأكولات بحريه .وبعض الفاكهه . وعصير برتقال طازج . رجعت للإستقبال . حيث بدأت إجراءات الدخول للمستشفى .

وصلت إلى غرفتي . عن طريق العربه . ووجدت باقة ورد صغيره بإستقبالي ( يعملون ذلك مع كل المرضى ) . وكانت الغرفه فخمة السرير . ومتطورة الأثاث الطبي . وكانت النافذه تطل على نهر الدانوب .. جلست قليلا" .. ثم جاءتني ممرضه . وبإسلوب طيب . تمنت لي الشفاء . و وضحت لي بعض الأمور . منها أن شرب الشاي ممنوع علي .بحسب توصية الطبيب . وبأنه لامانع من شرب القهوه . حتى لو كانت وسط .

بدلت ملابسي . وكانت توجد في الخزانه بالغرفه عدة ملابس حسب قياسي ( واضح ان الإستقبال ابلغهم بقياساتي ) ..

بعد تغيير ملابسي . عملت فنجانا" من القهوه .( توجد في الغرفه صانعة قهوه . مع مقادير القهوه ) .. وجلست على الكرسي بمواجهة النافذه . وتأمل لنهر الدانوب . ولحظات غروب الشمس في فيينا .. ونهاية يوم . بإنتظار يوم آخر . و مرحلة علاج جديده ..


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 45


رغم الرفاهيه التي يتميز بها المستشفى . إلا أن الرفاهيه الأهم هي " الصحه " .. هذا ماكنت أحدث به نفسي . دائما" وأنا في هذا المستشفى ..

الكورس العلاجي يبدأ بدواء " شراب " بعد الإستيقاظ من النوم ( تم تحديد الإستيقاظ السابعه صباحا" يوميا" ) .. بعدها أخذ قياسات طبيه معتاده . فطعام الإفطار وبعدها الذهاب لممرات المشي . حبث تم تحديد ساعه يوميا" للمشي الخفيف صباحا" .
أرجع بعدها للغرفه للإستحمام . وإستئناف الكورس العلاجي .

من أهم الملاحظات . إن الأطباء هنا . يتعاملون بواقعيه مع المريض . ويتم إخبار المريض بكل تفاصيل حالته .حسنها و سيئها . إنما بأسلوب مريح للمريض . حبث يتم وضع الإحتمالات . وكيفية التصرفات التي سيتم استخدامها معه .في كل تطور سواء إيجابي أو سلبي .

بإختصار . يشعر المريض بأنه في مكان محترم . ومع ملائكة رحمه . وبين أيدي آمنه . مجرد تعاملهم يعتبر علاج نفسي للمريض .
كان التعامل معي راقيا" ومهنيا" بكل ماتحمله الكلمه من معنى . كانت تتناوب علي ممرضتان . نمساويه والأخرى سلوفاكيه . شابتان . ولا تفارقهما مسحات من الجمال الأنثوي الظاهر .

ويتولى حالتي طبيب رئيسي . وثلاثة أطباء متخصصين . إضافه إلى أخصائي لياقه بدنيه .و مرورهم إلي يوميا" . ويتم عمل تقرير يومي وأسبوعي عن حالتي . وكل اسبوع يأتي وفد من ثلاث أطباء يمثلون مكتب التدقيق والرقابه في المستشفى . وهؤلاء يقومون بمهمة التفتيش الدوري وأحبانا" المفاجئ على كل المرضى بالمستشفى . حتى يتأكدون من جودة التعامل مع المريض . إذ أن المستشفى يطبق أعلى درجات المعايير الرقابيه والإشرافيه في إداء الأعمال .

لم أصادف أي عربي . أو أية سحنه شرقيه .خلال تواجدي بالمستشفى حتى الآن . أثناء الراحه كنت أجلس في الغرفه أشاهد التلفاز . أو أدخل الأنترنت عبر جهاز الآي باد .( المستشفى مغطى بالكامل بأنترنت مجاني ذو سرعه ممتازه ) .. كنت أمتنع عن التواصل مع الكويت . رغم وجودي في 5 قروبات واتساب . لكن كان تواصلي شبه خفيف . سوى مع الوالده والوالد . كنت اتصل عليهما بشكل شبه يومي عبر الفايبر .

