**القطط تحب الجبن والكلاب تحب أكل الشوكلاته(من مجموعتى القصصية بحر الأحزان الكويت81) القسم الثالث: القصة الثانية: القطة نونى

** القسم الثالث: القصة الثانية: القطة نونى

**القطط تحب الجبن والكلاب تحب أكل الشوكلاته(من مجموعتى القصصية بحر الأحزان الكويت81)

القسم الثالث: القصة الثانية: القطة نونى

*قصة بقلم ناجى عبدالسلام السنباطى

كتبت فى فبراير 81

*نشرت تقريبا فى أغسطس81 بالكويت ضمن مجموعتى القصصية

(بحر الأحزان)

القسم الثالث: القصة الثانية: القطة نونى

*******************************

**صديقى الثانى:القطة نونى

***********************

*صديقى الثانى...أنثى وإسمحوا لى ان أقول صديقى..فالصداقة معنى يأخذ من معانى الذكورة بمعنى الرجولة.. ماينطبق على الذكر وعلى الأنثى... فيقال هذه إمرأة بمائة رجل..ويقال تحقيرا لرجل عكس ذلك...ولكن سميها كما تشاء...قطتى وأى قطة....بيضاءذات أظافر طويلة...وعيون زرقاء.....تبارك الله فيما وضعه فى هذه العيون....ولها شوارب لم أجد أحلى ولاأبدع منها....بياضها يتخلله بعض النقط السوداء...تعرفت عليها أمام باب حجرتى...جاءت....تموء....مواءا جميلا...وكما قلت أننى أحب الحيوانات...حبا عظيما....كنت مازلت على العهد لذكرى صديقى القديم وغيره من الأصدقاء....حتى رأيت هذه الصديقة وإسمحوا لى بالعودة إلى تاء التأنيث...فماذكرناه سلفا يتعلق بالمواقف وماسوف أذكره حالا يذكرنا بأنوثتها...رأيت هذه الصديقة ...فأعجبت بها ومع الأيام أحببتها...ثم أضفتهاإلى قائمة أصدقائى.

*مرت الأيام وهى تعترضنى أمام باب الغرفة...حتى ضقت من إلحاحها على الصداقة....دق قلبى لها وفتحت لها الباب...فوثبت وثبة رشيقة....على سرير بالحجرة ليس عليه شاغل.... ولكن أى سرير...إختارت سريرا مهذبا جميلا نظيفا...وتركت كل (السرائر)...أقصد الأسرة..فقد يعن لى التلاعب بالألفاظ!!! أثناء الكتابة...إختارت هذا السرير الذى يعكس شخصية صاحبه... وتركت الأسرة بمافيهم سريرى الذى يعكس فوضوية غير مقصودة...فلايمتاز بالترتيب...وهى طبيعتى...ولاأدرى نصنفها كميزة أم كعيب....فكثير من الأمور نسبية ووجهات نظر..وثبت نونى أو رشيقة وهو إسم الشهرة....وثبة ليست عنترية كوثبة (بوبى)...ولكنها وثبة رومانتيكية كما يقولون...طبيعة الأنثى!!!.... ومكثت نونى لاتريد أن تبرح المكان... وأنا أحايلها وأجادلها ...فلا أجد منها فتيلا ولم أجد منها قبولا ..سوى (النونوة)...تلك الموسيقى القططية المتعارف عليها...والتى تختلف فى درجة الصوت وخشونته أو وحدته وفى نعومته أو فى خشونته ....حسب حاجتها للتعبير...فمناداتها على أولادها يختلف عن طلبها للطعام يختلف عن صوت دلالها على حبيب..ويختلف التعبير فى نوبة غضبها عن نوبة رضاها....

**قلت لها ياصديقتى...نحن لسنا فى مكان منعزل.....الجيران والأباعد والأقارب والغرباء....وباقى الحيوانات ...ينظرون إلينا وينتقدون ويقلبون كل شىء حسب هواهم وحسب تفكيرهم وحسب إندفاعهم فمصانع النميمة لاتتوقف أبد أ...إلا إذا أضرب عمالها وصاموا عن الكلام.....ولكن قطتى ليست معى فهما ..فلا تعرف مايدبر لها بليل....هى تريد أن تجلس فى حجرتى وتظل بها وتختار السرير الغالى والخالى.... هى ليست معى معنى وواقع فلا ردود لديها سوى(النونوة) بدرجاتها المختلفة...وأحيانا أحاورها فتلين لى قليلا وتنغم من صوت النونوة!!..فأقول لها ياقطتى العزيزة حان وقت المغادرة ولا حياة لمن تنادى...وتمر الأيام والليالى والأشهر والسنين...حياة تمر بحلوها وبمرها لاتقاس بمقياس ولا يمكن حسابها وكأن الخير قل فى الوقت وفى جمعه وفى تراكمه أو مانطلق عليه الزمن..فاليوم لم يعد كيوم من أيام زمان...نستيقظ ونسير فى درب الحياة فلا ندرى إلا والظلام قد زحف فأكل النهار وماهى سويعات تحسبها دقائق حتى نرى ضوء الفجر ينبلج من جديد.

