نقد كتاب التأثير الصوتي للقرآن الكريم

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب التأثير الصوتي للقرآن الكريم
المؤلف هو عادل أبو شعر من أهل العصر فى سوريا وهو يدور حول التأثير الصوتي للقرآن الكريم بمعنى غريب لم يقل به الله ولا رسوله(ص) وهو الاستحواذ على قلوب البشر من خلال التفنن الصوتى فى القراءة وفى مقدمته قال أبو شعر:
"وبعد: فهذا موضوع مختصر أتناول فيه الأثر الصوتي للقرآن الكريم على المستمعين له، المتذوقين للطائفه، الغائصين في بحوره. ولا أبتدع فيه ابتداعا من خارجه، أو أحدث فيه ما ليس منه، فما كان لي أن أفعل ذلك، بل هو موضوع ذوقي لطيف مستنبط من الكيفية المنقولة إلينا بالتواتر، " فتأمل هذه الأسرار بقلبك، والحظها بعناية فكرك، ولا يزهدنك فيها نبو أكثر طباع الناس عنها، واشتغال المعلمين بظاهر من الحياة الدنيا عن الفكر فيها، والتنبيه عليها، فإني لم أفحص عن هذه الأسرار ... إلا قصدا للتفكر والاعتبار، في حكمته من خلق الإنسان، وتعليمه البيان، فإنه الخالق للعبارات، والمقدر للإشارات، ألا له الخلق والأمر وهو اللطيف الخبير، فمتى لاح لك من هذه الأسرار سر، وكشف لك عن مكنونها فكر، فاشكر الواهب للنعمى، وقل رب زدني علما"
استهل أبو شعر الكتاب بالحديث عن معنى التجويد والترتيل حيث قال:
"وقبل البدء لا بد من مقدمة أساسية للموضوع عناصرها كالتالي:
- القرآن الكريم وصلنا من طريقين: صوتي منطوق، ورسمي مكتوب.
- التجويد: هو تلاوة القرآن بالكيفية المتلقاة من النبي (ص)، التي لقنها صحابته - رضي الله عنهم -، فلقنوها من بعدهم وهكذا إلى عصرنا هذا. وتفخر الأمة الإسلامية على جميع أمم الأرض بهذا النقل الصوتي للقرآن المجيد.
الترتيل: هو الترسل والتبيين، قال تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} ، أي بينه تبيينا، ونسب الله تعالى الترتيل إليه في موضع آخر، {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}
-. شرح النبي (ص) معنى الترتيل المذكور في الآيتين، ذكر الإمام الحافظ أبو العلاء الهمذاني (ت 569 هـ) بسنده إلى ابن عباس ، قال: "قال رسول الله (ص): يا ابن عباس، إذا قرأت القرآن فرتله ترتيلا، فقلت: يا رسول الله، وما الترتيل؟ قال: بينه تبيينا، لا تنثره نثر الدقل ولا تهذه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة" والتبيين المذكور في الحديث يقتضي وضوح الحروف وإخراجها من مخارجها الصحيحة ومراعاة أحكام التجويد فيها على الكيفية المتلقاة من الحضرة الأفصحية النبوية (ص)"
أبو شعر هنا يحدثنا عما يسمونه التغنى بالقرآن وهو مقولة باطلة فالله لم يرد من قراءة القرآن الاعجاب بالقراءات الصوتية ولا بالانسجام الصوتى ولا قال شىء مما يدور فى أذهان الناس من الخبل الذى يقولونه عند سماع القرآن مثل أحسنت بلغت القمة ولا حتى كلمه الله التى تقال معنى عير معنى كونه الإله وإنما بمعنى حلاوة الصوت وجماله لقد ابتليت ألأمة بهذا البلاء فبدلا من تدبر القرآن وهو تذكر أى معرفة أحكام الشرع وهو فهم مراد الله وطاعته كما قال تعالى " "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"
أصبح القرآن مجرد أصوات تتلى ولا أحد يطيع أحكام الله ويبدو أن المغنيين الذين يسمونهم قراء القرآن قد اتفقوا من غير أن يتفقوا على تجريد القرآن من تعلم الأحكام فتجد ما يقرأ فى المآتم والمعازى هو مجموعة سور قليلة ومجموعة آيات من سور تتكرر ليس فيها من الحكام إلا القليل جدا فتتم قراءة أو مجموعة قصص يوسف ومريم وزكريا والبقرة والفاتحة وبعض قصار السور
نحن أمام مصيبة من المصائب يبدو أن أول من اخترعوها كان الحكام الكفرة المتسمين بأسماء المسلمين من قرون عديدة فالقراء بأوامر منهم طلب منهم أن يقتصروا على سور وآيات معينى لا بتعلم المسلمون شيئا منها
ثم أخبرنا الرجل بالتالى:
"- ظواهر علم التجويد الصوتية مأخوذة من كلام العرب، قال سيبويه: "ولكن العباد إنما كلموا بكلامهم، وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون" ، وتحدث سيبويه عن مخارج الحروف وصفاتها وظواهر تجاور الحروف كالإدغام والإظهار بمثل ما يتحدث عنه المجودون، بل إن من أهل التجويد من عول عليه كالداني في كتابه "التحديد في الإتقان والتجويد"، وعبد الوهاب القرطبي في كتابه "الموضح في التجويد".
