الدائرة الثالثة: عادل عبدالعزيز الصرعاوي

bo-5aled

عضو بلاتيني
الصرعاوي: وطن أركانه الثقافية مهتزة... بلد يحيط بمستقبله الغموض




منطلقا من تعريفه الثقافة بـ «الهوية القومية والجذور التي تنمو عليها براعم النهضة»، مؤكدا ان عليها تنشأ دعائم الوطن الحر المنيع «لأن وطناً أركانه الثقافية مهتزة هو وطن يحيط بمستقبله الغموض»، اعتبر النائب عادل الصرعاوي ان الأوان قد آن «لنبحث ونفكر ونقرر من نحن؟ ما هويتنا؟ وكيف نعززها ونجنبها التهميش والاندثار؟».
وقال الصرعاوي في وثيقة بعنوان «ثقافتنا وواجبنا الوطني والأخلاقي»: ليس مهماً أن تختلف نظرتنا ومواقفنا الأيديولوجية، فثقافتنا واحدة ووطننا واحداً، وكما قال العالم العربي الدكتور أحمد زويل (نحن لا نحتاج معجزة لنتقدم... بل نحتاج الى إرادة)، متسائلا: هل توجد لدينا هذه الإرادة؟ مجيبا: لا نريد مجرد قرارات وتوصيات توضع في الأدراج ليأكلها الصدأ، بل نريد إرادة في التنفيذ والمتابعة والمحاسبة على التقصير في المتابعة أيضاً.
وقال الصرعاوي معرفا الثقافة بأنها من الجوانب المهمة في حياة الشعوب والتي تعكس مدى تقدم ورقي وتطور المجتمع، وبتعبير آخر إنها البناء العلوي للمجتمع الذي يتألف من (الدين والفلسفة والتشريع والقيم العامة السائدة)، فالثقافة هي ثمرة المعايشة الحية التلقائية، والتفاعل مع تجاربها وخبراتها المختلفة والتعبير عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة وقد يكون التعليم أحد مصادرها.
وأكد الصرعاوي ان الوثيقة تعكس الكثير من الجوانب الداعمة للثقافة بالمجتمع، معلنا عزمه طرحها بالقادم من الأيام في مجلس الأمة وفق الآليات المتاحة... وهنا التفاصيل:

في البداية عرف الصرعاوي الثقافة في الدستور الكويتي وفقا لما جاء في الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي) بالمادة (10) التي تنص على «ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، وفي المادة (12): «تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية»، وفي المادة (14): «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي».
وتسائل الصرعاوي: ماذا نعني بالثقافة؟
وأجاب: «تباينت وتعددت التعريفات الاصطلاحية للثقافة فقد عرفها الكاتب والمفكر الدكتور محمود أمين العالم بقوله: «إنها نظرية إلى الوجود والحياة والإنسان، قد تتجسد في عقيدة أو تعبير فني أو مذهب فكري أو مبادئ تشريعية أو مسلك أخلاقي عملي»، وبتعبير آخر «إنها البناء العلوي للمجتمع الذي يتألف من الفلسفة والفن والتشريع والقيم العامة السائدة». أما التعبير المختصر للثقافة «فبالإمكان القول إنها تعبير عن الواقع وأداة لتغيير هذا الواقع كذلك، ولهذا فالثقافة التزام وموقف، وتشير الكثير من المراجع إلى أن الثقافة بهذا المعنى تشتمل على:
أ. مجموعة القيم التي تشكل الأسس لأي ثقافة كالمعتقدات والسلوك.
ب. التنظيم الأسري والعائلي.
ت. طرق تلبية الحاجات والرغبات الإنسانية.
ث. طرق مشاركة الأفكار والتعامل مع الآخرين.
ج. طرق التحكم بالنفس ووضع القواعـد.
ح. طرق التعبير عن المشاعر الفنية والإنسانية.
ويقترب هذا التفسير من المصدر العربي ثَقَفَ، ويعني التحويل والإصلاح والتهذيب.
الثقافة والتعليم:
الثقافـة هي ثمرة المعايشة الحية التلقائية في أغلب الأحيان- والتمرّس بالحياة والتفاعل مع تجاربها وخبراتها المختلفة والتعبير عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة وقد يكون التعليم أحد مصادرها.
