زمن عبدالله السالم فليذهب إلى الجحيم

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
الحرية...
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

كان التعامل مع حرية التعبير في زمن عبدالله السالم، وحتى الاستقلال وصدور الدستور يتم وفق منظور أمني، بل كانت الأوامر الرقابية تتم معالجتها في أروقة دائرة الأمن العام ورئيسها الشيخ عبدالله المبارك رحمه الله. ويأتي من ضمن ذلك أيضاً التعامل مع الندوات والمحاضرات والمهرجانات الخطابية.
كان لافتاً أن تلك المنظومة الذهنية هي التي سيطرت على أحداث 1959. ففي بداية تلك السنة نظمت مجموعة من القوى السياسية بقيادة التيار القومي العربي احتفالاً شعبياً جماهيرياً في ثانوية الشويخ وذلك للاحتفال بمرور سنة على تأسيس الجمهورية العربية المتحدة، أي الوحدة بين مصر وسورية. وقد أُلقيت في تلك الاحتفالية خطبٌ حماسية داعمة للوحدة ومنددة 'بالأنظمة الرجعية'، ولم يتم استثناء الكويت من الانتقاد! كان من ضمن الحضور أحمد سعيد المذيع الأشهر في إذاعة صوت العرب الذي ألقى عليه البعض اللوم بسبب خداعه للناس بعد هزيمة 1967، كما كان المتحدث الرئيسي جاسم القطامي، شفاه الله، الذي ألقى خطاباً حاداً طالب فيه باتباع الكويت خطى الجمهورية المتحدة.
نتج عن ذلك النشاط إجراءات قمعية شديدة، واعتقالات، والأهم من ذلك هو إغلاق الأندية والصحف ومنع الانشطة العامة على الرغم من أن المهرجان نفسه كان يحظى بدعم من عدد من أفراد الأسرة الحاكمة، وقد قيل حينئذٍ إن سبب شدة الإجراءات لم تكن بسبب ما قيل في المهرجان، ولكن بسبب الخشية من استفزاز النظام العراقي الجديد، الذي كان قد وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري مطيحاً بالحكم الملكي قبل بضعة أشهر.
أما بالنسبة لوضع الحريات في الكويت فلم تبدأ بالتنفس إلا بعد الاستقلال سنة 1961.
من الواضح أنه في أي تحرك لتعليق الدستور يتم التركيزعلى أدوات ووسائل التعبير، وقد جرى ذلك في إضافة المادة 25 مكرر عدة مرات إلى قانون المطبوعات التي تتيح إغلاق الصحف بأمر إداري لا قضائي وعلى الأخص بعد حل المجلس عام 1976، وقد زادت تلك الجرعة في 1986 إذ فرضت الرقابة المسبقة على الصحافة ولذلك حديث ذو شجون وشؤون.
أما الآن فنحن بصدد احتجاز المحامي محمد عبدالقادر الجاسم، الذي لم نكن نتوقع أن يطالب بسداد كفالة مالية قدرها ألف دينار وهو مبلغ له بعد رمزي. فقد صرحت سارة لياويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الاوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومان رايتس ووتش بأن حبس منتقدي الحكومة بسبب تصريحهم بتعليقات سلمية يؤثر على سمعة الكويت كأحد أكثر البلاد حرية في المنطقة، وطالبت بالإفراج فوراً عن الجاسم وهو ما نراه الإجراء الوحيد الصحيح الذي يتسق مع التزامات الكويت تجاه المجتمع الدولي وعلى الأخص مصادقتها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وغيرها.
 

KUWAITAWYY

عضو بلاتيني / الفائز الخامس في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
أبو أحمد ..

الله يعطيك العافيه .. كفيت ووفييت في النقل .. بس لو كاتب تعليق على كل مقال .. بس الحلو مايكملش ..

لان تعليقاتك.. وكتابتك.. تعجبني جداً ..

تحياتي وأشواقي ..

ولي عوده للتعليق على بعض النقاط ....


ــــــــــــــــــــــــــ
 

kkk

عضو مخضرم
أبو أحمد ..

الله يعطيك العافيه .. كفيت ووفييت في النقل .. بس لو كاتب تعليق على كل مقال .. بس الحلو مايكملش ..

لان تعليقاتك.. وكتابتك.. تعجبني جداً ..

تحياتي وأشواقي ..

ولي عوده للتعليق على بعض النقاط ....


ــــــــــــــــــــــــــ
حياك الله
ومشكور....على المدح.....
والتعليق على مقالات الدكتور......صعب شويه
وشاكر مرورك العطر....:وردة::وردة:

