قراءة فى كتاب أطواق الحمامة في حمل الصحابة على السلامة

رضا البطاوى

عضو ذهبي
قراءة فى كتاب أطواق الحمامة في حمل الصحابة على السلامة
المؤلف: أبو إدريس يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم، الزيدي الحسيني العلويّ الطالبي الملقب بالمؤيد باللَّه (المتوفى: 745هـ)
الكتاب من كتب المذهب الزيدى وغالبا ما ينسب المذهب الزيدى إلى مذاهب الشيعة رغم مخالفته لمذاهب الشيعة فى مسائل أساسية تتعلق بالإمامة حيث يجيز المذهب تولى الفاضل مع وجود من هو أفضل منه كما انه لا يتبرأ من بعض الصحابة كما تفعل فرق المذهب الشيعى وعلى هذه المسائل يدور الكتاب
يستهل الكتاب بالمسألة التالية:
"مسألة: المختار سلامة أحوال الصحابة من الكفر والفسق، لما ورد من الثناء عليهم من الله ورسوله ومن جهة المؤمنين وسائر الأئمة من أولاده ونحن نورد ذلك على رتب ثلاث:
المرتبة الأولى: مما كان من جهة الرسول (ص)، وهي أمور خمسة:
أولها قوله (ص): «احفظوني في أصحابي، فإن أحدكم لو ينفق ملء الأرض ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».
وثانيها قوله (ص): «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا».
وثالثها قوله (ص) في أبي بكر : «دعوا لي أخي وصاحبي الذي صدقني حين كذبني الناس».
ورابعها قوله (ص): «أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة».
وخامسها أنه أمر عند إقبال أبي بكر أن يبشر بالجنة، وأمر أيضا أن يبشر عمر بالجنة.
فهذه الأخبار كلها دالة على سلامة حالهما وبشارتهما بالجنة وغيرها من الأخبار التي يكثر عددها في تزكية أحوالهم وصحة أديانهم."
الرجل يقول أن كل الصحابة مؤمنون لم يكفر منهم أحد وهى مقولة صحيحة فكل من آمن بالنبى(ص) فى عصره هو صحابى رضى الله عنه ولكن النصوص التى استدل بها الرجل خاطئة وهى :
- الرواية الأولى الخطأ بها هو أن لا أحد سيبلغ منزلة الصحابة ويخالف هذا أن السابقين المقربون بعضهم من الأوائل وبعضهم من الأواخر مصداق لقوله تعالى "والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الأخرين "ومن ثم فبعض الأواخر يدركون درجة بعض الصحابة ويسبقون بعض الصحابة من أصحاب اليمين الذين بعضهم من الأوائل وبعضهم من الأواخر مصداق لقوله "لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين ".
- الرواية الثانية الخطأ بها أن الرسول(ص)ليس له أخلاء وهو ما يخالف وجود أخلاء من المتقين وهم المسلمين لبعض مصداق لقوله "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "
- الرواية الثالثة أن أبو بكر أخاه وهو ما يناقض أنه زوج ابنته عائشة تاريخيا فيكون النبى(ص)فى مقام ابنه وليس أخاه
-الرواية الرابعة والخطأ الأول بها هو وجود سيادة فى الجنة فى الأخرة وهو يناقض أن الجنة ليس فيها سادة أو عبيد لأن الكل إخوة كما أن الله أذهب أسباب الغل بين المسلمين ومن هذا السيادة والعبودية وفى هذا قال تعالى "ونزعنا ما فى صدورهم من غل تجرى من تحتهم الأنهار "كما أن لا أحد يملك شيئا يومها حتى يكون سيدا وإنما السيادة وهى الملك لله وحده وفى هذا قال تعالى "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار "والخطأ الأخر وجود شباب وكهول فى الجنة وهو ما يناقض كونهم كلهم فى سن واحدة
- الرواية الخامسة اختصاص أبو بكر وعمر بالتبشير بالجنة وهو ما يخالف أن كل المؤمنين لهم البشرى بالجنة كما قال تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة"
ثم تناول الرجل القول فى على فقال :
"المرتبة الثانية: ما كان من جهة أمير المؤمنين وذلك على وجهين إجمالي وتفصيلي.
أما الإجمال، فما كان من المناصرة والمعاضدة لأبي بكر في أيام قتال أهل الردة وغيرها، ثم ما كان منه في أيام عمر من المشورة
والإعانة والخروج معهم وأخذ نصيبه من الفيء وقد قيل إن محمد ابن الحنفية ما كانت أمه إلا سبية من بني حنيفة من أهل الردة، استولدها أمير المؤمنين فجاءت بمحمد وما كان من تعظيمه لهم وإكبارهم ومعاملته لهم بالمودة والمناصرة والموالاة ولم يعاملهم معاملة أهل الردة ولا معاملة الفساق أصلا وهذا أمر ظاهر لا يخفى على مسلم فهذا على وجه الجملة.
وأما وجه التفصيل:
أولها ما روى سويد بن غفلة أنه قال: مررت بقوم ينتقصون أبا بكر وعمر، فدخلت على أمير المؤمنين فحكيت له ذلك وقلت: لولا أنهم يرون أنك تضمر لهم شيئا مثل الذي أعلنوا به ما اجترؤوا على ذلك فقال : أعوذ بالله أن أضمر لهما شيئا إلا الجميل الحسن، أخوا رسول الله (ص) وصاحباه ووزيراه، ثم نهض باكيا واتكأ على يدي وخرج وصعد المنبر وجلس ثم خطب وقال: ما بال قوم يذكرون سيدي قريش بما أنا عنه منزه، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لا يحبهما إلا مؤمن ولا يبغضهما إلا فاجر، صحبا رسول الله (ص) على الوفاء والصدق.
ثم أطال في مدحهما وتهدد من يعود إلى الوقيعة فيهما، ثم قال في آخر الخطبة: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، والله أعلم بالخير أين هو - يشير بذلك إلى نفسه.
وثانيها ما رواه جعفر بن محمد الصادق عن جده أن رجلا من قريش جاء إلى أمير المؤمنين فقال: أسمعك تقول: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، من هم؟ قال: حبيباي أبو بكر وعمر وإماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش والمقتدى بهما بعد رسول الله (ص)، من اقتدى بهما عصم ومن اهتدى بهما هدي إلى صراط مستقيم.
وثالثها أن سئل عن عمر فقال: رجل ناصح الله فنصحه، وسئل عن أبي بكر فقال: كان أواها منيبا.
ورابعها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه أنه لما قتل عمر وكفن وحنط دخل عليه أمير المؤمنين فقال: ما على وجه الأرض أحد أحب أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى، وكان قد سجي بثوب.
وخامسها قوله : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت لقلت الثالث، يشير إلى نفسه.
وسادسها أنه لم حضرته الوفاة قالوا: ألا توصي يا أمير المؤمنين؟ قال: ما أوصى رسول الله (ص) فأوصي، ولكن إن أراد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم على خيرهم بعد نبيهم أبو بكر.
فهذه الوجوه كلها وغيرها دالة على تحسين الظن من جهته بهم.
نعم، أما ما كان في صدره من الوحشة والازورار من أجل استبدادهم بأمر كان هو أولى به وأحق لقربه من رسول الله (ص) واختصاصه بما لم يختص به أحد من الخليقة فهذا أمر لا ينكر ولا يمكن دفعه، لكن لم يمنعه ذلك من الموالاة والذكر الجميل وحسن السيرة معهم وجميل الحديث في حقهم للروايات التي ذكرناها عنهم.
المرتبة الثالثة: هو ما كان من جهة أولاده من الثناء الجميل والذكر الحسن ونحن ننقل الروايات التي نقلها العلماء عنهم على الصحة، وجملتها تسع.
الأولى حال الحسن والحسين والمنقول من حالهما كحال أمير المؤمنين في الموالاة وإظهار القول الجميل ولم يرو أحد من أهل النقل عنهما طعنا ولا لعنا ولا فسقا ولا كفرا ولا شينا، بل السيرة الحسنة.
ولقد روي أن عمر لما وضع الديوان وفرض لكل من المهاجرين والأنصار نصيبا في بيت المال وفرض للحسن والحسين ألوفا من بيت المال، ثم فرض لعبد الله بن عمر أقل من نصيبهما، فأتى إلى أبيه فقال: لم فرضت نصيبي دون حقهما؟ فقال له عمر: ائتني بجد مثل جدهما وبأب مثل أبيهما وبأم مثل أمهما وبعم مثل عمهما، فسكت عبد الله وانصرف فدل ما ذكره على تعظيم كل أحد منهم لصاحبه واعترافه بحقه.
والرواية الثانية ما كان من علي بن الحسين موال معلوم من حاله الذكر الحسن في حقهما والمحبة والمودة وقد روى عنه زيد بن علي أنه قال: كذب من ادعى أن أبي كان تبرأ من الشيخين ثم قال للرواي الذي روى عن أبيه: يا راوي، إن أبي كان يحميني من كل شر وآفة حتى اللقمة الحارة، أفترى أن إسلامك ودينك لا يتم إلا بالتبري منهما وأهملني من غير تعريف ذلك إياي، لا تكذب على أبي.
الرواية الثالثة حال زيد بن علي والمعلوم من حاله أنه كان شديد المحبة لهما والموالاة وأنه كان ينهى عن سبهما ويعاقب عليه.
روي
أنه لما بايعه أهل الكوفة ثم دعاهم إلى نصرته قالوا: إنا لا نبايعك ولا ننصرك حتى تتبرأ من الصحابة، فقال: كيف أتبرأ منهما وهما صهرا جدي ووزيراه -لأن عائشة وحفصة كانتا تحت رسول الله (ص) زوجتيه، ويعني بالوزيرين لأن رسول الله (ص) قال: «هما وزيراي» - فلما أنكر
التبرؤ منهما رفضوه، فمن أجل ذلك سموا روافض.

البقية https://arab-rationalists.yoo7.com/t1024-topic#1230
 
أعلى