الحرية هي التوحيد

العبدلي

عضو بلاتيني
د. حاكم
ثبت بما ذكرناه في المقال الأول من أن الاسلام إنما جاء من أجل تحرير الإنسان تحريرا شكليا ماديا من الرق وهو العبودية الصورية وكذلك تحريره معنويا وروحيا من كل أشكال العبودية لغير الله تعالى بل جعل القرآن هذا التحرير المعنوي غاية التوحيد وأصل الدين كما في قوله
(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) وهذه الربوبية فسرها القرآن بالطاعة والخضوع لغيرالله كما في قوله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ومعلوم أنهم لم يعبدوهم وإنما أطاعوهم وخضعوا لسلطانهم الديني برضاهم واختيارهم دون إكراه فكان ذلك الخضوع الطوعي هو عبادتهم واتخاذهم أربابا وهكذا فسرها النبي (صلى الله عليه وسلم) لعدي بن حاتم عندما قال «يارسول الله إننا لم نعبدهم» فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ألم يكن يحرمون عليكم الحلال ويحلون لكم الحرام فتطيعوهم ؟» قال: «بلى»! فقال النبي «فتلك عبادتهم» فقد كان أهل الكتاب عبيدا لأحبارهم ورهبانهم الذين صاروا أربابا لخضوع الناس لسلطانهم الروحي دون أن يشعر أهل الكتاب بهذه العبودية المعنوية التي هي من الشرك بالله الذي حرمه الإسلام تحريما قاطعا لمناقضته للتوحيد وهو إفراد الله وحده بالطاعة

والخضوع وهذا أيضا هو معنى ربوبية فرعون الذي قال (أنا ربكم الأعلى) أي أنا السيد الذي له عليكم حق الطاعة المطلقة والخضوع المطلق وذلك لسلطانه الدنيوي والعرب تطلق على السيد اسم الرب كما قال الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته في شأن ملك الحيرة : «وهو الرب والشهيد على يوم الحيرين والبلاء بلاء»
ولهذا قال فرعون ليثبت ربوبيته هذه: «أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي» فرأى فرعون أن كون ملك مصر له يجعل له حق الطاعة المطلقة على الشعب المصري وقد سمى القرآن تلك الدعوة الفرعونية ربوبية وإلهية كما في قوله لموسى (لأن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) ومعلوم أنه لم يطلب من موسى إلا طاعته وعدم معارضته لا عبادته بالمفهوم الإصطلاحي لمعنى العبادة وقد كان بنو إسرائيل في مصر موحدين على دين إبراهيم وإسحاق ويعقوب ولم يكونوا يعبدون فرعون وكذا أهل مصر كانت لهم أوثانهم ودياناتهم ومعابدهم وإنما كانت ربوبية فرعون وإلهيته التي إدعاها لنفسه هي ما فرضه على الناس من الطاعة المطلقة له وعدم معارضته واستبداده بالأمر واستذلاله للشعب ولهذا قال للسحرة الذين آمنوا بموسى (أأمنتم له قبل أن آذن لكم) فلم تكن المشكلة في نظره أن يؤمنوا بموسى بل المشكلة هي أنهم آمنوا قبل أن يأذن لهم وهو الملك الذي له الطاعة عليهم؟!
وقد صدق على فرعون أنه جعل من نفسه ربا وإلها لسلطانه الدنيوي وصدق على أهل مصر وبني إسرائيل أنهم جعلوا من أنفسهم عبيدا لخضوعهم لفرعون وطاعتهم المطلقة له كما في قول موسى له (وتلك نعمة تمنّها علي أن عبّدت بني إسرائيل) ومعنى تعبيد بني إسرائيل لفرعون في هذه الآية إي إخضاعهم لسلطانه واستذلالهم لطغيانه هذا إذا كان مراد موسى هو الاستفهام الاستنكاري فهو ينكر على فرعون إدعاءه أنه أكرمه بتربيته له في قصره ما دام قد ظلم قوم موسى واستذلهم واستعبدهم مع كونهم أحرارا وحذف همزة الاستفهام أسلوب قرآني شائع في لغة العرب فأصلها (أو تلك نعمة تمنها علي ,,,) وإن كان المراد في الآية الإخبار لا الإنكار فالمعنى : وهذه نعمة تمنها يا فرعون عليّ إذا تركت بني إسرائيل أحرارا وشأنهم يذهبون حيث شاؤوا ليصبحوا عبيدا لله وحده لا سلطان لك عليهم ولا طاعة .
كما صدق على الأحبار والرهبان أنهم صاروا أربابا وآلهة لسلطانهم الديني وصدق على أهل الكتاب أنهم صاروا عبيدا لهم بطاعتهم والخضوع لهم.
وإذا كانت العبودية تناقض الحرية فالقرآن إذن جاء لتحرير الإنسان من العبودية للإنسان وذلك بإخلاص التوحيد الذي هو الحرية لله وحده وقد قالت أم مريم (ربي إني نذرت لك ما في بطني محررا) أي موحدا ومخلصا لك في طاعته وعبوديته ووحدانيته وإنما أرادت أن تجعل المولود خادما في المعبد لا يخدم أحدا ولا يشتغل بطاعة أحد ولا يخضع لجلال أحد من البشر بل يقصر طاعته لله فقالت (محررا) فجعلت التحرير نظير التوحيد فالحرية هنا تعني التوحيد الخالص لله ومما يرسخ مفهوم الحرية الإنسانية الذي جاء به القرآن قوله تعالى (لا إكراه في الدين) والدين هنا بمعنى الطاعة والخضوع فلا إكراه في طاعة الله وعبادته في الإسلام بل الطاعة قائمة على أساس الحرية لا الإكراه وإذا كان الله جل جلاله لم يرض من عباده أن يطيعوه أو يعبدوه أو يوحدوه كرها فكيف يسوغ للملوك والرؤساء أن يجبروا الناس على طاعتهم والخضوع لسلطانهم بالإكراه ودون رضاهم ؟!
بل ويتسع مفهوم التوحيدالذي جاء به القرآن ليشمل تحرير الإنسان حتى من الخوف من غير الله كما قال تعالى (ولا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين) فشرط لتحقيق الإيمان عدم الخوف من البشر ومنكل ما سوى الله كما قال (وإياي فارهبون) وهو كقوله (وإياي فاعبدون) فكما لا تكونالعبادة إلا لله وحده فكذلك لا يكون الخوف والرهبة والخشية إلا منه وحده لأنه هوالذي يخلق ويرزق ويحيي ويميت فاستحق وحده الخضوع والخشية والرهبة والرغبة والعبادةوالطاعة بل لقد بالغ النبي (صلى الله عليه وسلم) في ترسيخ مفهوم تحرير الإنسان منكل أشكال العبودية لغير الله حتى نهى أصحابه عن القيام له إذا دخل عليهم كما يفعلالعبيد مع أسيادهم ونهاهم عن الوقوف على رأسه وهو جالس ونهاهم عن الانحناء له بلنهاهم أن يقول أحدهم لرقيقه ومملوكه (عبدي وأمتي) بل يقول (فتاي وفتاتي) وعلل ذلكبقوله «فكلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله» وكل ذلك من أجل ترسيخ مفهوم حريةالإنسان وعدم عبوديته لغير الله وكل ما سبق ذكره من أنواع التوحيد هي من معانيالحرية الإنسانية والمساواة التي تفتقدها المجتمعات العربية المعاصرة التي ما تزالترسف في أغلال العبودية لغير الله كالخضوع للملوك والرؤساء والطاعة لهم في غير طاعةالله والخوف منهم والخشية من سطوتهم والتذلل لهم والافتقار إليهم والتزلف عندهموتعظيمهم حد تقبيل أيديهم والركوع عند ركبهم والقيام على رؤوسهم إجلالاً وتعظيمالهم، إلى غير ذلك من صور العبودية والشرك بالله، بعد أن تم اختزال معنى التوحيدليصبح قاصرا فقط على الشعائر التعبدية دون باقي الممارسات العملية، وبعد أن تماختزال معنى الحرية ليصبح قاصرا على الحرية الشكلية الصورية التي هي
من فروع الدين دون الحريةالمعنوية التي هي أصل الدين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقاله جميله تحاكي حرية الفرد وعدم الخوف والخشيى إلى من الله