أما التعليم فهو تلقي معلومات منظمة، بطريقة مخططه لصياغة الفكر وتوجيه الوجدان وتحديد المسلك الأخلاقي على نحو معين.
الثقافة والحضارة: الثقافـة تشير إلى ما هو معرفي وعقلي وفلسفي.
أما الحضارة فتعنى بالجانب العمراني وما يشابهه من مقتنيات مادية وتكنولوجية إلا أن هذه المعاني تتداخل في أحيان كثيرة، وتختلف لتعريفاتها تبعاً لاختلاف المفكرين.
المثقف: هو صاحب الاطلاع الواسع وذو الاهتمام المميز بروح وهموم وقضايا عصره، وله دور تنويري، وعلى عاتقه يقع عبء مساعدتنا في فهم العالم المحيط بنا.
الثقافة الحقيقية: هي ثقافة العالم المتقدم والمتطور.
الثقافة الفلكلورية: هي الثقافة الشعبية لكثير من الشعوب المتخلفة كما يطلق عليها بعض مثقفي الغرب الذين ينظرون بتعالٍ وازدراء نحو هذه الشعوب.
ثقافة الشعوب: هي السلوك المادي والعقلي الذي يبتكره شعب من الشعوب في مسيرته، وستظل التعبير عن خصوصية هذا الشعب وتميزه، أوهي خلاصة الميراث للشخصية، فهي تضم كل القيم الرمزّية والمجسد التي تتميز بها هذه الشخصية.
التخطيط الثقافي: يهدف إلى تقوية الثقافة وإعداد المجتمع للصمود ضد الهجمات الثقافية من الداخل أو من الخارج في أغلب الأحيان كما يوجه الثقافة لتكون على تحاور واتصال مع مسيرة العالم.
الوعـي: هو إدراكً مستنير وسلوك يقظ وبناء وهو ضرورة ثقافية.
الصراع الثقافي: هو صراع اجتماعي بين أوضاع اجتماعية متناقضة تتخذ مظهراً فكرياً أو أدبياً أو فنياً، وهو وسيلة لتجديد الحياة وتطويرها وتحرير الإنسان.
الأزمة الثقافية: تنشأ عندما يؤدي التحول الاجتماعي إلى تحول ثقافي، فتتقبل بعض المجتمعات هذه التحولات في بعض الميادين وتقاومها في ميادين أخرى فيحدث حينئذ ما نسميه الأزمة الثقافية.
ركائز دعم الثقافة
أولا اللغــة العربيـة: تكثر الشكوك في كل مكان عن التراجع والضعف الذي وصلت إليه اللغة العربية سواء في المدارس والجامعات، أو في الإذاعة والصحافة وحتى بين الأساتذة الذين ينتسبون إلى اللغة العربية أوالذين يتحدثون عن التراث وعن العودة إلى الماضي وكذلك في أغلب شاشات القنوات الفضائية التي تبث برامجها باللغة العربية.
إن هذا الأمر في غاية الخطورة لأن اللغة هي عنوان الهوية، وإحدى أدوات تشكيلها، بل هي الأداة الأهم فيها، فهي كما يقولون «لغة المعين والمقدس معاً»، لملايين من أبناء هذه الأمة لذلك كان التنازل عن اللغة الأم أخطر مما نتصور، فهو يقترب من حدود التنازل عن الهوية ذاتها.
وتتجلى مظاهر ضعف اللغة العربية فيما يلي:
1 - ظاهرة الرطانة: أو ما يسمى «عقدة الخواجه» التي نجدها في حوارات المثقفين عن طريق الاستعانة بمفردات أجنبية ضرورية أو غير ضرورية في أحاديثهم، وهي عقدة نقص ما زال يعانيها أبناء الأقطار التي تحررت عن الاستعمار العسكري ولكنها لم تتحرر من عقدة الدونية التي خلفها الاستعمار، وكما قال ابن خلدون «ولع المغلوب بتقليد الغالب».
ويعتبر البعض أيضا أن هذه الظاهرة نوع من الهذيان أمام ثقافات وافده من الغرب بشكل خاص تتبوأ مكانة الثقافة المنتصرة.
