ويل للنساء من لعنة الموارد..عندما تتحول نعمة المال إلى نقمة!!(5)

ثمة مثل مصري يقول: "ضل راجل ولا ضل حيطة".. لكنني أقول أن هناك صنفين من الرجال، (ضل الحيطة) أفضل من ظليهما، بل أفضل منهما (بشحمهما ولحمهما)، لأن ضل الحيطة له فوائد، أما هذين الصنفين من الرجال فليس ثمة فائدة مرجوة منهما، وهما: الصنف الأول هو الرجل الذي يعوّل تعويلاً مطلقاً على مال المرأة الثرية التي يريد الإرتباط بها، دون أن يقدم هو ماله، ودون أن يسعى في طلب الرزق، لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على ذلك المال. والصنف الثاني هو الرجل الذي يمارس الإبتزاز العاطفي على المرأة باسم الحب والوعد بالزواج، فيسلب مالها، دون أن يفي بوعوده.

هناك قصتان تجسّدان بكل وضوح حال الصنفين من الرجال الذين ذكرناهما، يمكن أن نطلق على هاتين القصتين "المبكية المضحكة"، نسبة لما فيهما من ألم وجرح للمشاعر، ولما فيهما – في ذات الوقت – من فكاهة وطرفة وخفة دم.

كتب الصحفي أكرم القصاص بصحيفة اليوم السابع المصرية مقالاً قال فيه: خطب أبو القطوف إلى قوم وليّة (إمرأة) لهم، فأجابوه وقالوا: لها من الضياع والمال كذا وكذا، فما لك أنت؟ قال: إن كنتم صادقين فإن مالها يكفيني وإياها ما عشنا، فما سؤالكم عن مالي؟!

وعشق أبو القمقام بن بحر السقا إمرأة موسرة، كانت قد ارتاحت له، وبدأت تغدق عليه من الطعام والشراب، لعله يتزوجها، لكنه ظل يرسل لها يستهديها طعاماً، وكانت ترسل له ما يطلب، حتى فعل ذلك غير مرة، فلما أكثر عليها، بعثت إليه وقالت: رأيت العشق يكون في القلب ويفيض إلى الكبد، ثم يستبطن الأحشاء، وحبك لا أراه يتجاوز المعدة!!

هناك قصة رجل وامرأة متعلقة بهذا الشأن (وأعني لعنة الموارد التي تحل على النساء)، انتشرت وتداولها الناس في وسائط التواصل الإجتماعي المختلفة..هي قصة مربكة، محيرة، مثيرة للدهشة بكل المقاييس. تقول القصة: بعد قصة حب دامت لأكثر من أربع سنوات قرر العاشقان الاسكتلنديان الزواج. والجدير بالذكر أن العريس، واسمه ادالاردو، والبالغ من العمر 31 عاماً، والعروس إيلي، والبالغة من العمر97 عاماً سوف يقضيان شهر العسل في جزر هاواي، حيث تعارفا لأول مرة هناك، حينما كان العريس يعمل نادلاً في أحد المطاعم، وأعجبا ببعضهما وتمنّيا أن ينجبا أربعة اطفال. وقال العريس(وهنا بيت القصيد، والشاهد من هذه القصة) أنه لا يفكّر أبداً في ثروة زوجته البالغة 72 مليون دولار. وكما ذكرت فإن القصة مربكة ومثيرة ومدهشة.. وجانب الدهشة والغرابة فيها هو أن شاباً صغيراً يحب امرأة عجوزاً، وتبادله هي أيضاً المودة..ليس ذلك فحسب، بل ويريدان أن ينجبا أربعة أطفال!! فإذا التمسنا العذر ل(الحجّة) "إيلي" في موضوع الإنجاب في هذا العمر، إذ أن الإنسان في هذا العمر في كثير من الأحيان لا يدري عن تصرفاته وأقواله شيئاً، فكيف نلتمس العذر لشاب عاقل وبالغ سن الرشد، يمكن أن يصدق ويطلق مثل هذا التصريح وهذه الأماني؟؟!! فمن المعروف أن المرأة عندما تبلغ الخمسين من عمرها وتصل سن اليأس، يتوقف رحمها عن انتاج البويضات التي تساهم في خلق وإنجاب الأجنّة.

وبالرغم من شكوكنا في صحة تصريح الشاب ومصداقيته فيما يتعلق بعدم تفكيره في ثروة خطيبته الطائلة المهولة، وأن الدافع الوحيد للإرتباط هو دافع الحب..ليس إلا، وبالرغم من أن وراء أكمة هذه العلاقة ما وراءها، وبالرغم من أننا لا ندري من منهما الخاسر ومن منهما الرابح من هذا الإرتباط، ولا ندري من منهما سيصاب بلعنة الموارد، إلا أننا نعود ونقول أن الرواية قد تصح، وأن الشعور المتبادل قد يصدق وقد يكون حقيقياً.. فعالم الحب في تقديري لا يخلو من شيئين: الغرابة، والخسارة.. والدليل على الغرابة في الحب هو أن هندية قد أحبت ثعباناً قبل عدة سنوات وتزوجته، وكانت تقدم له اللبن. والدليل على الخسارة الفادحة في الحب هو أنك قد تجد رجلاً قد أحبّ امرأة، وخسر في سبيل ذلك الحب ماله وأهله ليتزوجها، ثم في نهاية المطاف قد يخسر تلك المرأة، فيخسر كل شيء في سبيل وبإسم الحب..والدليل على الخسارة في الحب هو أن رجلاً ثرياً، قبل عدة سنوات، أحبّ امرأة جميلة، وخسر في سبيل ذلك الحب أموالاً طائلة، ثم خسر في النهاية تلك المرأة.

لكننا إذا استشهدنا بفتوى الإمام الشافعي في مسألة وقصة مماثلة لقصة الشاب وخطيبته العجوز، وجعلناها مقياساً، نجد أن الشاب هو الخاسر الوحيد في هذه العلاقة، وأن نظرية "لعنة الموارد" الإجتماعية قد تنقلب رأساً على عقب، فتصيب الرجل بدلاً من المرأة. فقد جاء رجل إلى الإمام الشافعي رحمه الله وقال له: ماذا تقول هداك الله في رجلٍ.. أضحى يحب عجوزاً بنت تسعين؟

فرد عليه الإمام الشافعي وقال:

نبكي عليه وقد حقّ البكاء له.. حبّ العجوز بترك الخُرّدِ العِينِ.

الكاتب الصحفي / أنور عبد المتعال سر الختم.
 
أعلى