وكانت الحريه مطلب إسلامي بحت لكن أمور الوراثه التي طرأت على العالم الاسلامي سلبت حق من حقوقنا وهي أختيار الشعووب لتحديد المصير

وأصبح مصيرنا معلق بأيدي كم شخص ونخشاهم ونخافهم ونبجلهم

وهذا يرفضه الله تعالى فلا نخاف الى الله ولا نخشى الا الله

أتركم مع الكاتب الحر الغير تبعي الذي ياخذ العلم من القرطاس والعقل

وليس من الاتباع والعواطف
 

المعري

عضو بلاتيني

وإذا كانت العبودية تناقض الحرية فالقرآن إذن جاء لتحرير الإنسان من العبودية للإنسان وذلك بإخلاص التوحيد الذي هو الحرية لله وحده وقد قالت أم مريم (ربي إني نذرت لك ما في بطني محررا) أي موحدا ومخلصا لك في طاعته وعبوديته ووحدانيته وإنما أرادت أن تجعل المولود خادما في المعبد لا يخدم أحدا ولا يشتغل بطاعة أحد ولا يخضع لجلال أحد من البشر بل يقصر طاعته لله فقالت (محررا) فجعلت التحرير نظير التوحيد فالحرية هنا تعني التوحيد الخالص لله ومما يرسخ مفهوم الحرية الإنسانية الذي جاء به القرآن قوله تعالى (لا إكراه في الدين) والدين هنا بمعنى الطاعة والخضوع فلا إكراه في طاعة الله وعبادته في الإسلام بل الطاعة قائمة على أساس الحرية لا الإكراه وإذا كان الله جل جلاله لم يرض من عباده أن يطيعوه أو يعبدوه أو يوحدوه كرها فكيف يسوغ للملوك والرؤساء أن يجبروا الناس على طاعتهم والخضوع لسلطانهم بالإكراه ودون رضاهم ؟!

ـ


قراءه جميله وجديده لاعادة الفهم السائد عن الاسلام والتوحيد وربطه بالمصطلحات الحديثه .

لكن لو كانت هذه النيه صادقه هل بامكان الدكتور حاكم اعادة النظر في احكام الرده وعصمة الدم المسلم فقط !!!!

ام ان هذه دعوه سياسيه تجميليه للحركه السلفيه الجهاديه فقط !!!

اتمنى لو يتم اعادة قراءة الاسلام بعقل عصري مواكب للعالم البشري اجمع وعدم الاعتماد على التراث الديني والعقل الغائب الماضي .
 
أعلى