2 - الإعـلام: إن اعتياد الإعلام على استخدام العاميات المحلية يشكل عاملاً من عوامل تهديد اللغة الفصحى، لأنه يساعد على تحول العامية إلى نماذج للتقليد خصوصاً بين الناشئة، كما نجد أن الصحافة كذلك تخلق نوعاً من الاستهانة باللغة العربية، أما الضرر الذي يلحقه التلفزيون باللغة العربية فحدث ولا حرج، وذلك من خلال ما يبثه في المسلسلات والأغاني والافلام والحوارات.
3 - العولمـة: إنها الخطر القادم الذي يواجه اللغة العربية على نحو غير مباشر، ويظهر ذلك فيما اتصل بها من تغيير جذري غير مسبوق في وسائل الاتصالات، ومنها:
أ. شبكة الانترنت: لقد أدت إلى شيوع اللغة الانكليزية وجعلتها اللغة المهيمنة، كانت نتيجتها غلبة هذه اللغة على اللغات المستخدمة في وسائل الاتصالات الحديثة.
ب. العولمة الاقتصادية: تسببت في غزو الكلمات الأجنبية لأسماء الشركات العالمية والمحلية التابعة لهذه الشركات أو المرتبطة بها على نحو ما، حتى أن الصحف العربية لا تتردد الآن في نشر الإعلانات الكاملة باللغة الانكليزية، كما صارت بعض كليات التجارة تفتح أقساماً للتدريس باللغة الانكليزية في كافة مقرراتها، وانتشر ذلك مع الاستبعاد التدريجي للغة العربية في البرامج العلمية المختلفة، وهذا مؤشر خطير على وضع اللغة العربية وضعف الأداء السليم فيها حتى بين الذين يطالبون بحماية هذه اللغة.
4 - مشاكل اللغة في دول الخليج العربي:
إن الغريب في الأمر أن اللغة العربية التي نشأت وتأصلت في هذه الأقطار أصبحت تعاني الآن من الضعف والتهميش، فلا تزال لهجاتها تحمل مفردات فارسية وأردية وهندية علاوة على انتشار اللغات الأجنبية بين مجموعات العمل المنتشرة فيها وبين الأعداد الكبيرة من الطلاب الذين تخرجوا أو الذين يلتحقون في المدارس الأجنبية، أما الأطفال، فإنهم يحسنون لغة العمالة المحيطة بهم لاسيما في المنازل أكثر مما يحسنون لغتهم الأم، وهذا مؤشر خطير في هذه الأقطار بسبب التنوع العرقي غير المنضبط، وبالتالي تنوعه اللغوي لأنه يشكل خطراً على اللغة العربية وأبنائها على حد سواء، ويتطلب ذلك من مجلس التعاون الخليجي تدارك ومعالجة هذا الأمر للحفاظ على لغة القرآن والهوية العربية ونقائها، ونقاء سلامة اللغة العربية التي نشأت وتأصلت في هذه الأقطار.
كيف ننهض بلغتنا العربية؟
- تفعيل تطوير أساليب تعليم اللغة العربية بما يتمشى مع احتياجات العصر، وتحسين الخط وتبسيط وتضييق المسافة بين المكتوب والمنطوق أي (العامية والفصحى).
- جذب الأطفال إلى لغتهم الجميلة وتبسيطها وتيسيرها لهم، خصوصاً في مراحل التعليم الأولى، الذي هو حجر الزاوية في التثقيف اللغوي للناشئة لينشأوا نشأة لغوية سليمة، ولن ينصلح حال تعليم اللغة في المدرسة إلا إذا تشربوا حبها من أساتذتهم الذين يجب إعدادهم إعدادا تربوياً وعلمياً مغايراً، عن طريق مواصلة البحث والتدريب دون انقطاع أو على الأقل يلحقوا بدورات تدريبية متواصلة لتطوير أدائهم وصولاٌ إلى السلاسة والفصحى في التعبير (البساطة والسهولة) دون التقعر في اللغة في هذا السن، وأن يكونوا القدوة في تجنب الخطأ.
- قيام الباحثين على مشكلات تعليم اللغة وتدريسها في المراحل المختلفة، وتعليم اللغة لغير الناطقين بها بأيسر الطرق وأنجحها.
