سليل الجود
عضو مخضرم
من الاوقات المحببه الى نفسى دائما
بعد اداء صلاه العشاء وذلك هو الوقت المحدد يوميا
فى مجلس الوالد حفظه الله مع كبار السن فى عائلتنا ومن الجيران
واستمع الى احاديثهم عن سالف الزمان وقصصهم عن اخبار البلاد والعباد
وما دار فى تلك الايام من حكايات وامور عجيبه قد يغضب منى والدى حفظه الله
اذا كنت اردد عليه السؤال بكيف أو لماذا لانى اريده ان يعيد هذا المقطع او هذا البيت
من القصيده
وانما اكرر الاسأله لاحفظ القصه والقصيده
والبارحه فقط سمعت من والدى وهو يحدث اقرانه بقصه جميله جداا
وانما اردت ان اشاركم بها لانى اعجبتنى جدا
واتمنى ان استطيع صياغتها لانى سمعتها بلهجه بدويه وهو لسان حال ابى
حفظه الله
كان الشيخ مهادى من شيوخ قبيله قحطان العريقه والتى ضربت بالمجد اطناب التاريخ
فى غزوه على بعض الاراضى التى كانت تقطنها قبيله سبيع العريقه وحدثت معركه
بينهم وبين قبيله سبيع وبعد ان درات رحى الحرب وانفض غبارها
رأى الشيخ مهادى انكسار جماعته وتفرقهم بعد ان استبسل السبعان
فى الدفاع عن حلالهم
وابلهم وانسحب مهادى بعد ان تفرقت جماعته فهذا قتل
وهذا انسحب وهذاجريح وهذا بين الحياه والموت
ومهادى قد كسرت رجله بالمعركه وذهب الى اطراف قبيله سبيع
وعندما راته نسوه سبيع سارعوا الى علاجه وتقديم الماء والطعام له
وكان مفرج السبيعى ليس موجودا عند وصول مهادى
وبعد وصول مفرج امير السبعان قالوا له جماعته بانهم اسعفوا رجلا لا يعرفونه
فأثنى عليهم مفرج وامرهم باكرامه وامر بأحضار هذا الضيف وطبعا هو لا يعرف
بأنه مهادى شيخ قحطان
اما مهادى فلما عرف بان الشيخ مفرج يريده انتزع خاتم المشيخه من اصبعه
لان خشى ان عرف مفرج بامره سوف يامر بقتله
وحضر الشيخ مهادى عند الشيخ مفرج السبيعى واخبره بقصه مزيفه
بانه واجه قطاع الطرق
وهكذا عاش مهادى فى قبيله سبيع معززا مكرما الا انه كان يتظاهر بأنه رجل عادى
وليس شيخا فيجلس بعيدا اذا اجتمعوا رجال قبيله سبيع ويتغدى عند هذا
ويتعشى عند هذا
ومرّت الايام وبعدها أيام
ورأى الشيخ مهادى امراه جميله من نساء السبعان اسمها وضحه وهام فيها عشقا
وارادها لنفسه ولكنه فى اضيق حال فهو بعيدا عن دياره يعيش كالمشردين
واحتار فى امره وصعبت عليه حاله الى ان رأى امرأه عجوز من عجائز قبيله سبيع
فقال لها يا خاله اشيري على فقد احببت فتاه واريدها لنفسى فمن من القبيله
يزوجنى اياها؟
فقالت له العجوز: اسمع يا بنى
اذا جلس الرجال فى مجلسهم فاذهب اليهم واجعل كوعك على فخذ اقرب رجل اليك
فأذا اشتكى منك فأذهب الى الذى من بعده
وهكذا الى ان تجد الرجل الذى لا يشتكى
من وضع كوعك على فخذه فأن هذا الرجل هو خلاصك
فذهب مهادى ووضع كوعه على فخذ اول رجل فطرده الرجل
وذهب الى الثانى فدفعه بعيدا والى الثالث فقال لقد اوجعتنى
الى ان وصل الى مفرج السبيعى فوضع كوعه على فخذه فلم يتاثر مفرج
فضغط مهادى اكثر ومفرج يسولف ويضحك ولا يحس فى مهادى
فضغط ضغطاا قويا على فخذ مفرج ولم يبالى مفرج وهو يستمر فى الحديث
فعرف مهادى ان مفرج هو غايته المنشوده
وفى اليوم تالى اقبل مهادى على الشيخ مفرج وقال له: انا فى وجهك يا ياشيخ
فقال له الشيخ مفرج : ابشر بسعدك
وكان الشيخ مفرج السبيعى كريما حليما صاحب وفاء ومروءه
