( أحنا أخوان واحد يذبح الثاني ) ... نائل مظفـر ..

Goethe

عضو مخضرم
عندما .. ينزف .. الكلام ..​


يُكتب الشعر ..​


نائل مظفر ...


شاعر بسيط من الجنوب عراقي .. في .. الثلاثينات من عمره .. كما أعتقد ..​

أشتهر .. من خلال فتره بسيطه .. كون .. جماهيريه ..​

لا تختصر على العراق فقط ..​

بل أمتدت .. الى .. الدول المجاوره ...​


نائل مظفر ..

يكتب لكي يكسر القيود ..​

كتاباته .. تفكير بصوت عالي ...​

أحساس ..​

منطلق ..​

مشاعر ..

مملوءه بالحنين ..

والشوق ..

والالم ..

وصوت ..

( العــراق )

قد أختلف .. عن أفكاره ..

ولكن .. أتفق .. على حزنه العظيم ..

وقد .. لامسني .. بكتاباته ..


....................​

 

ريميــة

عضو مخضرم
ألاحظ إعجابك المفرط بالفن العراقي !

مع إنه هالشعب حتى في إعجابك كن حذر معهم ! لربما اتهموك بسرقة شعرية كما اتهمونا بسرقة أراضيهم !!
 

Goethe

عضو مخضرم
ألاحظ إعجابك المفرط بالفن العراقي !

مع إنه هالشعب حتى في إعجابك كن حذر معهم ! لربما اتهموك بسرقة شعرية كما اتهمونا بسرقة أراضيهم !!


الفن العراقي .. فن .. عظيم ...

يستحق الاحتفاء ..

والادباء هناك .. يشار لهم بالبنان ...

ريميه:وردة:​
 

Goethe

عضو مخضرم
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد ما حاجة يذبح بينا الافغاني

(الجزء الاول)

في ظل القتل المتعمد الظالم للشعب العراقي بكل وسائل الحقد والدمار
وفي كل يوم يحاول الشعراء الشعبيون وصف المشهد الدامي وتحليل اسبابه.


وكثيرة هي القصائد الشعبية التي تتحدث عن المشهد السياسي في بلاد ابتليت
بما لم يشهد له العالم مثيلا من القتل والتهجير وتجريب طرق الموت
وبكل الوسائل المتاحة لكل من يقع عليه غضب الجماعات المسلحة
التي لا تفرق بين صغير وكبير ولا رجل وامرأة من الشعب العراقي في هجمة
قصدها تدمير كل شي وخلط الأوراق وتفتيت البلاد.

وقد نظم الشعراء الشعبيون قصائدا حاولوا فيها الوقوف على أسباب تلك السياسات
التي جرت البلاد إلى ما نراه اليوم من مآس
محاولين إلقاء الضوء على ساحة الأحداث واصفين
مرارتها ومحللين أسبابها وشارحين مآسيها وهم يضعون بلسم كلماتهم
مواسين تارة وناصحين لرص الصفوف
والوقوف بوجه الرياح العاتية تارة أخرى.

ومن القصائد التي حاول ناظمها الوصول فيها إلى وضع النقاط على الحروف كمواطن بسيط
لم ينل من السابقين إلا الظلم والانتقاص،
ومن اللاحقين إلا الوعود والإهمال وهو الذي صفق لهم وكتب أسماءهم
على جدران بيته الطيني المتهالك،
وهم ينفقون الملايين على دعاياتهم الانتخابية المطبوعة على ألاف الأمتار
من القماش وهو (بعازة إكماط) لرضيعه كما يقول.

يبدأ الشاعر قصته عبر قصيدته، ليقلب الطاولة على السامعين،
فهو يبدأ المشهد ( ولكن من النهاية ) التي وصلنا إليها في العراق،
والتي أرادها له أعداؤه الحاقدون، وكأنه يقول : تفضلوا هذا الذي كنتم تريدونه ..
لقد نجحتم .. ونحن من ينفذ مخططاتكم البشعة دون وعي منا ..
وهي إننا اصبحنا ( إخوانا أعداء ) يقتل احدنا الأخر...

ولكن الشاعر لم يقلها بطريقة السرد القصصي أو الأخبار الإنشائي البسيط،
لقد أرسلها قذيفة لتنفجر بشكل مباغت في وجه المغفلين الذين انزلقوا
في ( البير ) الذي حفره الأعداء بطريقة ذكية خفية.

