نقد كتاب مسألة في شرح خبر (إن حديثنا صعب مستصعب)

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب مسألة في شرح خبر (إن حديثنا صعب مستصعب).
المؤلف هو كاظم ابن قاسم الرشتي وهو عبارة عن سؤال عن جزء من حديث سأل عنه السائل وأجاب عليه المؤلف الذى قال :
"إن الأخ الأمجد الأنجد الجواد الشيخ الجواد بدكة سلمه الله وأبقاه وحرسه ووقاه قد أتى الحديث صعب مستصعب من قولهم ( إن حديثنا صعب مستصعب أجرد كريم ذو كنوان مقنع لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ) وأراد رفع حجابه وكشف نقابه وحل مشكلته وفتح مقفله وتحقيق معاينته وشرح دقائق مبانيه وقد ظن السراب شرابا والتراب كتابا والزجاج جوهرا والأجاج عذبا قرانا والسحاب سماء وما أنا والولوج في هذا البحر المتعاظم والتيار المتلاطم إلا أنه سلمه الله تعالى حيث ظن في خيرا أرجوا منه سبحانه أن يمدني للصواب ويمدني بفصل الخاطب فإن من أحسن الظن ولو بحجرا لقى الله الخير به إليه كما ورد عنهم."
قال سيدنا وعمادنا ومولانا ما معنى قول أمير المؤمنين وقد سأل هل رأيت رجلا في الدنيا فقال : رأيت رجلا وأنا إلى الآن أسأل عنه فقلت له من أنت قال أنا الطين فقلت من أين فقال من الطين قلت إلى أين فقال إلى الطين فقلت من أنا فقال أنت أبو تراب فقلت أنا أنت فقال حاشاك حاشاك هذا من الدين في الدين أنا أنا وأنا أنا أنا ذات الذوات والذات في الذوات للذات فقال عرفت فقلت نعم فقال أمسك "
وبدلا من أن يقول المؤلف أن الرواية لا تصح لتناقضها مع كلام الله فحديث الهداة لا يمكن أن يكون صعب مستصعب لأن كلام الله سهل يسير كما قال تعالى " ولقد يسرنا القرآن للذكر "
الثانى التصديق برواية من أحسن الظن ولو بحجرا لقى الله الخير به إليه وهى رواية كفرية معناها أن من صدق أن الصنم وهو حجر أو خشب أو معدن ينفع بنفع وهو كلام لا يمكن ان يصدر من مسلم
وفى الإجابة قال الرشتى الكثير من عقائد الصوفية مختلطة بالفلسفة التى سنتعرض لها فى الفقرات التالية:
أقول : اعلم أن هذا الحديث الشريف رواه الشيخ رجب البرسي في كتابه مشارق الأنوار وهو من غرائب الأخبار ومفصلاتها قد تاهت في حله طامحات العقول والأحلام وخرت عن إدراكه الأكابر من الحكماء والعلماء الأعلام وقد أجبت إن كلف لشرح هذا الحديث الشريف في حال اجتماع القلب والحواس لأزيل عنه لواضح البيان كل شبة واشكال وإلتباس زإن لي في هذه الحال مع كمال تبلبل البال واخلال الأحوال وعروض الأعراض المانعة من استقامة الحال شرح حقيقة الحال والبسط في المقال واستخراج غوامض الأسرار ولكن الميسور لا يسقط بالمعسورفأقول : وبالله التوفيق إن السائل في جميع الأحوال والأطوار لم يزل مستمدا من العالي وسائلا منه المدد في التكوين والتشريع وفي العلم والتصوير والوجود ولما كان مولانا وسيدنا أمير المؤمنين هو العلي العالي الأعلى وهو المستعلى المشار إليه في الدعاء في الصحيفة السجادية بعد الفراغ من صلاة الليل (و استعلى ملكك علوا سقطت الأشياء دون بلوغ أمده و لا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك نعوت أقصى نعت الناعتين ، شرح نهج البلاغة 6/182 ) الدعاء ، ولما كان هو العالي وليس أعلى منه ومن أخيه وسيده رسول الله (ص) وهما حقيقة واحدة ولكنه في مقام التفصيل ومظهر أحكام الرسول كان مسؤول كل سائل ومطلوب كل طالب والسؤال إنما يسأل عنه والجواب إنما يراد منه فهو مجيب كل سائل وحلال كل مشكل بنفسه الشريفة أو بإبداله الأئمة الهداة أو بألسنته ونوابه وخلفائه وحملة علومه ومعارفه وسنته وآدابه لأنه الحكم الذي جعله الله للناس عند التشاجر والتنازع والاختلاف وقال عز وجل من قائل ((فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما )) ،"
