نقد كتاب أكثر مدة الحمل

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد كتاب أكثر مدة الحمل
المؤلف سعد بن تركي الخثلان وموضوع الكتاب أكثر مدة للحمل وفى مقدمته بين ان سبب كتابة البحث هو طلب من الرابطة فقال:
وبعد:- فإن مسألة (مدة الحمل) من المسائل الكبيرة التي ينبني عليها أحكام فقهية، ولئن اتفق الفقهاء على أقل مدة الحمل - في الجملة - فإن الخلاف قد وقع في أكثر مدة الحمل والتي يترتب عليها مسائل مهمة مثل ثبوت النسب، والعدة، والرجعة، والتزويج، والنفقة, والميراث, وغير ذلك، وقد طلبت الأمانة العامة للمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي أن أكتب بحثا في هذه المسألة لعرضه على الفقهاء في الدورة الحادية والعشرين للمجمع .."
وقد استهل الخثلان الكتاب ببيان معنى الحمل فقال:
"تمهيد في بيان معنى الحمل في اللغة, والاصطلاح
الحمل لغة: الحاء والميم واللام أصل واحد يدل على إقلال الشيء. يقال حملت الشيء أحمله حملا، والحمل «بفتح الحاء» ما كان في بطن أو على رأس شجرة، والحمل «بالكسر» ما كان على ظهر, أو رأس .
ويأتي الحمل بمعنى الظهور , ومنه قولهم (فلان لا يحمل غضبه): أي لا يظهره .
ومنه ما جاء في حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله (ص) «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» .
والحمل اصطلاحا:- ما يحمل في البطن من الأولاد في جميع الحيوان.
والجمع حمال وأحمال, كما في قوله تعالى: {وأولات الأحمال} وحملت المرأة تحمل حملا أي علقت .
والمراد هنا ما في بطن المرأة من الولد."
وتحدث فى أقل مدة للحمل فقال :
المبحث الأول
أقل مدة الحمل
اتفق الفقهاء على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر قال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله -: «واستدل الصحابة على إمكان كون الولد لستة أشهر بقوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} مع قوله: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}
فإذا كان مدة الرضاع من الثلاثين حولين يكون الحمل ستة أشهر؛ فجمع في الآية أقل الحمل وتمام الرضاع» .
وروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فسأل عنها أصحاب النبي (ص)، فقال علي: ألا ترى أنه يقول: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال: (وفصاله في عامين) فكان الحمل هاهنا ستة أشهر فتركها .
وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر. فأمر بها أن ترجم. فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها. إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) فالحمل يكون ستة أشهر فلا رجم عليها .
وأقل مدة الحمل عند أهل الطب التي يعيش الجنين إذا ولد بعد تمامها هي ستة أشهر, ولا يكون قابلا للحياة إذا ولد قبل نهاية الشهر السادس, وبداية الشهر السابع, لأن الجهاز العصبي المركزي, والجهاز التنفسي لم يتطور بعد بشكل ملائم, ويقرر الأطباء أن الجنين الذي يبلغ عمره ستة أشهر يتميز بصفة مهمة وهي قدرته علي التنفس بانتظام لعدة أيام إذا ولد وهو في هذا العمر, بل وتكون لديه فرصة العيش إذا دخل حضانة مناسبة , والستة أشهر هي أقل مدة للحمل يمكن أن يولد فيها المولود تام الخلقة .
وقد وجد في الوقت الحاضر من يولد وعمره ما بين خمسة وستة أشهر في حالات قليلة ويعيش تحت الأجهزة الطبية حتى يصل للمعدل الطبيعي للمواليد "
الآيات فاصلتان فى مدة الحمل والحمل الذى يقصده الله فى آية" وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" هو الحمل الثقيل وهو بداية وضع النفس فى الجسد
وقد قسم الله الحمل لنوعين :
الأول الحمل الخفيف
الثانى الحمل الثقيل وذلك فى قوله:
"هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت"
ومن ثم فالمعتبر هو الجنين كائن حى جسد ونفس ستة أشهر
والباقى وهو ما يسمونه الحمل الطبى تسعة أشهر وبضعة أيام
والشذوذ الطبى هو الولادة قبل الموعد والغالب فى الشهر السابع
وتحدث الخثلان عن أكثر مدة الحمل فقال:
"المبحث الثاني أكثر مدة الحمل
اختلف الفقهاء في أكثر مدة الحمل على أقوال أبرزها:-
القول الأول: أن أكثر مدة الحمل تسعة أشهر.
وهذا هو قول الظاهرية ونقله بعض المالكية .
وقد استدل أصحاب القول بما يأتي:
1 - قول الله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} (البقرة: 233). مع قوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} (الأحقاف: 15).
قال ابن حزم: «ولا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر ولا أقل من ستة أشهر؛ لقول الله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وقال تعالى: ({والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} فمن ادعى أن حملا وفصالا يكون في أكثر من ثلاثين شهرا, فقد قال الباطل والمحال» .
ونوقش هذا الاستدلال بأنه استدلال بعيد؛ لأن الآية خرجت مخرج الغالب؛ لأن المرأة لو أرضعت طفلها سنتين وأتمت الرضاعة «لمن أراد أن يتم الرضاعة» فيبقى من الثلاثين شهرا ستة أشهر, ولم يقل أحد أن أكثر الحمل ستة أشهر، وكذلك منقوض من جهة أخرى وهو أن المرأة لو أرضعت طفلها سنة واحدة, وارتفع لبنها وفطمته لزم أن تكون حملت به سنة وستة أشهر, وأصحاب هذا القول لا يقولون بذلك. إضافة إلى أن الواقع يرفضه، فالواقع يثبت وجود حمل امتد لعشرة أشهر وهو كثير جدا
2 - ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني يحيى بن سعيد، أنه سمع ابن المسيب يقول: قال عمر بن الخطاب: أيما رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين ثم قعدت فلتجلس تسعة أشهر حتى يستبين حملها، فإن لم يستبن حملها في تسعة أشهر فلتعتد بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر عدة التي قعدت عن المحيض .
قال ابن حزم: فهذا عمر لا يرى الحمل أكثر من تسعة أشهر .
ونوقش الاستدلال بهذا الأثر: بأنه ضعيف فإن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر، وعلى تقدير ثبوته فليس بصريح الدلالة في أن أكثر مدة الحمل تسعة أشهر، وغاية ما فيه أن عمر أمر من لم تكتمل عدتها بثلاثة قروء أن تحتاط فتمكث تسعة أشهر فإن استبان حملها وإلا أكملت سنة، وهذا من باب الاحتياط للحمل وإلا فإن حيض المرأة كاف للدلالة على براءة رحمها لكن لما كان يحتمل أن تحيض المرأة الحامل في أحوال نادرة أمر عمر بالاحتياط لذلك بالمكث غالب مدة حمل النساء وهي تسعة أشهر ..
القول الثاني: أن أكثر مدة الحمل سنة واحدة.
وإليه ذهب ابن عبد الحكم من المالكية ورجحه ابن رشد حيث قال: (وهذه المسألة مرجوع فيها إلى العادة والتجربة. وقول ابن عبد الحكم أقرب إلى المعتاد. والحكم إنما يجب أن يكون بالمعتاد لا بالنادر ولعله أن يكون مستحيلا) .
وعلى هذا القول مشى بعض علماء الطب, واستندت إليهم المحاكم الشرعية في بعض البلدان العربية, قال عبد الوهاب خلاف: «وأما أقصى مدة الحمل: فلم يرد في القرآن الكريم، ولا في السنة الصحيحة المتفق عليها ما يحددها؛ ولهذا تعددت فيها آراء المجتهدين، فالإمام مالك حددها بأربع سنين، والإمام أبو حنيفة حددها بسنتين والظاهرية حددوها بتسعة أشهر؛ فمن أجل هذا الاختلاف، ولعدم ورود نص يرجع إليه سئل رجال الطب الشرعي وهم أهل الذكر في هذا عن أقصى مدة يمكثها الحمل في بطن أمه، فقرروا بناء على بحوثهم واستقراءاتهم أن أقصى مدة الحمل تعتبر سنة عدد أيامها «365» يوما لتشمل جميع الأحوال النادرة، وعلى هذا سارت المحاكم الشرعية المصرية ... » .
