سر اللوحة

هارون الرشيد

عضو بلاتيني
في يومٍ ما ،وبالصدفة عبرت من امام معرض لأحد الرسامين ، فدفعني الفضول الى الدخول ، وبالفعل توجهت الى داخل صالة العرض وتجولت بين لوحاته ، فلم اجد بها ما يشد انتباهي الا لوحة واحدة بالرغم من كثرة عدد لوحاته الذي تجاوز الثلاثون تقريبا! .فقد لاحظت ان الجميع ينظر اليها ويستغرب منها، فلما واجهتها، وجدت نفسي كحالهم ، فقد كانت اللوحة عبارة عن رسمة لفتاة في بداية الثلاثينات من عمرها ، قد أبدع الرسام في إبراز جمالها . لم تكمن غرابتها في ذلك بل كانت بالإطار ولونه ! فالإطار عريض جدا ولا يتناسب مع مساحتها ، بالإضافة الى لونه الأبيض ! . وقفت أتأمل تلك اللوحة طويلا لكي اكشف سرها ،حتى بدأت اشعر بالملل واليأس .عندها هممت أن أغادر لولا ان عيني قد وقعتا على عينيها اللتان رأيت فيهما شيئا شد انتباهي . لقد كانت القسوة طاغية عليهما ، فالبرغم من جمالهما إلا انهما كانتا جامدتين . فقد كانت نظراتها باهتة وتعبران عن الوداع ، يدعمهما شفتان متلاصقتان ويخلوان من المشاعر ، لم أجد وصفا لتلك الفتاة بالرغم من جمالها الا بالراهبة التي هجرت الدنيا، وسكنت الدير فكان الإطار هو الدير ،ولونه هو نهجها الذي آمنت به .
 
أعلى