زمن عبدالله السالم
وفاة رجل جميل

د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

من الصعب إغفال ذكرى وفاة الشيخ عبدالله السالم.
في 23 أكتوبر 1965، دخل الشيخ عبدالله السالم رحمه الله إلى مجلس الأمة، توقف برهة، حيث تم عزف السلام الأميري، وأكمل طريقه ليفتتح دور الانعقاد العادي لمجلس الأمة. بدأ رحمه الله بإلقاء النطق السامي متمنياً 'دوام التوفيق في التعاون المثمر بينكم (أي المجلس) وبين الحكومة'، إلى أن ختم بقوله 'والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته'. كان النطق السامي قصيراً جداً، ولكن صوته رحمه الله كان متهدجاً، منهكاً، جلس بعد ذلك، وبدأ الشيخ صباح السالم رحمه الله رئيس الوزراء وولي العهد آنذاك بإلقاء الخطاب الأميري، إلا أن حركة وهرجاً ومرجاً أدت إلى ارتباكه وتوقفه عن القراءة متلفتاً عن سبب التراكض غير المألوف. كان سبب ذلك هو إصابة الشيخ العود بأزمة قلبية أطلق عليها الإعلام الرسمي 'وعكة صحية'. كان مصطلح 'وعكة' جديداً على آذاننا، حيث ظل ذلك المصطلح يتردد في الإعلام مدة شهر كامل حتى توفاه الله في 24 نوفمبر 1965.
يبدو أن مفاجآت ذلك الرجل لم تكن لتنتهي. فكأنه قد قرر أن يودعنا من مجلس الأمة في إشارة رمزية لا يمكن تجاهلها، فأزمته القلبية أصابته في المجلس وكأنه يقول إنه متمسك بالدستور حتى آخر رمق، وهكذا كان رحمه الله.
طوال الشهر الذي انقضى من إصابته بتلك 'الوعكة' حتى وفاته، ظلت الكويت واجمة، تتمنى أن يخرج عليها بابتسامته مطمئناً لها وعليها، ولكن أمر الله فوق كل شيء.
كان يشرف على علاجه طبيبان هما د. ناظم الغبرا رحمه الله، ود. أحمد الخطيب أطال الله في عمره، ويقول د. الخطيب إنه بدأ باستعادة شيء من عافيته إلا أنه في لحظاته الأخيرة تعرض لبرد عقّد وضعَه الصحي، كما يقول إنه في أيامه الأخيرة عندما أصبح البلع عنده صعباً، كان يشرب الماء عن طريق مص الثلج، وأحياناً لا يستطيع الحديث، وفي إحدى المرات كان يجلس على فراشه الشيخ سعد العبدالله رحمه الله ود. الخطيب، فكان يأخذ قطعة ثلج فيضعها في فم د. الخطيب وقطعة أخرى في فم الشيخ سعد.
ولئن كان للسلاسة والانسيابية رموز فلاشك أن عبدالله السالم سيكون من ضمنها.
وفي يوم 24 نوفمبر 1965 انتشر الحزن في الفضاء وفي الأمكنة، ولم يتمكن مذيعو الأخبار من تكملة الخبر وعلى رأسهم رضا الفيلي فانهمروا بالدموع. الكويت برمتها بكت عقلها، ورزانتها، وبُعد نظرها، وعذوبتها، وسلاستها، ورومانسيتها. خرجت البلاد عن بكرة أبيها، وامتلأت مقبرة الصليبيخات بالبشر، الكل يريد أن يعبر عن حزنه فقد كان لكل إنسان في الكويت ملكية مشروعة في ذلك الرجل الجميل الذي ذهب. والغريب حتى وأنا أكتب هذه المقالة فوجئت بدمعة أبت إلا أن تخرج.
كانت مغادرته لنا إيذاناً بالبدء في التحرك ضد المؤسسة الديمقراطية، فبعد وفاته بأقل من أسبوعين وبالتحديد في 7 ديسمبر استقال نواب في مجلس الأمة هم عبدالرزاق الخالد، وراشد التوحيد، وعلي عبدالرحمن العمر، وجاسم القطامي، وسليمان خالد المطوع، ويعقوب الحميضي، ود. أحمد الخطيب، وسامي المنيس رحم الله منهم من توفاه الله، وأطال الله في عمر من لايزال حياً. كانت الاستقالة احتجاجاً على صدور قوانين غير دستورية. وتوالت الإجراءات فتم حل المجلس البلدي بعد 5 أشهر وتبديد 200 مليون كانت قد رُصدت للتثمين، ثم جاء تزوير الانتخابات في يناير 1967.
ما إن تُوفي ذلك الرجل السلس الجميل حتى بدأت مراجعة شاملة لمشروع الدولة واستعادة مشروع الحكم.
لذا لم يكن رحيله مجرد وفاة لشخص عظيم ولكن كان بداية نهاية لحقبة لم يتسن لها أن تنضج.
فيا أيها الرجل الجميل، يا شيخنا العود، رحلت منا، فعليك السلام، ولك السلام، فمن السلام جئت وللسلام أتيت وإلى السلام ذهبت، فليرحمك الله رحمة واسعة ويجزيك عنا خير الجزاء.
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
الفساد
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

لا يوجد مجتمع إلّا وبه فساد مالي وإداري بشكل أو بآخر.
وقد ظهرت حركات منظمة لمحاربة الفساد في العقدين الماضيين بسبب الدمار الذي يحدثه الفساد في المجتمع وإعاقته لأي حركة إيجابية.
وتواجهنا في استخدام المصطلح مشكلة المعنى المفهوم باللغة العربية لكلمة الفساد، فهي غالباً توحي بالفساد الأخلاقي فقط، أما عند الحداقة وأهل البحر فللفساد معنى آخر تماماً، إذ يدل على تغير في الريح، وتأثر في نوعية السمك، وقلما نجد المعنى من حيث الفهم بذات التركيز والوضوح كما في المصطلح الإنكليزي CORRUPTION.
وبما أن الفساد المالي قد انتشر في أيامنا هذه كانتشار النار في الهشيم، وأنه يحظى برعاية ودعم نافذين وربما مسؤولين كبار، فإن إمكانية الخروج من مأزق الفساد إلى التنمية الحقيقية تصبح أمراً مستحيلاً، وبما أن الطريق الوحيد يكمن في التعامل بجدية مع الفاسدين، وتقليم أظافرهم، وإيداعهم في الأماكن التي يستحقونها عبر منظومة تشريعية يتم تنفيذها بجدية، فإنه بدون ذلك التحرك، فإن أي حديث عن الاستقرار السياسي يكون عبارة عن أهازيج مملة تعزف لحناً على أوتار مهترئة لتخرج صوتاً نشازاً.
ولذا فإن إحدى الملاحظات اللافتة لزمن عبدالله السالم منذ بدايات الخمسينيات، أنه جرت محاولات حثيثة للتصدي للفساد ولتبديد أموال الدولة. سواء في تأسيس اللجنة التنفيذية العليا عام 1954، أو قضية الشركات الخمس وما جرى حولها من لغط ما اضطر الشيخ عبدالله السالم إلى إلغاء احتكارها وعقودها وترسيخ مبادئ أكثر شفافية. إلى قضية التثمين الذي بدأ في 1952 وحرك سُعار الاستيلاء على أراضي الدولة من خلال تزوير أو تحوير سندات الهبة حتى تدخل عبدالله السالم فأصدر قراراً تاريخياً بتأميم الأراضي عن طريق اللجنة سنة 1954 ثم عاد وأكده بأمر أميري عام 1956. أو قضية المناقصات ونظامها والدفع باتجاه الابتعاد عن التكسب السياسي وبالذات من خلال رفض العديد من الشركات البريطانية، أو قضية إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي في لندن وطبيعة المفاوضات التي أفضت إلى إنشائه عام 1953 وإصرار عبدالله السالم على اعتبار تلك الاستثمارات ملكاً للشعب الكويتي وليست ملكاً شخصياً له. بالتأكيد سأتطرق إلى كل من تلك القضايا بمزيد من التفصيل كل على حدة بإذن الله.
وبغض النظر عن أنه لم يتم القضاء على الفساد خلال زمن عبدالله السالم، واستمر بصور وأشكال مختلفة سنبينها لاحقاً، فإنه كان واضحاً أنه كانت هناك إرادة سياسية تدفع باتجاه تحجيم الفساد ومحاصرته، وكان على رأسها عبدالله السالم، حتى قبل أن يكون هناك دستور.
أما في يومنا هذا، فمع وجود دستور ومؤسسات رقابية، كمجلس الأمة وديوان المحاسبة، ولجنة ميزانيات ولجنة مالية برلمانيتين، وقوانين لها أول وليس لها آخر، ووزارة مالية تدقق، وصحافة حرة 'إلا ربع' وجمعيات نفع عام، وقوى سياسية، فإن كل الجهود، إن صدقت، تضرب 'بوش'، والله المستعان.
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
شلل دماغي
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

