نقد كتاب حقيقة الضرورة الشرعية

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب حقيقة الضرورة الشرعية
الكتاب من تأليف محمد بن حسين الجيزاني وهو يدور حول الضرورة فى الشرع وفى مقدمته قال:
"تواترت الأدلة والشواهد على مراعاة حالة الضرورة في أحكام هذه الشريعة الغراء وإليك فيما يأتي إشارة موجزة لطائفة من هذه الأدلة:
أولا: من القرآن الكريم:
ورد ذكر الاضطرار في القرآن الكريم في خمس آيات، كلها جاءت في سياق واحد، وهو ذكر ما يحرم من الأطعمة
1 قوله تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم)
2 قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم)
3 قوله تعالى: (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك أعلم بالمعتدين)
4 قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم)
5 قوله تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم) "
الكلام هنا عن الاضطرار وليس الضرورة كلفظ وبعد أن ذكر ما أتى عنها فى القرآن ذكر بعض الروايات عنها فقال:
"ثانيا: من السنة المطهرة:
قوله (ص): (لا ضرر ولا ضرار) وعن أبي واقد الليثي قال: قلت يا رسول الله: إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة فما يحل لنا من الميتة؟ قال
frown.gif
إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها) قال ابن الأثير في بيان هذا الحديث: (والاصطباح ـ ها هنا ـ أكل الصبوح، وهو الغداء، والغبوق: العشاء، وأصلهما في الشرب ثم استعملا في الأكل أي ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة) وقوله: (ولم تحتفئوا بها بقلا) أي: ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه "
ثم ذكر ما سماه القواعد العامة للضرورة فقال:
ثالثا: قواعد الشريعة العامة:
تندرج مسألة الضرورة تحت القواعد الشرعية الآتية:
القاعدة الأولى: أن هذه الشريعة مبنية على المحافظة الضروريات الخمسة: الدين والنفس والعقل والنسل والمال وقد علم بالاستقراء التام الحاصل بتتبع نصوص الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات مراعاة الشارع لهذه الضروريات الخمسة والتفاته إليها في جميع أحكامه، ويستحيل أن يفوتها في شيء من أحكامه، بل جميع التكاليف الشرعية تدور حولها بالحفظ والصيانة"
الخطأ فى الكلام هو وجود الضرورات الخمس وهى فالنفس والعقل والنسل يعتبرون شىء واحد فالحفاظ على النفس من ضمنه الحفاظ على العقل ومن ضمنه الحفظ على النسل كما أن الحفاظ على الدين خطأ فالله حافظ على الدين بقوله" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والمراد صيانة دين النفس وهو الإسلام فى النفس بقتل من يرتد ثم قال:
"القاعدة الثانية: أن هذه الشريعة مبنية على جلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم وقد تواترت الأدلة على ذلك؛ فمنها: قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقوله سبحانه: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) ومن السنة: قوله (ص): (لا ضرر ولا ضرار)"
قطعا الشريعة مبنية على العدل سواء كان هذا العدل يجلب الضرر للعباد كفرض القتال وفرض القصاص فى القتل أو يحرم جلب النفع مثل تحريم حج الكفار مع ما كان فيه من منافع مالية وكذلك تحريم الخمر والميسر مع وجود منافع لهم ثم قال:
"القاعدة الثالثة: أن هذه الشريعة مبنية على التيسير والتخفيف ورفع الحرج والمشاق عن المكلفين وقد تواترت الأدلة على ذلك؛ فمنها: قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم) وقوله سبحانه: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ومن السنة: قوله (ص): (بعثت بالحنيفية السمحة) وقوله (ص): (يسروا ولا تعسروا)"
هناك فهم خاطىء لليسر والعسر فهما العدل والظلم لأن من الأحكام ما هو ثقيل على النفس عسير كالقتال وفيه قال تعالى " كتاب عليكم القتال وهو كره لكم" فالقتال واجب مع كراهية المسلمين له لأنه يتسبب فى قتلهم وجرحهم وتخريب بيوتهم وأموالهم ومساكنهم ثم قال:
"القاعدة الرابعة: أن الأحكام الشرعية مشروطة بالقدرة والاستطاعة
وقد دل على ذلك قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتها) ومن السنة قوله (ص): (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)"
وبعد ذلك حدثنا الجيزانى عن تعريف الضرورة فقال:
المطلب الأول: تعريف الضرورة لغة واصطلاحا :
المسألة الأولى: معنى الضرورة في اللغة :
يمكن إيضاح معنى الضرورة في اللغة في أربع نقاط:
1 أن أصل مادة (ضر) خلاف النفع
2 أن الضرورة تأتي بمعنى المشقة
3 أن الضرورة تأتي بمعنى الحاجة
4 أن الضرورة تأتي بمعنى: الحاجة والشدة لا مدفع لها وهي اسم لمصدر الاضطرار
