لا يخفى على احد ان بناء العلاقات المتوازنة بين أي دولتين يحتاج عمل طويل الامد
مع أي بلد تشكل قوة مهمة في المنطقة يعتبر موضوع معقد ويحتاج سنوات طويلة
ولـ نأخذ على سبيل المثال نموذج انتقال السلطة في دولة صغيرة ولا تشكل قوى عظمى في الاقليم
مثل دولة قطر لقد كان اعداد الجيل الحالي من القيادة القطرية منذ عام 2003 عندما تم تعيين
الشيخ تميم ولياً للعهد في قطر فـ قد تسلم الملفات الداخلية بشكل تام حتى اعلن امير قطر
الوالد في عام 2010 ان تميم هو المسؤول الرئيسي عن كل الملفات الداخلية في قطر و الموكل
له بـ تنفيذ رؤية قطر 2030 التي أقرها الامير الوالد عام 2009 قبل ذلك فضلت السلطة في
قطر تشكيل فريق خاص للامير الشاب قبل توليه السلطة فـ كان رئيس الوزراء الحالي الشيخ
عبدالله بن ناصر نائباً لرئيس مجلس الوزراء و الرئيس الفعلي في معظم اجتماعات المجلس نتيجة
انشغال رئيس الوزراء السابق معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر بالملفات الخارجية كما تم
اعداد الدكتور خالد العطية لمنصب وزير الخارجية قبل سنوات من تعيينه وزيراً للخارجية اذ
كان متواجداً مع الشيخ حمد بن جاسم بشكل مستمر كما تسلم حقيبة وزراة التعاون الدولي ثم
وزير الدولة للشؤون الخارجية قبل ان يعين وزيرا للخارجية في حكومة الامير تميم ومع هذا
انتقال السلطة المعد له منذ سنوات حدثت فجوى بسيطة حاول من خلالها بعض خصوم قطر
السياسيين استغلالها والتأثير على قطر والاضرار بمصالحها و وصمها بالارهاب الذي يتبناه (ابناء الشقيقة الكبرى)
ولولا الاعداد الجيد لهذه القيادة لما استطاعت ان تتعامل بهدوء وحكمة مع هذه الظروف العصيبة وهي تجد
السهام تلقى عليها من القريب قبل الغريب .
هذا النموذج البسيط لدولة صغيرة قد يبدو مستحيل التطبيق في قوى اقليمية كبرى مثل السعودية فـ العاهل التسعيني
اطال الله عمره يدير دفة بلده نجله و مدير مكتبه والذين يبدوان انهم في خلاف خفي مع وزير الخارجية وشقيقه تركي
و يدخل في الخط وزير الداخلية الذي طالما عهدت اليه بـ ملفات حساسة كما لا تبدو الافق صافية بعد الظهور المتفرق
للمبعوث الخاص و الملقب بالمفاوض الاميركي الشرس بندر بن سلطان
الا ان كل هذه الخلافات قد تصدم بـ فريق مختلف لدى ولي العهد الثمانيني اطال الله عمره و فريقه المشكل من ابنائه
اذا ما استطاع تولي السلطة في فترة قريبة بالرغم من كل محاولات نجل العاهل الحالي من التمكن من مفاصل الدولة
والتي تتعارض بشكل صريح مع قرنائه ممن يجدون نفسهم اكثر أحقية منه بـ فكرته الذهبية وهي فصل رئاسة
الوزراء عن منصب الملك والتي يطمح في تطبيقها في عهد الامير مقرن ولي ولي العهد الستيني الذي يعتقد نجل العاهل السعودي انه ضعيف الشخصية ولا يعلم أحد كيف له
ان يتجاوز مرحلة ولي العهد الحالي و فريق ابنائه و طموحات فريق الحرس القديم هذا اذا لم يصطدم بـ قوة مع الامير
مقرن لان المُـلك يغير الشخصية و يغير الطباع وقد يبدو الامير مقرن وهو ولي ولي العهد في صورة و يكون بصورة
مختلفة تماما عندما يتحول الى الملك ..
كل هذه الهموم وأكثر اذا ما لم نتناسى طموحات رجل الاعمال في الاسرة الحاكمة صاحب الشعبية الشبابية الطيبة
الوليد بن طلال و ان كان مستبعد بسبب نسب والدته اللبنانية الا انه مع وجود جيل سعودي مختلف و بحنكة
رجال الاعمال ربما يقلب الطاولة في أي لحظة ..
يتضح في الصورة ان العلاقات في الاسرة الحاكمة وان كانت تبدو متماسكة ظاهرياً الا انها في الخفاء شائكة
وشائكة جداً ..
ومن هنا انصح أي دولة تفكر في اقامة علاقات متينة مع المملكة العربية السعودية ان تتريث فـ لربما تنقلب الطاولة
لصالح فريق دون اَخر وحينها يحسبها الفريق الغالب عدو و خصم لدود ..
بالمقابل هناك دولة يديرها مجلس سياسات كامل مهما تختلف الوجوه نجاد او روحاني او غيره و هي ايران
بأمكان أي دولة ان تقيم علاقة قوية معها وتضمن استمرارية العلاقة على المدى الطويل لانها لا تتأثر بالوجوه
بل مُــحـكمة بـ مجلس سياسات يملك عملية تنسيقية خيالية ..
انا لا ادعو أي دولة ان تقيم علاقات باردة مع المملكة السعودية ولاكن انصح بأن تكون العلاقات متزنة
وبعيدة عن الحميمية فلا ندري مايخفيه القدر و السماء والايام قد تكون حبلى بالمفاجاَت و ان ينتصر
فريق على الاَخر وينتقم بشراسة من شظايا جغرافية صغيرة مجاورة يحسبها على الفريق المهزوم
ستكون كارثة كبيرة لـ ذلك على الدول الصغيرة في الخليج التريث والاتزان في نظرة علاقاتها مع الشقيقة
الكبرى السعودية وعدم التسرع او الوقوف مع فريق دون الاَخر فـ سيبقون في النهاية ابناء أسرة واحدة
والغريب هو من سيتضرر فـــ الافضل الابتعاد التام عن الملفات الشائكة داخل الاسرة الحاكمة الاكبر
في المنطقة و التركيز على علاقات مستقبلية مع دول اكثر ضماناً ..
في الختام كل ماطرحته هو رأي شخصي مع احترامي وتقديري واعتزازي بالجميع وارجو الابتعاد عن
الشخصانية والاقصاء ..