أي أن حياتي الإجتماعيه .. شبه منعدمه .. بصراحه أكثر لم يكن في خاطري التواصل إجتماعيا" .. أشعر بأن التواصل الحقيقي الوجه بالوجه . أفضل وأريح للروح . مهما عملت تكنولوجيا الإتصالات من تسهيلات بالتواصل . إنما الأهم هو " شوفة العين للعين " !


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 46


بعد مرور أسبوع .من دخولي المستشفى . وبينما كنت أتلقى برنامجي العلاجي بشكل طبيعي . وكنت وقتها قد أغلقت هاتفي النقال منذ أربعة أيام .. وفي الفتره قبل المغرب . وكنت قد أنهيت الفتره اليوميه للبرنامج العلاجي . وقد أحببت فتح الجهاز . ومعرفة آخر أخبار الأهل والربع والديره ..( من خلال تصفح الواتساب والرسائل النصيهSMS. .وغيرها ) ..

وإذا بهذه الرساله :



إنتقلت إلى رحمة الله . ( .......... ) وسيوارى جثمانها الثرى . يوم غد.عقب صلاة العصر . في مقبرة الصليبيخات .

إنا لله وإنا إليه راجعون ..



........

أوووووه لاحول ولاقوة إلا بالله . الله يرحمها .. شلون ماتت .. توها قبل اسبوع مكلمتني . لا إله إلا الله . . لاحول ولاقوة إلا بالله .
آآآآآآه آآآه الله يرحمها ..

. . و وجدت نفسي أبكي .. وإن بهدوء .. أحاول تمالك نفسي . ولم استطيع .
أنا بشر .
أنا إنسان .

ماني مكينه .. !!

ماتت منذ ثلاث أيام ..

الله يرحمها . ويغفر لها ..ويتجاوز عنها . ويسكنها جنات النعيم .. يالله يارب العالمين ياقادر يارحمن يارحيم ..

كيف ماتت ؟
مالذي حدث ؟

لا أدري !!

فتحت الواتساب على رقمها .. آخر ظهور قبل أربعة أيام .. !

هي إحدى أعز وأغلى من عرفت .. لم يكتب لنا الزواج .. لكننا إستمرينا بعلاقه نظيفه . لم يكن لا أنا ولاهي لنا قدره على الإفتراق ..

الآن هي ماتت .. رحلت .. إنتقلت إلى أكرم الأكرمين .. وأرحم الراحمين ..

يانظف نيتها .. وياطيبها .. وياحلو شوفتها . ويا زين ضحكتها ..

جسدها تحت الثرى . لكن ذكراها فوق الثرى ..


كانت ليلة حزن .. ليلة أسى .. ليلة تذكر ذكريات .. وأيام .. ومواقف .. ماراح تعود خلاص ..
الله يرحمها .. ويرحمنا برحمته ..
في اليوم الثاني .. أتصلت على أحد الثقاة .ليعمل عمل صدقه جاريه . . ( كان الأسم المدون بإسم " فاعلة خير " والنيه إنها لها بإذن الله )

أسأل الله أن يرحمها ويتقبل هذه الأعمال في صحيفتها ..

وكلنا أموات . . أبناء أموات ..


إنا لله وإنا إليه راجعون ..



...
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 47


يمضي الوقت سريعا" بدون أن نشعر به . مجرد مراقبة الوقت هو بناء لهاجس متعب . ومؤرق للخاطر . الإضطراب بالمشاعر أتعايش معه .وأعيشه في حالاتي الوقتيه هنا . أعرفه جيدا" !

ثمه أحيانا" أنسى كل شئ . وأتشبث بالإهتمام الفكري حول برنامجي العلاجي. فجأه بلا مقدمات .. وأثناء ذلك التشبث .. أجد أحاسيسي .. تسرح نحو تلك البلاد القابعه .أعلى الخليج العربي !

كتلة مشاعر موبوءه بالإضطراب الإنساني ..
ماتزال جوارحي غير مستوعبه لما يحدث . ولماذا أنا هنا .. في هذه البلاد البعيده . رغم المرض . والعرض الطبي . والتقارير المبينه والمجاوبه لكل سؤال يطرأ . أو يخطر في بالي .

يقال إن الحاله النفسيه " نصف العلاج " .. وهل بقيت بي مما تبقى من الحال ؟!!
وأتذكر خالد الفيصل .. " تنشد عن الحال .. هذا هو الحال ! " ..
تراودني إرهاصات تعصف ببقاياي . وأفكاري . وفكري . وتفكيري . لست مبالغا" إن إسرفت في شرح المعاناه . والترقب . والإصطفاف اليائس مع كل مايمت للتشاؤم بصله !

رغم كونها " فيينا " . ذات " ليالي الأنس " كما بح صوت الدرزيه الراحله " أسمهان " ..إلا أني يبح صوتي . وينتفض خاطري . وتصيح ماتبقت من مشاعري . بأن فيينا ليست إلا معتقل طبي . لا أنس فيه ..و لافرح .. ولا حتى " سكة سفر " !

وأتذكر الشاعر البدوي القديم .. وأجر معه هالبيت :

عبود .. يامشكاي يامطول اليوم

....... لو كان في " في " طويل الظلالي ..


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 48



بعد مضي شهر ونيف .. على وجودي في المستشفى في فيينا .. طلبت برجاء من الطبيب . أن يأذن لي بالخروج . لو ليومين . لكسر الروتين . وتبديل الجو .. على الأقل أتنفس هواءا" آخر ..

تفهم الطبيب طلبي . إلا أنه أخبرني بعدم الإمكانيه لذلك في الوقت الحالي . لظروف البرنامج العلاجي المكثف .و وعدني بدراسة هذا الطلب بجديه .وتحديد أقرب موعد ممكن لذلك ..

تقبلت كلام الطبيب على مضض . بطريقة " مكره أخاك " .. كان لابد لي من التأقلم والإنسجام مع تعليمات الأطباء . والتي هي في الواقع .تصب في مصلحة المريض .

كنت أقضي مايتبقى من يومي في كتابة بعض الخواطر . أو الأشعار ( أشعار رديئة المستوى . لكنها تعبر عن مابالخاطر ) .. أو بالمشي في ممرات المستشفى ..

من المواقف الطريفه .. كنت جالسا" في غرفتي .. و دخلت علي.لأول مره . طبيبتان شقراواتان . فيهن من الحسن مالا يستطع القلم وصفه . أثناء بحثهن في ملفي العلاجي .. وكانتا تبعدان عني بخطوتين على الأكثر . كنت اناظرهن بشغف الهوى .. وإن بطريقة " أراك ولاتراني " ..

كنت أناظرهن وأتمتم ببعض الكلمات .التي كنت جازما" بإستحالة إكتشاف ومعرفة ماتحمله من معان غراميه ساخنه !

لما إنتهتا من البحث الذي استغرق تقريبا" أكثر من نصف ساعه بقليل .. إلتفتا إلي .وبإبتسامه لطيفه . إستأذنتا ..

بعد خروجهن بدقيقه واحده تقريبا" ..رجعت واحده منهن .. إلي .. وهي تكاد تبكي من كثرة الضحك !!!

هي : شفيك يامريض .. لهالدرجه الله يهديك هههههه ( وتواصل كلامها بلهجه خليجيه وهي ضاحكه ) ترى كلامك مولي . ديربالك وانا اختك

أنا : ( وعلى وقع مفاجأه .. و العرق يتصبب من وجهي حرجا" وحياءا" منها .لأني لم اتوقعها عربيه فمابالك خليجيه اصليه ! ) اووووووه والله دكتوره مادريت انج خليجيه .اصلا" شكلج مو مبين عليج كلش .. شلون جيتي هنيه . اول مره القى عرب في المستشفى هذا .. وآسف جدا والله مدري شقولج .. لكن انتي كريمه وحنا نستاهل ههههه

بعدها .. قالت إنها معها طبيبتين وطبيب من هذا البلد الخليجي .ملتحقين بدوره تدريبيه في المستشفى . لمدة كورس دراسي كامل . وكانت جميله جدا" ..وسفور ليست محجبه .وإن تميزت بالنباهه . كريمة خلق معي . واحرجتني بإهتمامها وتسامحها معي ..حيث إنها تقول إنها كانت تسمع كلامي .وتكاد تضحك .لكنها تماسكت عن الضحك . بسبب الطبيبه النمساويه التي رافقتها . والتي كانت تحمل ملامح جاده .

