حكم الجنسية فى الإسلام

رضا البطاوى

عضو ذهبي
حكم الجنسية فى الإسلام
الجنسية اسم يطلق على تبعية الإنسان إلى دولة ما من الدول وهى تسمية مستحدثة وهو اسم لا ينطبق على التبعية وتسمية الهوية أفضل منها وإن كانت هى الأخرى لا تعبر عن حقيقة الأمر
التبعية فى الإسلام هى الولاية والولاية تعنى أن المسلم داخل الدولة المسلمة على المسلمين نصره إذا اعتدى عليه وهى دولة واحدة لا ثانية لها ومن ثم لا يصح إطلاق اسم الإسلامية على أى دولة حالية ولا سابقة -سوى دولة النبيين (ص) والمؤمنون بعدهم - لكونها جميعا لا تحكم بحكم الله وحتى من يزعمون حاليا أنهم يحكمون بحكم الله يعصون الله فى توريث الحكم وفى اختصاصهم بالجزء الأكبر من موارد الدولة فمن أصر على مخالفة حكم من الإسلام يطلق عليه كافر وإن زعم كونه مسلم يطلق الإسلام .
وقد طرح الناس أسئلة حول المسألة منها :
"مسألة حكم التجنس بجنسية البلاد الكافرة من المسائل العقدية الجديدة والنازلة، وصورتها: أن يطلب أحد المسلمين من دولة من الدول الكافرة -والمقصود بالكفر هنا: الكفر الأصلي، سواء كانت هذه الدولة محتلة لبلاد المسلمين أو كانت غير محتلة لبلاد المسلمين- الجنسية ويصبح مواطناً من مواطني هذه البلاد وتختلف الدول من دولة لأخرى في الشروط التي تطلبها من المتقدم لطلب الجنسية."
وأما إجابات القوم فى المسألة كما جاء فى كتاب الفقه العقدى للنوازل فهى:
"اختلاف العلماء في المسألة
اختلفت فتاوي أهل العلم في هذه المسألة، فبعضهم اعتبر أن طلب التجنس بجنسية بلاد غير مسلمة من الردة والكفر بناء على ذلك لا يجوز للمسلم أن يطلب من البلد الكافر أن يكون مواطناً من مواطنيه؛ لأن ذلك من الولاء للكفار والكافرين والأدلة في موضوع موالاة الكافرين مشهورة.
والقول الثاني: يجوز للإنسان أن يطلب الجنسية من البلد الكافر إذا كانت الشروط التي تتضمنها وثيقة الطلب ليس فيها ما يناقض أحكام الإسلام، وليس فيها أي معنى من معانِ الولاء ولا ناقضاً من نواقض الدين.
والخلاف بين أهل العلم في هذه المسألة خلاف اعتباري، بمعنى: أن الذين رأوا أن طلب الجنسية من بلد غير مسلم واعتبروه كفراً نظروا لحالة معينة فإنه في زمن الاستعمار لبلاد المسلمين عرضت الجنسية على عدد كثير من المسلمين بشروط معينة وكانت هذه الشروط تقتضي نقض أساس الدين، وأن يعادي من عاداهم ويقاتل من قاتلهم، وأن يواليهم ويحبهم، وأن يلتزم بالدخول في صفوف الجيش لمقاتلة أي فئة دونهم ونحو ذلك من الشروط التي تقتضي المولاة دون شك، وبناء على ذلك قالوا: إن الموافقة على مثل هذه الشروط نقض لأساس من أسس الدين، وهو أساس الولاء والبراء المتعلق بشهادة التوحيد فإن موالاة الكفار والدفاع عنهم والتعاون معهم ضد المسلمين لا شك في أنه كفر ناقل عن دين الإسلام.
ومن قال من أهل العلم بأنه يجوز للمسلم أن يطلب الجنسية من بلدان الكفر قال: إن الشروط المعروضة ليس فيها ما يناقض أصول الدين، بل إن غاية ما فيها أن يبقى في البلد فترة معينة، وأن يكون حسن السيرة والسلوك، أو أن يتزوج من امرأة متجنسة كأن تكون مثلاً مسلمة من أهل البلاد نفسها، ونحو ذلك وكل هذا ليس فيه أي إشكال، وليس فيه أي قدح في أصل الولاء والبراء."
المشكلة فى أقوال القوم هنا أنهم لم يستشهدوا بشىء من كلام الله فى الموضوع مع أنه حاسم وهو قوله تعالى فى سورة الأنفال :
"إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير"
هنا المسألة تتعلق بولاية النصر وهى على ثلاث أنواع:
الأول المسلمين على أرض الدولة المسلمة وهى الإسلامية الوحيدة فالمسلمون ليس لهم دول متفرقة وإنما دولة واحدة كما قال تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وقال "وان هذه أمتكم أمة واحدة"
هؤلاء ينصرون بعضهم البعض فمن اعتدى على واحد منهم فهو اعتداء على الكل يردون عليه وهو قوله " إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض"
الثانى المسلمون فى دول الكفر المحاربة علنا أو المحاربة سرا ليس على المسلمين فى دولة المسلمين نصرهم إلا فى حالة هجرتهم لدولة المسلمين هربا من اعتداءات الكفار عليهم وهو قوله "والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
فالولاية وهى النصر متعلقة بالهجرة كما قال تعالى :
"فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا فى سبيل الله"
الثالث المسلمون فى الدول المعاهدة وهى المواثقة الذين لم يهاجروا لدولة المسلمين ليس على دولة المسلمين نصرهم طالما لم يخالفوا شروط العهد وهو قوله تعالى " وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"