فقال له: اريد ان ارجع لدياري فقال الشيخ مفرج: نعطيك من الابل ما شئت
فقال له الشيخ مهادى : واريد فرسا فرد عليه الشيخ مفرج : ونعطيك فرسا
فقال له الشيخ مهادى : واريد وضحه فرد الشيخ مفرج
بعد ان سكت قليلا :ونعطيك وضحه
وقام الشيخ مفرج لتجهيز وضحه واراد ان يدخل بها مهادى فى نفس الليله
وبعد ان تم تجهيز وضحه دخل عليها مهادى فرأها تبكى بكاء مريرا
فقال لها يا بنت الاجواد لماذا تبكين وكان يظن انها تخاف
ان تفارق قبيلتها الى المجهول
فقالت له : انا بنت عم مفرج وانا عروسه منذ كنّا اطفالا ونحن لبعض
وانت طلبتنى منه وهو الكريم لا يرد سائلا ولا يمنع احد يقصده
وقد ضربنى قبل دخولك أن انا اخبرتك بمكانته بقلبى ومكانتى بقلبه
فتأثر شيخ قحطان مهادى اشد التاثر وقام باخراج خاتمه الذى يعرفونه به
واعطاه وضحه وحلفها بالله العظيم ان لا تخبر عنه شيئا
وقال لها انا مهادى شيخ قحطان وهذا خاتمى فأحتفظى به الى ان تضيق بكم الدنيا
ولا تخبري عنى شيئا
واخذ فرسه والابل التى اهداها اليه مفرج وسري من ليله قاصدا دياره
وفى الصباح سأل الشيخ مفرج عن عريسها فقالت له: دخل ثم جلس ثم فكرّ قليلا
ثم قال لى اقرئى الشيخ مفرج السلام وقولى له انى لا اريدك زوجه
ثم ذهب الى دياره
فقال مفرج الخيره ما اختاره الله
وتزوج الشيخ مفرج من وضحه ابنه عمه وانجب منها ثلاثه ابناء
ومرت السنوات تتبعها السنوات
الى ان اصاب اراضى قبيله سبيع الجفاف لعدم هطول المطر وماتت الماشيه
وضاقت الارض عليهم فتفرقت القبيله فمنهم من قصد شمالا ومنهم من قصد جنوبا
بحثا عن اماكن الرعى
وجاس مفرج يفكر فى هذه المصيبه وعنده زوجته وضحه
فقال لها : وصلتنى الاخبار بأن اماكن الرعى والربيع والامطار فى ارض قحطان
ولكن لا نستطيع الذهاب اليهم فأنهم رجال يمنعون من وطأ ارضهم
وهذا حال العرب جميعا
فذهبت قليلا ثم رجعت اليه والقت خاتم مهادى بين يديه وقالت بل
تدخل الى ارضهم وانت صاحب فضل
فاستغرب مفرج وقال لها كيف؟ فاخبرته بأن الرجل الذى كان
بضيافتهم هو مهادى شيخ قحطان
واخبرته عندما قال لها اذا ضاقت عليكم الارض فانه لا ينسى فضل الشيخ مفرج
ففرح الشيخ مفرج وخرج باهله الى ارض قحطان بعد ان تفرقت جماعته
وعندما وصلوا ارض قحطان كانوا كلما اقبل عليهم فرسان قحطان ليمنعوهم
قال الشيخ مفرج نحن ضيوف الشيخ مهادى واراهم الخاتم فيكرمونهم فرسان القبيله
الى ان وصلوا الى الشيخ مهادى ففرح بهم كثيرا وأمر بأن تقام الافراح والولائم
على شرف الشيخ مفرج
وكان الشيخ مهادى قد تزوج بأمراتين من قبيلته أنجبت له الزوجه الاولى ولد
والزوجه الثانيه انجبت له بنتان
وله خيمتين من البيوت الكبيره
فأراد اكرام ضيفه فأمر احدى زوجتيه انت تذهب الى ضرتها وتترك البيت لضيفه
وعندما اقبلت وضحه زوجه الشيخ مفرج الى خيمه زوجه الشيخ مهادى
اخبرتها زوجه الشيخ مهادى بأن لها ولداا وحيدا وهو ولد الشيخ مهادى الوحيد
ان ولدها يذهب الى القنص ولا يرجع الا متأخراا
فأذا اقبل عليك ابنى فأخبريه ان يذهب الى بيت عمته التى هى
زوجه مهادى الاخري
ثم خرجت من خيمتها تاركه لها بيتها
ومن شده تعب وضحه زوجه الشيخ مفرج نامت فى فراش زوجه مهادى ونسيت
وصيه زوجه مهادى بأن لا تنام حتى يصل ولد الشيخ مهادى الوحيد لتخبره
بأن يذهب الى عمته
ولكنها نامت وذلك تقدير العزيز العليم
اتى ولد مهادى الى خيمه والدته ونام بجانب والدته
وهو لا يعرف انها وضحه زوجه مفرج
فى هذه الاثناء كان مفرج يتسامر مع مهادىفى مجلس الرجال
ثم استاذنهم وخرج منهم متجهاا الى خيمته
وما ان دخل حتى وجد رجلا غريبا بجانب زوجته فثار غضباا واخرج سيفه
وهوى به على ابن مهادى ومزقه اربا بالسيف والولد يستغيث فصاحت به زوجته بأن
هذا ولد مهادى وهو يظن بأنى امه ومفرج لا يسمع لها
ومستمر بتقطيع جسد ولد مهادى
الى ان قتله
فبكت وضحه وقالت والله بانه ولد مهادى وحكت له القصه كيف ان زوجه مهادى
وصتها بأن لا تنام حتى ياتى ابن مهادى لتخبره بأن يذهب لعمته
وانها من تعب السفر نامت
فأحتار الشيخ مفرج فى امره ووضع يده على رأسه
وقال: فى أول يوم اقدم على الشيخ مهادى وبعد ان اكرمنى اقتل ابنه الوحيد
يالله ماذا عسانى افعل الان ؟ واين اذهب؟
وبعد ان احتار الشيخ مفرج فى امره وماذا يفعل
اشارت عليه الزوجه الحكيمه وضحه بأن يصارح الشيخ مهادى بما حدث
دون زياده او تقصير فهو الشيخ الكريم والفارس الحليم
فذهب الشيخ مفرج الى الشيخ مهادى ووجده جالساا يسامر ابناء قبيلته
فلما رأى الشيخ مهادى الشيخ مفرج مرتبكا قام اليه سريعا
واخذه بعيدا عن ابناء القبيله ولما اصبحا لوحديها
قال الشيخ مهادى للشيخ مفرج :ما بك ؟
فحكى الشيخ مفرج ما حدث وكيفيه قتله لولده وما التبس عليه من الامر
فاخذ الشيخ مهادى بيد الشيخ مفرج وذهبا الى الخيمه التى قتل فيها ابنه
ولما رأى ابنه مقتولا مضرجاا بدمائه
قال للشيخ مفرج احمله معى فى فراشه
وذهبا به بعيدا عن البيوت والقاه هناك
ورجعا الى الخيمه وهنا قال الشيخ مهادى للشيخ مفرج وزوجته
بأن لا يخبرا احد من القبيله بما حدث
وفى الصباح صاح الصائح بمقتل ولد مهادى عندما وجدوا جثته
فاقبل رجال القبيله عند مهادى وقد بلغ الغضب منهم كل مبلغ
فقال لهم الشيخ مهادى أن من قتل ابنه هو من داخل القبيله
وليس من خارجها ولا اريد ان اقتص منه وحده بل ساقتص منكم كلكم
فقال رجال القبيله كلنا نفديه ونسوق السوق اي يدفعون ديته
فقاموا منهم من احضر ناقه ومن احضر بعض رؤوس الغنم وما جادت به ايديهم
ولما اجتمع من الحلال الشى الكثير امر الشيخ مهادى احد فرسان القبيله
بأن يذهب بالحلال الى الشيخ مفرج السبيعى ضيفه العزيز
وبأن تكون هذه هديه القبيله اليه
ولما راى ذلك الشيخ مفرج تأثر تاثرا كبيرا
ومرت الايام تليها الايام
كانت احدى بنات الشيخ مهادى كلما ذهبت لتروي الماء تجد اصغر ابناء الشيخ مفرج
يضايقها بالكلام وبالقصائد
وكان هذا الابن لمفرج قليل العقل غلبت عليه شقوته
فاستمر بمضايقه بنت الشيخ مهادى بلا حياء او خجل
الى ان بلغ الامر درجه خطيره فاشتكت البنت لامها من فعل ابن الشيخ مفرج
وانها تخاف على نفسها الفضيحه فقامت امها زوجه مهادى واخبرت مهادى بما حصل
فتضايق الشيخ مهادى وغضب غضباا شديدا مما يحصل من ابن ضيفه
كل هذا والشيخ مفرج لا يعلم عن هذه الامور شيئاا
وبدأ يلاحظ بأن الشيخ مهادى لم يعد يرحب فيه اذا اقبل عليه
ولا يسأله الى اين يذهب اذا قام من عنده
فأحتار الشيخ مفرج واستغرب امر صديقه الشيخ مهادى
فأسر لزوجته وضحه من جفاء الشيخ مهادى
فقالت له الزوجه الحكيمه وضحه: اذا اصبح الصباح