وقال في موضع آخر: «ولما كان تحديد أقصى مدة الحمل بسنتين مما يخالف المشاهد في مختلف العصور ولم يقره الطب الشرعي الذي أفتى بأن الحمل لا يمكث في بطن أمه أكثر من سنة» .
وقال أيضا: «ولما كان رأي الفقهاء في ثبوت النسب مبنيا على رأيهم في أقصى مدة الحمل, ولم يبين أغلبهم رأيه في ذلك إلا على أخبار بعض النساء بأن الحمل مكث كذا سنين, والبعض الآخر كأبي حنيفة بنى رأيه في ذلك على أثر ورد عن عائشة - - يتضمن أن أقصى مدة الحمل سنتان، وليس في أقصى مدة الحمل كتاب ولا سنة, فلم تر الوزارة مانعا من أخذ رأي الأطباء في المدة التي يمكثها الحمل، فأفاد الطبيب الشرعي بأنه يرى أنه عند التشريع يعتبر أقصى مدة الحمل «365» يوما، حتى يشمل جميع الأحوال النادرة» .
القول الثالث: أن مدة الحمل لا تطول أكثر من سنتين.
وإليه ذهب الثوري والأوزاعي ، وهو مذهب الحنفية وقول عند الحنابلة
وقد استدل أصحاب هذا القول بما ياتي:-
(أ) عن عائشة قالت: «ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عود المغزل» .
قالوا: الظاهر أنها قالت ذلك سماعا من رسول الله (ص)؛ لأن هذا باب لا يدرك بالرأي والاجتهاد .
ونوقش بأن هذا الأثر عن عائشة لا يصح, فقد حكم عليه بالنكارة, قال ابن حزم: «جميلة بنت سعد مجهولة: لا يدرى من هي؟ فبطل هذا القول - والحمد لله رب العالمين» .
2 - أن التقدير إنما يعلم بتوقيف أو اتفاق، ولا توقيف هاهنا ولا اتفاق، إنما هو على ما ذكرنا، وقد وجد ذلك، فإن «الضحاك بن مزاحم»، «وهرم بن حيان» حملت أم كل واحد منهما به سنتين .
ونوقش بأنه قد وجد الحمل لأكثر من سنتين كما سيأتي في أدلة الأقوال الآتية، وبناء على ذلك فلا يستقيم هذا الاستدلال.
3 - أن الاتفاق حصل على السنتين واختلف فيما زاد عليها فيؤخذ بالمتفق عليه ونوقش بعدم التسليم بهذا الاتفاق فأصحاب القول الأول يرون أن أكثر مدة الحمل تسعة أشهر، وأصحاب القول الثاني يرون أنها سنة، وأصحاب الأقوال
الآتية يرون أنها أكثر من سنتين ..
القول الرابع: أن مدة الحمل لا تطول أكثر من ثلاث سنين.
وهو قول الليث بن سعد .
واستدل لذلك على قوله بالوجود والواقع, فقال: «حملت مولاة لعمر بن عبد العزيز ثلاث سنين» .
ونوقش بما سبق من أنه قد وجد الحمل لأكثر من سنتين كما سيأتي في أدلة الأقوال الآتية، وبناء على ذلك فلا يستقيم هذا الاستدلال.
القول الخامس: أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات.
وهو مذهب الشافعية والحنابلة, وقول عند المالكية واستدلوا بالاستقراء والاستقراء عند الفقهاء يكون دليلا في مثل هذه المسائل؛ لأنه لم يأت نص معين يحددها، فيكون تحديدها موكولا إلى الوجود الذي يعرف بالاستقراء .
فقالوا: إن كل ما لم يرد في الشرع واللغة تحديده, فإنه يعود في ذلك إلى العرف والواقع, فإذا ثبت في الواقع شيء أخذنا به, وقد وردت عدة وقائع في الوجود تدل على امتداد الحمل إلى أربع سنوات. ومنها:
1 - عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس: إني حدثت عن عائشة , أنها قالت: لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل,

البقية http://montada.aklaam.net/showthread.php?p=497336#post497336
 
أعلى