رضا البطاوى
عضو ذهبي
نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي
المؤلفان هما جلطي غالم وبن منصور عبد الله والبحث يدور حول تعاون دول الشمال ودول الجنوب وفيه قالا :
"مقدمة:
مقابل اقتصاديات دول الشمال، المصنعة منذ زمن طويل وذات دخل مرتفع، هناك دول الجنوب أين الصناعة أقل تطورا و دخل الفرد فيها منخفض، هذه المعادلة تعتبر منذ أمد طويل من المسلمات أمام هذه الوضعية التي تتمثل في اللامساواة في توزيع الثورة المادية على مستوى الكرة الأرضية، كان التعاون بين هاتين المجموعتين يقوم على أساس مساعدات مالية و تقنية في إطار العلاقات بين الدول الغنية و الدول الفقيرة."
واستعرض المؤلفان تاريخ هذا التعاون الذى ليس تعاونا فى الحقيقة وإنما هو استغلال من قبل المتقدمين للمتخلفين فقالا:
"منذ نهاية الحرب العالمية الثانية و بداية الحرب الباردة كان هناك شماليين " Deux Nord" يتنافسان بشدة لاستقطاب دول الجنوب التي كان معظمها حديثة الاستقلال فالتعاون بهذا المفهوم كان يتميز بتحقيق أبعاد إستراتيجية غالبا ما توظف فيه نظريات اقتصادية تنموية تنتمي لهذا التيار أو ذالك حيث كانت الدول النامية تستفيد من هذا الصراع الإيديولوجي"
وقد ظن المؤلفان أن ما تقدمه دول الشمال التى يسميها متقدمة والجنوب التى يسميها متخلفة هو مساعدة من أجل التنمية والحقيقة أن تعبير الشمال والجنوب هو تعبير غير حقيقى لأن من دول الجنوب ما هو متقدم كاستراليا ونيوزلانده وجنوب أفريقيا والمساعدة ليست مساعدة وإنما هى إلزام لدول التخلف بأن تكون متخلفة فهم لا يعملون على مساعدتها إلا لتكون اسواقا لمنتجاتهم وفى هذا قالا:
"والمساعدة من أجل التنمية كانت ترتكز أساسا على الرباط السياسي (الانتماء السياسي) إلا أن الاستفادة من هذه الظروف الدولية لم تعم جميع الدول النامية، و على وجه الخصوص دول شمال إفريقيا، حيث بقيت حبيسة التخلف المتمثل في تراجع مستويات الإنتاج الزراعي و الصناعي، انخفاض الدخل الفردي، واستمرار التبعية بأشكالها المتعددة: المالية، التكنولوجية والتجارية و قد تسببت هذه الظواهر الاقتصادية في تكريس تذبذب الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.
وعليه فإذا كانت هذه الدول قد فشلت في تحقيق التنمية في ظل المعطيات الدولية السابقة الذكر، فما هي استعدادتها وإمكانياتها المادية و البشرية التي تؤهلها للتأقلم مع أفاق المفهوم الجديد للتعاون، المنبثق عن الأحادية القطبية التي تعمل وفق آليات اقتصاد السوق لتحقيق مصالح مشتركة؟
ويبدو أن الجزائر وهي تسعى إلى تبني نظام تنموي جديد مخالف لما طبقته منذ أكثر من ثلاثين سنة في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل تكتل المغرب العربي باعتبار الإطار الجيو اقتصادي و الامتداد الطبيعي والبشري و الحضاري الذي يتيح لها قاعدة الانطلاق في إطار اندماج أفقي الذي يوفر لها فرصة الاندماج الدولي العمودي الأمثل."