بطلب عدم التعاون الذي قدمه 10 نواب تكون العملية السياسية قد دخلت حقبة جديدة، ومن غير المعروف إلى أين ستتجه، ولكنها في كل الأحوال تمثل محطة تاريخية في تطور الكويت السياسي الحديث. وسيُدرَج يومُ الثامن من ديسمبر كأحد الأيام التاريخية لأنه جرى فيه أول استجواب لرئيس وزراء، كما أنه سيكون أول عدم تعاون معلن معه.
وبغض النظر عن السلبيات التي قد يراها البعض، فإن ممارسة كهذه ستُحسَب للنظام السياسي الكويتي على طرفيه.
إلا أنه بالمقابل فإن حالة الوهن العامة، والشعور بأن شللاً دماغياً قد أصاب البلاد، والضعف الملحوظ لدى السلطة التنفيذية، قد تؤدي إلى مزيد من التدهور والتفكيك النهائي للدولة. ينعكس ذلك على حالة الإحباط العامة المسيطرة على المجتمع وعلى الناس عموماً، وإنه بدون لملمة البعثرة، وحالة الضياع فإنه لا يبدو أن هناك ما يمكن إنقاذه.
لم يخلُ زمن عبدالله السالم من الأزمات، بل إن بعض تلك الأزمات كان حاداً وقاسياً، إلا أن أسلوب التعامل مع تلك الأزمات كان ينتهي بمخارج منطقية وعقلانية تؤدي إلى مزيد من التماسك ومزيد من الحصافة.
أما الآن وبإجماع آراء الأجيال المختلفة التي عاصرت زمن عبدالله السالم، وما بعده من حقب، فإننا نمر بمرحلة لم تمر بها البلاد من قبل نسأل الله أن يعيننا على تداعياتها.
ففي خلال أزمة المادة 131 من الدستور سنة 1964 حين انسحب من جلسة مجلس الأمة 31 نائباً ليمنعوا وزراء جدداً في الحكومة من أداء اليمين الدستورية، كان الظن أنها ستكون الضربة القاصمة، وكان نتيجتها أن تقدم رئيس الوزراء الشيخ صباح السالم للأمير الشيخ عبدالله السالم رحمهما الله بطلب حل مجلس الأمة، ولمّا عاد الشيخ العود من سفره والتقى طرفَي الخلاف، لم يلبِّ طلب رئيس وزرائه، بل طلب منه أن يعيد تشكيل حكومته مع علمه بأن المسألة لم تكن تعبر عما يقال في العلن.
إن الخروج من المأزق لن يكون إلا بالمزيد من الممارسة الديمقراطية، وهي ستصلح نفسها بنفسها دون مبالغة ولا تهوين. والله المستعان.
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
تعديل الدستور
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

لم يكن الطريق إلى الدستور محفوفاً بالورود، بل كان الوصول إليه عبر طرق وعرة، ومطبات بعضها صناعي وبعضها غير ذلك.
ومع أن أغلبية مواد الدستور قد فاتت دون مشاكل داخل لجنة الدستور، فإن بعض القضايا كان الخلاف حولها محتدماً، وهي في مجملها القضايا التي تتعامل مع اتخاذ القرار والأغلبية. من تلك القضايا الخلافية، مثلاً، هل هناك حاجة إلى استقالة الحكومة بعد كل فصل تشريعي؟ وهل تتشكل الحكومة من بين النواب المنتخبين أم كلهم معينون؟ وهل يصبح الوزراء المعينون أعضاء في مجلس الأمة؟ وهل يصوت الوزراء على طرح الثقة؟ وهل يتم التصويت بأغلبية بسيطة أم بأغلبية الثلثين؟ لم يكن الخروج من ذلك المأزق سهلا، فالشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، ممثل الأسرة الحاكمة في لجنة الدستور كان مصرّاً على تقييد صلاحيات المجلس، وفي المقابل كان أغلبية اعضاء اللجنة ومن ورائهم التيار الوطني الإصلاحي يدفعون إلى مزيد من الانفتاح.
النتيجة النهائية كانت حلا وسطا، فلم يحصل طرفا التفاوض على كل ما أرادا، ولربما كان للشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، دور أساسي في التوصل إلى ما يمكن وصفه بالحد الأدنى.
ذلك الحد الأدنى الذي يفترض ألا يتم فتح ملفه إلا نحو مزيد من الحريات والصلاحيات للشعب، يبدو أنه كان مصدر قلق شديد لبعض الأطراف في الأسرة. فما أن توفي عبدالله السالم حتى تم تزوير أول انتخابات نيابية في 1967، كما تم تعيين لجنة تنقيح الدستور سنة 1980 وقدمت الحكومة لها مشروعا في هذا الإطار، والذي بلغ من شدة تعديه على الدستور مبلغا حتى أن اللجنة المعينة من قبل الحكومة رفضته، ولم تتوقف المحاولات فتم تعديل الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة انتخابية للحصول على نوعية معينة من النواب، ومن ثَمّ تقدمت الحكومة مرة اخرى بمشروعها إلى مجلس 1981، ومع ان أغلبية نواب ذلك المجلس كانوا مع الحكومة، فإن عدداً قليلاً من النواب تمكن من إرغام الحكومة على سحب مشروعها المشوَّه والمشوِّه للدستور.
واستمرت المحاولات، حيث تمخض الجبل فولد فأراً مشوَّها، اسمه المجلس الوطني سنة 1990، والذي عقدت جلساته بفترة قصيرة جدا قبل غزو الثاني من أغسطس 1990.
تلك هي الحكاية المريرة في تاريخ الرغبة في الانقضاض على الدستور والإجهاز عليه، ويبدو أن مَعين تلك المحاولات لم ينضب، وأن الطروحات الجديدة التي تدعو إلى تعديل الدستور، مهما جرى لها من محاولات تجميل، هي ليست إلا صيغة جديدة في تلك السلسلة البغيضة في محاولات القضاء على الدستور، أو إفراغه من محتواه، أو تقويض صيغة الحد الأدنى، بفأس حكومية وأياد نيابية، وهو ليس بأمر جديد. اللهم احفظ الكويت وشعبها ودستورها من كل مكروه.
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
يوم تاريخي جديد
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

• مقدمة فرضها الحدث
في هذا البلد الصغير تَستهل الدولة الاعتداء على الحريات، حتى البسيط منها، فبعد كتابة المقال البارحة، بلغنا أن المفكر المصري د. نصر حامد أبو زيد قد تم منعه في المطار، وأعيد من حيث أتى، علماً بأنه كان قد حصل على «فيزا» من حكومة دولة الكويت، إلا أنه يبدو أن هناك حكومة أخرى لدولة الكويت قررت منعه من الدخول. الدكتور أبو زيد كان في طريقه إلى الكويت لإلقاء محاضرتين عامتين، ليغادرها بعد ذلك، فهل وصلت البلاد إلى هذه الدرجة من الجبن بأن تخيفها محاضرتان يتيمتان؟! نعرف جيداً أن هناك حسابات سياسية قد تأثرت بتهديد نائب هنا أو نائب هناك، فهل نتوقع من النواب الذين يُفترض أن يدافعوا عن الحريات موقفاً للتاريخ، أم أن الحريات ستكون دائماً ضحية الحسابات السياسية؟!
* * *
• عودة لمقالة اليوم
اليوم السادس عشر من ديسمبر هو يوم تاريخي للكويت وأهلها، وهو ملحق تكميلي ليوم تاريخي سبقه وهو الثامن من ديسمبر، ففي هذا اليوم، الذي سنقول عنه مستقبلاً 'في مثل هذا اليوم' تمّ طرح الثقة لأول مرة في تاريخ الكويت والمنطقة بسمو رئيس الوزراء.
الملاحظ هنا في الجدل الدائر حول هذه المسألة أن التركيز، ربما كل التركيز، انغمس حول شخصية سمو الرئيس وإن كان قادراً على الفعل أو غير قادر، وهي في ظني جزئية لا يفترض بأي شكل من الأشكال أن تصرفنا عن مشاهدة واستيعاب اللحظة التاريخية. هكذا هي للأسف طبيعة التحولات التاريخية التي يسبقها جدل حاد وانقسامات اجتماعية وسياسية.
حقبة عبدالله السالم لم تخلُ من أحداث تاريخية، ومحطات محورية قبل الدستور أو بعده. وحتى بعد الدستور كانت ربما إحدى المحطات التاريخية مثلاً استجواب النائب راشد التوحيد للشيخ جابر العلي رحمه الله الذي يمثل أول تفعيل للممارسة الديمقراطية، إذ تمّ مبكراً وتحديداً في فبراير 1964 استجواب أحد أفراد الأسرة الحاكمة. لحق ذلك أزمة المادة 131 من الدستور في أواخر تلك السنة وما نتج عنها من إصرار للشيخ عبدالله السالم رحمه الله على المضي والتمسك بالدستور. ولكن، من يتذكر طبيعة الجدل الذي كان دائراً آنذاك؟ كان هناك حينها فريق من داخل المجلس ومن الأسرة يتحين الفرص للاستفادة من تلك الأحداث للإجهاز على الدستور نهائياً.
من الواضح أن التصويت على 'عدم التعاون' اليوم سيكون لصالح سمو الرئيس، وأن ذلك التصويت قد يخفف أو يشعل دائرة الجدل والصراع. ولكن ذلك يعني أن استجواب رئيس الوزراء أصبح أمراً عادياً، وأنه مثل أمور تاريخية أخرى سبقته، كإقرار حقوق المرأة السياسية وفوزها، أو تفعيل قانون توارث الإمارة وإقرار سمو الشيخ صباح الأحمد أميراً على البلاد من خلال مجلس الامة، أو تقليص الدوائر الانتخابية من 25 إلى 5 دوائر انتخابية، وفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء وغيرها كثير.
فلنتذكر جيداً طبيعة الجدل والنزاع حول تلك القضايا أو غيرها وهي حاضرة في الذهن، ولنتذكر أنه في كل منها كان طرفا المعادلة يتحدثان عن نهاية مزعومة للتاريخ، إلا أنه ما إن تم حسم المسألة، دخلت الممارسة، وأصبحت تاريخاً، ودخلت ضمن الممارسة العادية.
الشعوب الواعية والحية تقوم بمراجعة لمسيرتها دون مساس بقواعد اللعبة الأساسية التي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء من طرف واحد، وبالتالي تدمر مسار المجتمع بدلاً من رفده وتطويره نحو الأحسن.
إن كانت المسيرة الدستورية قد شابتها أخطاء تستحق المراجعة، فإن حلها لا يكون عن طريق العبث بالدستور من طرف واحد، فقد ثبت لنا بالدليل القاطع في محاولتين سابقتين أن ذلك قد قادنا إلى كارثة ومأساة، فلماذا يُراد لنا أن ندخل في أتون مأساة ثانية؟
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
الجمهورية الفرنسية الرابعة؟
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

في زمن عبدالله السالم وبالذات في الثلث الأخير منه تأسست دولة الكويت الأولى المستقلة الدستورية، وفي عام 1976 جرت محاولة لتأسيس دولة الكويت الثانية والتي كانت خلواً من دستور 1962، فلم يتيسر لها أن تكتمل مسيرتها فعدنا مرة أخرى إلى الدولة الأولى بدستورها وإن كان ضمن عبث بدوائرها الانتخابية، وفي 1986 تكررت المحاولة مرة أخرى فتم تأسيس دولة الكويت الثالثة دون دستور وبعزم أكيد على إلغائه واستبدال مجلس الأمة بالمجلس الوطني، إلا أن غزاة الشمال لم يمهلوا ذلك المشروع الانتكاسي حتى يكتمل. وفي 1992 جاءت دولة الكويت الرابعة بنسخة مكررة لدولتنا الأولى. فماذا يحدث الآن، أيُراد لنا أن نخرج من الدولة الرابعة إلى الخامسة، كما فعلَ الفرنسيون حين خرجوا من جمهوريتهم الرابعة إلى جمهوريتهم الخامسة؟
كنت أظن الحديث عن تعديل الدستور أو تنقيحه، لا فرق، قد خبا، وتراجع، و'تمعجن'، إلا أنه يبدو أن المسألة مازالت على قيد الحياة، فبعد التداعيات التي خلقتها ندوة د. يحيى الجمل، وردود الأفعال المتنوعة، وما تلا ذلك من نهاية للاستجوابات، كان من المفترض أن لا تخرج علينا أية مؤشرات في اتجاه التعديل، إلا أنه وللأسف فإن الحديث مازال مستمراً، بل يؤكد المطلعون أنه ستتم إجراءات جذرية في نهاية شهر يناير أو بدايات فبراير. بالطبع لسنا في وارد بحث مدى مصداقية تلك المصادر المطلعة، لكنها بالتأكيد تصر على العزف على ذات المقطوعة النشاز والراغبة في تعديل الدستور من طرف واحد فقط لا غير.