- عقد مؤتمرات تربوية عربية لتطوير لغتنا والحفاظ عليها وتشكل اللجان المختصة لوضع الأسس والقواعد السليمة لذلك، والإنفاق بسخاء على تفعيل ذلك والمتابعة المستمرة لما تم إنجازه وتذليل العقبات أولاً بأول.
- الاهتمام التشريعي ودور اللجان التعليمية في المجالس التشريعية.
البعـد الثقافي لوسـائل الإعـلام (ماهية الثقافة والإعلام)
الثقافـة: تتمثل في مجموع الظواهر المميزة التي يختص بها المجتمع، وهي تشمل أنماط العيش وطرق الإنتاج، ومختلف القيم والعقائد والآراء، كما أنها تجاوز أبعاد الفنون الجميلة والآداب المستطرقة لتكون محاور حيوية في المجتمع.
أما الإعـلام: فهو المحرك والمعبر عن معوقات النشاط الاجتماعي الذي يعلو بالإنسان عن غريزته إلى المطامح الحضارية، وهو المنبع الذي ينهل منه هذا الإنسان الآراء والأفكار وهو الرابط بين الأفراد في المجتمع واحد، وهو الوسيلة لتحويل الأفكار إلى أعمال والأداة التي تعكس الأحاسيس والحاجات من أبسطها إلى أعلاها، ونعني بأجهزة الإعلام كل جهاز تمتد وظائفه إلى قطاعات أخرى غير الثقافة وإن كان له دور كبير في هذا المجال مثل، الصحافة والإذاعة والتلفزيون والإنترنت والأقمار الصناعية ومراكز المعلومات.. الخ، أما أجهزة الثقافة فهي كل ما يقتصر دوره على الإنتاج الثقافي وترويجه، مثل الكتاب، والمكتبة، ودور النشر.
وهناك روابط مشتركة بين الثقافة والإعلام فكلاهما يهدف إلي المعرفة والاطلاع وإرضاء طموح الإنسان عن طريق الاتصال والتخاطب كوسيلة أساسية لبلوغ هذه الأهداف، ومن الصعب تصور أحدهما دون الآخر فلا الثقافة دون إعلام ولا إعلام دون ثقافة، وفي المقابل لا سبيل أمام أجهزة الاعلام إذا أرادت النجاح الا التآزر مع الاتباع الثقافي، الذي يشد اهتمام الجهة إليها، ويمكنها من ابلاغ رسالتها في مختلف المجالات، وهذه أيضا تشكل وقاية للثقافة من الاخطار والتيارات الهدامه التي تتعرض لها.
الوظائف العامة لأجهزة الإعلام:
وظائف الاعلام متعددة نشير باختصار إليها، وهي:
- جمع الأنباء والبيانات والصور والتعليقات ومعالجتها، وبثها في أجهزة الإعلام المختلفة.
- تشجيع وتحفيز الطموحات الفردية والجماعية في المجتمع.
- إعطاء الفرص للأفراد والجماعات للتفاهم والإطلاع على ظروف حياة الآخرين ووجهات نظرهم وتطلعاتهم.
- تشجيع الحوار والنقاش من أجل تلاقح الأفكار وخلق أرضية للعمل تتفق والمصلحة العامة.
- وأخيراً، خدمة المجتمع ككل بإطلاعه على الشؤون السياسية والأحداث المحلية والدولية والبيئية والمناخية، أي أنها علاوة على كونها أساساً أجهزة إعلامية هي في الوقت نفسه أجهزة سياسية واجتماعية واقتصادية وتربوية.. إلخ.
الوظيفة الثقافية لأجهزة الإعلام:
- التثقيف والتربية، كنشر المعرفة وتفتيح الأذهان وتنمية الذوق وتهذيبه وتعزيز كفاءته وتلبية تطلعه إلى الخير والكمال وإمداده بكل ما يوسع آفاقه.
- العمل على تواصل التراث بين الأجيال ليكون النور الذي يضيء حاضرنا ويصل بين ماضينا ومستقبلنا.
- التفاعل مع المحيط الاجتماعي والسعي لترقيته إلى منزلة أسمى وأرفع.
- النهوض بالإنتاج الفكري في كافة مجالاته والقيام بنشره على أوسع نطاق وتحفيز الجماهير على التفاعل معه.
- المساعدة على ترسيخ قيم الديمقراطية الثقافية، ومبادئ العدالة والحرية وإعطاء الفرص المتساوية للجميع ممن يستطيع المساهمة في المجالات الثقافية المختلفة دون تمييز بين الطبقات تبعاً لمستوياتها الاقتصادية أومكانتها الاجتماعية.
- تساعد هذه الأجهزة على الخلق والابتكار وإبراز الموهوبين في كافة المجالات.
- الحفاظ على لغتنا العربية وتطويرها لأنها تتحمل مسؤولية كبيرة (أي الأجهزة) في النهوض بلغتنا والمحافظة عليها من الاندثار والتهميش تحت تأثير اللغات الأجنبية الأخرى لكونها أداة التواصل بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ولتمكين الشباب من استيعاب العلوم الحديثة على غرار نظرائهم الدارسين باللغات الغربية.
- تعمل أجهزة الإعلام على وحدة المجتمع بكل فئاته وذلك بالبعد عن كل ما يؤدي إلى إثارة الخلافات القبلية والعرقية والطائفية، كما تقوم بالإثراء والإبراز الثقافي بكافة الفئات والأقليات.
- السعي لتوحيد مناهج السلوك في المجتمع وتحقيق التكامل وفي تنظيم الذاكرة الجماعية وتعزيزها وتزويدها بالمعرفة الهادفة.
- الإسهام في التنمية، لأن الإنتاج الثقافي غاية ووسيلة في حد ذاته إذ يعمل على رفع المستوى الفكري والمادي للأفراد بمساعدتهم على استيعاب أسس التطور والنهضة.
- وأخيراً... حماية الهوية الثقافية عن طريق تمكين الثقافة الوطنية من التكامل والإثراء من خلال الاحتكاك بالثقافات الأخرى والتلاقح معها، وتعريف الرأي العام العالمي بتراثنا وبقيمنا الاجتماعية والثقافية لكسب الاحترام والتقدير لها، كما تصون أجهزة الإعلام ذاتنا وخصوصيتنا الثقافية من الغزو الفكري الأجنبي، ومحاولات الحط من قيمنا الثقافية وتهميشها، فهذا الواجب الوطني والقومي أهم رسالة أجهزة الإعلام.
البعد التربوي والثقافي لوسائل الإعلام والاتصالات:
تشكل وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة في وقتنا الراهن عاملاً أساسياً من عوامل التنمية في المجتمع، ويهمنا هنا أن نلقي الضوء على البعد التربوي لها، فقد أصبح من المسلم به الآن أن جميع الأفراد في كافة المجتمعات الإنسانية يمضون كثيراً من أوقاتهم في مطالعة الصحف والمجلات أو مشاهدة التلفزيون أو الاستماع إلى الإذاعة والمسجلات المختلفة، أو الجلوس أمام أجهزة الكمبيوتر وإرسال الرسائل الإلكترونية علاوة على التمتع بخدمات الانترنت وبنوك المعلومات وخدمات الأقمار الصناعية، وهذه الفوائد لا تطال الكبار وحدهم. بل يستفيد منها الأطفال كذلك، إذ انهم حتى قبل بلوغهم سن الذهاب إلى المدرسة يجلسون الساعات الطوال أمام شاشات التلفاز لمشاهدة برامجهم المفضلة، علاوة على الإفادة من الوسائل الأخرى.
ويتضح دور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري في نشر الأفكار والمعارف والترابط الوثيق بين التربية وهذه الوسائل لما تحدثه من تأثيرات ملموسة لدى المتلقين عبر هذه الأجهزة خاصة من جيل الشباب والأطفال، وسوف يزداد تأثيرها التربوي بفضل الابتكارات المتسارعة في هذا المجال التي نشاهدها كل يوم حيث تطرح إلى الأسواق أجهزة أكثر تطوراً باستمرار، وبالتالي المزيد من البرامج والتوسع في نشر العلم والمعرفة كماً وكيفاً.