*فجأة ...وجدت قطتى ودون سابق إنذار أو إعطاء تنبيهات...إنتقلت إلى مرحلة جديدة لم تمهد لها...حيث قفزت إلى داخل دولابى الخاص بملابسى...ومر على خاطر .... هل إختيارها عشوائى أم متعمد؟! ولما تفحصت الأمر ...تبين إنها إختارت الدولاب المفتوح على مصراعيه...مثل قلبى المفتوح على مصراعيه...إختارت من دولابى (رف)الذى يحوى جزءا من كتبى قيد القراءة...إختارت جانب المكتبة وجلست فيبدو أن لديها خلفية ثقافية!!!!

*وحاولت إزاحتها دون جدوى وبكل الطرق...فلما إستعنت بآخرين...قالوا القطة حامل ياأستاذ....!!وفى فترة المخاض فهى تنتظر أن تلد ولن تستطيع أن نحركها من مكانها.

*لم أكن أعرف فى هذه الأمور....وكنت أغفل عنها يوما وأتابعها يوما حتى وجدتها قد وضعت حملها ..سبع قطط صغيرة جميلة مختلفة الألوان.....وهى تحتضنهم وتنظفهم بلسانها وهم بعد مغلقوا الأعين

**فرح الجيران بها وبأولادها فالمنظر جميل ولكن مع مرور الأيام تحول الفرح إلى غضب..وتحول الغضب إلى ضيق منها ومن أولادها....بينما مازلت على العهد ومازلت على الود معها ولها وبها....بكل كيانى وبجوانح عاطفتى...كنت الداعم لها ولأولادها....فكما قلت إنه الحب الذى يكمن فى داخلى للحيوان...كنت الممول والمغذى لها ولأولادها....من منتجات تحبها كالجبن واللبن...وغيرها من المشهيات ومن المتبلات ومن المقبلات....وعلى الرغم من عرفانها القليل بالجميل...إلا أنها سرعان ماأنكرت كل دعمى لها....وقامت بمجموعة من الإجراءات...ضدى... رغم أننى المدافع الوحيد عنها...وأما بقية المدافعين مقابل هدف شخصى....تقربت منهم .... فهى تلاعبهم وتدغدغ مشاعرهم لوقت.. ولكن سرعان ماينقلبون عليها وعلى أولادها... وهكذا بعض القطط لاتعرف عدوها من صديقها مثلها مثل الإنسان تماما!!.. ومن طبيعتى الوفاء ومن طبعها ومن طبعهم النكران!!..

*لقد كونت القطة أعداء لها... وتكونت مجموعة من الإخوة الأعداء لها... قلوبهم شقت من صخر صوان...قلوب لاتعرف الرحمة..لايخفون مايبطنون..فيعلنون مافى أعماقهم من حقد على القطة... وإن كان خلافهم مع القطة هو الأساسى فخلافى معهم لدعمى للقطة وخلافهم معى لدفاعى عن القطة....وأصبحت أنا والقطة فى خانة الأعداء بينما القطة تكاد تنكرنى وأنا المدافع الوحيد عنها حينئذ...والأعداء بها متربصون!!!...

**ماعلينا فهذا طبعى ..الوفاء ..وهذا طبع الآخرين النكران والجحود.. وطبع القطة الغدر بمن يرعاها ويدافع عنها.

*كان الحقد قد تمكن منهم تماما بعد عمليات تمهيدية من التبرم ومن السب ومن اللعان و من المناوشة...وكل هذا يبدوا أنه تمهيد لعملية عسكرية ضد القطة....!!!. وضدى والقطة لاتدرى ولكننى أدرى ...ولأننى أحب الحيوان....سايرتهم وصبرتهم بحثا عن وقت حتى تسترد القطة عافيتها بعد عملية الولادة .

************

**إستردت نونى أو رشيقة صحتها تدريجيا وعادت إلى طباعها تدريجيا ...وكانت تقلد (الكلب بوبى) فى تمارين التثاؤب....وظلت على هذا الحال وظللت معها على دعمى وظل الإخوة الأعداء على رفضهم لها...ولكن دون فعل حتى ذلك الوقت...وكانت نونى بعد الميلاد محافظة...مؤدبة...محبة ...تتحاشى الجيران....وتراعى كل الشروط....وكانت حينما تريد أن تذهب إلى دورة المياه....تقوم فى الصباح وتقترب منى وتعطى صوت (نونوة)....فتوقظنى وأفتح لها الباب فتخرج مسرعة لقضاء حاجتها وتعود إلى الحجرة بوقار سيدة!!!