وكان أبرزُ تلك الأفكار التي تم تداولها بهذا الخصوص هي فكرة تشابه الوضع في الكويت المأزوم سياسياً مع وضع كان سائداً في فرنسا إبان جمهوريتها الرابعة، التي كانت قوة البرلمان والسلطة التشريعية طاغية فيها على قوة السلطة التنفيذية ما أصاب البلاد بالشلل، وأصبح ذلك التشبيه هو محور الانطلاق والارتكاز في المحاولات الجارية لتعديل الدستور من طرف واحد، فحالة الجمهورية الرابعة كان عنوانها ضعفاً حكومياً مفرطاً وقوة برلمانية ملحوظة أدت ضمن ما أدت إليه إلى سقوط الحكومة عدة مرات ما دفع إلى إجراء تعديلات دستورية عبر الاستفتاء العام.
بالطبع قد يبدو التشبيه مغرياً، إلا أن أولى نقاط الخلل في ذلك التشبيه هي أن الحكومة ليست ضعيفة، فها هي تحصل على الأغلبية التي تريد، كما أن مقابلها النواب لا يشكلون كتلة متماسكة. فمفهوم الضعف يعني عدم القدرة على الحصول على الأغلبية وهو غير حاصل لدينا، كذلك فإن الحكومة الفرنسية المقصودة بالضعف إبان الجمهورية الرابعة لم تكن لتأتي عبر دستور يضع اعتباره لوجود أسرة حاكمة كأحد أطراف العقد الاجتماعي، بل إن الاعتبار الوحيد هو للانتخاب فقط. وحيث إن الخروج إلى الجمهورية الخامسة كان عن طريق الاستفتاء، فإن ذلك الأسلوب غير معتمد في الدستور الكويتي.
وبالتالي فإن أي تنقيح للدستور لابد أن يكون عبر التوافق الذي يشترط موافقة سمو الأمير حفظه الله وثلثي نواب مجلس الأمة. وأي ترتيب خلاف ذلك فإنه يتم خارج الدستور وآلياته وسيتم قسراً ومن طرف واحد، وأي حل يتم خارج إطار الدستور فإنه لن يؤدي إلا إلى مزيد من عدم الاستقرار.

دولة الكويت الثانية سنة 1976 أو دولة الكويت الثالثة سنة 1986 أعادتا عقارب الساعة إلى ما وراء دولة الكويت الدستورية الأولى سنة 1962.
نحن الآن في دولة الكويت الرابعة، دولة ما بعد التحرير، حيث سقطت كل المحاولات لإعادتها إلى زمن ما قبل الدستور، فلم يحدث أي حل غير دستوري، أما الحل الأحادي فإنه لن يقودنا إلى «الدولة الخامسة» أو «الجمهورية الخامسة» المبتغاة بل إلى نقطة الصفر أو أقل من ذلك بكثير، والله المستعان.
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
المهرجان الشعبي
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

لم تكن الأحداث التي جرت في الكويت سنة 1959 عادية على الإطلاق، بل يمكن أن تكون وبدون مبالغة محور ارتكاز لبناء دولة الكويت الدستورية، ففيها جرى تنظيم أهم تجمُّع شعبي سياسي في تاريخ الكويت، وفيها تم سن القوانين التي ارتكزت عليها الدولة.
ففي بداية فبراير من ذلك العام تم تنظيم مهرجان شعبي حاشد في ثانوية الشويخ، وذلك إحياءً لذكرى الوحدة بين مصر وسورية، التي كانت قد أُعلنت رسمياً في الأول من فبراير سنة 1958. وخلال ذلك المهرجان الذي كان قد حظي بمباركة ودعم حكوميَّين ومن بعض الشيوخ كذلك، وحضور مذيع إذاعة صوت العرب الشهير أحمد سعيد، أُلقيت الخطابات الحماسية التي تم تصنيفها على أنها استفزازية.

الشيخ عبدالله السالم رحمه الله من جانبه أصدر البيان التالي:
«يا شعبي العزيز...

من الواضح الجلي أنني سعيت ومازلت أسعى إلى توفير جميع أسباب الرفاهية والطمأنينة لبلادنا العزيزة في السر والعلن.
ومازلت أسمع ما لا أحب أن أسمعه عن بعض الشباب الذين لا يقدرون عواقب الأمور ولا ينظرون النظرات البعيدة ولكني أتحاشى تكديرهم راجياً أن ينتبهوا من أنفسهم ويسمعوا نصائح العقلاء، ولقد نبهت المرة تلو المرة عن تكدير العلاقات بيننا وبين جميع أصدقائنا وإخواننا من العرب، وذلك حسبما تقتضيه مصلحة البلاد؛ إذ لا فائدة لنا من تكدير علاقات يجب المحافظة عليها طيبة ما أمكن، ولكن هؤلاء الشباب ركبوا رؤوسهم وتعاموا عن المصلحة العامة حتى بلغ بهم الجهل إلى التمادي عليّ شخصياً في المجتمعات على الرغم مما عُرف عن عهدي من رفاهية وخيرات نحمد الله عليها ويغبطنا عليها الكثير من الأمم، أما الأخطاء والانتقادات التي يرون أنها موجودة في بعض الدوائر فإنها أخطاء لا يخلو منها أي بلد مهما بلغ من التمدن والنظام، وهي حالات سائرة إلى التعديل والإصلاح في القريب العاجل إن شاء الله.
ولقد أوعزت بردع هؤلاء عن التمادي في جهلهم مؤملاً أن يكون بذلك سد ثلمة قد تأتينا منها ريح لا نريدها. وكما قيل «ومن السموم الناقعات دواء» وإني أرجو كافة أفراد الشعب العزيز أن يهتموا بصلاح أمورهم الخاصة، وبابي مفتوح لمن يتقدم باقتراح أو شكوى أو بيان صحيح، ففي ذلك تعاون صحيح بين الحاكم والمحكوم ووطنية صادقة، أما الجهل فعاقبته معروفة. والله يهدي الجميع».

