قراءة فى كتاب احفظ الله يحفظك

رضا البطاوى

عضو ذهبي
قراءة فى كتاب احفظ الله يحفظك
الكتاب من تأليف مثنى النعيمي وهو يدور عن حفظ الله وأسبابه ومعناه وقد استهل النعيمى الكتاب بمقدمة عن سبب تأليف الكتاب وأنه جمع مادته من قراءاته عن الموضوع فى كتب مختلفة فقال:
"وبعد قبل فترة بدأت بقراءة كتاب قيم لإبن القيم عن شرح أسماء الله الحسنى - وهو كتاب قيم وشرحه رائع جدا - فوصلت فيه إلى اسم الله سبحانه {الحافظ}، فاستوقفني معناه ، حيث قال الشارح:الحافظ: معناه الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه ودنياه، وهو سبحانه {الحافظ} له حفظ، إلى آخر ما قال الصائن عبده عن أسباب الهلكة توقفت عندها لأسترجع بعض مما قرأت وما حدث معي لأستشعر هذا المعنى المبارك، هلم معي أيها الموفق لبعض من هذه المواقف:
أورد اللواء الركن محمود شيت خطاب في كتابه عدالة السماء قصة عنوانها " لا حارس كالأجل " قصة ينقلها عن والده جاء فيها: كان والدي يحدثني عن طفل تسلل من أهله خلسة، وارتقى سلالم منارة {الحدباء} في الموصل -وهي منارة شاهقة الطول تقع في الجامع الكبير الذي بناه نور الدين زنكي ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا - وتعد من مفاخر البناء الإسلامي في الموصل، ولشهرة هذه المنارة التي ترتفع في الجامع الكبير أطلق اسمها على مدينة الموصل، فسميت باسم المنارة: الحدباء وحين استقر الطفل في المنارة، صعد إلى الحائط الدائري الذي يلف ذروة المنارة، فزلت قدمه وسقط من الأعلى على سرير من أسرة المقهى الموجود في أسفل قاعدة المنارة على الأرض وأحدث سقوطه صوتا عاليا، هرع على أثره صاحب المقهى ليرى ما حدث، فهرب الطفل وهو يقول " والله عمي ما على القسط " ولم يكن من الطفل بأس، وبعدها عاش ستين عاما، مات بعدها على أثر زلة قدمه في بلاط داره!
وقد أورد الشيخ علي الطنطاوي في كتابه " فصول اجتماعية قصصا من هذا القبيل، حيث قال: كان مما تعلمناه من الدعاء: " اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه "
ولقد وقعت لي أنا واقعة مر عليها الآن أكثر من ثلث قرن ولا أزال أذكرها جيدا، أراها واضحة أمامي كأنما كانت بالأمس كنا نصطاف في قرية من قرى الجبل يقال لها " مضايا "، تبعد عن دمشق خمسين كيلا، وكنا قد استأجرنا دارا في الجبل، وكانت بنتي تلعب على السطح، ولم يكن للسطح حواجز، فسقطت عن علو سبعة أمتار على الصخر اليابس وانقطع صوتها، وهبطت السلم وأنا لا أبصر ما أمامي حتى وصلت إليها فحملتها، ولست أدري أأحمل جثة ميتة أم أحمل معها الرجاء بحياتها وشفائها؟ وأخذتها إلى مستوصف القرية، وكان فيه طبيب أعرفه، فطمأنني أنها لا تزال على قيد الحياة ولكنها تحتاج إلى عمليها عاجلة، فركبت أول سيارة ونزلت إلى دمشق، إلى مستشفى كلية الطب، وكان فيه جراح اسمه اللبابيدي فأجرى لها عمليات وفقه الله فيها وجعل على يديه شفاءها ومما ذكره أيضا أن بنتان تسقطان من عمارة عالية ثم تنجوان، والشيخ إبراهيم الراوي سنة 1936 في المسجد {مسجد سيد سلطان علي} في بغداد، الذي يبقى فيه أكثر نهاره ويلقي فيه جل دروسه، عثر بسجادة وضعت فوق الأخرى، لا تعلو عنها إلا عرض أصبع واحدة فكان سقوطه في موته ومما رواه أيضا " ورأيت بعيني مرة في دمشق مشهدا لا ينساه من رآه لما كان عندنا خط الترام الذي يصعد إلى حي المهاجرين على سفح قاسيون كان نازلا مرة في العفيف إلى الجسر الأبيض وبينهما منحدر مائل، وقد افلت مقوده من يد السائق الذي يسوقه، فهبط مثل البلاء النازل، وكان أمامه بين الخطين امرأة مسنة {كأني أراها الآن بملاءتها وحجابها}، لما أبصرته جمد الخوف دمها وأيبس عضلاتها فلم تستطع أن تبارح مكانها، وأغمض الناس عيونهم وأغمضت عيني معهم لأننا لا نستطيع أن نصنع شيئا، ومن يرد الترام وهو مندفع بثقله وانحدار خطيه؟ فلم نفتح عيوننا حتى سمعنا رجة قوية، وإذا الترام قبل أن يصل إلى هذه المرأة -فيسحقها سحقا ويخلط عظمها بلحمها- قد خرج عن الخط، ومال ميلة إلى جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار جدار من الطين وراءه غرفتان من دار قديمة، فشق على أهل الدار الجدار ودخل عليهم وهم في الدار "
حكى النعيمى كل هذه الحكايات لكى يقول لنا أن الحوادث كلها بقدر الله وأن ما نعتقده ينتج عن كذا وكذا قد ينتج غيره وفى هذا قال:
"لا تقولوا إنها مصادفات، فليس في الكون مصادفات، ولكنها أمور مقدرات في علم الله محسوبات، مسجلات في كتاب القدر، والله لا يظلم أحدا ولا يضيع حقا على أحد، فلم يبق لنا إلا التسليم والعجب: المرأة بين خطي الترام ذهبت إلى بيتها ماشية على رجليها، والذين كانوا في بيتهم، قد أغلقوا عليهم أبوابهم، شق عليهم الترام الجدار، وولج الدار، "
يقول الطنطاوي فمن أدركه لطف الله فقد نجا كما، ورحم الله القائل:
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان"
ثم أكمل النعيمى حكاياته التى تبدو كحكايات العامة عندما يريدون إثبات شىء ما عن طريق الحكى حتى وإن الكثير منه لا أساس له فقال:
"استرسلت في استذكار بعض من الأحداث التي مررت بها في حياتي، فتذكرت موقفا لا يغيب عن بالي وأذكره دوما، أذكر يوما أني سافرت لبلد ما، في ذلك اليوم كانت الطائرة التي تطير بنا حديثة الصنع وعالية السرعة ومتطورة تقنيا كان ذلك عام 2009، وأذكر أني كنت أجلس خلف مقاعد الدرجة الأولى، ربطنا الأحزمة وأقلعت الطائرة وبينما هي تطير بسلام، وفجأة! مطبات جوية عنيفة كافية بأن تجفف الدم في عروقك، أقبل أحد المضيفين إلى مقعد قريب مني، فنظر إلي وقال: هل أنت خائف!قلت: نعم قال: لا تخف طالما الأمور بيد الله فسنكون بخير، وأردف قائلا ليخفف عني: أذكر مرة أننا مررنا بمطبات جوية بقينا فيها أكثر من ساعة ونصف وباتت الطائرة أشبه بورقة تضربها الريح يمينا وشمالا وبصعوبة بالغة كان قائد الطائرة يستطيع السيطرة عليها، وبعد ساعة ونصف واصلنا المسير بأمان وزالت المطبات والحمد لله الذي كتب لنا النجاة
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن وصلنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن و في دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله "
ما حكاه الرجل يرجعه إلى حفظ الله وأن هذا الحفظ يكون بسبب صلاح من نجا وهو كلام غير صحيح فبقاء المرء على قيد الحياة لا علاقة له بصلاحه ولا بفساده لأن هذا هو ما قدره أى ما كتبه عنده فى لوح القضاء وهو الكتاب المبين ولو كان الأمر كما يقول النعيمى لكان المجاهدون خاصة الشهداء هم أسوأ خلق الله لأن الله لم يحفظهم من الموت الشنيع فى القتال حيث تتمزق أجسادهم وتنفجر وتحترق وتتفرق أشلاء ومع هذا فهم أفضل خلق الله كما قال :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وبعد ذلك شرح اسم الله الحافظ أو الحفيظ فقال:
"وقفات: قلت مستعينا بالله:
* ما معنى اسم الله الحفيظ؟
الجواب: ورد اسم الحافظ في قوله : {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} وسمى الله عز وجل نفسه في مواضع من كتابه بـ " الحفيظ " أيضا، قال : {إن ربي على كل شيء حفيظ}