- عدد أصوات الحروف في العربية تسعة وعشرون صوتا هي المادة الخام للغة، وهذه الوحدات الصوتية التسعة والعشرون تؤدي كل أنواع النشاط اللغوي شعرا ونثرا وتخاطبا عاديا، وتتشكل لتكون اللغة، إذ هي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، كما يقول ابن جني.
- الآية هي الوحدة الترتيلية التي يتألف منها النظم القرآني، صرح المعجزة البيانية الإلهية .
- الآيات القرآنية تستعمل اللغة بكل طاقتها التأثيرية والتعبيرية والخطية من أجل الوصول إلى المعنى بمعنى أن القرآن يختار عبارته لسبك تركيبها ووضوح معناها، واتجاهها إلى الصراحة أو التلميح، ولمناسبتها للغرض إيجازا وإطنابا، وحقيقة ومجازا، ولحسن جرسها ثم لانسجامها مع أخواتها وبيئتها من السياق وتفضيلها بعض المفردات على بعض بحسب أهميتها، وهذا ما يخص النظم، ويتعلق بحاسة الإدراك، وبحثنا يتناول الجانب الصوتي بشكل أساسي، وسيتناول الجانب الكتابي للقرآن الكريم في موطن آخر إن شاء الله تعالى، وهكذا تتضافر كل هذه الطاقات لتصل رسالة الله إلى فؤاد المتلقي وسمعه وبصره"
وما قيل الفقرة السابقة لا يقود المسلم لوصول رسالة الله بل يقود على تجهيل المسلم فالقرآن المطلوب هو أن يستمع الناس للبعض منهم وهو عكس ما أمر الله به فالقراءة مطلوبة من كل المسلمين كما فى الأمر الإلهى :
"فاقرءوا ما تيسر من القرآن "
الحكام الكفار منذ قرون حولوا الدفة من الحق للباطل وذلك من خلال اختراع روايات عن أن قراءة الإمام لمن خلفه كأنهم قرءوا فالمطلوب هو مجرد ان يكونوا مستمعين وأمروا من يعلم من القراء أن يسير على نهج معين وهذا النهج هو ما تقوم به الأجهزة الأمنية والمخابراتية حاليا من خلال البعد عن كل آيات القتال والجهاد وعدم قراءة الآيات التى فيها الأحكام التى يجب طاعتها ومن ثم صار أكثر من 99% من الناس جهلة جهل غير عادى بأحكام القرآن حتى الأحكام التى يجب أن يسيروا عليها فى حياتهم الزوجية أصبحت مصدرا لتساؤلاتهم والمفروض أن المسلم لا يمكن أن يتزوج إلا إذا كان يعرف كل أحكام الزواج والطلاق
وأدخلنا أبو شعر فى المتاهة الصوتية فقال:
"التأثير الصوتي للقرآن الكريم
استمع المشركون لهذا القرآن فسحرهم بجرسه وفصاحته وبلاغته، وقال قائلهم: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى هناك مؤثرات سمعية انطباعية ذات وقع تأثيري على الوجدان، تدركها المعرفة ولا تحيط بها الصفة، أي لا يعرف مصدر تأثيرها، وهذه المؤثرات هي التي استعملها القرآن، وهي أحد أسباب رشاقة الأسلوب وارتياح النفس، وتتلخص في: حكاية الصوت، والانسجام الصوتي الخاص، وفواصل الآيات، والمناسبة الصوتية، والانسجام الصوتي العام."
كما قلت المطلوب ليس أن يسلم الناس من خلال طاعة القرآن ولكن أن يقولوا كما قال الكافر إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى
ماذا استفدنا من التغنى من حلاوة الكلام ؟
كلام ضالين مضلين أرادوا صرف المسلمين عن إسلامهم فكيف تتعلم أحكام الإسلام إن لم تقرأ القرآن كله ؟
ثم ما هى الحلاوة والجمال مثلا فى الكثير من الجمل التى يقصها عن الكفرة مثا قول فرعون أنا ربكم الأعلى ؟ هل هذا كلام جميل أو حلو إنه كلام قبيح لكون كلام كفر
إن الضالين المضلين أرادوا أن يكون الناس مجرد قطيع يهش بالعصا فيسير سواء كان السير إلى هاوية أو على نفع
ثم تحدث أبو شعر عن حكاية الصوت، والمناسبة الصوتية فقال:
"أولا: حكاية الصوت، والمناسبة الصوتية:
حكاية الصوت: هي اختيار جرس الحرف المناسب للمعنى المطلوب، ومصطلح "الحكاية" قديم استعمله الخليل في العين، قال: "آه: حكاية المتأوه في صوته، وقد يفعله الإنسان من التوجع ... فأخرج نفسه بهذا الصوت لينفرج عنه ما به". والمناسبة الصوتية: هي تجاور الحروف بانسجام صوتي متلائم وعدم تنافرها.
- وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا"
إننا لو نظرنا إلى هذه الآية لوجدناها تحكي ذلك الجو المهيب يوم القيامة الذي تخشع فيه الأصوات، ولأجل تصوير هذا المشهد استعملت حروف الهمس (فحثه شخص سكت) بكثرة في الآية، وهي حروف خفية لا وضوح لها في السمع، والله أعلم.
- {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض .. ) كلمتا: (انفروا) و (اثاقلتم) نلاحظ أن الكلمة الأولى تتألف من ثلاثة مقاطع: الأول متحرك فساكن مخفى بغنة، والثاني والثالث متحركان، وهي في مجموعها تعني السرعة في الانطلاق خاصة مع الفاء والراء، أما الكلمة الثانية فتتألف من أربعة مقاطع صوتية كل منها متحرك فساكن، فهي تصور معنى التباطؤ وشدة الانجذاب إلى الدنيا ومتاعها، وكان يمكن أن تستعمل كلمة: (تثاقلتم)، لكن هذا التشديد الذي استعمل في الآية قد أعطى ظلالا أوفى للمعنى المقصود
- {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}
- ... {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}

 

رضا البطاوى

عضو ذهبي
كلمة
smile.gif
أعهد) اجتمعت في هذه الكلمة حروف ظاهرها التنافر وعدم الائتلاف في كلمة واحدة، وهي الهمزة والعين والهاء، إلا أن اجتماعها هنا مقصود لذاته، فهذا العهد بالابتعاد عن تزيين الشيطان وفتنته فيه ثقل على النفس، فاجتمعت هذه الحروف على ثقلها لتصور المعنى المقصود. كما أن هناك لطيفة أخرى، وهو أن هذا العهد قديم يذكرنا بالسبب الذي أخرج أبوينا من الجنة، فجاءت هذه الحروف وهي أعمق الحروف مخرجا وأبعدها عن الفم لتصور ذلك العهد، والله أعلم.

- {قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون} كلمة) يهدي) التشديد في الدال جاء ليبلغ رسالة خاصة حول ملحظ استعمال الفعل بهذه الصورة هو أن هذا الشخص لا يهتدي بنفسه، وأنه يحتاج إلى من يقوده إلى الهدى وكان يمكن أن يستعمل كلمة: (يهتدي) من غير تشديد، إلا أنها لن تؤدي هذا الغرض كما أدته الكلمة بهذه الصورة، والله أعلم.
- {فكبكبوا فيها هم والغاوون} كلمة: (فكبكبوا) تعني: وقع بعضهم فيها فوق بعض، كبا عنيفا فظيعا، فاستعمل لهذا المعنى الكاف والباء مضاعفين، وهما من حروف الشدة التي ينحبس فيها الصوت انحباسا كاملا مع مراوحة وتوازن بين الحركة والسكون، والله أعلم.
الخلاصة: حكاية الصوت والمناسبة الصوتية تستعملان للوصول إلى أغراض إيحائية تضيف إلى معاني الألفاظ أبعادا إضافية ما كان لها أن تتحقق لولا ما تحملانه من طاقة إيحائية تؤثر على وجدان السامعين، وهذه الطاقة الإيحائية تعادل الأخذ بالوجوه الذي يستعمله الخطيب لإفهام الحاضرين."
نلاحظ أن الكلام هنا كلام خاطىء فكلمات اللغة داخل وخارج القرآن متشابهة ومن ثم سواء كانت الكلمة هنا أو هناك واحدة تباعدت حروفها أو قربت أو همست أو جهرت ...

هذا الكلام يذكرنا بفعل الكهان الذين استعملوا السجع للضحك على الناس وفعل القراء هنا هو نفسه فعل الكهنة وهو أنهم يريدون مهللين بلا فهم مخدوعين مبعدين عن الحقائق وهى الأحكام
ابو شعر يقول فى الخلاصة أن حكاية الصوت والمناسبة الصوتية تضيف إلى معاني الألفاظ أبعادا إضافية وهل هناك لمعنى الجملة من كلام الله إلا معنى واحد ليس لها أبعاد معنى يفهمه كل الناس كما قال تعالى :
"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم"
ويحدثنا الرجل عن وعظ الخطيب والتغنى بالقرآن فيقول:
"وما يستعمله الخطيب على المنبر من مؤثرات صوتية وحركية لا يجوز استعمالها في القرآن الكريم؛ لأنها من شأن لغة الخطاب، وقد رأيت بعض الناس يستعمل حركة اليد أثناء التلاوة، ويرفع صوته في مكان ويخفضه في مكان آخر، ويدعي أن هذه الحركات تزيد المعنى وضوحا، وهي قراءة تفسيرية للنص، فإذا كان ما ادعاه صحيحا فلماذا لم ينقل عنه (ص) ولا عن واحد من صحابته أنه استعمله في التلاوة؛ ذلك لأن هذا الاستعمال هو من شأن لغة الخطاب والأساليب التي اعتادها الناس في كلامهم وهذه يصيبها عوامل التغير والتطور اللغوي.
وقد نقل الصحابة حديث النبي اليومي (ص) كحديث: "أنا وكافل اليتيم كهاتين" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، وحديث: "التقوى ههنا"، وأشار إلى صدره ثلاث مرات، لكنهم حين وصفوا تلاوته (ص) ذكروا بأنه كان يتخشع ويتحزن بها، ولعل في الآية الكريمة التالية ما يدل على هذا المعنى، {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} "
أبو شعر هنا يحدثنا أن أساليب الخطيب الحركية لا تجوز فى التغنى بالقرآن وهو كلام يتعارض مع الغرض الذى يقول به من الطاقة الايحائية بينما الله بين أن قراءة القرآن هى الصلاة وأن الغرض منها هو معرفة أحكام الله لطاعتها وهذه القراءة تستلزم ندرة الحركة
ثم حدثنا أبو شعر عن الانسجام الصوتي الخاص فقال:
"ثانيا: الانسجام الصوتي الخاص:
وينقسم إلى:
1. انسجام صوتي خاص متوازن بين الحركات والسواكن غير موزون بأوزان الشعر.
2. انسجام ترتيلي خاص ناشئ من مراعاة أحكام التجويد كالمدود والغنة والإدغام، غير جار على صنعة الغناء.
أمثلة من الانسجام الصوتي المتوازن بين الحركات والسكون
- {الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة}
- {فإذا جاءت الطامة الكبرى}
- {فإذا جاءت الصاخة}
- {القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة}
لو تأملنا الآيات السابقة لوجدناها تشترك في موضوع واحد هو هول يوم القيامة، فكان من المناسب جدا استعمال حروف التفخيم (القاف والطاء والصاد والخاء)، بخلاف ما لو استعمل غيرها، أضف إلى هذا المد الطويل اللازم الذي يمد بمقدار ست حركات عند أهل التجويد؛ ليعمل الإنسان فكره في هذا اليوم، لكن الروعة تكمن في التوازن بين الحركة الطويلة (المد) والسكون المشدد المفاجئ، ثم التنفيس بحرف الهاء في أواخر الكلمات، والله أعلم.
- {وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل}
كلمة: {يصطرخون} استعمال صيغة الافتعال تدل على شدة الصراخ والصياح، وكان من المناسب لهذا المعنى استعمال حروف التفخيم الصاد والطاء والخاء، وكذا التوازن المنسجم بين الحركة والسكون في الآية؛ فهذه الكلمة تتألف من خمسة مقاطع صوتية: متحرك فساكن، ثم أربعة متحركات بينهما متحرك بحركة طويلة، ليدل المد الطبيعي في هذه الآية على الصراخ الممتد المتصل من هؤلاء، والله أعلم.
- {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم}
تأمل كلمة: {زقوم} كيف جاءت لتصور طعام الضالين المكذبين، الزاي صوت رخو، والقاف صوت شديد ينحبس فيه الصوت انحباسا كاملا ومخرجه قريب من البلعوم، والميم صوت شديد في أصله أنفي يخرج بإطباق الشفتين، ويكمن التأثير بالإضافة إلى جرس الحرف في الانسجام بين المتحرك الرخو والمشدد الشديد ثم المد، وهي توحي بأن ثمرة هذه الشجرة تستعصي على البلع ويطول استعصاؤها بإيحاء تشديد القاف وطول الواو وإطباق الشفتين في الميم.
وهذا الطعام المستعصي ذكرت ماهيته في آية كريمة أخرى، قال تعالى: {إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما}
- {من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس}
كلمتا: {الوسواس} و {يوسوس} يتكرر فيها حرف السين، وهو من حروف الصفير التي تجري في مجرى ضيق بين طرف اللسان والأسنان الأمامية، وهو أيضا من الحروف الخفية المهموسة، وهي توحي بأساليب الشيطان الخفية وخداعه لبني آدم. كما أن التوازن بين المتحرك والساكن في الآيات يوحي بالصراع المستمر بين الإنسان والشيطان، لا تنقضي معركة حتى تبدأ معركة أخرى،"
وكل ما قاله هنا يعيدنا إلى فعل الكهان فالسجع ما هو إلا تجويد للصوت وليس المطلوب من المسلم حلاوة الصوت أى انسجامه وإنما المطلوب كما قال تعالى بألفاظ متعددة لها نفس المعنى التدبر الفهم الفقه العقل التذكر ...
لم يأمر الله المسلم أن يتغنى بالقرآن وإنما طلب منه تدبره لطاعته فالمسلم لن يستفيد شىء من تطويل الصوت أو تقصيره ولا من إخراجه من أنفه أو حلقه أو طرف لسانه ...
هذا الكلام كاه هو تأسيس لعلوم بعيدة عن الحق علوم الهدف منها أن بنشغل الناس عن المطلوب منهم وهو فهم ألايات لطاعتها فيظلوا يتدربوا على أصول التجويد وما شاكلها وفى النهاية المحصلة قراء لا يفهمون أحكام القرآن المطاعة فالله لم يقل مدوا حرفا أو قصروه أو اجهروا به أو اهمسوه
ثم ضرب أبو شعر أمثلة كما قلت الغرض منها ومن كل الدراسات التى نشأت حولها هو صرف الناس ع طاعة أحكام القرآن لأمور اخترعها وابتدعها مجموعة من البشر لا أصل لها فى كتاب الله والأمثلة هى:
"أمثلة من الانسجام الترتيلي الخاص الناشئ من مراعاة أحكام التجويد في التلاوة:
وهي دراسة ذوقية لطيفة تبحث في أثر مراعاة أحكام التجويد على وضوح معانى الآيات.
- {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون}
مراعاة قلقة القاف في كلمة: {اقترب} يوحي بعنصر المفاجأة مع هولها وسرعة الاقتراب. ومراعاة الإدغام بغنة بين التاء المنونة والميم بعدها مع تطويل زمنها في قوله: {غفلة معرضون} يوحي بأن البشر غافلون لمدد وآجال طويلة وليس لمدد قصيرة، والله أعلم.
 
أعلى