نقد كتاب الخطأ الطبي مفهومه وآثاره

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب الخطأ الطبي مفهومه وآثاره
الكتاب تأليف وسيم فتح الله وهو يدور حول مفهوم الخطأ الطبى ونتائجه وفى المقدمة قال :
"وبعد تتعلق مهنة الطب بمقصود عظيم من مقاصد الشرع وهو حفظ النفس، ويعتبر هذا القصد مشتركا إنسانيا عاما لا يختلف أحد على أهميته وأهمية هذه المهنة ونبل القائمين عليها، مهما كان جنسهم ودينهم وفلسفتهم للحياة الإنسانية. ..غير أن الحاجة اليوم هي للتقنين التفصيلي الذي يمكن من فض الخصومات وحسم النزاعات بصورة منضبطة مطردة في المجتمع الواحد على وجه يحفظ الأصول الاعتقادية ويراعي الخصوصيات الاجتماعية ويحقق العدالة بين أفراد المجتمع الواحد وحيث إن مناط النزاع في مسائل الخطأ الطبي يتعلق بالأنفس والأعضاء، وحيث إن الله تعالى قد حكم في هذه الخصومات من فوق سبع سماوات، فإن تحقيق العدالة محصور في التزام مرجعية الشريعة في التشريع والقضاء والتنفيذ"
تحدث وسيم فى البداية عن أقسام المسئولية الطبية فقال:
"المطلب الأول: أقسام المسئولية الطبية:
إن طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض تقوم على التعاقد بين الطرفين على بذل مصلحة معينة للمريض (التشخيص أو العلاج) في مقابل أجر أو جائزة (إجارة أو جعالة الإجارة عقد على المنافع بعوض هو مال (التعريفات – الجرجاني1/ 17)، والجعالة : ما يجعل للعامل على عمله (الجرجاني – 1/67)، وتعرف بالوعد بالجائزة وهي ما يجعل للإنسان على فعل شيء (الفقه الإسلامي وأدلته – د.وهبة الزحيلي – 5/3864))، وهذه الطبيعة التعاقدية للعلاقة بين الطبيب والمريض مستفيضة عند الفقهاء، وهو ما نجده عند النظر في تعريف الرابطة الطبية الأمريكية للعلاقة بين الطبيب والمريض حيث جاء في لوائح أخلاقيات الطب لهذه الرابطة :"إن إنشاء علاقة بين الطبيب والمريض له طبيعة تعاقدية، ولكل من طرفي العقد أن يختار إنشاء هذه العلاقة أو النكول عنها على وجه العموم"
إن الطبيعة التعاقدية للعلاقة الطبية تعني أن المسئولية الطبية تتعلق بالسؤال عن إخلال أحد الطرفين أو كليهما بما يلزمهما بالعقد، هذا من حيث العموم، غير أن موضوع البحث هنا يقتصر على الإخلال الواقع من جهة الطبيب ومن في حكمه كالفني، والممرض والمشفى والإدارة ونحوهم، وعليه فإن للمسؤولية الطبية أركان هي: السائل (وهو الجهة التي تملك حق مساءلة الطبيب كالقضاء)المسئول (وهو الطبيب أو من في حكمه)المسئول عنه (وهو الضرر الناشيء في سياق العلاقة الطبية بين الطبيب والمريض وسببه)، صيغة السؤال (أي العبارة أو الصورة التي يتوجه بها السؤال) يراجع تفصيل هذا في كتاب أحكام الجراحة الطبية –محمد المختار الشنقيطي- طبعة مكتبة الصحابة - 300.
والحاصل مما تقدم أن مدار المسئولية الطبية يتعلق بوقوع الضرر أو سبب الضرر على المريض من الطبيب أو من في حكمه في سياق العلاقة المهنية الطبية بينهما"
وقطعا فى الطب فى الإسلام لا يوجد ما يسمى تعاقد بين الطبيب والمريض فالطب فى الإسلام خدمة يقوم بها الطبيب فى المشافى العامة حيث لا يوجد ما يسمى عيادات أو مشافى خاصة ومن ثم فالطبيب فى الإسلام مفوض فى علاج المريض تفويضا تاما بحكم وظيفته وأما خطأ الطبيب فيدخل ضمن جريمة الإهمال فى العمل ويحاسب عليه كما يحاسب أى مسلم أو معاهد فى دولة المسلمين
وحدثنا وسيم عن تقسيم المسئولية الطبية فقال :
"وهذه المسئولية تندرج تحت قسمين اثنين يمكن أن تصنف فيهما كل أنواع المسئولية الطبية، فأقسام المسئولية الطبية هي :
المسئولية الطبية السلوكية والأخلاقية: وهي تتعلق بالنواحي الأدبية للعلاقة الطبية، وتتعلق هذه المسئولية بجملة من المبادئ الأخلاقية المطلوبة من جميع الأفراد، غير أنها في علاقة الطبيب والمريض أشد حرجا وأهمية، وهي تشمل الصدق والنصيحة وحفظ السر وحفظ العورة والوفاء بالعقد، وتنشأ المساءلة على الخطأ الطبي في هذا القسم جراء الإخلال بواحد أو أكثر من هذه المبادئ مما يؤدي إلى وقوع الضرر أو التسبب فيه، فيوجب هذا الإخلال مساءلة الطبيب وترتب آثار هذه المسئولية إن ثبت الموجب الموجب هو الأمر الذي يترتب على وقوعه أثر ما ولم يظهر له عذر مبيح.
