تنص المادة الثانية من الدستور على ما يلي :
( دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية
مصدر رئيسي للتشريع ) .
وهذه المادة تسببت بمعركة بين الإسلاميين والليبراليين .
فالليبراليون والحكومة معهم يصرون على عدم تغييرها .
والإسلاميون يريدون تغييرها إلى :
( ..... ، والشريعة الإسلامية
المصدر الرئيسي للتشريع ) .
بحكم أن العبارة الأصلية لا تحصر تشريع القوانين في الشريعة الإسلامية ، فلا بد من تغييرها .
كل هذا معلوم .
ولكن :
لنتأمل في التغيير الذي يريده الإسلاميون .
لنفترض أنه تم تعديل المادة الثانية من الدستور على النحو الذي يريده الإسلاميون .
فهل تعديلهم صحيح وموافق للواقع أم لا ؟!
يعني أبي واحد ينوّرني :
إذا كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد لجميع قوانين الدولة .
فكيف سنأخذ مثلاً قوانين المرور من القرآن الكريم والسنة النبوية ؟!
بحكم أن مصادر الشريعة الإسلامية هي القرآن الكريم والسنة النبوية .
كيف سنأخذ قوانين البلدية وتنظيم المساكن والمحلات التجارية من القرآن الكريم والسنة النبوية ؟!
لا شك أن هذه القوانين وأمثالها لا يمكن أن نأخذها من القرآن الكريم أو السنة النبوية ، لسببين :
1 - لأن القرآن والسنة لم يظهر فيهما نصوص بخصوص هذه القوانين .
2 - لأنها قوانين ( وضعية ) و ( بشرية ) تتغير بتغير الزمان والمكان وبحسب مصالح المجتمع .
ونحن - كمسلمين - نعلم جميعاً أن القرآن والسنة لا يمكن أن يحتويا على جميع شؤون الحياة .
فالشريعة الإسلامية تحتوي على أحكام جزئية ( كالعقوبات مثلاً ) وقواعد شرعية كلية ( القواعد الشرعية ومقاصد الشريعة ) .
لذا نجد في القرآن الكريم عقوبة السارق وهي قطع اليد مثلاً .
ولكننا لم نجد فيها عقوبة تاجر المخدرات ، لأن المخدرات أمر ظهر بعد انقطاع الوحي .
بل إن الرشوة وشهادة الزور والتعامل بالربا محرم بنص القرآن ، ولكن الإسلام ترك عقوبتها تفويضية للحاكم ( التعزير ) .
والحكمة الإلهية اقتضت عدم النص على عقوبة كل جريمة سواءً الجرائم التي كانت موجودة في فترة نزول الوحي أو الجرائم التي ظهرت بعد انقطاع نزول الوحي .
من أهم القوانين التي تتدخل فيها الشريعة الإسلامية :
1 - القانون الجنائي : الذي يحتوي على عقوبات السرقة وغيرها .
2 - القانون التجاري : الذي يحتوي على المعاملات المالية كالربا مثلاً .
3 - قانون الأحوال الشخصية : وهو مأخوذ من الشريعة الإسلامية في جميع الدول العربية والإسلامية ( عدا تونس فهي تأخذ بالقانون المدني الوضعي الله يكافينا الشر

) .
وتوجد قوانين لا يمكن أن تأخذها من القرآن أو السنة مثل :
1 - قوانين المرور .
2 - قوانين البلدية .
3 - قانون الجنسية .
4 - القانون الانتخابي .
الشاهد من هذا كله :
أننا نحتاج إلى دراسة تعديل المادة الثانية من الدستور :
( ..... ، والشريعة الإسلامية
المصدر الرئيسي للتشريع ) .
هل المطالبة بتعديل المادة الثانية مطالبة صحيحة ؟!
هل كانت المطالبة بذلك هي دغدغة للمشاعر وانقدنا لها بحكم عاطفنا للدين وحبنا لتطبيق الشريعة الإسلامية ؟!
في اعتقادي أن هذا التعديل يحتاج إلى نظرة وتأمل قبل المطالبة به .
والله أعلم .