وبعد أن استعرضا ما ظناه مساعدة وهو ما قلنا أنه تكريس للتخلف وبقاء تلك الدول كسوق لمنتجات تلك الدول حاولا تعريف التعامل الدولى فقالا:
"ما المقصود بالتعامل الدولي؟
التعاون هو تحرك جماعي للأطراف الدولية المعنية به، فهذا الشعور الجماعي يفترض ضمنيا وجود استعداد و ارادة و رغبة وقدرة من الفاعلين بشكل جدي و منسجم يسهل التدخل في الحياة الاقتصادية للدول المرتبطة بهذا التعاون ولعل هذه المبادرات المتعددة الأطراف أو الثنائية يضمن تحقيق حقوق متساوية لكل الأطراف إلا أن التعاون في غالب الأحيان، و كما أثبته الواقع في العلاقات الاقتصادية الدولية قد ارتبط بمفهوم آخر عندما يتعلق الأمر بنشوء العلاقة بين الدول المتقدمة والدول النامية أو ما قد يعبر عنه بالعلاقة شمال جنوب، حيث تميز هذا الواقع بظاهرة تنطوي على توزيع لا متكافئ للثروات الاقتصادية؛ وعليه فالتعاون يظهر إذا من خلال أسسه النظرية والأدبيات الاقتصادية والإيديولوجية مرتبطا ارتباطا مباشرا بقيم التضامن الدولي"
التعاون حسب الإسلام إما تعاون على الخير وهو التعاون على البر والتقوى وإما تعاون على العدوان وعصيان والتعاون الدولى هو من قبل التعاون على عصيان الله لأنه خداع من المتقدمين للمتأخرين فصحيح أن وجه الخير هو تقديم قروض وعمل مشاريع تنموية فى الظاهر ولكن الكل فى النهاية يضيع فى النهاية لأن الغرض هو أن يكسب المتقدمون فقط من كل النواحى اقتصاديا وثقافيا بجعل المتخلفين مجرد توابع وعملاء مباشرين أو غير مباشرين لتلك الدول
وحدثنا المؤلفان عن ظروف التعاون الدولى فقالا:
"1- ظروف ظهور التعاون الدولي: تجمع مختلف الدراسات الاقتصادية المهتمة بموضوع التعاون الدولي أن مفهوم وسياسة التعاون قد ولدت في ظل ظروف تميزت بتصفية الاستعمار القديم الذي خضعت له معظم الدول المسماة حاليا بالدول النامية تفاؤلا أو الدول المتخلف تشاؤما وهذا من جهة أولى، أما من الجهة الثانية ظهور معطيات الحرب الباردة التي نشأت بين الكتلتين الشرقية والغربية والتي أعادت ترتيب العلاقات الدولية من جديد مستعملة في ذلك التعاون كأحد الأساليب لتحقيق أهداف استراتيجية لكل معسكر و لعل هذه الوضعية هي التي تسببت قي حدوث العديد من إلانحرافات عن القيم السامية للتعاون.
ويمكن إيضاح ذلك في العنصرين الآتيين:
1 - إن تصفية الاستعمار تعريفا تتجلى في غالب الأحيان في فقدان السيطرة السياسة المسلطة من دول المركز على دول المحيط
وغالبا ما ينجر عن ذلك فقدان الإمتيازات والمصالح الاقتصادية و التجارية القائمة على نهب خيرات وثروات المستعمرات القديمة و الأمثلة كثيرة في ذلك.
وعليه فالتعاون وفقا لهذا المتطور غالبا ما كان يستند ويحدد من أجل الحفاظ على المواقع الاستراتيجية القديمة أين تكون سيطرة شركات دول المركز سيدة الموقف، بل الأمر قد يذهب بها الأمر إلى أبعد من ذلك حيث تتدخل في الأجهزة السياسية بعزل أو تنصيب رؤساء دول كما حصل في الشيلي مع شركة ITT ، و ما حدث مؤخرا في فنزويلا.
من هنا نستنتج أن التعاون الدول في ظل هذه الظروف ما هو إلا تكريس استمرار الاستعمار للدول النامية في ثوب جديد
2 - إن بروز ظاهرة الحرب الباردة بين الكتلتين أدى بالقطبين المتصارعين إلى البحث على أكبر قدر ممكن من الحلفاء و مراكز نفوذ إقليمية و دول حليفة تقبل باقامة قواعد عسكرية على أراضيها أو على أقل إتخاد مواقف الحياد في بعض القضايا العادلة و التي يعتبر فيها الحياد تحيزا. و في خضم هذه المعطيات الدولية دخل حيز التنفيذ في العلاقات الاقتصادية الدولية حجم كبير من التعاون بمختلف أشكاله و أهدافه، غير أنه غالبا ما تم توزيعه بشكل غير متساوي بين الدول المنتمية إلى هذا المعسكر أو ذاك وهذا يتوقف على درجة الولاء للمعسكر.
و بذلك يمكن أن نخلص إلى القول أن التعاون أصبح يتحدد وفق إختيارات استراتيجية عمقت درجت التبعية في الدول النامية التي كان يملى عليها استراتيجيات ونظريات تنموية مستنبطة من الفكر الاقتصادي الاشتراكي أو الليبرالي غالبا ما كانت هذه النماذج التنموية غريبة في أصولها عن الواقع ومتناقضة مع معطيات الدول النامية.
