نقد كتاب العزائم والرخص

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب العزائم والرخص
الكتاب تأليف عبد العزيز الطريفي وموضوعه كما هو ظاهر من العنوان الواجبات والرخص وتحدث الطريفى عن يسر الدين وسهولته فقال"
"أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل هذا الدين دين يسر وسهولة, ولهذا قال النبي (ص): (إن هذا الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) , وقد جاء في ذلك من الآيات ومن الأحاديث عن رسول الله (ص) شيء كثير جدا ويكفي أن الأصل المتقرر أن الله سبحانه وتعالى ما جاء بهذا الدين, وأنزل كتابه العظيم على نبينا محمد (ص), وجعل الأوامر والنواهي إلا رحمة بالناس, وشفقة عليهم, ومقتضى الشفقة والرحمة هو أن يكون الدين يسيرا سهلا, واليسر والسهولة مآلها ومردها إلى إدراك أصحاب الفطر السليمة, وليس الشاذة، ومن نظر إلى الآيات من كلام الله سبحانه وتعالى, وكلام رسول الله (ص) في هذا الباب؛ وجد شيئا كثيرا مما لا يمكن للإنسان أن يحصيه في كتاب ومن ذلك ما قاله الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقول الله جل وعلا: وما جعل عليكم في الدين من حرج [وما جاء عن رسول الله (ص) من أحاديث كثيرة, منها ما رواه البخاري من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: (إن هذا الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) ومن ذلك أيضا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله (ص) قال: (إن الله لم يبعثني معنتا ولا متنعتا, وإنما بعثني ميسرا) , وكذلك ما رواه الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله: (أن خذوا برخصة الله التي رخص لكم).وكذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده, بنحو حديث جابر بن عبد الله وفيه: (إن خير دينكم أيسره) , وذلك لرجوعه إلى الأصل العظيم, وهو اليسر, وعليه بنيت الشريعة, وإليه مآل سائر الأحكام, وإن خالف في ذلك بعض أصحاب الأضواء وأصحاب النظر البعيد عن الشرع, باتهام تكاليف الشرعية بأنها شاقة, ويكفي في ذلك قول الله سبحانه وتعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها."
وكلام الرجل صحيح إلا رواية (إن خير دينكم أيسره) لأن الدين ليس فيه خير وشر فديننا كله خير كما قال تعالى " قالوا ماذا أنزل ربكم خير" وقال"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم"
ثم حدثنا عن كمال الدين فقال:
"شريعة الله جاءت كاملة, متكاملة لا نقصان فيها, كاملة من جميع الوجوه باشتمالها على سائر الأحكام الشرعية من غير نقصان, وكذلك بتحقيق سائر المقاصد, والشرع ما ترك مقصدا من المقاصد العظيمة إلا وقد جاء بتتميمها, ويدخل في هذا كله قول الله سبحانه وتعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا
شريعة الله أصلها التيسير, ولما كان الإنسان هو الذي ينظر إلى التكاليف وإليه مرد المشقة والتيسير, كان الإسلام دين الفطرة, وهي التي فطر الله عز وجل الناس عليها, كما قال الله جل وعلا: فطرة الله التي فطر الناس عليها , وكما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) , وهذا أصل التسهيل والتيسير في دين الله؛ وذلك أن فطرة الله التي فطر الناس عليها موافقة للنصوص, وهذا أعظم التيسير؛ أن يأتي التكليف موافقا لرغبة الإنسان وفطرته, فلا يكون فيه كلفة, وهذا معلوم ملموس ويكفي في هذا قليل من إمعان النظر لإدراك حكمة الله عز وجل في جعل أوامر الشرع موافقة لفطرة الإنسان, فكان التكامل في هذا علامة ظاهرة ليسر هذا الدين وكماله وعدم مشقته؛ ولهذا نفى الله عز وجل المشقة على الإطلاق: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
وما قاله صحيح والخطأ فى كلامه هنا الرواية والاستدلال بها على وجود فطرة فى نفوس الناس وهو كلام منافى للحقيقة وهى ولادة كل الناس وهم جهلة بكل شىء لا علم لهم بخير أو شر وفى هذا قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ثم حدثنا عن الحكمة من التشديد في المنهيات أكثر من المأمورات فقال:
" الحكمة من التشديد في المنهيات أكثر من المأمورات في الشريعة"
من نظر إلى الشريعة الإسلامية من جهة الإجمال وجد أن الشريعة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مأمورات والقسم الثاني: منهيات, ويدخل في المأمورات ما كان على وجه الإلزام والتأكيد, وما هو دون ذلك, وكذلك المنهيات، يدخل فيها ما كان على سبيل الإلزام والتأكيد, وما هو دون ذلك.
ويخرج من هذا -على قول بعضهم- الأصل؛ وهو ما كان أصله الإباحة, فهذان الأصلان: المنهيات, والمأمورات, من نظر فيهما وجد أن عليهما تدور أحكام الشرع"
الخطأ فى التقسيم هو أن المأمورات نوع واحد بينما هما على نوعين
الأول مأمورات إجبارية فهى حكم واحد يجب تنفيذه كالصلاة
الثانى مأمورات اختيارية حيث يخير الله فيها المسلم بين فعلين أو أكثر مثل تخيير أهل القتيل فى القصاص والعفو بلا دية والعفو بدية كما قال سبحانه:
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
ومثل تخيير أهل المطلقة أو المطلقة قبل الدخول برد نصف المهر أو رد المهر كله كما قال سبحانه
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى"
وتحدث عن كون المأمور فيه كلفة ومشقة والمنهى ليس فيه فقال:

"وكذلك في حال المقارنة يجد الإنسان أن الله عز وجل قد أكد النواهي وشدد فيها أكثر من تشديده على المأمورات؛ وذلك أن المأمور يلزم منه تكلفة ومشقة, بخلاف المنهي, فإنه لا يلزم منه تكلفة ومشقة, فإن الإنسان الأصل في فطرته العجز, والله عز وجل قد وهبه القدرة, فلما كان النهي يقتضي الامتناع والكف, وهو الموافق لحال الإنسان من غير هبة الله عز وجل له القدرة, كان النهي أشد من هذا الباب؛ لكون التيسير فيه أظهر وأبين, بخلاف المأمور فإنه يلزم له القوة والإدراك, وكذلك التكليف, فكان حينئذ الأمر من جهة الشرع أهون بالنسبة للمنهيات, وهذا ظاهر, فإن من نظر إلى الآي من كلام الله سبحانه وتعالى, وكلام رسول الله (ص), وجد هذا ظاهرا لهذا يقول النبي (ص): (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم, وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه) , فأكد على الاجتناب, وعلق الأمر بالاستطاعة في الأمر؛ لأن الأمر في قوله (ص): (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) يقتضي كلفة ومشقة فضلا عن الأصل الذي خلق عليه الإنسان وهو العجز وأما النهي فإنه يجب على الإنسان أن ينتهي عنه جملة؛ لأن الأصل في حاله العجز,

البقية https://betalla.ahlamontada.com/t84304-topic#87366
 
أعلى