عمران الصابي
عضو فعال
تجمع الرسالة الإنسانية
مع ظهور تحالف شيعي جديد يتضمن و بسابقة غير معهودة ثلاثة تيارات شيعية هي تيار التحالف الإسلامي الوطني و الميثاق و الرسالة الإنسانية ، طفا على السطح مسمى "تجمع الرسالة الإنسانية" و لعل العديدين يتساءلون عن العمق الفكري و الخلفية السياسية لهذا التجمع ، خاصة و أن التجمعات الأخرى كان لها تجربتها السياسية السابقة بينما يظهر تجمع الرسالة الإنسانية من خلال الحاج حمد بو حمد لأول مرة بهذا القدر من البروز .. و فيما يلي معلومات لربما تكون قيمة حول هذا التجمع ..
* ما الذي يمثله تجمع الرسالة الإنسانية؟
تجمع الرسالة الإنسانية يبتني على بنيتين الأولى دينية فهو تجمع شيعي ، و الثانية قبلية فهو تجمع أحسائي ، و يعتبر جامع الإمام الصادق (ع) في منطقة الصوابر و مسجد الصحاف في منطقة شرق و مسجد جعفر بن أبي طالب (رضوان الله عليه) تابعة لهذه الجماعة ، و جدير بالذكر أن عدد العوائل الأحسائية في الكويت يقدر بثمانين عائلة .
* المرجعية الدينية و الفكرية للتجمع و سبب تسميته بالرسالة الإنسانية
على الرغم من أن اسم التجمع مستمد من عنوان لكتاب أخلاقي يتكون من جزئين ألفه المرجع الكويتي الراحل آية الله الميرزا حسن الحائري الإحقاقي (قدس الله نفسه الطاهرة) إلا أن التجمع لا يتبنى نظرية سياسية إسلامية و ذلك لأن المرجعية الدينية الأحسائية ترفض التدخل في السياسة و ترفض حتى التطرق لمثل هذه المواضيع من باب التنظير و التصور ، و استشهادا على ذلك أذكر نقطتين:
1- حصل أيام الثمانينيات اختلاف بين اثنين من أتباع تيار الرسالة الإنسانية حيث قام كلاهما بترشيح نفسه لانتخابات المجلس و كان أحدها الدكتور صالح الصفار أمين عام التجمع و رئيس لجنة أمناء وقف الإمام المصلح الميرزا حسن و رئيس لجنة الاحتفالات و الندوات الدينية في جامع الإمام الصادق (ع) ، و قد أرجع كلا الطرفين الخلاف إلى المرجع الديني الراحل آية الله الميرزا حسن الإحقاقي (قدس سره) كي يقرر من ينسحب ممن يبقى فأجاب سماحته قائلا "أنا لي شغل بدينكم و أما رئاستكم و سياسيتكم فهذا شأنكم لا أتدخل فيه" ، و قد سمعت هذا الكلام عن لسان المرجع المذكور (رحمه الله) من خلال تسجيل صوتي لا زال في حوزتي.
2- المقابلة التي نشرت في جريدة الرأي العام بتاريخ 9-7-2003 و التي أجراها أحمد أمين مع القائد الديني للجماعة الأحسائية و الذي رفض تقلد المرجعية بعد وفاة والده و هو الميرزا عبد الله الاحقاقي حيث تحدث في المقابلة عن الفكر السياسي لوالده المرجع السابق و جده المرجع الذي سبقه قائلا :
((
س- لماذا لم تسلك مسلك أجدادك في الدراسات الحوزوية؟
لقد تم إغلاق حوزتنا بعد انتصار الثورة الإسلامية .
س- الأسباب؟
سياسية، حيث ان آباءنا رفضوا التدخل في القضايا السياسية.
تعني انهم من دعاة فصل الدين عن الدولة السياسة.
ـ نعم,,,نعم، لكن في الواقع لايمكن فصل الدين عن السياسة، الا ان هذا الامر يتحقق على يد صاحب الزمان(المهدي الموعود، الامام 12 للشيعة)، حيث ان أئمتنا ومنذ شهادة سيد الشهداء (الامام الثالث الحسين بن علي بن ابي طالب) قلصوا كثيرا قضية التدخل في الشؤون السياسية، أي انهم لم يكونوا يتدخلون بصورة مباشرة بالامور السياسية، كانوا يرشدون ويعظون الناس وممكن خلال ذلك تحصل ثورات، ولكن على أي حال ان السياسة حاليا تعد علما واسعا، وانها بغض النظر عن الفقة والاصول تتطلب معرفة كافية بقضايا العالم المختلفة، ولم يكن لوالدي على بينة من هذا العلم في تلك البرهة من الزمن كما لم تكن له علاقة بالامور السياسية ولذلك قرر غلق الحوزة، لأنه كان ملزما بالحصول على ترخيص لمواصلة عمل الحوزة وبما ان السلطات لم تكن تمنح هذا الترخيص للحوزات التي ترفض الخوض في القضايا السياسية لذلك اضطر الى غلق ابواب حوزته العلمية. ))
* الطرح السياسي لتيار الرسالة الإنسانية في ظل غياب مرجعية سياسية دينية
قد لا أكون مجانبا للحق و الصواب و خاصة مع شدة قربي من تيار الرسالة الإنسانية و معرفتي به و بمرجعياته معرفة شخصية و منذ ما يفوق الثمانية عشر عاما إذا ما قلت بأن التيار أخذ ينحى منحى أدق ما يوصل به هو أنه "منحى عرفي" في التعامل مع القضايا السياسية و الطرح السياسي ، فعلى الرغم من تواجدي اليومي على مدى الثمانية عشر عاما الماضية في مساجد و حسينيات التيار أتفاجأ دائما ببروز مرشح لا يمت للتيار الديني بصلة في الانتخابات و إنما يكون اختياره على أساس اسم العائلة و المنصب و المكانة الاقتصادية و الاجتماعية ، فعلى سبيل المثال أنور جواد بو خمسين و سعود المطوع لا يمتان للتيار الديني بصلة ، و لعل حمد بو حمد استثناء فهو من أبناء المسجد و الحسينية المتواجدين في ساحة العمل الديني منذ زمن ، و على كل فإن كل من يريد أن يبرز من هذا التيار يفتقر إلى مرجعية سياسية دينية و ذلك لرفض المرجعية الاحقاقية بأن تتدخل في السياسية بأي وجه من الوجوه ، و من ثم يظهر لنا رموز يلتزمون الأعراف الكويتية دون أن يتبنوا فكرا معينا ، و من هنا تميز رموز التجمع بعلاقة حميمة مع الحكومة الكويتية منذ أمد ، على سبيل المثال في الثمانينيات عندما أصدرت الحسينيات بيانا تستنكر فيه اختطاف طائرة على يد مسلحين حيث قام المسلحون بإطلاق الرهائن الشيعة مبقين على الرهائن السنة في عملية خبيثة لشق الصف الكويتي ، فقامت الحسينيات بإصدار بيان و قد كان لتيار الرسالة الإنسانية دور مهم جدا في إصدار هذا البيان ، و بالتالي يصطبغ التيار بصبغة وطنية وولاء حكومي قد يراه بعض أتباع التيارات الأخرى معيبا أحيانا خاصة في ظروف كالحرب العراقية الإيرانية و الثورة الإيرانية ، و جدير بالذكر أن تيار الرسالة الإنسانية كان في أسوأ علاقة مع جمعية الثقافة الاجتماعية (التي كانت تشتمل على التحالف الإسلامي و الميثاق و الوفاق) لخلافات عديدة ربما يكون الموقف الصامت اتجاه الثورة الإيرانية أو الحرب العراقية الإيرانية أحدها ، و لكن الموقف الصامت لتجمع الرسالة الإنسانية لم ينعكس دائما في اتجاه واحد فأتباع التيار لم تكن لهم مشاركة عسكرية فعالة جدا في المقاومة الكويتية أثناء الغزو العراقي أسوة بأتباع تيارات أخرى و هذا لا يعني أنهم لم يقوموا بأي مقاومة تذكر فهذا إجحاف بحقهم و إنما المقصود أن لم يكن لديهم الدافع الفكري أو الفتوى الشرعية التي تدفعهم نحو أي مشاركة سياسية ، جدير بالذكر أيضا أن مثل هذا الموقف انعكس أيضا على موقف التيار اتجاه القضايا الإسلامية العالمية كقضية القدس فمن النشاز أن تسمع شخصا يتحدث عن القضية الفلسطينية أو أية قضية أخرى ما بين أتباع هذا التيار.
في الحلقة الثانية من المقال ..
* هل يمثل تيار الرسالة الإنسانية جمع الشيعة الأحسائية؟
* الخلافات المضعفة لتيار الرسالة الإنسانية و الانشقاق الداخلي
* الجذور التاريخية للفكر العقائدي لتيار الرسالة الإنسانية
آية الله الميرزا حسن الإحقاقي الملقب بالإمام الصلح المرجع الديني الراحل لتيار الرسالة الإنسانية:
آية الله الميرزا عبد الرسول بن الميرزا حسن الإحقاقي المرجع الراحل للتيار و الذي لا زال التيار يرجع إليه بالتقليد على الرغم من وفاته عام 2003
الميرزا عبد الله بن الميرزا عبد الرسول بن الميرزا حسن الاحقاقي الذي رفض استلام المرجعية بعد وفاة أبيه إلا أنه يقود الأحسائية دينيا لا سياسيا و هو مسؤول عن الأوقاف الكثيرة التي خلفها والده و جده فهو المتولي الشرعي على تلك الأوقاف
التعديل الأخير بواسطة المشرف: