صالح الزهراني
عضو فعال
قالوا: تعرف على د. محمد العريفي من خلال هذا الإصدار/ قلتُ : لو قلتم: تعرف على سلوكيات العريفي "الداعية المعروف المشهور الغني عن التعريف الخ.." لكان أولى . مشكورين على هذا الجمع للمادة./ الناشر في تويتر معرف: وطن
والله ما أستحل نقل الصور ولا نشر الفاحش من القول وتعمد ذلك ولكن لا طريق غيره / وما أردنا إلا أن يعرف حال العريفي المغترين به من عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها / فسقطاته لو جمعت لجاءت في مجلد. أبو فريحان.
تأديبُ ذوي الفواحشِ بالأخذِ بـ"قَرْدَنهِ"؛
وسَوْطِه على البُسُطِ والمَفَارِشِ
الحَلْقَة الأولى:
تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالمنكر من القول؛ هو من الفواحش والقبائح.
قَالَ تَعَالَى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ..}. [سورة الأعراف: 33] .
قَالَ القرطبي: "وَالْفَوَاحِشُ: الْأَعْمَالُ الْمُفْرِطَةُ فِي الْقُبْحِ". "التفسير" (7/200).
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}. [سورة الأنعام: 151].
قال ابن جرير الطبري: "إنَّ دَلِيلَ الظَّاهِرِ مِنَ التَّنْزِيلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ظَاهِرِ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَبَاطِنِهَا، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَنَّهُ عُنِيَ بِهِ بَعْضٌ دُونَ جَمِيعٍ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ إِلَى بَاطِنٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا". "التفسير" (5/391-392).
قَالَ القرطبي: "فَقَوْلُهُ: {مَا ظَهَر}؛ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفَوَاحِشِ وَهِيَ الْمَعَاصِي". "التفسير" (7/133).
قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}. [الْإِسْرَاءِ:32].
قال ابن جرير الطبري: "وَإِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْقَبَائِحَ مِنَ الْأَشْيَاءِ". "التفسير" (5/475/14556).
قَالَ الْقَفَّالُ: إِذَا قِيلَ لِلْإِنْسَانِ: لَا تَقْرَبُوا هَذَا؛ فَهَذَا آكَدُ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَا تَفْعَلْهُ". "التفسير الكبير" (20/331).
قلتُ: قَوَلُه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}؛ أيْ: لاَ تَدْنُوا من الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه؛ من كلامٍ أوغزل، أو تقبيلٍ ونحوه – ولم يَقُلْ سبحانه وتعالى: "وَلَا تَزْنُوا"-.
والفاحشة معناها أوسع من الاقتصار على معنى الزنا؛ الضيِّق.
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن خَالِدِ بْنِ مَعْدان قَالَ: "مَنْ حَدَّثَ بِمَا أَبْصَرَتْ عَيناهُ وَسَمِعَتْ أُذُنَاهُ؛ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا". "الدر المنثور" (5/62).
قال ابن الأثير:
"(فَحُشَ)؛ الفَاحِش: ذُو الفُحْش فِي كَلَامِهِ وفِعَاله.
والمُتَفَحِّش: الَّذِي يَتكلَّف ذَلِكَ ويَتَعمدَّه.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْر: "الفُحْش والفَاحِشَة والفَوَاحِش" فِي الْحَدِيثِ: وَهُوَ كُلُّ مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.
وَكَثِيراً مَا تَرد الفَاحِشَة بِمَعْنَى الزِّنَا، وَكُلُّ خَصْلةٍ قَبِيحَةٍ؛ فَهِيَ فَاحِشَة، مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ". "النهاية" (3/415).
وقال الرازي في "مختار الصحاح" (ص 206):
"(ف ح ش): كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّهُ فَهُوَ (فَاحِشٌ)".
وقال ابن منظور:
" (فحش): الفُحْش: مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الفُحْش والفَحْشاءُ والفاحِشةُ: القبيحُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَجَمْعُهَا الفَواحِشُ. وأَفْحَشَ عَلَيْهِ فِي المَنْطِق؛ أَي: قَالَ الفُحْش.