الخبل هنا هو أن الرشتى جعل على العلي العالي الأعلى بقوله"ولما كان مولانا وسيدنا أمير المؤمنين هو العلي العالي الأعلى وهو المستعلى المشار إليه في الدعاء في الصحيفة السجادية بعد الفراغ من صلاة الليل (و استعلى ملكك علوا سقطت الأشياء "
وأقل الناس فهما سيعرف أن على هنا هو الله تعالى عن ذلك لأنه الأعلى والعجيب أنه ناقض نفسه فبعد أن جعل على وحده هو الأعلى عاد فجعله هو ومحمد(ص) فى نفس المرتبة فقال "وليس أعلى منه ومن أخيه وسيده رسول الله (ص) وهما حقيقة واحدة"
والجنون أن على ومحمد (ص)شىء واحد وهو بمثابة قول النصارى أن الثلاثة واحد فالاثنين هنا واحد
والغريب أيضا أن الرشتى جعل على " مجيب كل سائل" وهو ما يعنى أنه الله تعالى عن ذلك وهو بذلك يشبهه بالله فى قوله " أمن يجيب المضطر إذا دعاه"
والغريب أنه ناقض نفسه فجعل على ميتا وله أبدال هم الأئمة ولا ندى كيف يكون مجيب السائلين وهو ميت ثم قال:
"ولما جعله حاكما وبالحق ناطقا وللأمة هاديا و إلى الصراط دليلا مرشدا وللرشد بينا قال عز وجل من قاتل يوم نصبه وإظهاره علما و إلى الحق سلما ((اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و اخشون اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا ،))
ولما كان الجهل بالحقائق والأسرار ليس من إكمال الدين ولا من إتمام النعمة بل هو نقص بالدين ونفي للنعمة ونقص لعرض الحكيم فإنه خلق الخلق من معرفة وجعل عليها دليلا من إرشاده بقوله ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة)وإذا ثبت أن أمير المؤمنين هو الحكم العادل والعلم الفاصل للخطاب توجه إليه السائل هل رأيت رجلا وهذا السائل على ما يظهر لي هو رجل من الكروبيين وهو رجل من الشيعة خلف العرش لو قسم نور واحدا منهم على أهل الأرض لكفاهم وهم الذين يصلحون لهاذ السؤال بلسان المقال والحال وفطرة والكينونة وأما ما عداهم فسائلهم محيض للسان المقالي دون الحالي و الإستعدادي وتقدير السؤال أنك يا أمير المؤمنين عليك وعلى الإسلام آلك السلام هل رأيت رجلا يعني إنسانا كاملا جامعا لجميع الكمالات ومهيمنا على معاني كل الصفات ومظهرا لجميع الظهورات بحيث يكون الكائنات كلها والموجودات بأسرها لديه كالرحى الدائرة على القطب وكالخاتم في الإصبع وذلك لكمال خضوعه لله وتسليمه لأمر الله وانقياده لحكم الله وطاعته لله والإذعان لأمره ونهيه ومراده بذلك يعرف الولي المطلق والمهمين القائم بالحق ليكمل إيمانه ويعظم إيقانه وينال بالإنقياد له في طاعة الله سبحانه من منتهى المرام من السكنى بالجنة دار السلام وهذا هو المارد بقوله هل رأيت رجلا إذ لو كان مطلق الرجل كان سآله سؤالا عن البديهيات وطلبا للضروريات وذلك من قبحه في نفسه لا يناسب هذا البيان الغامض لوجود التطابق بين السؤال والجواب فكيف يكون السؤال من البديهي "
ونجد الرشتى فى الفقرى يناقض نفسه فمرة يجعل السائل من الكروبيين وهو تعبير نصرانى يدل على حملة العرش من الملائكة ومرة يجعله رجل من الشيعة بقوله"وهذا السائل على ما يظهر لي هو رجل من الكروبيين وهو رجل من الشيعة خلف العرش "وحتى لو أراد أن الملائكة شيعة فهو أمر يتناقض مع كون الملائكة خلقت قبل البشر كما قال تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشر من طين"ومن ثم من المحال أن يكونوا شيعة قبل وجود على وغيره
ونجد الرشتى يصف على بأوصاف الله وهى العلى الحكيم فيقول:
"ويجيب أمير المؤمنين وهو العلي الحكيم عن نظري الذي لا يصل إلى أدنى معاينة إلا واحد العصر وفريد الدهر وعلامة الكون فصح ما ذكرناه من أن مقصود السائل هو الرجل الكامل البالغ الحامل المهيمن في الظاهر والباطن والصورة والحقيقة على الوجه الأكمل والكمال الأبلغ الذي ليس دونه كمال ولا فوقه جلال ولا جمال في الرتبة الإمكانية الخلقية ولما كان الجواب يجب أن يكون على مقدار معرفة السائل وإدراكه وإلا فكان الجواب عبثا والمجيب لا يكون حكيما "