والاضطرار: الاحتياج إلى الشيء؛ يقال: اضطره إليه: أحوجه وألجأه فاضطر ويقال: الضرورة والضارورة والضارور والضاروراء والجمع ضرورات "
والتعريف اللغوى ليس له أى لزوم ثم عرف الضرورة فى الاصطلاح فقال:
"المسألة الثانية: معنى الضرورة في الاصطلاح :
للضرورة بالمعنى الاصطلاحي عدة إطلاقات:
الإطلاق الأول: عند أهل الكلام؛ حيث تطلق الضرورة على ما لا يفتقر إلى نظر واستدلال، حيث تعلمه العامة؛ يقال: هذا معلوم بالضرورة، أي بالبديهة والضرورة بهذا الإطلاق مقابل العلم النظري
الإطلاق الثاني: عند العروضيين في الشعر؛ حيث تطلق الضرورة على: الحالة الداعية إلى أن يرتكب فيها ما لا يرتكب في النثر
الإطلاق الثالث: عند علماء الشريعة:يراد بالضرورة عند الفقهاء والأصوليين: الحاجة الشديدة الملجئة إلى مخالفة الحكم الشرعي
وقد تضمن هذا التعريف قيدين اثنين:
أولهما: أن الضرورة حاجة ملجئة لا مدفع لها، وهذا ما دل عليه المعنى اللغوي وثانيهما: أن الضرورة عذر معتبر شرعا، وسبب صحيح من أسباب الترخص، يقتضي مخالفة الحكم الشرعي"
الخطأ هنا هو أن الضرورة تقتضي مخالفة الحكم الشرعي فالضرورة هى الأخرى هى حكم شرعة فلا يمكن أن يخالف حكم شرعى إلا بحكم شرعى مماثل ثم قال الجيزانى:
"وبهذا يتبين أن الضرورة اجتمع فيها أصلان:
الأصل الأول: كونها من قبيل المصلحة، وهذا ما دل عليه قوله في التعريف: (الحاجة الشديدة) حيث إنها اختصت بأعلى درجات المصالح وأقواها، وهو كونها مصلحة ضرورية
الأصل الثاني: كونها سببا من أسباب الرخصة، وهذا ما دل عليه قوله في التعريف: (الملجئة إلى مخالفة الحكم الشرعي) حيث إن هذا السبب اختص بكونه أقوى الأعذار الموجبة للرخصة على الإطلاق، وهو الاضطرار"
كرر الرجل الخطأ السابق بالقول الملجئة إلى مخالفة الحكم الشرعي فحكم الضرورة وهو الاضطرار حكم شرعى بنصوص من الله ثم ناقش العلاقة بين الضرورة وما يقاربها من المصطلحات فقال:
"المطلب الثاني: العلاقة بين الضرورة وما يقاربها من المصطلحات:
"المسألة الأولى: العلاقة بين الضرورة والحاجة:
تتفق الضرورة والحاجة في أن كلا منهما يستدعي التيسير والتخفيف؛ حيث إن الضرورة والحاجة يشتركان في معنى واحد، وهو أصل المشقة، إلا أنهما يختلفان في مقدار المشقة ذلك أن المشقة في باب الضرورة مشقة فادحة غير عادية؛ إذ يترتب عليها التلف أو ما يقاربه، فالضرورة هي الحالة الملجئة التي لابد منها، فهي تستدعي إنقاذا ودفعا للهلاك
وأما المشقة في باب الحاجة؛ فإنها مشقة محتملة عادية، لا يترتب عليها الهلاك والتلف، وإنما يحصل معها الحرج والضيق، فالحاجة تستدعي تيسيرا وتسهيلا لأجل الحصول على المقصود ودفع هذه المشقة أو تلك يدخل تحت باب المصالح، ومن هنا كانت المصالح تنقسم إلى مصالح ضرورية ومصالح حاجية وأخرى تحسينية فالمصالح الضرورية نسبة إلى الضرورة، كما أن المصالح الحاجية نسبة إلى الحاجة
...ويقول في بيان النوع الثاني وهو المصالح الحاجية: وقد"جعل بعضهم المراتب خمسة: ضرورة، وحاجة، ومنفعة، وزينة، وفضول فالضرورة: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب؛ كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو وهذا يبيح تناول المحرم والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة وهذا لا يبيح المحرم وأما المنفعة: فكالذي يشتهي خبز الحنطة ولحم الغنم والطعام الدسم وأما الزينة: فكالمشتهي الحلو المتخذ من اللوز والسكر والثوب المنسوج من حرير وكتان وأما الفضول: فهو التوسع بأكل الحرام أو الشبهة؛ كمن يريد استعمال أواني الذهب أو شرب الخمر" والحاصل أن الضرورة هي أعلى المراتب ثم تأتي الحاجة وقد ترتب على هذا الفرق أثر عظيم؛ حيث إن الضرورة يباح معها الإقدام على ارتكاب المحظور في سبيل دفعها، وهذا ما دلت عليه قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات)
وهذا بخلاف الحاجة فإنها لا تبيح ارتكاب المحظور، لكنها تستدعي تيسيرا وتخفيفا، ..." ومن الأمثلة على الحاجة الخاصة: تضبيب الإناء بالفضة لإصلاح موضع الكسر، ولبس الحرير لحاجة الجرب والحكة ودفع القمل"
تقسيم المصالح لثلاث ثم لخمس هو تقسيم بشرى لا أساس له من الوحى ولا يوجد ما يسمى مصالح ضرورية ومصالح حاجية أو غيرها فالمصالح وهو اسم هو الأخر غير شرعى مختلفة فى كثير من المسائل ومن ثم كل مسألة تعالج حسب النص من الله فمثلا الأكل وضح الله أحكام الضرورة وهى الاضطرار فيه ومثلا الصوم وضح الله حكمه وهو الحفاظ على صحة المرضى والمسافرين ومثلا الهجرة وضح الله أحكام الضرورة فى الهجرة وهى العفو عمن لا يستطيع سبيل إليها ومثلا القتال وضح أحكام الضرورة وهو قطع الأشجار والزروع

ومن ثم لا ضرورة إلا بنص
البقية https://betalla.ahlamontada.com/t84168-topic#87230
 
أعلى