كان واضحاً من البيان أن عبدالله السالم قد كتبه بنفسه واستخدم كلمات محكية عدة مرات مثل تكدير، وركبوا رؤوسهم، كما كان واضحاً أن الشيخ العود كان غاضباً لأنه بدأ يسمع مساساً شخصياً به، وكان رحمه الله حساساً جداً من ذلك الأمر.
إلا أن أهم ما في الموضوع كان تطرقه إلى الإساءة لدول عربية، والمقصود هنا العراق تحديداً. حيث إنه حدثت احتكاكات في أحد المقاهي بين مناصري الجمهورية العربية المتحدة وبين بعض العراقيين المؤيدين لعبدالكريم قاسم، الأمر الذي جعل عبدالله السالم يتوجس من احتمال تطور هذه الاحتكاكات إلى ما لا يحمد عقباه، خاصة أن قاسم جاء بانقلاب على الحكم الملكي سنة 1958، وكان عبدالله السالم من أول المهنئين «بالثورة» التي خلصته من ضغوط الحكم الملكي في العراق الذي كان يدفع باتجاه ضم الكويت إلى الاتحاد الهاشمي العربي الذي ضم العراق والأردن.
الأهم من كل هذا وذاك أن الإجراءات القاسية التي اتُّخذت من إغلاق صحف وأندية واعتقالات لم تكن تعني إلا التحضير لمزيد من الانفتاح والديمقراطية وأن الشباب الذين ذكرهم في بيانه كانوا هم الذين استعان بهم في تشكيل الحكم الدستوري لاحقاً، والذين يبدو أن فعلهم الاحتجاجي قد أثمر إيجابياً كما سنرى في المقالة القادمة.
 

kkk

عضو مخضرم
يعطيك العافية
شاكر مرورك العطر....:وردة:


زمن عبدالله السالم
حكايات 1959
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

ودَّعنا قبل ثلاثة أيام سنة 2009، كما كنا قد ودّعنا في ما مضى سنة 1959.
يفصل بين السنتين خمسون عاماً بالتمام والكمال، فهل هناك تشابه بينهما؟
نعرف الآن أن سنة 2009 احتوت في جوانبها على مفاصل تاريخية وأحداث تحدث للمرة الأولى، لم يكن أقلّها فوز المرأة بالانتخابات، أو استجواب ثم طرح الثقة برئيس الوزراء وغيرها من أحداث بالإمكان وصفها بأنها تاريخية كاملة الدسم.
أما سنة 1959 فقد كانت هي ذاتها ملأى بالأحداث التاريخية، والأهم من بين أحداثها، هو أنها كانت السنة التي وُضِعت فيها أسس الدولة الحديثة الدستورية. فقد كانت سنةً ثريةً وغنيةً بدون مبالغة.
فمنذ بدايتها وما تلا مهرجان ثانوية الشويخ الأشهر، وبيان الشيخ عبدالله السالم رحمه الله، الذي كانت نبرته حادة، إذ اتهم 'الشباب' بأنهم قد 'ركبوا رؤوسهم'، وما تلا ذلك من إجراءات قاسية ضد حركة المجتمع، والتي لم تكن في مجملها موجهة ضد الوضع الداخلي، ولكنها أيضا كانت تتعامل بقلق مع احتمالات التوتر المحتمل مع عراق عبدالكريم قاسم، والخشية من تطورها إلى ما لا يُحمَد عقباه. وفي حين أن ما يتم ذكره عادةً في هذه السنة من إجراءات يركِّز فقط على القمع الذي تم فيه مواجهة القوى السياسية والصحافة والمجتمع المدني، إلا أنه قلّما يتم ذكر ما جرى من إجراءات جذرية داخل الحكومة ذاتها.
بالطبع لم يكن هناك حينئذ مجلس وزراء، إذ كانت الوزارات تسمى دوائر، ويرأس كل دائرة شيخٌ من الأسرة الحاكمة هو بمنزلة الوزير في أيامنا هذه، ويدير الدائرة مدير من عامة الشعب، هو بمنزلة وكيل الوزارة في الوقت الراهن. وكان رؤساء الدوائر من الشيوخ يلتئمون في اجتماعٍ كان يُعرَف حينئذ باسم 'مجلس الشيوخ'، إلا أنه كان يلاحَظ على مجلس الشيوخ أنه لم يكن له رئيس رسمي، ولم يكن له جدول أعمال رسمي، وكانت قدرته كمؤسسة على اتخاذ القرارات النافذة مسألة فيها نظر، وكثيرا ما كانت تسيطر عليه الخلافات وبالذات بين الشيوخ الكبار، وأصبح أمراً عادياً أن يقرر الشيخ الزعلان مقاطعة جلسات المجلس فترةً زمنيةً ثم يعاود الظهور بشكل متقطع.
وبالتالي فإن إجراءات 1959 لم تقتصر على الجانب القمعي، بل شملت أيضا إجراءات يمكن وصفها بالجذرية حين تم إعفاء الشيخ صباح السالم، رحمه الله، من رئاسة دائرة الشرطة وتكليفه برئاسة دائرة الصحة، وفي خطوة دلّت على تنامي نفوذ الشيخ عبدالله المبارك، رحمه الله، تم دمج الشرطة بالأمن العام تحت رئاسة عبدالله المبارك، وتم تعيين الشيخ سعد العبدالله نائباً له. كان لافتا أن تلك الإجراءات أدت إلى غضب الشيخ فهد السالم رحمه الله، واعتباره أن ما جرى كان تقوية لنفوذ خصمه اللدود في استحواذه على الأمن العام والشرطة في جهاز واحد، وهو الذي كان حريصاً طوال الخمسينيات على الإبقاء على الجهازين منفصلين. وقد غادر فهد السالم بحراً، ولكنه لم يطُل الأمر به إذ تُوفي فجأة أثناء رحلته البحرية قرب السواحل السعودية.
وفاة فهد السالم المفاجئة أحزنت عبدالله السالم حزناً شديداً لدرجة أنه أمر بوضع صورة فهد كغلاف على الجريدة الرسمية (الكويت اليوم). فبالنسبة لعبدالله السالم، وعلى الرغم من ملاحظاته على أسلوب فهد السالم في الإدارة، فإنه كان يؤدي دوراً مهماً في تحييد طموحات عبدالله المبارك، وربما يكاد يكون الوحيد من بين الشيوخ القادر على مواجهته، والذي كان حتى عبدالله السالم يتحاشاها.
شعر عبدالله السالم بأنه هو الذي تسبب في وفاة أخيه فهد، ولكنه الموت، أقوى الأقوياء، فإن جاء أمر الله فلا رادّ له.
وعلى أية حال لم تنتهِ قصتنا مع سنة 1959، فمازال فيها ما يستحق أن يقال.
 