فاركب على فرسك واذهب اليه وقل له وانت على فرسك ولا تنزل
اننى يا شيخ مهادى عزمت على الرحيل الان
فأن قام اليك الشيخ مهادى وحاول ثنيك عن الرحيل فأنه لا يحمل عليك شيئأأ
ولكن ان قال لك فى امان الله وهو متكىء فأن فى الامر ريبه
واعتقد ان احد ابنائك له دخل فى الموضوع
فلما اصبح الصباح وصل الشيخ مفرج وهو على صهوه جواده
طالبا الاذن بالرحيل من الشيخ مهادى
فلم يقم له مهادى وقال له : حياك الله وفى امان الله
فرجع الشيخ مفرج الى اهله وامرهم بتجهيز انفسهم للرحيل
وعندما ابتعدوا قليلا عن بيوت الشيخ مهادى
امر الشيخ مفرج زوجته وابناءه بالنزول واوهمهم انه يريد ان يرتاح
ثم نادى على اكبر ابنائه ومشى به بعيدا وقال له : يا بنى كيف رأيت بنات قحطان
هل عشقت منهن؟ فقال الابن : معاذ الله يا ابى وانك لم تربينا على الفواحش
فقال الشيخ مفرج لابنه: انك يا بنى لم ترانى وانا فى سنك فأنى فعلت
فى شبابى كذا وكذا يريد استدراج ابنه بالكلام
هيا اخبرنى ماذا فعلت انت؟ فرد الابن : ياابتاه والله لم تبدر من الزله
وحاول الشيخ مفرج ان يستدرج ابنه علّه يخبره بشى
وعندما تاكد الشيخ مفرج من ان ابنه الاكبر انه برىء
عاود الكره مع ابنه الاوسط وخرج بنفس النتيجه بأنه برىء ايضا
واستدعى الاصغر وقال له ما قاله لاخويه
فقال الابن الاصغر: يا ابتى لو انك لم تعجل بالرحيل
لكنت فعلت فى ابنه مهادى وفعلت
فأنها ذابت غراماا واشتعلت هياماا
وبدأ الابن يسرد على مسامع ابيه الشيخ مفرج والشيخ مفرج يحس بالنار
تشتعل فى قلبه
ثم امره بالبقاء لوحده وذهب الى اخويه وناداهما وقال لهم:
يا ابنائى انا والدكم واريدكم فى امر فرد الابن الاكبر والاوسط بصوت واحد :
نحن رهن امرك
فقال هاتوا اخاكم واربطوه جيدا ولا تراه والدتكم
فلما استحكموا وثاقه اخرج الشيخ مفرج سيفه
وهوى به على رقبه ابنه
فأذا الجسد فى مكانه والراس يتدحرج
فأمر الشيخ مفرج ابنه الاكبر بان يلف الراس ويذهب به الى الشيخ مهادى
وبان يوضع راس ابنه امام مهادى وقبيلته وانقل له انها هديه من الشيخ مفرج
وقال قصيده مشهوره مع الاسف انها لا تحضرنى الان
وذهب الابن الى الشيخ مهادى وقال له القصيده ووضع راس اخاه امام الشيخ مهادى
فأمر الشيخ مهادى ابن الشيخ مفرج الاكبر ان يجلس عنده
وقال لاحد فرسان القبيله : اذهب الان الى الشيخ مفرج
واخبره بانه استلم راس ابنه وان الشيخ مهادى قتل الابن الاكبر
ويريد ايضا الابن الاوسط ليقتله
وعندما وصل رسول الشيخ مهادى الى الشيخ مفرج
اخبره بان الشيخ مهادى قتل ابنه الاكبر
ويريد ايضا ان يقتل الابن الاوسط
فأمر الشيخ مفرج ابنه الاوسط ان يذهب مع رسول الشيخ مهادى
ولله الامر من قبل ومن بعد
واكمل الشيخ مفرج طريقه الى ارض قبيله السبعان حتى وصلهم
وقد نزل عليها المطر ونبت بها العشب ورجع ابناء قبيلته
وفرحوا بقدوم اميرهم الشيخ مفرج السبيعى
ومرت الايام بعد الايام
وبينما كان الشيخ مفرج جالسا يتفكر فى امره
اذ اقبلت عليه من بعيد ابل وقطيع من الغنم
واذا بأبنيه يقودان هذه الماشيه امامهم
واذا بأمراتين من خلفهم ففرح بهم فرحا شديدا
ولما وصلوا اليه عانق الولدان اباهم واخبروه بان الشيخ مهادى
قد زوّجهم ببناته واكرمهم وانه يقرئك السلام
والسلام ختام
.
.
سليل الجود