كما سيشهد مجال التربية طفرة كبيرة في إعداد وتقديم البرامج التربوية في كافة أفرع العلوم كالرياضيات والفيزياء، والكيمياء والجغرافيا والجيولوجيا والفلك (كعلم حديث)، حيث أصبح يدرس في كافة بلدان العالم المتقدم كعلم بالغ الأهمية ويجذب اهتمام كافة العلماء والمختصين والشعوب في أرجاء العالم.
أما في مجال اللغات الأجنبية، فسوف يزداد التفاعل بين المدرسة ووسائل الإعلام والاتصالات، كما ستقدم هذه الوسائل خدمات مؤثرة لا لطلاب المدارس وطالباتها فحسب، بل لكافة الأفراد ومن مختلف الأعمار من خارج المدارس لمن يودون تعلم هذه اللغات أو زيادة معرفتهم بها.
ويتضح مما سبق أن الإذاعة والتلفاز بصفة خاصة سوف يبقيان وسيلتين بالغتي الأهمية لتأثيرهما العميق في تحقيق أهداف التربية المستمرة والمتواصلة على امتداد حياة الفرد والتي تستفيد منها كافة الأجيال والمجتمعات البشرية، فقد استطاع التلفاز خلال نصف القرن الماضي وبداية هذا القرن أن يجيز نظام الحياة اليومية أكثر مما أفلحت فيه المدرسة طيلة قرون ماضية.
وهكذا تقوم بين وسائل الإعلام والاتصال والتربية علاقة متبادلة لا تنفك تزداد نمواً واعتبارها مدرسة حقيقية موازية للمدرسة المعروفة أو كما قيل بحق « وإن وسائل الإعلام مدارس مفتوحة «، لأنها تعمل - إذا أُحسن استعمالها - على تعزيز ثقافتنا باعتبار التربية والتعليم إحدى فروع الثقافة كما أسلفنا عند تعريف الثقافة.
الدور العلمي والثقافي للتعليم الجامعي:
لا يخفى على (أي متابع للشأن التربوي والثقافي) أن جامعاتنا تعاني من قصور شديد في مختلف جوانب أدائها العلمي، ويتضح ذلك في ضحالة ما تسهم به لأجل تطوير مجتمعاتها وتلبية طموحاتها بتحقيق نقلة نوعية لإيجاد تنمية بشرية حقيقية في كافة الميادين العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية عن طريق إحداث طفرة ثقافية وتحريك الركود الآسن الذي ناخ على هذه المجتمعات عقوداً طويلة فنتج بذلك ما نشاهده من قصور وتخلف في نشر المعرفة والاستنارة والعقلانية وعجز عن التعامل مع متطلبات هذا العصر الذي يشهد تصارع وتسابق الأقوياء، ولا ينتظر الكسالى والعاجزين الذين لا يجيدون قراءة أسرار التقدم، وإنصافاً نقول، إن بعض الحاجات قد شهدت بعض التغييرات في العقود الماضية، ولكنها تغييرات فوقية ومن قبيل التظاهر والتجميل.
بعض مظاهر القصور الجامعي:
- تراجع دور الكتاب الجامعي المقرر كمصدر أساسي للمعرفة والأداة الرئيسية للتدريس أو بالأصح «التلقين» رغم وجود بعض النوعيات الجادة منه، إلا أن ثورة التقنيات الرقمية قد خطت بأسلوب التعليم والتلقين إلى نمط التعلّم وأسلوب الحوار والتفكير بدلاً من الاستذكار والحفظ، وأدى إلى إدخال الحاسوب كوسيلة للتعلم (لا التعليم) مما أدى إلى تمكن الطالب من الحصول على وفرة هائلة من المعلومات التي توفرها الشبكات الإلكترونية، وهذا يتطلب أن يتعلم الطالب طريقة التفكير والبحث العلمي وامتلاك قدرة التمييز والنقد بين ما تحمله هذه المعلومات من صحيح وزائف، وما هو أخلاقي وغير أخلاقي، وما هو منطقي أو سطحي ومتناقص، وبين ما هو علمي، وما هو دعائي وتجاري.

لقراءة بقية الموضوع


المصدر : الراي


 

KUWAITAWYY

عضو بلاتيني / الفائز الخامس في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
يحيليك .. لو ماتأيد الصرعاوي ...
 
أعلى