فكانت بدايته بحجم المأساة ومرآة صادقة تعكس الحقيقة الناصعة
لما حدث من جرائم تنفذها أيد عراقية ممثلا بتفجيرات ظالمة
تقتل الأبرياء لا لشيء سوى المنافع الزائلة والأموال التافه
التي تقبضها باليسار وتذبح مقابلها باليمين
ليسيل الدم العراقي انهارا جارية ... ولكن على أيدي أبنائه البررة.
اسمعوا معي هذا الحديث في مستهل قصيدته للوضع العراقي كما يراه الشاعر:


بعد ما حاجه يذبح بينا الأفغاني..
ولا عبوه إبدرب يزرعلي جيراني..
ولا يدخل يهودي .. ولا امريكاني....
إحنا... إخوان....
واحد.... يذبح الثاني...!


هذه هي الصورة الحقيقية المؤلمة التي انتهينا إليها ... ولا جدال في ذلك ،
وهنا تدرك أخي القارئ ، معنى قولي : إن الشاعر ( بدا قصيدته من النهاية )..
فلقد أدى الأفغاني واليهودي والامريكاني أدوارهم وذهبوا،
وتركوا العراقي يقوم بذبح أخيه دون أن يرمش له جفن او يخفق له قلب.

وبعد أن أوصلنا الشاعر إلى نهاية القصة المؤلمة، في بيتين من الشعر، بدا يشرح لنا المشهد بالتدريج،
من الذي ابتدأ المؤامرة ومن هم الذين انزلقوا في (بيرها)، ومن هو الذي حاول سحب الآخرين إليه.

ولكل قصيدة محاور عديدة تعتمد عليها في بنائها الدرامي الذي يحاول من خلاله شاعرها إيصال غايته وأفكاره،
وبطريقة مؤثرة تشد السامعين إليه وتنتزع منهم الإعجاب بأسلوبه.

هذه المحاور التي أحدثك عنها أركز على مسألتين:

أولاهما: المستهل أو مطلع القصيدة:

الذي يحاول شاعرها أن يجعل منه مرآة لقصيدة تعكس موضوعها وكأنها غلاف الكتاب وعنوانه.
فإذا كان الكتاب يعرف من عنوانه، فان القصيدة تعرف من مستهلها. وكلما كان المستهل بليغا ومعبرا،
كان هم الشاعر أعظم ومسؤوليته اكبر، إذ عليه أن يكمل مسيرته بنقل القارئ او المستمع
إلى مستويات ارفع ومعان ابلغ وصور أسمى
ليستمر في شده إلى ما يقول، وإلا لتحول الموضوع إلى شيء ممل،
كالذي يتذوق عسلا ثم شيئا اقل حلاوة فيراه مرا لا يطاق.

والمسالة الثانية : القصة

إن القصيدة لابد أن تحكي لنا قصة لها (سهل وسفح وقمة) تسير فيها الإحداث بشكل قصصي متتابع
تشد السامع إليه فيأرن بسمعه ينتظر ما سوف تأول إليه الخطوة التالية،
والا فلا معنى لاستماعنا لقصيدة من عشرين بيتا ليس هناك تسلل يربط بين أبياتها وليس لها بداية و وسط ونهاية..
حتى لو كتبت أبياتها بابلغ أسلوب..،وكما تقول أمثالنا الشعبية: (كذب مصفط خير من صدق مخربط).

لكن شاعرنا بعد أن بدا معنا من القمة ، عاد بنا خطوة فخطوة الى الوراء، ليشرح لنا أسباب وأوليات موضوعه.
فهو بذلك خالف المألوف في السرد وذلك لعظم الموضوع الذي ذكره أولا، كمن يخبرك عن شخص له منزلة في قلبك فيقول :
لقد مات فلان! وهو الموضوع المهم، ثم تقول أنت له كيف مات؟
فيشرح لك أسباب موته ابتداء من مرضه حتى أخر لحظة في حياته.
إذ لا فائدة من ذكر ابتداء مرضه وكيف كان علاجه ومعاناته ..
وكم راجع من الأطباء ... ثم بعد كل ذلك يقول لك :
وأخيرا مات.

وهذا الأسلوب هو الشائع في تناقل إخبار الإحداث المثيرة في حياة الناس..
أنها بحجم المصائب التي تبدأ كبيرة ..ثم تضمحل.

ورغم إن الشاعر أعادنا إلى الوراء، لكن موضوعه بقي على حلاوته وتأثيره،
حيث سرد لنا أمورا رأيناها رأي العين، ورغم تراجعنا إلى الخلف
فان أسلوب الشاعر كان يتسامى خطوة فخطوة،
فكلما هبطنا في سلم الإحداث رفعتنا الأبيات إلى سمو المعاني وروعة المشاهد
حتى نصبح افرادا من ممثلي المسرح المهيب الذي نراه ونمثل جزا منه :


- بير ألتفرقه حفرتَّه لمريكان..
- وادري وماطحت بس هو جراني..
- خمس أسنين يذبح وانا راسي ابجيس..
- وبجنطه الجسد ... وبجنطه ذرعاني..

ولا ينسى شاعرنا أن يعرج على أسباب خفية (محلية) دفعت الحاقدين المأجورين
إلى ما كانوا يفعلون ليكمل المشهد ويضع الأمور في نصابها
( كما يراها هو وكما يشعر بها آخرون ) يشاطرونه نفس الآراء:


- جبت عمرك حكم بسك بعد شتريد..؟
- تظل ابن القصر وابن الكصب آني
- وتظل انته (العجل) وانا (اليول) للموت
- واظل ابلا أظافر وانته سجاني...
- وتظل البصره عاكر وأم ولد تكريت..
- وتظل تنكل حطب لديالى ميساني..

ثم يعرج على أسباب خارج الحدود، فيذكِّر أخاه بمواقفه الشريفة وكيف كان له جزاء (سنمار)
من إخلاصه وتفانيه في حب إخوانه وبذله الغالي والنفيس في سبيل كرامتهم وكيف كان رد فعلهم ،
في عتاب رائع، ويا له من عتاب تهكمي مر جارح! فهذا العراقي الذي حمى دمشق من السقوط ...
يصفه أخوه العراقي الحاقد.. لإخوته العرب عندما يسألونه عن العراقي فيقول : بأنه (إيراني.. وصفوي).....


- وتظل اويَ العرب ... واخواني ذولي اتكول ..!
- وينشدونك علي وتكلهم .. إيراني؟
ثم يتابع وصف المشهد:
- باوع على إخوانك ...بيَّ شيسوون ..
- وشوف اشلون أخوك ايرجع إحساني..؟
- يعوف أختي ابعبوته امكشفه أعلى الكاع..
- يتفرج عليها القاصي والداني...
- وانا الكل أعربيه أتكشفت هدّيت
- أغطيها أبقميصي ..والبس الثاني...

(وذكر إن نفعت الذكرى):
ويواصل عتبه المر وهو العربي الأصيل، الذي قاتل في ربا الجولان وعلى مشارف القدس
وبذل دمه وماله ليحمي بها شرف الوطن ومقدساته فيقول :


- من هدّوا عليك وطبوا العمّان
- ما كالتلك أختك هاذ غطاني..!!
- ونه لوما شريف اليوم أطب اردود
- وانزعهن واكلهن ذني قمصاني
- عمر اعلف عليكم والشعب جوعان..
- ويلوموني ...وأكلهم ذول فرساني..
- تالي اتهد علي ...وحصاني ميت جوع
- والله اتندمت لو عالف إحصاني..

وعندما يقول الشاعر (لو عالف احصاني) فانه لم ياتِ بها لإكمال القافية..
ولم يحشر ذلك الحيوان الأليف في ثنايا شعره وهو في قمة الألم والحزن والأسى في عتاب أخيه..
ونحن معه نتلظى بلهب أنفاسه الحارقة ..
فان الشاعر يريد أن يقول:

انه حتى الحيوان الذي لا عقل له لا ينسى إحسان احد إليه،
فكيف بالإنسان والأخ، فهو والحالة هذه اقل درجة من الحيوان،
وهي التفاتة أراد الشاعر من خلالها ذم الذين ينكرون الإحسان.

ويذكر الحصان لكونه عدة من أدوات الحرب التي يهتم بها العربي اهتمامه بنفسه،
فكثير من الشعراء يفخر بذكر سيفه وحصانه او جمله وناقته أثناء كتابة القصائد..
وهو اليوم اشد حاجة الى حصانه في ظرف مثل ظرف العراق الذي لا تعرف فيه من أين يأتيك عدوك..
وحصانك الأصيل ربما ينجيك من تهلكة كما انجت (العَصَا) قَصيراً من هَلَكَةٍ قُتِلَ فيها جُذيمة الابرشُ وغيره..

ثم يعود شاعرنا لمحاججة أخيه وهو بذلك يقف موقف السياسي العارف بأسرار الأمور والقارئ لما بين السطور.
فيذكر لأخيه حججا دامغة لا مفر من الإقرار بها، والنزول إلى صحتها،
من الرضوخ لقوى الشر الكبرى وهي متواجدة في أرضه كالقوات الأمريكية في السعودية أو عمان أو الكويت أو الأردن والامارات..،
ثم يتهم العراقي بتهم باطلة ملفقة وهو الذي نسي نفسه، وانكر اباطيلة،
حيث دخلت هذه القوات من أراضي إخوته الذين يعيرونه بوجودها في العراق فيفحمه شاعرنا بقوله:


- لامريكا شلع كلكم حنيتوا الرأس..
- وعذرتوا أرواحكم .. وتعيرت آني...!!
- أنا صح دنكت كدام الأمريكان ..
- لكن دنكت شدَّيت قيطاني..

هذا العتاب الحار، يبين لنا أسباب الصراع كما يراها الشاعر
وهي تغني عن مطالعة الكثير من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والقنوات الإخبارية السياسية،
والندوات التي يزمِّر فيها ويطبِّل الكثيرون، مقابل حفنة من الدولارات، أولئك الذين باعوا الوطن :
بثمنٍ بخسٍ دراهمَ معدودةٍ وكانوا فيه من الزاهدين ...

ثم استدرك الشاعر ليقول لأخيه الحاقد الذي يتهمه بأنه حصل على كل شي
من تلك الجهة التي طالما حلم بوصولها إلى سدة الحكم،
وسالت لها انهار الدم، وملأت بشهدائها المقابر الجماعية، وترملت فيها النساء وثكلت فيها الأمهات،
ويتم بسببها الأطفال، وجففت بمئاسيها الأنهار والاهوار، ومع أفول أحلام المساكين والجياع،
أولئك الذين لا يملكون من حطام الدنيا سوى أملٍ قُتِلَ قبل إن يولد على موائد الساسة الجدد,
وفُجِّرَ في مهدِهِ بالمفخخات والعبوات الناسفة ليقول بكل المرارة وبكل معان الحرمان


- ولان شيعي الحكم ادفع ضريبة اتريد؟
- وانا اشحصلت والشيعي شطاني..؟

(وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ)


ويعود ليشرح لأخيه بكل أسف ويأس مما لاقاه من الذين وعدوه بالمستقبل الزاهر، ليقول له :
إننا يا أخي العزيز سواسية فيما نلاقيه على أيدي جلادينا ومصاصي دمائنا في كل العصور،
فما الذي حصلت عليه من أصحابي، وما الذي حصلت عليه من أصحابك...

(إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون)

هذه اللمحات في قصيدة الشاعر صنعت من قصيدته صورة للتحليل السياسي الصادق
وفق ما جربه وعانه هو وأخوه رغم اختلاف وجهتي نظرهما إلى من يقود ومن يقاد..
إنها صورة صادقة قلما تجدها في القصائد هذه الأيام..

وهي ليست قصيدة فحسب، بل صورا درامية متبلة بكل بهارات الآلام ومطعمة بكل مرارات الأوهام،
صاغها الشاعر مستفيدا من خبرته، التي جعلت من القصيدة (تحليلا سياسيا) قبل إن تكون (شعرا شعبيا)...
وهو هنا يعود إلى أخيه ليقول له بنبرة كلها الم وكبرياء، وعتب ومرارة، بعد عودتهما
(صفر اليدين) من ذلك المشهد الدرامي المليء بأصوات الانفجاريات، ورائحة البارود،
وجثث الشهداء المبعثرة في ربوع العراق:


- انكسر كلبه أعلى كوخي... وكال اهدمه اليوم
- وابنيلك قصر وتسكنه بس ..تاني
- بس تاني..!! وتنيت.. وصار خمس أسنين..
- وانته امن القصر طابوكه ما باني...!


ورغم صبره وطول باله وعيشه على أمل يبدو انه لن يتحقق،
فهو يريد أن يعطي أخيه العذر في عدم وفائه، لكن الأمور تخونه ..
فليس كل شي طوع إرادته.. فهذه (المتاناة) ليست كذلك لقد سئمت من الانتظار..


- حتى التاني ملت من المتاناة..
- إذا كلتلها : تاني، اتكول: ما تاني..!!


هذا المواطن الفقير البسيط الذي صدق قياداته الجديدة وصدح لهم بقصائده،
ورفع صورهم في بيته وقلبه، وحمل روحه على كفه يوم الانتخابات،
يعيش اليوم فاجعة ليست كفواجع الأمس القريب التي كان أبطالها أعداؤه :
بل هم اليوم أحبابه الذين يفجعونه:

- (وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ)
فيقول:


- بعد ما انتخب ... لا والله والعباس
- لو كتبوا اسم بآيات قرآني..


لقد تسرب الشك في قلبه وتمكن من أحاسيسه ، بكل اؤلائك الذين آمن بهم ،
وهو لن يعود فيصدق ادعاءآتهم، ولو كانت أسماؤهم مكتوبة ومذكورة في كتاب الله (القرآن).
وهذا من المبالغة التي تفيد استحالة حصول الشيء لاستحالة كتابته في كتاب الله تعالى.
ولان الشاعر لن تنطلي عليه بعد اليوم ترديداتهم بآيات الله التي هي

( لعق على ألسنتهم فان محصوا بالبلاء قل الديانون )!

وان للقسم بابي الفضل العباس عليه السلام معنىً لا يدرك كنهه إلا ابن الفراتين
وكم هو رائع حين يقول..
( لا والله والعباس..)
ويكمل صورة المعانات التي يعيشها:


- بيت الطين يرجف .. وِهْمَه عركانين..
- وصورهم لزِّكوها إبطين حيطاني..
- وشعاراته أعلى بيتي ... ايدكله طول اقماش
- وانه ابعازة إكماط ايغطي رضعاني..


أبيات ومشاعر لا تحتاج إلى شرح وتعليق,
سوى القول إنها تمزق شغاف القلوب وتسبل دموع العيون ..
في تلك ألليالي الباردة التي يعشها بطل القصيدة يصارع جحافل البرد بلا سلاح
في حين يعاني أبطال المناطق الخضراء من العرق لارتفاع درجات حرارة غرفهم المكيفة الفارهه،
ورضعان شاعرنا لا يجدون (قماطا) في حين أطوال القماش المطبوع للدعايات الانتخابية تكسو جدران منزله الطيني البائس
تحت رحمة عواصف الشتاء.

هنا ينتقل الشاعر لعتاب قياداته محاولا تمزيق الآذان الصماء
التي لم تعد تسمع ما يقوله بعد أن أوصلها إلى دفة الحكم...
فيقول لهم كلمته الأخيرة،

التي يذكرهم فيها بأوضاعهم وضياعهم في فنادق الخمس نجوم
وما لذ فيها وطاب، ليعود هو أيضا فيستيقظ من حلمه الطويل،
فيرجع على بنائه، من طين العراق الشريف المتماسك الحر الأبي
ولكن لن يحني رأسه ولن يذل نفسه لأرباب السياسات،
وأتباع المصالح الضيقة فيقول بكل إباء:


- رد الفندقك والجبته أخذه إوياك...
- ما ريد القصر ردني أعلى بنياني..


وفي هذا البيت الأخير يعود الشاعر بنا إلى بداية الأحداث..!
وهي مجيء تلك المجموعات وما أتت به معها،
الذي لم يكن سوى الخراب والدمار والتفرقة والاقتتال، من جهة،
ومن جهة أخرى يعود هو إلى حالة الجهاد والكفاح كما خلقه الله عليها معبرا عنها ب (بنياني)،
وهو ذلك البناء العربي الإسلامي الحنيف الذي يرفض الذل والخنوع
ويعيش فقيرا وعزيزا خير له ألف مرة من أن يعيش ذليلا على موائد الآخرين.

وبذلك يكون بيت القصيدة الأخير هو بيتها الأول،
ولو انك قرأت القصيدة من نهايتها إلى بدايتها
لأدركت تسلل الإحداث السياسية التي قلبها الشاعر رأسا على عقب
وهذا أسلوب قليل من يدرك كنهه ويتضح له دقة معانيه.

هنا ينتهي القسم الأول من تحليل رائعة الشاعر البدع:

نائل المظفر

د . هاشم نعمة الفريجي
 

@Noura@

عضو مخضرم
الفن العراقي .. فن .. عظيم ...​


يستحق الاحتفاء ..​

والادباء هناك .. يشار لهم بالبنان ...​

آنا مع الجنازة

أعشق الأدب العراقي

وأعشق بدر شاكر السياب

الأدب العراقي له نكهة خاصة بهم لا يتقنها إلا هم


تقديري واحترامي لك

 
أعلى