القدس فى مدونة الشعر الحديث دراسةالدكتور خليل الموسى جامعة دمشق ج4

إنَّ مقولة "الحقّ التاريخي" التي تكرّرها الادعاءات الصهيونية لا تنطلي إلاَّ على الجاهل الذي لا يعرف التاريخ لهذه الأرض المقدسة، فهم يحذفون من صفحات التاريخ ما يدحض هذه الادعاءات، ويبدؤون من حيث يشاؤون، وكأنَّ الأمم لا تقرأ ولا تكتب والثابت تاريخيَّاً أن العرب الأوائل بنوا القدس وسكنوها في الألف الرابع قبل المسيح أي قبل 3000 سنة قبل الاحتلال اليهودي، ومن المؤكّد أن الملك داود استولى على القدس نحو سنة 1000 ق.م، وأقام اليهود في فلسطين مدة قصيرة جداً. ولم يلبثوا في القدس سوى 73 سنة[1]، ومن هنا كان هذا الادعاء باطلاً، وقد دافع الشعراء عن عروبة القدس التي لا تقبل أيَّ شكّ، وربما كانت قصيدة "وردة من دمنا" للأخطل الصغير التي نظمها لمساعدة الثوار في ثورة سنة 1936 مثالاً على ذلك، يفتخر فيها بالتضحيات التي قدّمها أحرار العرب في الدفاع عن عروبة فلسطين والقدس، ويدعو الموسرين إلى مساعدتهم اقتصاديّاً لتظلَّ هذه الشعلة قائمة إلى الأبد:


يا جهاداً صَفَّقَ المجدُ لَهُ
لَبِسَ الْغَارُ عليهِ الأُرْجُوَانا
شَرَفٌ باهَتْ فِلَسْطِينُ بهِ
وَبِناءُ لِلمَعَالي لا يُدَانَى
إِنَّ جُرْحاً سالَ من جَبْهَتِها
لَثَمَتْهُ بِخُشُوعٍ شَفَتَانا
وَأَنِيناً بَاحَتِ النَّجْوى بِهِ
عَرَبِيّاً.. رَشَفَتْهُ مُقْلَتَانا
نَحْنُ، يا أُخْتُ، على الْعَهْدِ الذي
قد رَضِعْنَاهُ منَ الْمَهْدِ كِلاَنا
يَثْرِبٌ والْقُدْسُ مُنْذُ احْتَلَمَا
كَعْبَتَانا، وَهَوَى الْعُرْبِ هَوَانَا[2]





[1] - انظر ذلك في: جريس، سمير: القدس، ص 6 ـ 8.



[2] - شعر الأخطل الصغير، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 3، د. ت، ص 181 ـ 182.


 
أعلى