بعدها صرت .. أدقق كثيرا" قبل أي لفظ .لربما يتكرر هذا الموقف المحرج . ومثل ماقال المثل الكويتي " كل طراق بتعلومه " !


..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 49


كنت جالسا" على الكرسي في إستراحه الجناح . أشاهد التلفزيون . والوقت كان تقريبا" بعد العصر . والوضع هدوء .. وسكون ..لا ضجيج . لا إزعاج ..

لم أطل الجلوس . أشعر بالملل يقتلني .. خطر على بالي أن استأذن الطبيب . للخروج بقصد التنزه سيرا" على الأقدام . جوار نهر الدانوب . القريب للمستشفى .. ولم استطع لعدم تواجد الطبيب !

ذهبت إلى غرفتي ... وأخذت الآي باد .. ودخلت الأنترنت . وكالعاده ... لاجديد !

ثم كان لابد من ما ليس منه بد .. موعد الحقنه المقرر في هذا الوقت من المساء .. ويا مساء الحقن !
أشعر منذ أيام بتحسن . حتى الطبيب أكد لي ذلك . وإن لم يأذن لي بالخروج . يومين حتى ؟ !!

يبدو أن أطباء فيينا غير أطباء آنسبروك !

هكذا حدثتني نفسي !

بعد الحقنه شعرت وكأن أعصابي إسترخت . وبدأت أحس بالرغبه إلى إغماض ( هل تكتب هكذا ؟ ) العين .. مددت قدماي وبسطت ذراعي الأثنين على ظهرهما . أشعر فقط بالرغبه إلى الإسترخاء .. وإغماض العين .. والخروج من واقعي ..

يالتأثير هذه الحقنه !



..
 

Way one

عضو مخضرم
صفحه 50


تعب جدا" أنا هذا اليوم
أحيان أشعر وكأني فاقدا" الوعي .. أفتح العين .. وأغمضها . وشفتاي متراصتان .. و وجهي المتعب يعاني الشحوب ..

ألتفت بعيني المحمرتين .. يمنه .. ويسارا" ..
ولا أحد
ولا مجيب . . .
الوحده مرض ..

غريبا" .. لا صاحب .. لا خل .. لا حبيب .. ولا حتى ديره !

فقدت الشعور بالإنتماء للإنسانيه ..
أسأل نفسي .. هل أنا كفؤا" لأكون إنسان ؟ !!
أسأل مره أخرى .. هل تنطبق على جثتي المتعبه .. لقب جثة إنسان ؟
طيب .. هناك سؤال أهم .. أحاول أن أتجاهله .. أتهرب منه . لكنه يحاصرني .. يضايقني .. يكويني .. يحرقني ... !
هل إذا إنتقلت روحي إلى بارئها .. إذا مت .. هل سيكون هناك من يكفنني .. ويدفنني .. ويصلي علي ؟

لا أحد عندي .. أعاني المرض . والغربه وحيدا"

أثناء كل هذه التأوهات بيني وبين نفسي . فتحت عيني . وإذا بممرضه بجانبي .. تنظر إلي بإهتمام .. و ترقب !
ترى .. هل سمعت شيئا" من هواجسي .
هل كنت في حلم ؟
أو علم ؟

لما أصبحت عيني في مواجهة عينها . إبتسمت لها بهدوء
هي إبتسمت .. ولم تنطق بكلمه ..
طبطبت على رأسي بهدوء وعطف .. وابتسامه فيها حنان ..
ثم . . أسدلت نفسها عني ..
و توارت ..
لسان حالي .. طريق السلامه !


..
 
أعلى