لعدم إقرار الميزانيات والاستجواب بمرسوم الاستقرار المالي
استعجال فض دور الانعقاد الحالي غير مبرر ويُدخِل المجلس في مخالفة دستورية
ان التحديد المبدئي لفض دور الانعقاد في 25 من الشهر الحالي رغم ادراج الاستجواب على جدول اعمال جلسة 23 من الشهر الحالي وعدم اقرار الميزانيات والانتهاء من مرسوم الاستقرار المالي فيه استعجال غير مبرر ويدخل المجلس في مخالفة المادة الدستورية اذا تم الالتزام بالمواعيد المقررة دون الانتهاء من الميزانيات والاستجواب حيث ان الدراسة تخلص الى عدم جواز فض دور الانعقاد قبل اقرار الميزانيات استنادا على نص المادة 85 من الدستور كما ان السيناريوهات المختلفة قد تؤدي الى تأجيل الاستجواب الى دور الانعقاد الثاني او تجزئة مناقشته جزء في الدور الاول والجزء الثاني المتعلق بطلب طرح الثقة اذا قدم والتصويت عليه في دور الانعقاد الثاني وهذا بدوره سيؤدي الى استمرار الاحتقان السياسي طيلة فترة الصيف وما ينتج عنها من تداعيات لذلك نرى وجوب تغيير موعد فض الانعقاد الى ما بعد الانتهاء من الاستجواب والتصويت على كافة المراسيم وخاصة مراسيم الميزانيات والاستقرار المالي.
فض دور الانعقاد وأثر ذلك على مراسيم الميزانيات والاستجواب
أعلن مكتب مجلس الأمة ان يوم 25 من الشهر الحالي سيكون اليوم المقترح لفض دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الثالث عشر.
وحيث ان هناك مواضيع مدرجة على جدول أعمال المجلس منها المراسيم بقوانين التي صدرت ابان حل مجلس الأمة وأهمها مراسيم الميزانيات ومرسوم الاستقرار المالي وكذلك الاستجواب المقدم من النائب مسلم البراك الى وزير الداخلية وقد أدرج على جدول أعمال جلسة 23 الشهر الحالي للنظر فيه واتخاذ القرار المناسب بشأنه.وهنا يكمن التساؤل حول مصير مراسيم الضرورة وخاصة المتعلقة بالميزانيات ومدى جواز فض دور الانعقاد قبل اقرارها وطريقة التعامل مع الاستجواب المدرج؟
لذلك فان هذه الدراسة ستتطرق الى المواضيع التالية :-
1- مدة مجلس الأمة وادوار الانعقاد .
2- كيفية التعامل مع مراسيم الضرورة وخاصة الميزانيات.
3- كيفية التعامل مع الاستجواب القائم.
أولا: مدة مجلس الأمة:
1 - الفصل التشريعي وهو ما يطلق عليه مدة المجلس ومدته كما نصت على ذلك المادة 83 من الدستور والمادة 3 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة هي أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له ويجري التجديد للمجلس خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة. ولا يجوز مد الفصل التشريعي الا لضرورة في حالة الحرب ويكون هذا المد بقانـون.
على ان هذا الفصل قد ينتهي قبل مدته الأصلية المقررة بالدستور بصورة استثنائية عندما يتم حل مجلس الأمة واجراء انتخابات جديدة فاننا نكون بذلك أمام فصل تشريعي جديد بمدة أربع سنوات جديدة.
2 - ادوار الانعقاد:
أ - ادوار الانعقاد العادية: وينقسم الفصل التشريعي الى ادوار انعقاد عادية وغير عادية لا يقل كل دور انعقاد عادي عن ثمانية أشهر ولا يجوز فض دور الانعقاد قبل اعتماد الميزانية. المادة 85 من الدستور والمادة 61 من اللائحة الداخلية.
وبذلك يكون الفصل التشريعي مكوناً من أربع ادوار انعقاد عادية كل دور لا يقل عن ثمانية أشهر يبدأ دور الانعقاد العادي بدعوة من سمو الأمير خلال شهر أكتوبر من كل عام واذا تأخرت الدعوة عن أول الشهر اعتبر موعد الانعقاد الساعة التاسعة صباح يوم السبت الثالث من ذلك الشهر فاذا صادف ذلك اليوم عطلة رسمية اجتمع المجلس في صباح اليوم الذي يليه (المادة 86 ) من الدستور. كما يعلن الأمير فض دور الانعقاد العادي وغير العادي بعد نهاية مدته ( المادة 89 من الدستور ).
ب- أما ادوار الانعقاد غير العادية فانها تنعقد في حالتين هما :
الحالة الأولى : وتقوم بناء على دعوى من سمو الأمير بمرسوم اذا رأي ضرورة لذلك.
الحالة الثانية :- وتقوم بناء على طلب موجة من أغلبية أعضاء مجلس الأمة.
ودور الانعقاد غير العادي ليس له تحديد وقتي ولكن موضوعي حيث انه يجب ان يكون مسبب لهدف معين لا يجوز مناقشة غيره الا بموافقة الوزارة وينتهي دور الانعقاد العادي بانتهاء المواضيع التي قام سبب الدعوى من اجل نظرها.
ثانيا: كيفية التعامل مع مراسيم الضرورة وخاصة الميزانيات :- نصت المادة 71 من الدستور على انه ( اذا حدث بين ادوار انعقاد مجلس ألامه أو في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون على ان لا تكون مخالفة للدستور أو التقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها اذا كان المجلس قائما وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي.فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك أما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون الا اذا رأى المجلس اعتماد نفادها في الفترة السابقة او تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر ) .
وقد ثار خلاف حول المقصود بالعرض هل هو التصويت عليها في أول جلسة لاسيما ان كلمة العرض الثالثة في المادة قد ارتبطت بعدم الاقرار بمعنى التصويت وليس فقط العرض دون التصويت وهناك رأي يرى ان العرض لا يعني التصويت وان عدم التصويت على المراسيم في الجلسة الأولى لا يعني زوال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك مادام قد تم الالتزام بعرضها في أول جلسة لحين التصويت عليها.وقد استقر العمل على الأخذ بالرأي الثاني.
وهو اتجاه برأيي صحيح اذ لا يمكن خاصة في حالة صدور العديد من المراسيم أو بعض المراسيم ذات الطابع الفني الدقيق ان يصوت عليها المجلس في أول جلسة له خاصة اذا كان المجلس جديد يأتي بعد الانتخابات وهناك أعضاء جدد اذ لا بد من التزام العرض ثم الاحالة الى اللجان المختصة لدراستها سواء من الناحية الشكلية للتأكد من تطبيق شروط المادة عليها بعدم مخالفتها للدستور وانطباق حالة الضرورة علها وعدم تجاوزها للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.كذلك من الناحية الموضوعية للتأكد من تحقيقها للمصلحة العامة وعلى اللجان المختصة مراعاة جانب الوقت واعطاء هذه المراسيم الاستعجال اللازم للانتهاء منها وعرضها على المجلس في اقرب جلسة للبت فيها بالموفقة أو الرفض لما قد يترتب على التأخير في التصويت عليها من عدم الاستقرار للأوضاع التي انشأتها هذه المراسيم وما يترتب على رفضها من آثار قد لا يكون من السهل معالجتها.
أما المراسيم الخاصة بالميزانيات فان الاستعجال ينطبق عليها بالاضافة الى وجود نص خاص ينضم التعامل معها يقضي بعدم جواز فض دور الانعقاد الا بعد اقرارها المادة 85 من الدستور وقد وضعت هذه المادة لحماية دور المجلس في الرقابة المالية على السلطة التنفيذية اذ انها وضعت حضرا على السلطة التنفيذية بعدم فض دور الانعقاد الا بعد الانتهاء من الميزانية والتصويت عليها على اعتبار ان دور الانعقاد قد ينتهي ولم يسع المجلس النظر في الميزانية واقرارها وهنا لا تملك السلطة التنفيذية الحق في فض دور الانعقاد وتستفرد في الصرف من الميزانية الى ان يأتي دور الانعقاد الثاني أو يكون دور الانعقاد الأخير فيكون الانتظار بعد الانتخابات فتطلق يد السلطة التنفيذية بالصرف دون رقابة.
ومن ثم فانه لا يجوز فض دور الانعقاد الحالي الا بعد النظر في مراسيم الضرورة بصوره عامه وبالأخص مراسيم الميزانية وهنا يجب ان نفرق بين الميزانية والتي تحتاج الى قانون لاصدارها والحساب الختامي الذي لا يحتاج الى قانون ولا ممدوحة من تأجيله مناقشة الحساب الختامي لدور الانعقاد الثاني بل أرى أهمية تأجيله الى دور الانعقاد القادم لان مناقشته في أجواء هادئة ومستقره وغير مستعجلة توفر الرقابة الحقيقية على ما قامت به الوزارة من أعمال فهو يمثل جرد حساب لأعمال الوزارة عن سنة سابقة وهي الرقابة الحقيقية التي يجب ان يمارسها المجلس على الحكومة.
ثالثا:- كيفية التعامل مع الاستجواب القائم :- كما بينا أعلاه فان رئيس المجلس قد أدرج الاستجواب المقدم من النائب مسلم البراك على جدول أعمال جلسة 23 الشهر الحالي كما ان مكتب المجلس قد حدد مبدئيا تاريخ 25/6/2009 موعدا لفض دور الانعقاد أي بعد يومين من تاريخ جلسة الاستجواب.
فما هي السيناريوهات القانونية في التعامل مع الاستجواب؟ وأقول القانونية وفقا للدستور واللائحة ولا أقول التكتيكات السياسية فهذا شأن خاص في ذهن الحكومة والمجلس لا يمكن التنبؤ وهو في النهاية ليس مجالا لهذه الدراسة فهي تختص بالجانب الدستوري القانوني فقط.
وقبل الدخول في هذه السيناريوهات أود ان أؤكد ما طرحته في دراسة سابقة من عدم دستورية المحورين الأول والثاني من الاستجواب وضرورة الالتزام بنصوص الدستور وأحكام المحكمة الدستورية في هذا الشأن التزاما بالقسم الذي اقسمه أعضاء مجلس الأمة باحترام الدستور وقوانين الدولة.
أما السيناريوهات المطروحة فانها لن تخرج عن التالي:
1 - ان يأتي الوزير في يوم الجلسة ويعلن استعداده للرد على محاور الاستجواب ويتم مناقشة الاستجواب كما هو مقرر باللائحة الداخلية للمجلس وفي هذه الحالة قد ينتهي الاستجواب الى أمرين لا ثالث لها :-
أ - اما ان يكتفي المجلس بما دار من نقاش ولا يقدم طلب طرح الثقة وينتهي الاستجواب عند هذا الحد.ولكن ما هو الاجراء اذا تم تقديم طلب طرح الثقة؟
ب - اذا تم تقديم طلب طرح الثقة بالوزير اما ان يؤجل الرئيس الجلسة الى ما بعد سبعة أيام ويحدد موعد جديد لمناقشة طلب طرح الثقة والتصويت عليه وهنا لا بد من تغيير موعد فض دور الانعقاد استنادا على نص المادة 144 من اللائحة الداخلية.
واما ان يتمسك الرئيس بقرار مكتب المجلس بتحديد موعد فض دور الانعقاد ويؤجر جلسة طرح الثقة الى دور الانعقاد الثاني استنادا على الفقرة الثانية من المادة 142 من اللائحة الداخلية ويبدأ دور الانعقاد الثاني باستئناف نظر الاستجواب بحالته التي عليها.
2 - ان يطلب الوزير مد اجل الاستجواب وهذا الطلب يحتاج الى موافقة المجلس بعد ان استنفذت المدة المحددة للوزير وهي ثمانية أيام وتختلف الأغلبية المطلوبة فيما اذا كان المد لمدة أسبوعين أو مدة أكثر من ذلك.فالطلب المحدد بأسبوعين ومثلهم يحتاج الى الأغلبية العادية أي أكثر من نصف الأعضاء الحاضرين.أما الطلب لمدة أكثر من ذلك فانه يحتاج الى الأغلبية الخاصة التي يتكون منها المجلس وفقا للمادة 135 من اللائحة الداخلية.ومن ثم تطبق المادة 142 من اللائحة الداخلية السابق اشارة لها أي تتم مناقشة الاستجواب في بداية دور الانعقاد القادم.
أحمد المليفي
15\6\2009