فراش / قصة قصيرة

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني


ترددت لحظة وهي تخطو عتبة بوابة الصراع الاخير مع الحياة وتساءلت وهي ترنو بعينين نصف مغمضتين عن جدوى كل تلك السنوات التي مرت ما حققته وما ضيعته فيها من احلام وممتلكات راح حنينها نحو الامس يململ حركاتها المضطربة فوق فراش خاضع مستسلم لكل هناتها المتعبة.
فيما مضى من زمن كان كل شيء يسير وفق ما تحدده ظروف ومتاهات القدر لم تكن تعير التفاتاً لأي شيء، بل حتى لقاءاتها مع ذلك الرجل الذي ملك وجدانها لم تكن مخطط، لها كل شيء كان عامراً بالصدفة والصدفة وحدها أوصلتها نحو هذا الطريق المعبدة بالاغلال والكوابيس.. قد تضطر احياناً لدفع ضرائب لا شأن لها بها وقد تضطر احياناً أخرى لان تلمح بوجوب اتخاذ قرار ما صائباً كان أم لا فقط لتعبر عن وجودها وبالصدفة فقط كانت تنجح..! لم يكن لديها أية خطوط رئيسية للبقاء عوامل تختلف عما هي مهيئة لها..
في تلك اللحظة قبل أن تغمض عينها للمرة الأخيرة تذكرت لعبة كانت تمارسها لعبة الاختباء والهروب من مواجهة قد تثقل كاهلها المحمل بشتى ايات الالم والهواجس والخبايا.. وفكرت ماذا لو عاودت الكرة لتهرب مما يلاحقها من شجن قد يبدو شفيفاً لكنه مضبب كثير الاتربة والغبار غير ان هناك شيئاً ما كان يمنع حركتها يشدها نحو ذلك السرير المتهالك القوى يستنفذ كل طاقاتها الصدئة وهي تحاول بشتى السبل أن تستنهض الهمة برجاء وتوسل لعلها تستعيد تلك القوة المفقودة..
شيء ما يحثها على الاقتراب والمواجهة وآخر يستفزها للهروب للفرار وبين هذا وذاك تهالكت قواها واخترقت ظلمات الأرض عبر المسافات بعيداً لا تلوي على شيء وحينها فقط اكملت اغماضتها الاخيرة..
بعد عدد من السنوات تغيرت فيها الدنيا ودارت دورات أخرى ودول جديدة كان الفراش المتهالك قد وجد نفسه مجبراً للركون في احدى زوايا أرض مهملة تكسوه علامات القدم والضياع والحنين إلى امرأة ذات يوم كانت كل ما يملكه منذ اوجدته الايادي الصانعة وتفننت في تهيئته كي يكون صالحاً لها فقط وبعد زوالها زال ذلك البريق الذي وشم به لتهلكه طرقات المنفى ويستقر اخيراً في احدى الاركان المهملة بانتظار النهاية التي قد تأتي ولا تأتي منذ زمن..


سلام
 
أعلى