إن السعي وراء تحقيق الأهداف الإستراتيجية بجميع الوسائل المتاحة (سياسية، إقتصادية وثقافية) أدى بالمعسكرين إلى إهمال إحداث تنمية حقيقية في البلدان النامية، بل الأمر قد تعدى ذلك حيث قد تم غض البصر في كثير من الأحيان عن الأنظمة الديكتاتورية و تدعيم النظم العسكرية بل أن دعاة الديمقراطية الغربية امتنعوا عن تقديم أدنى إنتقاد لهذه الأنظمة وعلى عكس ذلك إستمر تقديم الدعم اللازم لها ما دامت هذه الأنظمة تخدم مصالحهم و تتحالف معهم ضد المعسكر المعادي و بالتوازي مع ذلك فإن المساعدات المالية و التقنية و الفنية المقدمة في إطار التعاون غالبا ما كانت تصرف في غير أوجه محلها بل أن الظاهرة قد تنامت لتتعدى إلى إنتشار الإختلاس و التبذير و إستفحال ظاهرة الرشوة. و بهذا فقد التعاون شروطه وأهدافه الأساسية و فعالية المساعدات الإقتصادية مما يجعل التنمية المستديمة حبيسة صراعات إيديولوجية بقيت هذه الدول مسرحا لها أكثر من نصف قرن، بإستثناء بعض الدول التي إستطاعت أن تكسر هذه الدوامة و تحقق تنمية إيجابية في ظل هذا الصراع كما حدث في دول جنوب شرق آسيا و التي تعد المنطقة الوحيدة القادرة على الإندماج في ظل المعطيات الدولية الجديدة حيث انتقلت حصة الدول الأسيوية الأربعة (كوريا الجنوبية، هونكنغ، طايوان، سنغفورة) في مجال الصادرات الإجمالية من السلع المصنعة من 13,5% سنة 1965م إلى 60% سنة 1990 من مجمل صادرات الدول السائرة في طريق النمو."
عاد المؤلفان إلى قول الحقيقة وهو أن التعاون ليس تعاونا وإنما تكريس لنفوذ المتقدمين بشتى السبل المشروعة وغير المشروعة ومن يقف ضد هذا الأهداف يكون مصيره هو حرب تشن عليه حتى ينهار
وعاد المؤلفات لاستعراض التعاون فى ظل القطب الواحد وتنفيذ العولمة فقالا:
II"- التعاون الدولي في ظل المعطيات الدولية الجديدة:
المؤلفان هما جلطي غالم وبن منصور عبد الله والبحث يدور حول تعاون دول الشمال ودول الجنوب وفيه قالا :
"مقدمة:
مقابل اقتصاديات دول الشمال، المصنعة منذ زمن طويل وذات دخل مرتفع، هناك دول الجنوب أين الصناعة أقل تطورا و دخل الفرد فيها منخفض، هذه المعادلة تعتبر منذ أمد طويل من المسلمات أمام هذه الوضعية التي تتمثل في اللامساواة في توزيع الثورة المادية على مستوى الكرة الأرضية، كان التعاون بين هاتين المجموعتين يقوم على أساس مساعدات مالية و تقنية في إطار العلاقات بين الدول الغنية و الدول الفقيرة."
واستعرض المؤلفان تاريخ هذا التعاون الذى ليس تعاونا فى الحقيقة وإنما هو استغلال من قبل المتقدمين للمتخلفين فقالا:
"منذ نهاية الحرب العالمية الثانية و بداية الحرب الباردة كان هناك شماليين " Deux Nord" يتنافسان بشدة لاستقطاب دول الجنوب التي كان معظمها حديثة الاستقلال فالتعاون بهذا المفهوم كان يتميز بتحقيق أبعاد إستراتيجية غالبا ما توظف فيه نظريات اقتصادية تنموية تنتمي لهذا التيار أو ذالك حيث كانت الدول النامية تستفيد من هذا الصراع الإيديولوجي"
وقد ظن المؤلفان أن ما تقدمه دول الشمال التى يسميها متقدمة والجنوب التى يسميها متخلفة هو مساعدة من أجل التنمية والحقيقة أن تعبير الشمال والجنوب هو تعبير غير حقيقى لأن من دول الجنوب ما هو متقدم كاستراليا ونيوزلانده وجنوب أفريقيا والمساعدة ليست مساعدة وإنما هى إلزام لدول التخلف بأن تكون متخلفة فهم لا يعملون على مساعدتها إلا لتكون اسواقا لمنتجاتهم وفى هذا قالا:
"والمساعدة من أجل التنمية كانت ترتكز أساسا على الرباط السياسي (الانتماء السياسي) إلا أن الاستفادة من هذه الظروف الدولية لم تعم جميع الدول النامية، و على وجه الخصوص دول شمال إفريقيا، حيث بقيت حبيسة التخلف المتمثل في تراجع مستويات الإنتاج الزراعي و الصناعي، انخفاض الدخل الفردي، واستمرار التبعية بأشكالها المتعددة: المالية، التكنولوجية والتجارية و قد تسببت هذه الظواهر الاقتصادية في تكريس تذبذب الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.