وَرَجُلٌ فاحِشٌ: ذُو فُحْشٍ، وَفِي الْحَدِيثِ: (إِن اللَّه يُبْغِضُ الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ).
فالفاحِشُ: ذُو الْفُحْشِ والخَنا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ.
والمُتَفَحِّشُ: الَّذِي يتكلَّفُ ويتعمَّدُه". "لسان العرب" (6/325).
وأخر البخاري عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "القَائلُ الفَاحِشَةَ، والذِي يُشيعُ بِها فِي الإثمِ سَواءٌ". "الأدب المفرد" (324)، وحسنه الألباني.
قلتُ: إذا عُلِمَ وتقرَّر؛ أن معنى الفاحشة لا يقتصر على فِعْلِ الزِّنَا، بل الفَاحِشَةَ؛ كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّهُ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وأنّ القَائلُ والـمُشِيعُ بِها فِي الإثمِ سَواءٌ.
وأنَّ اللهَ حرّم مجرّد الاقتراب والدنُو من الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه، فكيف بدواعي اللُّواط الذي هو أشد تحريماً وجُرماً من الزنا؟!
وماذا يعني قول القائل من الرجال لنبي جنسه عندما يقترب منه: "ظنيتك بتلقط الشّفّة!". ومعنى تلقط هنا: تأخذ وتمص وتقبل.
وماذا يعني قول القائل الرجل لبني جنسه: "أنا فرحت يا رجّال – يعني على لقط الشفة المزعومة-؛ لأن صار لي أسبوع "أَقَرْدِن" ما فيه فائدة ..
خاصة وأنت أزينهم يا ..".
وماذا يعني قول القائل الرجل لبني جنسه الذي يقترب منه ولكنه لم يكن مزيوناً - بزعمه-: ".. أنت؛ لا".
تنبيه:
قول هذا القائل: "أَقَرْدِن": المقصود بها - في كلامه -؛ أيْ: يستميل أو يراود شخص؛ - سواء ذكراً كان أو أنثى - عن نفسه، وهي من مصطلحات أهل الشوارع، واللهجات السُّوقية. والعياذ بالله.
وأعتذر جداً على تفسير الكلمة، وعن نقل العبارات؛ ولكن المقام اضطرني على ذلك – ليعلم الناس سماجة هؤلاء -.
والله وتالله لو لا الحياء وخَدْشِه، ولو لا المصلحة؛ لفصَّلتُ معنى العبارات وأوضحتها أيّما إيضاح لمن جَهِل معنى تلك العبارات السوقية- بصرف النظر عن النية والقصد؛ فلسنا نتكلم عنها وفيها - والعياذ بالله- بسوءٍ-، ولكن اللَّبيبُ بالإشارة يفهمُ معناها.
قلتُ: لو حدَث ذلك التصرف وخرجت تلك الألفاظ من عوام الناس ؛ لانهالوا عليه بألفاظ السب والشتم والوصف المشين كــ: داشر، قبيح، فاسق، لُو.. الخ!
فكيف إذا خرجت هذه الكلمات والعبارات – الخادِشةُ للحياء والمروءة - من رجلٍ محسوب على الشريعة الإسلامية، بل وهو الرجل المشهور، بل ويلقب بـ"الداعية المعروف".
كيف إذا قالها في مجلسٍ عام دعوي - بزعمهم -؟!
كيف لو كانت الكلمة تُبَثُّ على قناةٍ فضائية - مسحوبة "إسلامية" -؟!
كيف وإنْ كان البَثُّ مباشراً؛ يشاهده ويسمعه مئات الآلاف من الناس: الرجال والنساء والعجائز، والصبيان والفتيات المراهقين؛ بل والأحداث والقاصرين؛ المسلم والكافر؟!
تنبيه هام:
معنى الكلمة التي أوردتها في عنوان المقال:"بقَرْدَنهِ" ؛ هي كلمة عربية لغوية صحيحة؛ وليست هي بمعنى كلمة القائل في المقال: "أقردن" أعلاه.
قال ابن منظور: "قَرْدَن: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ:
خُذْ بقَرْدَنهِ وكَرْدَنِه وكَرْدِه؛ أَي: بقَفاه". "لسان العرب" (13/342).