ويناقض الرشتى نفسه فيقول عن على هو الله بقوله" ويجيب أمير المؤمنين وهو العلي الحكيم " ثم يصفع بأوصاق الخلق المخلوقين فيقول:"الرجل الكامل البالغ الحامل المهيمن في الظاهر والباطن والصورة والحقيقة على الوجه الأكمل والكمال الأبلغ الذي ليس دونه كمال ولا فوقه جلال ولا جمال في الرتبة الإمكانية الخلقية"
ويبين الرشتى خبلا أخر هو أننا مخلوقين من شعاع نور المحمدية فقال:
"ولما كان الخلق كما ثبت بالأدلة القطعية من العقلية والنقلية قد خلقوا من شعاع نور المحمدية وأنت تعلم أن الشعاع والنور إنما يكون إشراقه وتحققه بعد تحقيق جميع مراتب المنير وتماميتها إلى كمال ظهوره في عالم الشهادة بإتمام جسمه وجسده فإذا تمت كينونة المنير ظهر وبرز منه الشعاع والنور فالنور مستمد في تذوته وتجوهره وتحققه إلى عالم الشهادة من المنير أي مقام جسمه كما ترى من استنار نور الشمس والسراج فإنهما مستندان إلى شهادة الشمس والسراج وظاهر جسمهما لا إلا غيبهما وحقيقتهما كما هو الظاهر المعلوم"
وقطعا نحن مخلوقين من آدم (ص) كما قال تعالى " اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء"
ومحمد(ص) لا يمكن أن يكون قبل آدم (ص) بأى شكل من الأشكال لأن له شجرة نسب معروفة عند القوم فلو كان قبله ما نسبل لأجيال من أولاد آدم(ص) ثم قال :
" فحيث كان الأمر كذلك كانت الموجودات من حجاب الكروبيين إلى مالا نهاية له مستنده إلى جسم الحقيقة المحمدية بعد تمام مراتبها من مقامات الأرواح والعقول والنفوس وتنزلها إلى عالم الأجسام والأجساد الجوهرية أراد أن يبين للسائل إن ذلك الرجل الكامل الذي هو الذات وذات الذوات في كل الذوات هو بشريتهم الظاهرة في مقام الشهادة الجسمانية ثم أراد أن يبينه إن عالم شهادتهم ليس هو ذاتهم وحقيقتهم وإنما هو سبيل ظاهريتهم ومقام انتهى إلى أشباحه وشؤونه كلما سويهم وإنهم في ذاتهم وحقيقتهم غيب لا يحاط به علما ولا ينال حدا ولا رسما ومع ذلك (( عباد مكرمون لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا )) وبشرح هذه الأحوال يكمل ويصف ذلك الرجل المفصال وغيره الحق عن حادثات الذوات والصفات والأفعال والأحوال فأشار إلى القسم الأول بقوله ، فقال رأيت رجلا وإلى الآن أسئل عنه ، وهذه الرؤية رؤية إحاطة عيان ولا إخبار يورث اليقين المعبر عنه بعلم اليقين المكنى عنه بالرؤية وهذا الرجل هو بشريتهم الظاهرة ، فإن شئت قلت بشريته أو بشرية باقي الأئمة فإنهم كلهم سواء في هذا المعنى ، فنحن نفرد الضمير ونشير فيما بعد إلى أمير المؤمنين لأنه في هذه الأحوال فخرهم وسيدهم وولي الأمر ويميرهم العلم أي يكمل ويقدر لهم من قوله تعالى { و نمير أهلنا } ولذا كان أمير المؤمنين دون غيره ، ومرادنا بالبشرية ليست هي الظاهرة في الخلق من قوله تعالى { و للبسنا عليهم ما يلبسون } وإنما المراد بها رتبة الجسم لأن الحدود على الوجه الأكمل إنما ظهرت في عالم الأجسام دون غيرها ، وظهور الشعاع والنور هو ذوات الموجودات وحقائقها ، وكينوناتها إنما تذوتت وتحققت وتأملت وتشيئت بعد تمام عالم الشهادة الذي هو عالم الجسم بالنسبة إليه فذوات الحقائق كلها إليه منتهى "
ونجد الرجل يخرف ففى الفقرة فيقول بجسمية الحقيقة المحمدية ومع هذا يقول أن لها مقامات الأرواح والعقول حيث قال فى الفقرة" مستنده إلى جسم الحقيقة المحمدية بعد تمام مراتبها من مقامات الأرواح والعقول والنفوس وتنزلها إلى عالم الأجسام والأجساد الجوهرية"

البقيةhttps://betalla.ahlamontada.com/t84768-topic#87831
 
أعلى