وعليه فإذا كانت هذه الدول قد فشلت في تحقيق التنمية في ظل المعطيات الدولية السابقة الذكر، فما هي استعدادتها وإمكانياتها المادية و البشرية التي تؤهلها للتأقلم مع أفاق المفهوم الجديد للتعاون، المنبثق عن الأحادية القطبية التي تعمل وفق آليات اقتصاد السوق لتحقيق مصالح مشتركة؟
ويبدو أن الجزائر وهي تسعى إلى تبني نظام تنموي جديد مخالف لما طبقته منذ أكثر من ثلاثين سنة في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل تكتل المغرب العربي باعتبار الإطار الجيو اقتصادي و الامتداد الطبيعي والبشري و الحضاري الذي يتيح لها قاعدة الانطلاق في إطار اندماج أفقي الذي يوفر لها فرصة الاندماج الدولي العمودي الأمثل."
وبعد أن استعرضا ما ظناه مساعدة وهو ما قلنا أنه تكريس للتخلف وبقاء تلك الدول كسوق لمنتجات تلك الدول حاولا تعريف التعامل الدولى فقالا:
"ما المقصود بالتعامل الدولي؟
التعاون هو تحرك جماعي للأطراف الدولية المعنية به، فهذا الشعور الجماعي يفترض ضمنيا وجود استعداد و ارادة و رغبة وقدرة من الفاعلين بشكل جدي و منسجم يسهل التدخل في الحياة الاقتصادية للدول المرتبطة بهذا التعاون ولعل هذه المبادرات المتعددة الأطراف أو الثنائية يضمن تحقيق حقوق متساوية لكل الأطراف إلا أن التعاون في غالب الأحيان، و كما أثبته الواقع في العلاقات الاقتصادية الدولية قد ارتبط بمفهوم آخر عندما يتعلق الأمر بنشوء العلاقة بين الدول المتقدمة والدول النامية أو ما قد يعبر عنه بالعلاقة شمال جنوب، حيث تميز هذا الواقع بظاهرة تنطوي على توزيع لا متكافئ للثروات الاقتصادية؛ وعليه فالتعاون يظهر إذا من خلال أسسه النظرية والأدبيات الاقتصادية والإيديولوجية مرتبطا ارتباطا مباشرا بقيم التضامن الدولي"
التعاون حسب الإسلام إما تعاون على الخير وهو التعاون على البر والتقوى وإما تعاون على العدوان وعصيان والتعاون الدولى هو من قبل التعاون على عصيان الله لأنه خداع من المتقدمين للمتأخرين فصحيح أن وجه الخير هو تقديم قروض وعمل مشاريع تنموية فى الظاهر ولكن الكل فى النهاية يضيع فى النهاية لأن الغرض هو أن يكسب المتقدمون فقط من كل النواحى اقتصاديا وثقافيا بجعل المتخلفين مجرد توابع وعملاء مباشرين أو غير مباشرين لتلك الدول
وحدثنا المؤلفان عن ظروف التعاون الدولى فقالا:
"1- ظروف ظهور التعاون الدولي: تجمع مختلف الدراسات الاقتصادية المهتمة بموضوع التعاون الدولي أن مفهوم وسياسة التعاون قد ولدت في ظل ظروف تميزت بتصفية الاستعمار القديم الذي خضعت له معظم الدول المسماة حاليا بالدول النامية تفاؤلا أو الدول المتخلف تشاؤما وهذا من جهة أولى، أما من الجهة الثانية ظهور معطيات الحرب الباردة التي نشأت بين الكتلتين الشرقية والغربية والتي أعادت ترتيب العلاقات الدولية من جديد مستعملة في ذلك التعاون كأحد الأساليب لتحقيق أهداف استراتيجية لكل معسكر و لعل هذه الوضعية هي التي تسببت قي حدوث العديد من إلانحرافات عن القيم السامية للتعاون.
ويمكن إيضاح ذلك في العنصرين الآتيين:
1 - إن تصفية الاستعمار تعريفا تتجلى في غالب الأحيان في فقدان السيطرة السياسة المسلطة من دول المركز على دول المحيط
وغالبا ما ينجر عن ذلك فقدان الإمتيازات والمصالح الاقتصادية و التجارية القائمة على نهب خيرات وثروات المستعمرات القديمة و الأمثلة كثيرة في ذلك.