قال الخطابي {الحفيظ: هو الحافظ، فعيل بمعنى فاعل، كالقدير والعليم، يحفظ السموات والأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تدثر، كقوله : {ولا يؤوده حفظهما} وقال: {وحفظا من كل شيطان مارد} وهو الذي يحفظ عبده من المهالك والمعاطب ويقيه مصارع السوء، كقوله سبحانه: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}أي: بأمره ويحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، ولا تغيب عنه غائبة، ولا تخفى عليه خافية ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم عن مكايدة الشيطان، ليسلموا من شره وفتنته}
*إني أكتب لأذكر نفسي وإياك بنعم الله عز وجل * أكتب لأذكرك كم من مرة وقعنا فيها في مصاعب وأصابتنا الهموم والغموم فكشفها الله سبحانه عنا على تقصيرنا، وكم قل لنا شكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فاللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين لفضلك ونعمك
* كل ما يصيبنا هو خير لنا علمنا أم لم نعلم، فإذا كانت الشوكة التي يشاكها المسلم كفارة لذنوبه، فما بالك بما هو أكبر من ذلك!
*" أيها القلب إطمئن يقول الشيخ السعدي : {الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات، ولطف بهم في الحركات والسكنات} منتهى الحفظ عنده، وغاية الرعاية لديه، وأقصى الطمأنينة ستكون وأنت بمعيته يحفظ عبده، لذلك نقول دائما: اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يمين وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
إنك تستحفظ الله جهاتك الست، إنك تطلب منه هالة حفظ تحوطك من جميع الجهات ولا يقدر على ذلك إلا هو يحفظ سمعك وبصرك، لذلك ندعوه في الصباح والمساء أن: اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري ستفقد الجهاز الذي تستطيع به فهم هذا العالم إن فقدت سمعك وبصرك، وستعيش في عزلة سوداء، ستخنقك الدنيا في بصمتها!
الحفيظ هو من يحفظ سمعك، الذي تسمع به الحرام، ولو شاء لأذهبه في لحظة ويحفظ بصرك الذي تنظر به للحرام، ولو شاء الله لأذهبه في لحظة ىيحفظ دينك، لذلك تناجيه في السجود أن يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، يقول {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} "
النعيمى هنا يأخذ الأمر مأخذا خاطئا فإذا كان الله هو الحافظ أو الحفيظ فهو المهلك المدمر كما قال تعالى :
" فدمرناها تدميرها"
وقال:
""أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم"
ومن ثم فالله يهلك كما يحفظ ومن ثم لا يمكن أن نذكر الله الحفيظ وإلا ونذكر الله المجازى المعاقب المهلك سريع الحساب سريع العقاب شديد العقاب
وقد أخبرنا فى الدنيا أنه بتلى بالشر كما يبتلى بالخير وفى هذا قال سبحانه:
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثم قال :
"لأجلك أنت يأمر الحفيظ سبحانه أربعة ملائكة أن يحيطوا بك حتى يحفظوك بأمره من كل ما لم يقدره عليك كيف لا يكون حفيظا وقد أوكل بك هذا العدد من ملائكته الكرام حتى يصدوا عنك أي طلقة لم يشأ سبحانه أن تخترق جسدك، وأي صخرة لم يرد سبحانه أن تنهي حياتك، بل وأي بعوضة لم يشأ سبحانه أن تؤذي بشرتك "
الخطأ هنا وجود أربعة ملائكة فى الأرض يحيطون بالإنسان وهو ما يعارض عدم وجود ملائكة فى الأرض لقوله تعالى "وكم من ملك فى السموات" والسبب أنهم لا يطمئنون فى مشيهم فى الأرض وفى هذا قال تعالى :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال:"ومن صور حفظ الله أنه سبحانه يدافع عن المؤمنين {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}"
البقية https://betalla.ahlamontada.com/t84225-topic#87287
 
أعلى