المسئولية الطبية المهنية: وهذا القسم يتعلق بالنواحي العملية لنفس مهنة الطب، وتتعلق المسئولية في هذا القسم بإخلال الطبيب بواحد أو أكثر من المبادئ المتفق عليها في عرف المهنة بصورة تؤدي إلى وقوع الضرر على المريض أو التسبب في ذلك. فالعقد المهني بين الطبيب والمريض يلزم الطبيب بالأصول المهنية المعتبرة بحيث لا بد من أن يكون حاذقا عالما بطبه (وهذا هو الجانب النظري) ماهرا فيه ( وهذا هو الجانب العملي)، ومطبقا لهذا العلم والحذق والمهارة على أفضل وجه ممكن، فإذا أخل الطبيب بجانب العلم أو المهارة أو الالتزام بهما ونجم عن ذلك وقوع الضرر أو التسبب فيه وقعت المسئولية الطبية، وسوف نعرج لاحقا على الموجبات التي تثبت وقوع هذه المسئولية بحيث تترتب عليها آثارها."
وهذا التقسيم فى دولة المسلمين غير مأخوذ به فلا يوجد ما يسمى جرائم طبية مخصوصة وإنما الجرائم عامة فكشف العورة مثلا له جريمة باسمه فى قانون الجزاء أى العقوبات ومثلا القتل الخطأ بنسيان فوطة أو مقص أو ما شابه يدخل ضمن جريمة الخطأ فالقانون الجزائى فى الإسلام لا يتجزأ على الوظائف وإنما هو قانون واحد يشمل الكل موظفين وغيرهم
ثم كلمنا وسيم عن أصول المسئولية الطبية فقال:
"المطلب الثاني : الأصول التي تنبني عليها المسئولية الطبية:
إذا نظرنا إلى واقع الممارسة الطبية اليوم وجدنا أن مستند المسئولية الطبية يعتمد على القوانين المعمول بها في كل مجتمع، وهي وإن كانت تعتبر من حيث المبدأ جملة الأمور المشتركة المتفق عليها، فإننا نجد تفاوتا واضحا في تقويم وتقرير موجبات وآثار هذه المسئولية؛ فالنظم القانونية المعمول بها اليوم تمنع من مزاولة المهنة من لم يتأهل لذلك، ولكننا نجد تفاوتا بين مجتمع وآخر في آلية تحديد هذه الأهلية، ولا تسمح النظم القانونية للطبيب بالتعدي على المريض بعلاج أو تشخيص بدون إذنه أو إذن سلطة لها صلاحية وولاية خاصة أو عامة، غير أن هناك تفاوتا بين مجتمع وآخر في تحديد ضوابط هذا التعدي، ففي بعض البلاد يؤاخذ الطبيب الذي يقوم بإسعاف مريض في وضع لا يسمح بانتظار الإذن أو الترخيص كما في بعض الكوارث ونحوها، في حين تجد بعض البلاد الأخرى لا تكاد تبحث في مسائل الخطأ الطبي، وهكذا نجد هذا التفاوت حتى في أكثر البلاد تطورا كما ورد في تقرير أمريكي عن الخطأ الطبي ورد فيه بيان التفاوت في نظام تحديد المسئولية الطبية في الولايات المتحدة نفسها، حيث تتفاوت آليات إثبات الإهمال الطبي، وتتفاوت تعويضات المرضى عن الضرر الحادث جراء الخطأ الطبي، بالإضافة إلى تزايد العبء الاقتصادي على الأطباء الذين يطالبون بدفع أقساط باهظة للتأمين ضد الخطأ المهني انظر تقرير
إن بحث موجبات وآثار المسئولية الطبية لا بد من أن ينبني على أصول وقواعد تقرر جوازه واعتباره، وتضع الإطار العام لضوابطه ومعاييره، ويمكن القول بأن الأصل العام الذي تنبني عليه مباحث المسئولية الطبية تقوم على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (ص):"من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن" المستدرك للحاكم (4/236) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وأخرجه ابن ماجة (3466)، وأبو داود ( 4586)، وغيرهما ، فهذا الحديث هو حديث الباب كما يقال، وهو أصل في تضمين الطبيب الجاهل ويقاس على الجهل باقي موجبات المسئولية الطبية كما يتبين لاحقا، وموجب المسئولية هنا يدور على جهل الطبيب سواء أكان جهلا علميا أم عمليا كما سنبين، ولقد نبه هذا الحديث على أمور يحسن تقريرها في هذا الموضع منها :
تقرير وجود الموجب للمسؤولية : وهو هنا الإقدام على ممارسة الطب مع الجهل بهذه الممارسة، قال ابن قيم الجوزية " وقوله (ص)(من تطبب) ولم يقل : من طب، لأن لفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بعسر وكلفة، وأنه ليس من أهله" زاد المعاد (كتاب الطب النبوي) – ابن قيم الجوزية – 4/127.
تقرير ترتب آثار وقوع الموجب : حيث قال (ص)(فهو ضامن)، قال ابن قيم الجوزية:"وأما الأمر الشرعي (أي في الحديث) فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل" السابق، فمتى وقع الموجب وهو الجهل وترتب الضرر كان أثر ذلك ضمان الطبيب لما أتلفه من النفس أو الأعضاء."
قطعا لا يعمل طبيبا فى دولة المسلمين إلا من نال شهادة العمل كطبيب فإن عمل أحدهم بدون هذه الشهادة كان من ضمن المفسدين فى الأرض وطبق عليه حد الحرابة لأنه يفسد فى أرواح وأجساد الناس
ونقول عمل أى كرر التشخيص والعلاج مرات متعددة وأما من أشار مرة على قوم بشىء فليس بمفسد وإن ترتب على نصيحته شىء عوقب عليه حسب الضرر الناتج
ثم حدثنا وسيم عن الحكم على الطبيب بالخبرة فقال:
"تحكيم العرف في الحكم على الطبيب بالحذق: حيث قال (ص)(ولم يعرف منه طب) والمقصود بالعرف هنا العرف الخاص بين الأطباء، وهذا مندرج تحت القاعدة الفقهية الكلية :" العادة محكمة" القواعد الفقهية – محمد بكر إسماعيل - 151، أي أن الأمور التي لم يأت الشرع لها بحد معين فإنه يرجع فيها إلى العرف، والمقصود بالعرف الخاص العرف الذي يكون سائدا بين أرباب المهن الخاصة كالحدادين والتجار والأطباء وغيرهم وقد حكى الإمام ابن قيم الجوزية إجماع أهل العلم على تضمين الطبيب الجاهل، وكذلك بالنسبة للتعدي فقد حكى عن الإمام الخطابي قوله:"لا أعلم خلافا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامنا" زاد المعاد (كتاب الطب النبوي) – ابن قيم الجوزية- 4/128، كما قال الله تعالى:"وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا " فهذا أصل في تضمين الضرر الواقع بالخطأ، وهكذا اجتمع لنا من الأدلة ما يقرر مشروعية المساءلة الطبية المهنية من ثلاثة أوجه هي : الجهل – الخطأ – الاعتداء، وسيأتي تفصيل هذه الموجبات في المطلب التالي "
ولا يوجد ما يسمى العرف فى الحكم على الطبيب فالجهة المسئولة عن الطب وهى كليات الطب هى التى تصدر شهادة العمل لمن دخلوا فيها وأما الحذق وهو الخبرة الكبرى فى الطب فلا وجود لها فالطبيب فى الغالب يخمن فى الأمراض المتشابهة الأعراض وأما الأمراض الظاهرة والتى يكون فيها تحاليل وأشعات وما شاكل فهذه ينجح فيها الكل
ثم حدثنا عن مشروعية المساءلة الطبية الأدبية فقال:
"وأما مشروعية المساءلة الطبية الأدبية فأدلتها هي عموم الأدلة الدالة على وجوب التزام هذه الآداب، ولعلنا نشير إليها يسيرا فيما يأتي.
إن ما تقدمت الإشارة إليه من تقرير أصل المساءلة الطبية من جهة، وبيان التفاوت الكبير الحاصل في تقرير موجبات وآثار هذه المساءلة ليعود بنا إلى التأكيد على أهمية تحرير المرجعية التشريعية والقضائية المتعلقة بهذه المسألة لتكون صادرة عن الشريعة منضبطة بقيودها ومنساقة ضمن كلياتها وأصولها العامة، لا سيما وأن فقهاء المسلمين قد أبدعوا في تحرير وضبط ممارسة الطب منذ زمن بعيد، وبلغوا في ذلك شأوا بعيدا يغنيهم عن الركون إلى غير الشريعة الغراء."
قطعا لا يوجد مساءلة طبية وإنما كل المساءلات قضائية يستعين القاضى فيها بمن يريد من أطباء أخرين وبمكن تلافى الأخطاء بدرجة كبيرة فى الجراحات بتشغيل شريط مسجل عليه فى البداية الآلات والأشياء المستخدمة فى الجراحة وفى النهاية يراجع من فى حجرة الجراحة الآلات والأشياء قبل الخروج وإلا عادوا لاستخراج ما نسوه كما يجب تسجيل كل جراحة بالتصوير لمعرفة أين الخطأ أو الشىء المنسى بدلا من الفتح والبحث وبعدها يتم محو التسجيل التصويرى بعد مرور سنة مثلا من على الحاسوب
ثم حدثنا عن موجبات المسئولية الطبية فقال:

البقية https://betalla.ahlamontada.com/t83972-topic
 
أعلى