وعليه فالتعاون وفقا لهذا المتطور غالبا ما كان يستند ويحدد من أجل الحفاظ على المواقع الاستراتيجية القديمة أين تكون سيطرة شركات دول المركز سيدة الموقف، بل الأمر قد يذهب بها الأمر إلى أبعد من ذلك حيث تتدخل في الأجهزة السياسية بعزل أو تنصيب رؤساء دول كما حصل في الشيلي مع شركة ITT ، و ما حدث مؤخرا في فنزويلا.
من هنا نستنتج أن التعاون الدول في ظل هذه الظروف ما هو إلا تكريس استمرار الاستعمار للدول النامية في ثوب جديد
2 - إن بروز ظاهرة الحرب الباردة بين الكتلتين أدى بالقطبين المتصارعين إلى البحث على أكبر قدر ممكن من الحلفاء و مراكز نفوذ إقليمية و دول حليفة تقبل باقامة قواعد عسكرية على أراضيها أو على أقل إتخاد مواقف الحياد في بعض القضايا العادلة و التي يعتبر فيها الحياد تحيزا. و في خضم هذه المعطيات الدولية دخل حيز التنفيذ في العلاقات الاقتصادية الدولية حجم كبير من التعاون بمختلف أشكاله و أهدافه، غير أنه غالبا ما تم توزيعه بشكل غير متساوي بين الدول المنتمية إلى هذا المعسكر أو ذاك وهذا يتوقف على درجة الولاء للمعسكر.
و بذلك يمكن أن نخلص إلى القول أن التعاون أصبح يتحدد وفق إختيارات استراتيجية عمقت درجت التبعية في الدول النامية التي كان يملى عليها استراتيجيات ونظريات تنموية مستنبطة من الفكر الاقتصادي الاشتراكي أو الليبرالي غالبا ما كانت هذه النماذج التنموية غريبة في أصولها عن الواقع ومتناقضة مع معطيات الدول النامية.
إن السعي وراء تحقيق الأهداف الإستراتيجية بجميع الوسائل المتاحة (سياسية، إقتصادية وثقافية) أدى بالمعسكرين إلى إهمال إحداث تنمية حقيقية في البلدان النامية، بل الأمر قد تعدى ذلك حيث قد تم غض البصر في كثير من الأحيان عن الأنظمة الديكتاتورية و تدعيم النظم العسكرية بل أن دعاة الديمقراطية الغربية امتنعوا عن تقديم أدنى إنتقاد لهذه الأنظمة وعلى عكس ذلك إستمر تقديم الدعم اللازم لها ما دامت هذه الأنظمة تخدم مصالحهم و تتحالف معهم ضد المعسكر المعادي و بالتوازي مع ذلك فإن المساعدات المالية و التقنية و الفنية المقدمة في إطار التعاون غالبا ما كانت تصرف في غير أوجه محلها بل أن الظاهرة قد تنامت لتتعدى إلى إنتشار الإختلاس و التبذير و إستفحال ظاهرة الرشوة. و بهذا فقد التعاون شروطه وأهدافه الأساسية و فعالية المساعدات الإقتصادية مما يجعل التنمية المستديمة حبيسة صراعات إيديولوجية بقيت هذه الدول مسرحا لها أكثر من نصف قرن، بإستثناء بعض الدول التي إستطاعت أن تكسر هذه الدوامة و تحقق تنمية إيجابية في ظل هذا الصراع كما حدث في دول جنوب شرق آسيا و التي تعد المنطقة الوحيدة القادرة على الإندماج في ظل المعطيات الدولية الجديدة حيث انتقلت حصة الدول الأسيوية الأربعة (كوريا الجنوبية، هونكنغ، طايوان، سنغفورة) في مجال الصادرات الإجمالية من السلع المصنعة من 13,5% سنة 1965م إلى 60% سنة 1990 من مجمل صادرات الدول السائرة في طريق النمو."
عاد المؤلفان إلى قول الحقيقة وهو أن التعاون ليس تعاونا وإنما تكريس لنفوذ المتقدمين بشتى السبل المشروعة وغير المشروعة ومن يقف ضد هذا الأهداف يكون مصيره هو حرب تشن عليه حتى ينهار
وعاد المؤلفات لاستعراض التعاون فى ظل القطب الواحد وتنفيذ العولمة فقالا:
II"- التعاون الدولي في ظل المعطيات الدولية الجديدة: