مواصيل ممطره . .

Way one

عضو مخضرم
كان كلام الطبيب مؤثرا" في نفسي ، جلست ساعات و أنا افكر ، واضح أن معنى كلام الطبيب أنني متجه للهاوية الأخيرة ، الحق الحقيفي بعد الحياة ، يبدو أنه قد أزف الوقت و وقفت على أعتاب الوداع الأخير ، وجدت أنه لزاما" علي و منطقيا" أيضا" أن أعترف أن الله أسبغ علي نعمه عظيمة من نعمه التي لاتعد و لاتحصى ، الآن تم تنبيهي لإنتظار الموت و أنا رغم المرض لكني أتمتع بقواي العقلية ، و بإمكاني تدارك مايمكن تداركه قبل الدخول إلى بوابة الموت ، و مسح أسمي من سجل الأحياء ، يالها من نعمه و ياله من حظ عظيم ، الحمد لله كما ينبغي لعظيم سلطانك ..

أستجمعت قواي و بعد تفكير قررت العودة للكويت للموت هناك ، لا ارغب في الموت في هذه البلاد الغربية الباردة ، التي رغم جمالها إلا أنها لاتساوي حبة رمل من رمال بلدي الحبيب الكويت ..

أتصلت بالطبيب و ابلغته أن لاداعي لذهابي لمستشفى فيينا ، فقد قررت الذهاب لفيينا إنما للمطار و ليس للمستشفى ، حيث سأستقل طريق الجو لديرة الطيبين ، فقال لي بأن حالتي لاتسمح بمحهود السفر الذي قد يؤثر سلبا" ، ضحكت وقلت مادام الامر تم تشخيصه بأمه لا أمل من الحياة ، ليكن قراري الآن هو مواجهة هذا الامر بما يستحق مادمت متجها" لا محال إلى الموت ..

حجزت و تيسرت أموري بشكل ممتاز حيث تمت حجوزات السفر بسهولة رغم مشكلات الكوفيد 19 و تبعثر الرحلات و اختلاف الاوضاع عما قبل الكوفيد ..

غدا" سأكون في فيينا الباردة ، و بعد ثلاثة أيام سأكون في المطار متجها" لبلدي للموت هناك و أنا لله و إنا إليه راجعون . و الحمد لله من قبل و من بعد ..

و ماتدري نفس بأي ارض تموت . هل سألحق و اكتب التدوينة القادمة هنا ، أم سأكون بضيافة أرحم الراحمين و أكرم الأكرمين ..

أستودعكم الرحمن الذي لاتضيع ودائعه ..


. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
وصلت فيينا في صباح بارد جدا" ، أشعر أن الشوارع باهتة ، و وجوه الماره يلسعها البرد ، و في المستشفى بالعاصمة ابلغني الطبيب بخطأ قرار العودة لبلدي و بأن حالتي قد لاتتحمل السفر . و الأفضل البقاء هنا لمواصلة البرنامج العلاجي . أبلغته بأنني أنهيت حجوزات السفر و الوضع لم يعد مجالا" للنقاش . فقال ما انهيته بإستطاعتك إلغاءه لأن الصحة أهم بكثير من سفر خاطئ قد يكلفك الكثير ، قلت لقد تم إبلاغي مامعناه إني متوجه للموت و لا أمل في الحياة . إذن منطقيا" يادكتور مالذي يجعلني أمكث هنا ؟ اموت في وطني و وسط الأحبة أفضل و أريح نفسيا" . على الأقل بين مسلمين ( قلتها ضاحكا" )

أبتسم الطبيب و بادلني الضحكة بضحكة أخرى و قال هل تضمن إنك ستموت بمجرد وصولك الكويت ، قد تبقى حيا" و تزعج الممرضات الحسناوات سنين عديدة بينما نحن من نتواجه مع الموت ( كان يضحك أثناء حديثه ) بادلته الضحكة و قلت بأنني مؤمن بأن الساعة علمها عند الله ، لكن التقارير الطبية تؤكد أن خطوات الحجز إلى القبر مازالت في دورتها الروتينية !

حاول الطبيب أن يثنيني عن قرار قطع العلاج و العودة لبلدي ، في خطوة أستسلامية واضحة للأمر الواقع ، و الحقيقة أنها ليست أستسلامية و لكنه أمر واقع ، فقد ثبت وفقا" لتقارير الاطباء أن لا شفاء على المؤشرات العلاج ، إذن فمالذي يجعلني أمكث هنا . اعود لبلدي و أواجه الموت و انا مستعد و مرتاح !

و أنا مقتنع تماما" بأن الساعة علمها عند الله ، و أصدق الشافعي عندما قال :

كم من صحيح مات من دون . . . علة
و كم من سقيم عاش حينا" من الدهر . .


. .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
تيقنت من الحجوزات لرحلة جوية متعبة إلى بلدي ، و بأن الوضع لاغبار عليه ، فيما استمر الطبيب بمحاولة اقناعي بعدم السفر لخطورته على حالتي ، و بعدها بيومين زارني أحد الأحبة و أبلغني بصعوبة السفر بالنسبة لحالتي ، و بأن الافضل و الأسلم المكوث في فيينا ، و الله يجعل في الأمر خير !

كان واقعا" حزينا" مؤلما"على نفسي ، فوق آلام المرض ، إنما عندما علمت بحقيقة الوضع وجدت أنني ضحية للإجراءات المتبعة لمواجهة كوفيد 19 !

لا أعلم كيف لكن بدر شيئا" من التحسن الطفيف على حالتي ، بعد توفيق الله و جهود الهيئة الطبية الجبارة ، الذين لم يفارقونني لحظة منذ وطئت فيينا ، بالطبع قد يتوقع القارئ أن السبب في الرعاية الطيبة المميزة هو مقدار المال المدفوع و في الحقيقة أن العلاج مجانا" حتى لاتذهب الظنون بعيدا" ، تعامل إحترافي قل نظيرة تبارك الله .

طلبت جهاز لقراءة ماتيسر من القرآن الكريم و أتذكر أني توقفت عند بداية الجزء 28 و سورة المجادلة ، أسأل الله القبول لي و لك ..

يبدو أني أصبحت أمام حقيقة واقعة ، و بأن إقامتي ستطول في ليالي فيينا التي قطعا" ليست بليالي أنس ، آنسنا الله و أياكم ..

كنت في الايام الماضية في تحضيرات و أتصالات و توقعات للسفر رغم مرضي ، و الآن أستتب الامر و تبين الخيط الأبيض من الأسود و بأن الإقامة ستطول ، لعل في الامر خير ..

أحدى الممرضات من أصل عربي من إحدى دول شمال أفريقيا لاحظت عليها رغم حسنها الظاهر إلا أنها تتصرف معي بإهتمام ملحوظ ، فهمت بعد ذلك بأن سبب الأهتمام أنها وجدتني أقرأ القرآن أكثر من مره . يالهيبة القرآن و يالبركة كتاب الله ..

سألتها عن وجود مصحف معها فقالت أنها لاتبدأ يومها إلا بقراءة صفحة على الاقل ، تبارك الله ..


...
 

Way one

عضو مخضرم
كانت لحظة مؤلمة لنفسي عندما تيقنت من أستحالة السفر ، كان الوضع أشبه بالكماشة ، أستوعبت الأمر على طريقة مجبرا" أخاك لابطل ، و بدأت بالتأقلم مع إجراءات جديدة ، و بروتوكول علاجي جديد ، أكتب هذه الكلمات و أنا بحال لم أتعرض لها طوال عمري ، حال سيئة جدا" صحيا" و نفسيا" و أنذكر قوله تعالى : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (الشعراء _ 80).

لا أعلم أكتب عن ماذا أو ماذا ، عن الألم ، الوجع ، الحزن ، و تقلبات الظروف من سيئ إلى أسوء ؟

أسئلة لكن الأكيد أنها منطقيا" صعبة الجواب الشافي !

. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
مضت أيام و أنا في وضع شبه ميؤوس منه ، لاشك أحمد الله على كل حال ، و أمر المسلم كله خير ، و الحمد لله الإنسان لما يرى غيره تهون عليه حالته ..

أتعبتني كثرة الحقن و العلاجات ، ربما ماخفف عني الاثر هو طريقة التعامل الأنسانية من الأطباء و الممرضين ، لكن الألم يوما" عن يوم يتضاعف ، سألت الطبيب : هل سأستمر هكذا طول ماتبقى لي من عمر ؟ هل سأبقى ماحييت في فيينا ، و لن أعود للكويت إلا في تابوت ؟

أبتسم برقة و قال : لا لا بل حالتك تتحسن حسب المؤشرات الطبية إنما ببطء ، و أفضل بكثير من حالتك قبل فترة ، و الآلام طبيعية لكننا نحاول ما استطعنا تخفيفها عليك ، و ستعود للكويت و انت تسير على قدميك و ستبعث لي هدية جميلة من بلادك ( قالها مبتسما" و هو يضع يده الحانية على رأسي )

أبتسمت له مقدرا" شعوره الأنساني و لكنني في قرارة نفسي لست مقتنعا" بما يقول ، صحيح أني لا اكذبه لكن يقولون : راع العلة أعرف من الطبيب !

و بعد أيام أتى نفس الطبيب و هو شاب نمساوي ، و أبلغني بأن يوم غدا" سيتم عرضي على مجموعة أستشاريين للنظر في حالتي و تقديم التوصيات اللازمة ، و من ضمن ماقال لي أن الذين سأعرض عليهم هم تقريبا" نخبة الأطباء المتخصصين و هم من كلية الطب بجامعة في العاصمة فيينا . و أن تقريرا" شاملا" عن حالتي موجود لدى كلا" من أفراد الفريق الطبي ، فقط يريدون رؤيتي على الطبيعة حتى تتم معاينة حالتي حضوريا" .

و بأنتظار غدا" . . .

. . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
أعتذر للقارئ الكريم عن التأخر في كتابة الإدراجات في هذا الموضوع الذي أحاول قدر الإمكان أن أقدم فيه عملا" أدبيا" يليق بالقارئ الكريم ..

و أعتذر عن ضعف النص كوني لست متخصصا" في مثل هذا النوع من الكتابة الأدبية ، و القارئ الكريم إن شاء الله كريم و يعذر


شكرا" جزيلا" 🌹
 

Way one

عضو مخضرم
في اليوم ماقبل العرض على اللجنة المختصة ، كان النوم بعيدا" عني ، حاولت أنام و لايأتي النوم ، هل هو أرق أم إنشغال ذهني ؟

طرأ علي القرآن الكريم ، و للأسف في حال لاتسمح لي بقراءة المصحف ، فقررت قراءة سرية بيني و بين نفسي لعدد من الآيات التي أحفظها ، أغمضت عيني و بدأت بآيات من سورة إبراهيم ، و لله الحمد من قبل و من بعد لم أشعر بنفسي إلا صباح الغد حيث أيقظني موعد الحقنة المقررة ، و الحمد لله الذي أحيانا بعد مماتنا و إليه النشور ..

أبلغنني الممرضة بأن الطبيب سيأتي بعد قليل للنظر و مرافقتي لإجتماع اللجنة ، و تجهزت لذلك ..

أتى الطبيب كعادته مبتسما" و أبلغني بالذهاب الآن لقاعة إجتماع اللجنة ، و أخذت سريرا" آخر ، و تم تغطية جسدي بغطاء طبي و مضينا إلى القاعة التي تقع في الدور الرابع من المبنى الكبير للمستشفى ..

وصلنا و تم إدخالي مباشرة ، و كانت اللجنة مكونة حسبما شاهدت من طبيبتين و طبيب ، إستمرت الجلسة التي تخللها فحوصات و نقاشات و الذهاب مرتين لغرفة الأشعة ، تقريبا" كان وقت الجلسة أو الإجتماع ساعتين و قليل ، و هو وقت يعتبر طويل نسبيا" في مثل هذه الأمور ..

تم السماح لي بالعودة للجناح بعد الإجتماع المتعب ، و في أثناء العودة للجناح كان الطبيب يرافقني ، سألته : مالخبر مالخطب يادكتور ؟

قال : كما توقعت الامور تتجه للأفضل و وضعك يتحسن جدا" ، و بإنتظار يوم غدا" لإصدار التقرير الرسمي لإجتماع لللجنة ..

قلت .. حسنا" .. الأمر لله من قبل و من بعد . . . .


..
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
في صباح اليوم التالي، جاء الطبيب و معه ملف صغير لونة رمادي به أوراق و صور أشعه ، و جلس بجانبي و كنت بصراحة متوتر انتظر بفارغ الصبر النتيجة ، و بعد ذلك قال لي بأن هناك تقدما" جيدا" لكنه غير كاف ، و سيطرأ تعديل طفيف على خطة العلاج من ناحية تغيير الدواء و بأن هذا التعديل مدته اسبوعين مع ملاحظة يومية للوضع الصحي ..


قلت له هل بالإمكان أقوم من فراشي للسير على قدمي لو قليلا" ، فسألني هل تستطيع بدون تعب ، قلت أحاول قال هيا . قلت متى ، قال الآن و هو يبتسم ، و فعلا" نهضت و استطعت بتوفيق من الله السير عدة خطوات و اثناء السير حاولت أخفض رأسي على طريقة الركوع لربما استطيع الصلاة لكن وجدت صعوبة ، لكن على الاقل حصل تقدم مفرح من فضل الله ..

بعد ذلك تم توجيهي بالتوجه يوميا" للعلاج الطبيعي لمدة ساعة يوميا" في مركز متخصص بنفس مبنى المستشفى . و يبدو ان الأمور أفضل بكثير من الاول بفضل الله ..

كانت الممرضة التي تشرف علي ليست بذاك الجمال لكنها لطيفة جدا" ، و لطفها بالنسبة لحالتي يغطي على جانب الجمال ، أي لكل عبارة محلها من الإعراب !

. . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
الأسبوعين أستمرت عدة أشهر
الأمر من سيئ إلى أسوء
الحالة الصحية تتدهور يوما" بعد يوم
شعرت بأن الوضع يتجه بسرعة نحو المغادرة النهائية لهذه الفانية ، لم أعد احتمل آلام المرض ، مسكنات ، مهدئات ، و النتيجة يذهب كل شئ و يبقى الألم !

رجوت الأطباء للسماح لي بقضاء ماتبقى من انفاس في بلدي ، على الأقل اتنفس النفس الأخير و أنا بين احبتي و أهلي أدفن في ثرى بلدي ، لكن كان الرد الدائم بإستحالة ذلك ، فالحالة لاتسمح ، و ظروف كوفيد 19 تسيطر على القرارات المتقلبة يوميا" ، اليوم مسموح السفر مع مسحة PCR و غدا" قرار جديد مناقض تماما" !

التطورات الصحية تفرض تغيرا" دائما" في القرارات حتى اصبح المتغير هو الثابت !

أكتب هذه الكلمات و لا اعلم هل سأستكملها أم سأقع كالعادة في اخطاء إملائية أم سبأتي الأجل أثناء هذه الكتابة ؟

حالتي قصة حزينة ، لها أول لا لها آخر ، لم تكتب نهايتها بعد ، و لا اعلم مالذي سيحدث في مقبل الايام ؟

في الايام الماضية حصل تحسن مهم في حالتي ، و استطعت لأول مرة ممارسة المشي ، و بناء عليه تم تغيير بعض بنود البرنامج العلاجي نتيجة التحسن الواضح ، صحيح مازال الوضع سيئ ، لكن أستطيع القول أنني تخطيت الأسوء من فضل العلي القدير ..

الأكيد انني هذه الايام أمر بظروف صحية افضل من السابق ، سيئة نوعا" ما ، لكنها أفضل . و هو فضل الله الذي لايحمد على مكروه سواه ..

و الأكيد أيضا" أنني للتو أنتهيت من المشي في الحديقة الخارجية للمسنشفى لمدة نصف ساعة بدون لا أشعر بألم او تعب . و هذا تطور ممتاز ..

لكني مازلت اعاني .. لأن كثر تناول الادوية له مرد سيئ على الجسد . و لكن الآن تم التخفيف من الادوية التي بالإمكان التوقف عنها ..

الأطباء مميزين و يبذلون معي و مع غيري جهودا" ملموسة ، لكن أمر الله فوق أي أمر ...
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
في أحوال المرض و معايشة الآلام .. تتملك الإنسان أنسام متعددة من الحزن و السأم و اليأس و الإضطراب النفسي .. هذا ماحدث لي أثناء هذه الرحلة الأليمة مع المرض . و الحزن .. و الألم !

من يقرأ هذه الآلام قد لايتوقع إن كاتبها يفرأ كتب الفلسفة و بأن جان جاك روسو و كانت و فولتير و هيجل كانوا من ضمن أمتعة الرحلة ، و قد يستغرب القارئ بأن ذات الذي يقرأ لما سلف يقرأ بالوقت نفسه لأبن خلدون و حتى أبن القيم و تلميذه أبن الجوزي .. هي ثقافات و بالأحرى رحلات مع المعرفة بصحبة الألم ..

بالطبع القراءة ألكترونيا" و بشكل متقطع ، بين الفينة و الأخرى ، بحسب دواعي الصحة ، فالقراءة منفعة و متعة ، و قيل : خير جليس في الزمان كتاب ..

أحوال الصحة مازالت ليست على مايرام ، و السوء يزداد و ينقص و كأنه مؤشرا" لبورصة الأسهم ، تعودت على السوء ، أصبح الخبر الشبه ثابت هو السوء ، و أحيانا" تواجهني كلمة " الأسوء " و تضع رحالها عندي لبضعا" من الوقت ..

الممرضة التي تباشرني دائما" تتغير بحسب طبيعة الجناح أو القسم الطبي ، لم يطل وجود أي ممرضة أكثر من شهرين ، أعتقد ان الامر روتينيا" جدا" ، و ليس لدواع أخرى ..

الممرضة الحالية نمساوية يرجع أصلها لأقليم تيرول و هو أقليم يغلب عليه الطابع الريفي ، و تعاملها معي مريح جدا" قالت لي بأنها عملت بأكثر من مكان ( لغتها الانجليزية ليست جيدة نوعا" ما ) و دائما" تتحدث معي بإبتسامة و نتناول أحاديثا" متفرقة ، لعل أكثرها طرافة عن إعجابنا المشترك بالبيتزا .. و البيتزا سبايسي على وجه التحديد !

..
 

Way one

عضو مخضرم
يقول البدو في أحد امثالهم : راع العلة أعلم من الطبيب ، هذا مادار في بالي أثناء حديث الطبيب بأن حالتي تتحسن بشكل طفيف . أي طفيف و أي خفيف يادكتور ؟
الحالة صعبة .. أشعر بأن روحي ستغادر بأي لحظة ، لا اعلم هل المشكلة بي أم في المرض المزمن أو من تتابعات كوفيد 19 ؟

حقن تغرز في الجسد المنهك بإستمرار ، أدوية تتغير بين حين و آخر بحسب إجتهادات الأطباء ، ممرضين يواصلون الليل بالنهار ، أجهزة طبية لاتهدأ ، و بجسدي مايزال ضجيج الألم لم يهدأ ، و أشعر بأن آلام الدنيا عقدت مؤتمرا" للقمة على مقاعد جسدي المريض !

صباح اليوم زارني طبيب جديد لأول وهله توقعت أنه مخطئ بالعنوان لربما كان يقصد مريضا" آخر ، لكنه عندما خاطبني بأسمي عرفت بأنه لم يخطئ عنوانا" ..

جلس معي و أخذ يتحدث معي بإبتسامة مريحة لم تفارقه ، كان يتحدث عن حالتي ( من خلال الحديث معه فهمت إنه عالم بكل تفاصيل حالتي المرضية ) كان يبعث بي حالة التفهم الإيجابي للوضع و بأنني لست صغيرا" حتى يمرر علي مايشاء لكنه يفترض بي الحكمة و التعقل لفهم و معرفة الحالة بالضبط ، بين لي و بصراحة بأن حالتي صعبة و بأن الشفاء ليس مضمونا" إنما التحسن ممكن جدا" ، و الإنتقال لحال متغير بتحسن طفيف متوقع جدا"

شكرته و كنت بالكاد أستطيع الكلام ، كان لطيف جدا" لكن كنت في حالة إستغراب من التغير المفاجئ في الإشراف الطبي ، سألته عن الطبيب المباشر فقال لقد خرج في إجازة طارئة و قبل خروجه إجتمع معي و أعطاني نبذة متكاملة عن حالتك و كذلك سلمني ملفك الطبي . و لاتخش شيئا" فالنظام المتبع مع حالتك سيستمر وفق البروتوكول الموضوع . إلى أن ينتهي وقته المرصود . حيث لم يتبقى سوى أيام قليلة و سيتم إعداد بروتوكول جديد بعد إجراء فحوصات جديدة و عمل تحاليل لمعرفة إلى أين وصلت حالتك الطبية و هل حصل تطور إيجابي ام الامور ماتزال صعبة ..

نظرا" لصعوبة التحدث بسبب التعب الشديد ، طلبت ورقة و كتبت للطبيب ( كنت قادر بسهولة من فضل الله على الكتابة ) و بينت للطبيب بأني اعلم تماما" بأنني في صفحة أخيرة من الحياة ، و لست جزعا" بل متفهما" إجراءات العلاج و أعلم ان الوضع ربما خرج عن السيطرة ..

قرأ الطبيب الورقة و أبتسم إبتسامه مع ضحكة خفيفة و قال إنك متشائم جدا" و هذا لايصح .. لقد مر علينا حالات أصعب من حالتك و خرجوا بسلامه من المستشفى و هم الآن ليسوا بحاجة حتى دواء عادي .. و كان يزجرني و إنما بأدب جم . إذ بين لي بأن الحالة صعبة لكنها ليست مستحيله . بل و أبلغني بأن التقدم الطفيف يعقبه في الغالب تقدم اسرع مع مرور الوقت . ثم ضحك امام عبارة : صفحة أخيرة من الحياة ..
و أشار إلى نفسه : حتى انا ممكن اكون في السطر الاخير و ليس فقط الصفحة الأخيرة من الحياة . قد اتعرض لخادث مروري و اموت . قالها و هو مبتسما" ..

الأكيد .. ان هذا الطبيب يصلح طبيب نفسي اكثر منه طبيب حالات حرجة .. و بالفعل أضفى إلي حالة من التفاؤل و الإرتياح ..
بعدما خرج ..تناولت الدواء المقرر ، و ارتحت قليلا" ، وطلبت الآي باد .. و قراءة لكتاب عن المعلقات .. و وقعت عيني على معلقة الأعشى :

ودِّع هريرةَ إنَّ الركبَ مرتحلُ
وهل تطيقُ وداعاً أيُّها الرجلُ . .

غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجيُ . .

كأنَّ مشيتها من بيتِ جارتها
مرُّ السحابةِ لاريثٌ ولا عجلٌ . .

ليست كمن يكرهُ الجيرانُ طلعتها
ولا تراها لسرِّ الجارِ تختتلُ . .

تكادُ تصرعها لولا تشدُّدها
إذا تقومُ إلى جاراتها الكسلُ . .

إذا تقومُ يضوعُ المسكُ أصورةً
والزنبقُ الوردُ من أردانها شملُ . .

ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ معشبةٌ
خضراءُ جادَ عليها مسيلٌ هطلُ . .

إلى آخر المعلقة . . . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
أحيانا" عندما أكتب عن ما اتعرض له من معاناة و صعوبة أشعر و كأني أكرر ذات العبارات ، و الواقع أنه شئ بديهي هذا التكرار فالأيام متشابهه ، و الاوقات مترادفة ، و اللحظات لافرق بينها و بين لحظات أخرى ، واقع ثابت لاتتبدل به سوى بعض التفاصيل الصغيرة جدا" ، إنما الخطوط العريضة للمعاناة هي هي ..لا تغيير !

حتى أدخل بصميم العبارة و شمول الجملة إن كانت أسمية أم فعلية ، و الواقع أن جميع الجمل الناطقة عن الاحوال هي أسمية تلبس ثوب الفعلية ، قد يغضب العم سيبيويه من حضرتنا ، لكنها حقيقة الأشياء الجامدة التي تلبس الفعل لكنها صامتة ، يائسة ، لا محرك لها و لا تدوير ، مأساة مريض أضحت تبعات القدر عنده متساويه !

أتمعن بالانبوب البلاستيكي الرفيع الذي ينقل السوائل لجسدي المنهك ، تمعن اليائس إلا من قدرة الله ، أستحث نفسي للدعاء للبقاء في هذه الدار ، و هي الدار التي أحد أسماؤها : الفانية ، و أتذكر قوله تعالى : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُو لا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( الشورى 51 )

على غير العادة مضت اكثر من ساعتان لم تاتي الممرضة ، صحيح لم اقرع جرس المناداة ، إنما المعتاد وجودها بين الفينة و الاخرى ، لعلها فرصة لأختلي لنفسي و اكتب هذه السطور ..

من الامور المضحكة المبكية عندما أقرا عن اخبار الساحة المحلية من مناوشات بين المجلس و الحكومة ( كالمعتاد ! ) و اقهقه بصوت غير مسموع و اتذكر سعد زغلول : غطيني ياصفيه !

قرأت جزء من رواية خليجية هي بالاساس تتحدث عن موضوع تاريخي حار المؤرخين في تأريخه ، رواية ( حتى الآن ) رائعة تبحر في عمق التاريخ ، تعود بي لسنين غابرة ، و أيام لن تعود !

. . . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
عند المريض و من يعاني يمر الوقت بطيئا" ، يكاد لايتحرك ، أحيانا" أشعر ان عقارب الساعة توقفت ، لا تمارس عادتها المعتادة بالدوران بين الساعات و الدقائق و الثواني ، و بصراحة تعودت و هل هناك هناك حيلة إلا التعود و التأقلم ؟

طبيب يأتي و يغادر آخر ، و ممرض يأتي و يغادر آخر ، و احيان تأتي و أحايين تمضي ، لايسليني سوى العودة للذكريات أراجع شريط الذاكرة ، و اقلب صفحاته ، و أمارس المسح و أتصور ان معي هاي لايت لإبراز بعض العبارات في الذاكرة ، يالله . . لقد أصبحت الذاكرة و ماتكنه من ذكريات هي المسلي بل رأس المال الحقيقي الآن . . !

قارئي العزيز لاتسأل عن الذكريات ففيها ماهو صالح للنشر ماهو غير صالح حتى للهمس !

في بعض الذكريات أتذكر أمور فيها نور ، و أستغرب من امور فيها من الشيخه مافيها ، و انبهر كيف كانت بعض الأمور ساره ، و احلام مضت و لم يبقى لها ذكرى و علم و خبر !

في صباح اليوم حدث أمر غير مألوف ( على الاقل لي ) إذ سمعت صوت فيه لهجه خليجية غير غريبة علي ، سألت الممرضة فقالت هو أحد النزلاء الجدد من بلد قريبة من بلدك ، سألت عن المريض فعلمت إنه يعاني من مرض مزمن لكن السؤال : كيف علم بالمستشفى هذا ، كيف وصل إليه ؟
العادة مرضى الخليج في العلاج يتوجهون إلى أماكن كثيرة نادرا" مانسمع ان منهم من عالج بالنمسا !

سألت الممرضة إن كان بالإمكان و تسمح حالة المريض بأن امر عليه و ألقي السلام .. قالت مسموح إنما يجب الإستئذان من طبيبك و طبيبه من المريض شخصيا" قبل السلام ، إبتسمت و قلت يالها من إجراءات !

يبدو أن البروتوكول الدبلوماسي حاضرا" بالمستشفى !

..
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
في صباح اليوم التالي كنت على السرير و للتو جئت من مركز التمارين البدنية بالمستشفى ( ذلك لتحريك الدم في الجسم من خلال تمرينات يشرف عليها الأطباء المختصين ) جاءت الممرضة وابلغتني بقبول الزيارة للمريض الخليجي و بأنه يرحب جدا" بك خصوصا" عندما علم إنك من الكويت ..

ذهبت له سيرا" على الأقدام لأنه بنفس الجناح و لايحتاج كرسي متحرك او غير ذلك ، وجدته بإنتظاري و متوقعا" حضوري و مجهزا" القهوة و الشاي و القدوع ( التمر ) و كان في صحة لابأس بها كما يبدو و معه اثنين مرافقين ، و رحب بي ترحيبا" شديدا" و بحفاوة بالغة أخجلتني بصراحة ، و بين لي بأنه من علم بأن هناك هناك مريض كويتي بل و يطلب مقابلتي حزنت لأنه مريض و سعدت جدا" برغبته بمقابلتي ، تقهويت معاه و كان لطيفا"إلى آخر الحدود معي ، و سألني بإستغراب كيف وصلت إلى هنا فهذا المكان لايأتيه أي شخص ( يقصد بأن الخليجيين نادرا" مايأتون النمسا للعلاج فوجهاتهم معروفة ) و دارت بيننا احاديث ودية و غمرني بلطفه و حفاوته ، و علمت بأنه شخصية ذات مكانة راقية ، و بصراحة هو راقي لأبعد الحدود ، مما عجبني فيه عدم وجود الأنا في حديثه ، و كان متواضعا" لأبعد حد و بسيطا" بدرجة غير متوقعة ، لم يكن متصنعا" بل سجيته كانت تتحدث قبل اي شئ و ارتحت في اللقاء الجميل ، و كانت فرصة لأجد شخصا" من الخليج اتحدث معه و أضحك بشكل مباشر ، فقد مللت اللقاءات المرئية عبر الفيديو بواسطة وسائل التواصل ، خرجت منه بعد ساعة و قليل ، و فاجئني و جعلني أبتسم جدا" بأنه عرض علي " شرهه " تقديرا" لي حسب قوله ، فأعتذرت منه بأدب و قلت له اعتبرها وصلت طال عمرك و لزم علي لكنه بإبتسامه جميلة قبل الأعتذار و قال اعتبرني واحد من اخوانك ..

مما علمت أيضا" إنه سيتوجه بعد فترة ليست طويلة إلى المانيا لإستكمال العلاج و بعدها سبذهب لقضاء فترة نقاهه في إحدى المدن الأوربية !

كان إنطباعي عنه إيجابيا" ، و ارتحت بصراحة بوجوده بنفس الجناح و اتفقت معه على الألتقاء يوميا" كلما سنحت الفرصة ، و كان أمرا" جديدا" علي إذ منذ بدأ العلاج منذ فترة طويلة أول مرة ألتقي بشخص خليجي و بنفس المستشفى بل و نفس الجناح !

و بالها من صدفة رائعة ، و إن كنت أتمنى لو تم اللقاء بوضع غير هذا الوضع ، و مكان غير هذا المكان ..



. . . .
 

Way one

عضو مخضرم
مرت عدة أيام على وجود المريض الخليجي ، و أستطيع القول بأنها أجمل أيام مرت علي منذ وصلت ، خففت كثيرا" من التعب النفسي فالمرض نفسي قبل ان يكون جسديا" ، و كان طيب المعشر و تبلدلت معه احاديث كثيرة ، و من ابرز ماعرفته عنه حبه للشعر ، و كانت أحاديث الشعر تملأ المكان ، مما علمت منه إنه أساسا" لم يكن لديه النيه للمجئ للمستشفى بل كان يعالج بمكان آخر ، لكن عندما علم أن احد الاطباء موجود في هذا المستشفى قرر المجئ له ، كان يتوقع ألا يجد عربي واحد ، فما بالك بخليجي ، كان وجودي مفاجأه له . لأنه لم يتوقع ابدا" وجود عرب في هذا المستشفى بهذه المنطقة البعيدة القريبة من جبال الألب !

سألتني الممرضة عن الخليجي حيث حسب كلامها لأول مرة تسمع هذه اللغة ( تقصد انها سمعتني مره اتحدث معه بلهجتنا الخليجية ) ثم ابتسمت و قالت هل تعلم انه عرض علي العمل في دولة خليجية قبل سنوات و رفضت !
قلت ( مبتسما" ) إذن فقد فاتتك فرصة السماع الدائم لهذه اللهجة !

كان المريض الخليجي يعاني من مرض مزمن يشبه إلى حد قريب ما اعاني منه ، و يبدو انه ارتاح بالمستشفى ربما لأن المستشفى في منطقة بعيدة و لا يأتيه إلا من يقصده ، و قال لي بأنه ارتاح هنا اكثر بكثير من صخب لندن و الإزعاج فيها ، و ارتاح كذلك لنوعية الاطباء و الممرضين الذين يختلفون عن النوعيات في عاصمة الضباب .. أظنه يقصد الخصوصية التي وجدها هنا ، لكنه لو أستمر أكثر لشعر بوحشة المكان و الملل و الإنعزالية التي اعانيها ..

يقولون جنة بلا ناس . . ماتنداس !

. . . . . .
 

Way one

عضو مخضرم
مرت أيام و المريض الخليجي يملأ علي الوقت ، رغم العلاجات و الملاحظات الشبه الدائمة ، إلا أني أجد فرصة للذهاب له و الجلوس معه ، أحيانا" تمنع اللقاءات ظروف العلاج ، و أحيانا" أخرى تكون ممرات الإلتقاء سالكة ..

سبحان الله .. أشعر أني تعودت على وجوده بالمستشفى ، غير الوضع ، كسر الروتين ، شخصيته كانت أبرز ما قربني له ، إنسان لطيف مؤدب ، ذو تجربة لايستهان بها في مجاله العملي ، و خلال جلساتي الطويلة معه علمت بأمور و أسرار عن أعمال كثيرة قام بها في مجال عمله ، و قبل يومين أتصل علي من هاتف الغرفة الداخلي و فجأة أبلغني أنه سيأتي إلي و " ماني مطول عندك " .. هذه كلمته التي قالها لي ، بعد دقائق اتى إلي و كان يلبس لباساا" يبين بأنه سيخرج من المستشفى ، ودعني بحراره و أبلغني بأنه مضطر لقطع العلاج لأسباب خاصة ..

تمنيت له الشفاء التام و التوفيق ، و ذهب في حاله وفقه الله ..

لما يكون الإنسان في بلاد غريبة ، سيما لو كان مريضا" و لا يوجد معه مرافق و لا أي إنسان من جلدته أو حتى من بلده و من يتحدث لغته تزداد الغربة ، و تتعاظم غربة الروح ، و تتفاقم ملامح اليأس ، و يزداد المرض مرضا" بسبب الأسباب سالفة الذكر ، لذلك كان وجود المريض الخليجي مفاجأة سارة بكل المقاييس ، خصوصا" و اللهجة واحدة و البيئة شبه متشابهه ، و أيضا" كان لشخصيته السهلة اللينة أثر كبير في توثيق العلاقة معه ، كان رجلا" كبيرا" بالعمر ، يكبرني بسنوات ، لكن كانت شخصيته المتواضعة البسيطة لها اثرها في التواصل الإنساني الراقي ..

عندما ذهب شعرت بغربتي تزداد ، و أحسست بأني فقدت شيئا" هاما" ، فعلا" الصاحب في السفر وطن ، فما بالك بالظروف الصعبة التي أمر بها ..

بعد أسبوع من ذهابة ، و كان التواصل منقطعا" لعدة أسباب أخبرني ببعضها قبل سفره ، و قدرت ذلك ، لكن اتى إلي أحد موظفي المستشفى الإداريين و معه مفاجأة لم اكن اتوقعها ، هدية وصلت من الخليج عبارة عن قهوة عربية و هيل و تمر خلاص و تمر سكري ، و شاي ، و دهن عود ، و علمت أنها هدية من المريض الخليجي . أنعم الله عليه و اكرمه الله ، و الطيب من اهله لايستغرب ..

المفارقه انه ممنوع علي إستنشاق البخور !
لذلك أحتفظت بعلبة البخور ريثما ( إن قدر الله ) إن عدت للكويت سأستخدمها بإذن الله ..
لكن . . . هل ستتحسن الحال .. و اعود للؤلؤة الخليج ؟
الله يكتب اللي فيه خير ..

. . . .
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
أيام مضت . و آمال و أحلام .. و توقعات أحيانا" متفائلة و أحيايين متشائمة ، بكل صراحة أشعر بيأس.. بضيق . اتساءل لماذا كل هذه العلاجات و الادوية ، و من سرير إلى سرير و من طبيب إلى طبيب و هلم جرا ...

تعبت كثيرا" و مازلت أعاني التعب ، في لحظات أغفو و أشعر بأنها آخر إغفاءه و بعدها . اللهم ثبتني عند السؤال .. و أحيانا" تزورني لفحه من هواء التفاؤل !

اليوم الساعة تقريبا" الثامنة صباحا" كنت مستلقيا" على سرير متنقل يذهب بي إلى جناح آخر لعمل إجراءات الأشعة المقطعية ، و بعدها بوقت قصير يتم عرضي على طبيب إستشاري .. لم اتناول شيئا" هذا الصباح . بعد عمل الأشعة و عندما قابلت الطبيب الإستشاري تفاجأت به يبدو من وجهه ليس اوربيا" ليس من أهل البلد ( في العادة يكون الأطباء أما من النمسا او ألمانيا ) توقعته لاتينيا" ، و بالفعل صدق توقعي ، تبين انه من الأورغواي في امريكا الجنوبية ، كان دائم الإبتسامة و اللطف ، تحدث معي بإحترام شديد ، و عندما سألته من أي بلد ، أبتسم و قال ان السحنة متشابهه بيننا ، فعلا" كلامة قريب من الصحة ، فكثير من أهل قارة امريكا الجنوبية او مايطلق عليهم اللاتينين سحنتهم اقرب للعرب ، تحدث معي بخصوص حالتي و أكد انه لا داعي لعمل جراحة لأنها لن تنفع بمثل حالتي ، لكن العلاج المكثف و مع أخذ فحوصات دقيقة بأوقات متفرقة محددة مسبقا" قد تساعد بإنقاذ مايمكن إنقاذه ، و بين لي و بصراحة أن حالتي تقترب من التدهور ، و صعب جدا" العلاج ، فالداء قد تمكن كثيرا" ، لكن علينا عدم اليأس ، و محاولة المقاومة بقدر مانستطيع .

شكرته على الصراحة و بينت أني استوعب تماما" أنه من الصعب جدا" التعافي و بأنني بأي وقت قد أفارق الفانية ، و بأنني لست جزوعا" او مفجوعا" على العكس متأقلم و فاهم و أستوعب الوضع لكن مادام هكذا الوضع لماذا لاتسمح لي بالمغادرة و إستكمال العلاج ( الإنقاذي ) في بلدي لعلي إن أغمضت عيني للأبد أكون بين أهلي و أدفن في تراب بلدي !

أعترض بشدة على كلامي و أكد بأن صعوبة الحالة لاتعني اليأس ، بل هي حافزا" قويا" للتحدي و المقاومة ، و اعطاني عدة امثلة ، ثم ربت على كتفي وقال بتفاؤل واضح . تذكر كلامي في يوم قادم بأنني قلت إنك ستقوم بعد هذا المرض . و ستتعافى و ترجع تمارس حياتك بأحسن مما كنت عليه . و ضحك و قال قد اموت قبلك ..
قلت . آمين

فضحكنا كثيرا" . و شعرت براحة نفسية كبيرة بعد مقابلته . حتى انه اعطاني رقمة الخاص .. و طلب مني التواصل معه دائما" كصديق و ليس كمريض ..

....
 
  • إعجاب
التفاعلات: 2030A

Way one

عضو مخضرم
من الأمور الجيدة في حالتي أنه مسموح لي و لو بشكل معقول تناول العديد من المأكولات ( إن تيسرت طبعا" ) تحدثت مع المنرضة المسئولة و تمنيت عليها أن يسمح لي الطبيب بالخروج لقضاء وقت خارج المستشفى ، و بعد دقائق أخبرتني بأن الطبيب سيأتي بعد منتصف النهار و لك أن تطلب منه مباشرة .. ( واضح أنها تنقل كلام الطبيب لي ) اومأت بالموافقة ..

أتى الطبيب في الوقت الذي تم تحديده ، و أخذ الفحص الإعتيادي ، و ثم قال و هو يبتسم : أين سيذهب صديقي هذا المساء . إلى السينما ؟

أبتسمت و قلت له : لا .. إلى مطعم !

صمت و هو يبتسم .. ثم اردف : أكيد خاطرك تأكل همبرجر أو باستا .. قلت لا . أشتهي أكل عربي .. لبناني ( كنت اتحدث بإبتسامه )

قال : اوه .. لبناني ؟
قلت : نعم ..

قال : و هل هنا مطعم لبناني ؟

قلت : نعم .. على مسافة ليست بعيدة من المستشفى ..

قال .. لابأس بإمكانك الخروج غدا" بعد الفحص الصباحي على ان تعود بعد الظهر قليلا" !

قلت : دكتور هكذا غير مناسب ، اتمنى ان تسمح لي الخروج ظهرا" و اعود في اليوم التالي . سأقضي ليلتي و انام بفندق و غدا" قبل الظهر .. سأكون هنا بالمستشفى ..

فوجئت بجواب سريع لم اتوقعه : حسنا" . لك ماتريد بشرط تأخذ معك العلاج .. و تتواصل مع الجناح كل ساعتين عبر الإتصال المرئي إلى ان يأتي وقت النوم ، و بعد الإستيقاظ تستأنف التواصل .. حاوبته بإبتسامه تتجلى بها السعادة .. شكرا" دكتور . ممتن جدا" لك ..

..
 

2030A

عضو بلاتيني
للأمانة أنا لم أقرأ الموضوع منذ بدايته ..
بدأت متابعة فصول القصة بدءا من الصفحات الأخيره ..
طوال السنتين الأخيره تقريبا أو أكثر ..

لا أدري لماذا تذكرت رواية همنجواي ( الشيخ والبحر ) إحدى أشهر الروايات العالمية التي قرأتها في سن مبكرة جدا ..

وهي رواية تدور أحداثها في يوم واحد فقط ..

ولا أدري إن كان اخي الكاتب المبدع ( مع الله ) قد تعمد اتباع نفس الأسلوب بالتركيز على مكان واحد وشخص واحد تدور حولهما أحداث القصه ... أو هي من قبيل الصدفه ...

تحياتي لك .
 
أعلى