فاطمة حسين العلي

عضو بلاتيني
kkk
لم أعرفك جيدا يا زميلي
لكن بمجرد ادراج هذا الموضوع في الشبكة يثبت مدى وطنيتك وخوفك على الكويت
بكل أطيافه ..
موضوع الشيخ عبدالله السالم رحمه الله
هو كجرس الانذار لنا جميعا
ومن لم يعرف تاريخ الكويت عرفه الآن
لن أشكرك على النقل زميلي
أشكرك على اختيار الموضوع
الذي في نظري يأتي بعد موضوع الأخ الغرندوق مباشره
في الأهمية للشبكة ..
مميز جدا kkk
 

الكاشونة

عضو ذهبي
زمن عبدالله السالم
حكايات 1959
د. غانم النجار
g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg



وعلى أية حال لم تنتهِ قصتنا مع سنة 1959، فمازال فيها ما يستحق أن يقال.

أخي الكريم .. KKK

هل أكمل د . النجار قصته مع سنة 1959 ؟

إن فعل .. فأني أرجوك أن تتم فضلك علينا بإدراج ما كتبه د . غانم كـ تكملة لموضوعك

القيّم لما في ذلك من فائدة كبيرة لكل من يريد أن يعرف تاريخ الكويت الحديث ..

و أتمنى على الإشراف تثبيت هذا الموضوع لأهميته و كونه يحكي قصة دولة و رجل دولة

هما الكويت و الشيخ عبد الله السالم ( رحمة الله عليه ) بكل موضوعية و شفافية ..
 

kkk

عضو مخضرم
موضوع رائع بو أحمد ,,,



توني انتبه له :وردة:


kkk
لم أعرفك جيدا يا زميلي
لكن بمجرد ادراج هذا الموضوع في الشبكة يثبت مدى وطنيتك وخوفك على الكويت
بكل أطيافه ..
موضوع الشيخ عبدالله السالم رحمه الله
هو كجرس الانذار لنا جميعا
ومن لم يعرف تاريخ الكويت عرفه الآن
لن أشكرك على النقل زميلي
أشكرك على اختيار الموضوع
الذي في نظري يأتي بعد موضوع الأخ الغرندوق مباشره
في الأهمية للشبكة ..

مميز جدا kkk


أخي الكريم .. KKK

هل أكمل د . النجار قصته مع سنة 1959 ؟

إن فعل .. فأني أرجوك أن تتم فضلك علينا بإدراج ما كتبه د . غانم كـ تكملة لموضوعك

القيّم لما في ذلك من فائدة كبيرة لكل من يريد أن يعرف تاريخ الكويت الحديث ..

و أتمنى على الإشراف تثبيت هذا الموضوع لأهميته و كونه يحكي قصة دولة و رجل دولة

هما الكويت و الشيخ عبد الله السالم ( رحمة الله عليه ) بكل موضوعية و شفافية ..

مشكور kkk على الموضوع
شكرا لكل الزملاء الكرام
:وردة::وردة:
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
ذهبت مع الريح
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

لا أظن أن هناك من كان يتوقع أن تصبح الأوضاع في الكويت أسوأ مما كانت عليه قبل 50 عاماً. وسوء الأوضاع الذي نتحدث عنه هنا ليس من باب الافتراض أو التجنّي، بل هو سوء يجرنا إلى المجهول، إلى الهاوية.
كيف كانت الأحوال سنة 1959 وكيف أصبحت في 2009 بعد خمسين عاماً؟
التشابه المؤكد هو أن 1959 و2009 كانتا سنتي أزمات حادة. أما التفاوت بينهما والتباين الشديد فهما في طريقة الخروج من تلك الأزمة.
سنة 1959 بدأت بأزمة شعواء، ظن مَن ظن حينها أنها إعادة إنتاج للنمط القمعي المركزي، فالصحف قد أُغلقت والنوادي أُقفلت والقيود على حركة المجتمع قد وُضِعت، ولكنها انتهت بتأسيس قواعد حكم جديدة، وترسيخ مفاهيم مشروع الدولة الذي انتهى لاحقاً بمشروع سلس متكامل اسمه دستور 1962.
مع أن بدايات 1959 كانت توحي بالويل والثبور وعظائم الأمور وتشير في اتجاه انعزال السلطة والأسرة الحاكمة عن الشعب، فإن الحراك السياسي والاجتماعي كان يتجه ويؤسس لاتجاه آخر، سيخرج لنا الحي من الميت.
كانت المشاورات بين النخب السياسية والحاكم على أشدها، لا تتوقف، وكانت الاجتماعات تؤشر في اتجاه كيفية انتشال الوطن، وعلى هذا الأساس تمت الإجراءات في ثلاثة اتجاهات الأول تخفيف التصعيد والتوتر الشعبي، وهو ما لم يكن محموداً، والثاني إجراء تغييرات جذرية في هيكل الحكومة وهو ما كان مطلوباً ومتوقعاً، والثالث إجراءات هيكلية في جسد الدولة من خلال تأسيس القواعد القانونية للدولة.
وهكذا لم يطل الزمان حتى أثمر ذلك إنتاجاً بعظمة الدستور بعد سنتين لا أكثر. صحيح أن معادلة إنتاج الدستور متشابكة، ولكن ترسيخها تم في 1959. وصحيح أن النخبة السياسية في ذلك الوقت، بمن فيها الشيخ عبدالله السالم رحمه الله، لم تكن ملائكة، وصحيح أن هناك جملة أخطاء قد ارتكبت، ولكن إرهاصات وتداعيات 1959 دفعت بكل ما فيها إلى وضوح المخرج وهو مشروع الدولة، وإنهاء مشروع الإمارة، وهكذا كان.
أما 2009، 'فشوفة عينك' أو 'الله يخلف علينا'، فبدأت بمهازل وكانت محصلة لأزمة تبدو مستديمة عنوانها الرئيسي ضياع وضعف حكومي، انتشر في جسد المجتمع كله.
وخلال الأزمات فإننا بالكاد نسمع عن اجتماع جدي لبحث المشكلة على مستوى النخبة، وقد كنا حتى فترة قريبة نسمع لاحقاً عن اجتماع عقد لتدارس أزمة البلاد، ويتم تسريب خبر هنا عن تلك الاجتماعات، أما اليوم فحتى تلك التسريبات لم يعد لها وجود، ليس لأنها تتم بصورة سرية محكمة، ولكن لأنه لا أحد يتشاور مع أحد في سبب الأزمة، وأصبحنا نسير بردود أفعال لتثبيت كرسي هنا أو كرسي هناك، وسط حالة هيستيريا ذاتية، تفرّق المجتمع ولا تجمعه، وتغوص في الجزئيات والتفاصيل الغارقة في الوحل 'قدم ملوية مغروسة في الطين'، أعاننا الله على اقتلاعها والسير بها كما يسير الناس.
 