*وإستمررنا على هذا الحال... الكل يبدى الود والقلوب فيها مافيها....حتى جاء يوم من الأيام ولاأدرى هل نست (نونى) أو ضاع عليها الوقت المحدد لتقوم بإيقاظى حتى أفتح لها باب الخروج لتقضى حاجتها...أو أنها تكاسلت بحكم معاشرتها للإنسان... ونحن بدورنا نسينا ذلك...والحجرة مغلقة عليها كالعادة.

*عدت من العمل ظهرا وبمجرد فتح الباب إنطلقت إلى الخارج كالصاروخ....ناديتها فلم ترد النداء....وتساءلت ماالسبب؟!...نظرت فى الحجرة....فوجدت العجب العجاب.....الحجرة مقلوبة رأسا على عقب....المراتب مقلوبة ...المخدات أيضا مقلوبة....الأوراق والملابس كل شىء فى غير موضعه وكأنها عملية تفتيش!!

ولكن القائم بها قطتى الرشيقة!!!وإنتظرت عودتها حتى أعاتبها وهى قادرة على فهم هذا....ولكنها لم تعد فى ميعادها...فيبدو أنها شعرت بالذنب فغابت....وزادنى ذلك غضبا وغيظا ولم أكظم!!

*أخذت أبحث عنها فى كل مكان ولم أجدها....ولماعاد رفيق من الرفقاء...وهو مجهد يريد أن يريح نفسه قليلا من تعب العمل.... فقام بسحب بطانيته ليتغطى بها فإذا به ينهض مسرعا رغم تعبه...فقد غاص فى أوحال قطتى وقد فعلتها على سريره!! فالباب مقفل ولم تجد وسيلة لتفريغ نفسها سوى سرير رفيقى فى الحجرة ثم غطتها ببطانيته وكانها أعدت كمينا لرفيق حجرتىََ وكتمت ضحكة كادت أن تخرج... خوفا من صديقى الغاضب المنفجر بالسباب وباللعان وقد تملكته الشياطين تماما...وفشلت كل الطرق فى إعادته إلى الصواب دون جدوى......لقد أرادها....تحديا للقديم وللجديد....وكأن لسان حاله يقول أنت القطة والقطة أنت!!

**عادت القطة بعد ساعات طوال.... عادت وهى تخفى عينيها عنى ....عادت ولاأستطيع أن أعاقبها...لما سببته لى ولرفقائى ولمكانى ولزمانى من مشاكل...سامحك الله ياقطتى العزيزة....ويعود قلبى المرهف إلى مساعدتها رغم قساوتها معى...فحملت إليها وجباتها مرة أخرى.....من جبن ومن لبن وماشابه ...وكميات من الماء تروى عطشها....والكثير من إحتياطى التعيين...كنت أوفر لها كل ماتطلبه أو ترغبه أو تتمناه....خاصة الجبنة التى تحبها بجنون....ومن واقع تجربتى مع القطة فقد زادت مبيعات البقال من الجبنة التى تحبها القطة ويمكن القول بأمانة أن ثلث مكسب البقال على الأقل من مشتريات القطة!!والباقى من إستغلال البنى ...آدمين!!...والذى لاحظ الإقبال عليه...فأخذ يرفع الأسعار بحجج مختلفة وتافهة....!!!!!

*ومن هذا الريع تغير حاله من عربة قديمة إلى عربة أحدث موديل(رولزرويس) ومن محل فى مشروع بناء إلى سلسلة فروع فى عديد من المولات الضخمة...ومن حجرة ملحقة بمحل مشروع البناء إلى قصر كبير على الدائرى الرابع!!!!!!!!

*فهى الحقيقة أن ثروته الكبرى والموزعةعلى العديد من محلات القطة التى إتخذها عنوانا لبقالياته المختلفة ...سببها القطة....وغيرها من مجتمعها القططى .. .... الذى يعيش بالساحات المجاورة ويحوى أشرس القطط..... ومن ثم كان إهتمامه بالقطط وإهماله للإنسان...مهما فعل بدعايته المنتشرة فى كل مكان...... هدفنا الإنسان....فقد تبين أن هدفه القطة وعلى وجه الخصوص القطط السمان فهم مصدر رزقه ومكانته التى لم يحلم بها ...فكيف ينكر ذلك ..أما الإنسان فهو مجرد توصيلة فى طريق الحياة....ويبقى المجتمع القططى الراقى غايته ومناه ومع مرور الأيام وتضخم سلطته ونفوذه باع الإنسان ولم ؟ّ!..أما لصالح من ؟! فالإجابة واضحة كالشمس.....فتش عن القطط السمان!!!!!!!!

**نعود إلى قطتنا ونترك صاحبنا البقال فى سطوته وفى أنانيته وفى جبروته وفى نعومته التى تغلف كل هذا.... قطتى المحبوبة من جانبى... هى تعرف أننى غاضب لما فعلته بسرير زميلى ورفيقى بالحجرة...وهى تعرف أننى أهملتها بعدفعلتها وبإهمالى لها ...لم يعد لها صديق فى منطقتها المطلة على الخليج.
ينبع باقى القصة (القطة نونى )
 
أعلى