ومن ثم فالبقاء فى دولة الكفر لا يعنى كفر المسلم طالما أنه لا يقدر على الهجرة أو طالما أنه همزة وصل بين الدولتين كما جاء فى سورة النساء:
"إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق "
وفى بقاء المسلم على إسلامه طالما عجز عن الهجرة قال تعالى "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا"
وأما من أعلن إسلامه ولم يهاجر لدولة المسلمين وهو قادر على الهجرة فقد كفر لأن الله كما قال يدخله النار
وفى نفس الكتاب وهو الفقه العقدى للنوازل تم طرح السؤال بصيغة أخرى وهى :
"السؤال
ما حكم حمل جنسية بلد غير إسلامي؟"
وكانت الإجابة:
"الجواب
بعض أهل العلم أفتى بأن من أخذ جنسية بلد غير إسلامي فإنه يكفر وسبب الفتوى: أنه في فترة من الفترات كانت دول تطرح جنسياتها بشروط معينة مثل: أن أي شخص يريد أن يحمل الجنسية فلابد أن ينضم للجيش؛ لأنهم وجدوا مقاومة من الشعوب الإسلامية في فترة الاستعمار، فكانت الجنسيات في تلك الفترة لها شروط محددة وكانت هذه الشروط المحددة خطيرة على دين الإنسان؛ لأنها تجعله موالياً لهذه الدولة ضد أعدائها، فيكون ضد المسلمين فأفتى من أفتى من أهل العلم في تلك الفترة بأن حمل مثل هذه الجنسية كفر؛ لهذا السبب، ولكن الوضع مختلف الآن تماماً والشروط مختلفة فنحن لا نقول -ولا يفهم من كلامنا أننا نقول-: إن المسلمين الآن في أوروبا أو في أمريكا الذين يحملون جنسياتها، أو هم من رعايا البلد نفسه وأسلموا أنهم بمجرد حملهم لجنسيات هذه البلاد يكفرون.
لا؛ لأن الشروط مختلفة والذي عليه أهل العلم الآن هو جواز أخذ هذه الجنسية؛ بناء على أن الشروط الموجودة الآن شروط عادية، وليس فيها أمور تخل بالدين وغاية ما فيها أنك تبقى فترة محددة في البلد، أو تتزوج مثلاً، أو بعض الشروط العادية التي لا تؤثر على أساس الدين فبناء على هذا المسلمين الذي يعيشون هناك أو من حمل جنسية من الجنسيات بدون الشروط التي تضر بأصل الدين الأصل فيه الإباحة وهذا الذي يفتي به أهل العلم الآن.
والدروس العلمية الهدف منه مدارسة المسائل، ومعرفة مآخذ الاستدلال، والهدف من هذا التفقه، ولماذا مثلاً قيل بهذا القول؟ ولماذا قيل بغيره؟ والدروس العلمية ليست كمجالس الإفتاء؛ لأن الإفتاء لها طريقتها المعروفة، وهناك مجمع وهيئة لكبار العلماء ولجنة دائمة، وهناك أهل العلم المفتين.
ومسألة الهجرة معروفة أحكامها في الشرع فالهجرة تكون أحياناً واجبة، وتكون أحياناً مستحبة فتكون واجبة إذا لم يتمكن الإنسان من أن يقيم دينه كأن لا يتمكن من أن يصلي أو يصوم أو يحج فتجب عليه الهجرة، كما فعل الصحابة عندما هاجروا من مكة إلى الحبشة فلم تكن هجرتهم رغبة عن مكة ولا لطلب المال؛ وإنما لأنهم لم يتمكنوا من إقامة دينهم الواجب عليهم، فاضطروا للمهاجرة.
وفي البلاد الإسلامية الآن يمكن للإنسان أن يصلي ويصوم ويزكي ويقيم دينه بشكل عام، ويدعو إلى الله عز وجل ويجد القبول فليس هناك مبرر للإنسان لأن يهاجر من أي بلد من البلاد الإسلامية إلى مكان آخر؛ لأنه أصلاً ليس هناك مكان آخر يعيش فيه المسلمون غير هذه الأماكن والذين جاءوا بفكرة الهجرة من البلاد الإسلامية هم الغلاة ولا يمكن لإنسان أن يسمي خروج مسلم من مصر أو من السعودية أو من المغرب إلى بريطانيا هجرة؛ لأن الهجرة تكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام وهذا خرج من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر، فلا يسمى خروجه هجرة أصلاً، وليس له أجر أصلاً فيها وبعض هؤلاء خرج بحثاً عن الرزق، وبعضهم أوذي، وبعضهم حصلت له ظروف اضطرته للخروج، وأكثر المسلمين الذين ذهبوا إلى تلك البلاد ذهبوا بحثاً عن الرزق؛ بسبب ضوائق مالية مرت عليهم فذهبوا إلى هناك، وهذه المسألة من النوازل فهل ذهابهم إلى هناك لا يجوز.
نقول: مادام أنه يقيم دينه ويصلي ويصوم ويحج فذهابه إلى هناك لطلب الرزق إذا لم يترتب عليه محظور شرعي فالأصل فيه الإباحة،
فهناك مشكلات حقيقة يعاني منها أهل الإسلام هناك، مع الخير الذي مدوه لتلك البلاد حتى من المسلمين الذين هم من أهل ورعايا تلك البلاد الذين كانوا كفاراً أو أسلموا فهم يعانون من المشاكل."
ونجد أن المؤلف هنا يقول أن البلاد التى سكانها مسلمون بلادا إسلامية وهو كلام خالى من الصحة فطالما أنه لا يوجد حكم كامل لكتاب الله فلا يصح وصف أى دولة بالإسلامية كما قال تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وكما قال الله لا ينفع الحكم ببعض والكفر وهو عصيان الله فى أحكام أخرى "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب"
البقيةhttps://arab-rationalists.yoo7.com/t1018-topic#1222
 
أعلى