الشيخ عبدالله السالم الصباح يعتبر
أبو الدستور هذا صحيح إلا أن عهده لم يكن بهذاالجمال
أو الكمال الذي يصفه الكاتب فكان غيابه
المستمر عن الكويت وهو الحاكم أثر
سلبا على استقرار الكويت وحدثت
الحرب الخفيه والتي سميت من بعض
الكتاب بحرب الشيوخ والتي حدثت في
قصر أم صده ومات من مات من الشيوخ
والبعض الآخر تم نفيه خارج الكويت
والبعض الآخر زج به في السجون
فكان عهده يعتبر فتره قلاقل
وتوترات فيجب ذكر هذه
الأحداث للأمانه التاريخيه
فقط

تحياتي
 

kkk

عضو مخضرم
زمن عبدالله السالم
ضياع البدون
د. غانم النجار

g.alnajjar@aljarida.com
د.%20غانم%20النجار_thumb.jpg

الجدل الدائر حول مشكلة البدون هو جدل محزن ومؤلم ومؤسف، وبالذات عندما يزعم مَن يزعم أن الإبقاء على الوضع الراهن مطلوب لحماية البلاد وأمنها الوطني، ما يخرجها من استحقاقها الإنساني إلى الحلبة السياسية البغيضة.
من الناحية التاريخية والرسمية، ظهر علينا مصطلح البدون في زمن عبدالله السالم، وتحديداً بعد صدور قانون الجنسية سنة 1959، وهي السنة المحورية في تاريخ الكويت، وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه بأن تلك السنة كانت مرتكزاً لبناء الدولة الدستورية.
لم تصبح قضية البدون مشكلة إنسانية إلا بعد سنة 1985، حين قررت السلطة التنفيذية بلا مقدمات أن تلغي مصطلح البدون، هكذا بجرة قلم.
إلا أن السلطة التنفيذية ذاتها هي التي جعلت من 80 في المئة من الجيش من البدون، وهي التي شجعتهم وأسبغت على وجودهم أمراً واقعاً، وربما تكون بتلك الأفعال شجعت من يكون قد حمل جنسيات أخرى وأخفاها.
بل إنه اتضح لنا أن الأغلبية العظمى من الحماية الشخصية لسمو الأمير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله كانت من البدون، واستُشْهد منهم من استُشْهد وجُرح مَن جُرح دفاعاً عن سموه في محاولة اغتياله الآثمة، فهل كان الذي جعل البدون على هذه الدرجة من الاقتراب الأمني، يعبث بأمننا الوطني؟ وهل بقدرة قادرة تحوَّل أولئك البدون الذين شكلوا 80 في المئة من القوة الأمنية، والمؤتمنون على حياة رأس الدولة إلى مزورين وخونة وغير ذلك من الأوصاف؟ هكذا فجأة؟ وهل يجوز أن تتحول الدولة إلى منطق البقالة، تغلقها متى شاءت، وتفتحها متى شاءت؟ غير عابئة بالمراكز القانونية والاستحقاقات التي تخلقها التزاماتها تجاه البشر أيا كانوا، من أي ملة، أو أي مذهب أو أي عنصر أو عرق أو قبيلة دون تمييز؟
في سنة 1971، وفي إطار أفضل مجلس أمة إنجازاً، جرى تعديل بسيط على قانون الجنسية أجاز لوزير الداخلية، بصفته، منح الجنسية لمن يحصل على شهادة الثانوية العامة، في وقت كانت تلك الشهادة تحمل قيمة علمية، بما يمكن تسميته بالتجنيس التعليمي. ومع أنه لم يتم التوسع في ذلك النوع من التجنيس الأكثر منطقية من مفهوم الأعمال الجليلة الهلامي، فإن التركيز كان على خريجي الجامعة، وقد حصل بموجب ذلك على الجنسية العديد من الأشخاص الذين يحمل الكثير منهم الآن درجة الدكتوراه، وهم يخدمون وطنهم، كلٌ في مجاله، فهل كان مَن قام بذلك الإجراء البعيد النظر مُفرِّطاً في أمنه الوطني؟ وعلى أية حال لم يطل العهد بذلك القانون، فتم تعديله إلى الوراء مرة أخرى.
كيف جرى ذلك التحوُّل الحاد، وأصبح البدون فئة غير مرغوب فيها؟ ولماذا يجري تعميم صفة البدون على الجميع؟ وهل كان هناك دور للمخابرات البعثية العراقية خلال الحرب العراقية- الإيرانية في تحوّل البدون إلى مشكلة؟ ولماذا لم نستفد من فرصة الغزو العراقي للتعامل بشكل أكثر حصافة مع الذين أثبتوا ولاءهم المطلق للكويت؟
ولماذا يجري خلط ورقة البدون بملف التجنيس المثخن بالأخطاء والمحسوبية؟ وما هي ملامح الحل المنطقي الذي يضمن الالتزام الإنساني ولا ينتقص من سيادة الدولة بحقها في التجنيس؟ للحديث بقية.
 
أعلى