الشيك والمعايير الدولية للفساد!

صريح

عضو مميز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كتب أحمد الديين


في الرابع عشر من مارس الماضي، أي قبل أقل من ثمانية أشهر، وكذلك قبل حلّ مجلس الأمة السابق، نشرت وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، وهي وكالة الأنباء الرسمية للحكومة تصريحاً أصدره وكيل الشؤون المحلية بديوان سمو رئيس مجلس الوزراء نفى فيه نفياً قاطعاً أن تكون هناك شيكات صدرت من سمو رئيس مجلس الوزراء، أو أحد وكلاء ديوان سموه، أو من الحساب الخاص بديوان سمو رئيس مجلس الوزراء لصالح بعض أعضاء مجلس الأمة، وجاء في ذلك التصريح الرسمي أنّ ما تردد في وسائل الإعلام في هذا الشأن عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً!

ولابد أنّ وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان كان واثقاً تمام الثقة من ذلك النفي الرسمي القاطع، ولهذا فقد أصرّ بقوة ومن دون أدنى تردد في جلسة مجلس الأمة المنعقدة يوم الثلاثاء الفائت على تحدي النائب الدكتور فيصل المسلم بأن يظهر ما يثبت ادعاءاته المتكررة عن وجود شيكات صادرة عن سمو رئيس مجلس الوزراء مصروفة لأيٍّ من أعضاء مجلس الأمة، ولكن ما أن كشف النائب الدكتور المسلم عن صورة الشيك المصروف لأحد النواب السابقين فترة عضويته، حتى انطلقت سلسلة من التبريرات، التي حاولت أن تهوّن الأمر وتخفف من خطورته، بما فيها ذلك التبرير الواهي والسخيف القائل إنّ هذا الشيك ربما كان مقابل عملية بيع وشراء لأحد الجواخير... ولكن ما استوقفني أكثر هو ذلك التبرير البريء في مظهره والبالغ الخطورة في دلالاته، الذي يردده البعض بالادعاء أنّ ذلكّ الشيك مسحوب من المال الخاص لسمو الرئيس وليس من المال العام، وسموه حرّ في التصرف بأمواله الخاصة يهبها مَنْ يشاء ويصرفها على أي وجه من أوجه الصرف والإنفاق، فما بالك إذا كان ذلك الشيك عمل خير وإحسان موجهاًَ لتلبية طلبات مقدّمة إلى سموه من عدد من المواطنين عبر أحد النواب في ذلك الحين، للحصول على مساعدات اجتماعية وإنسانية!

ولنفترض أنّ هذا التبرير صحيح تماماً، فإنّه مع ذلك كله لا يمكن أن يقلل أبداً من خطورة التصرف غير المقبول المتمثّل في قيام مسؤول حكومي كبير بتقديم منحة مالية إلى أحد أعضاء البرلمان فترة توليهما المسؤولية، مهما كانت الأسباب والذرائع، إذ إنّ هناك اليوم معايير دولية معتمدة لتحديد جرائم الفساد والإفساد علينا أن نتّبعها، وهي المعايير الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي انضمت إليها دولة الكويت وصادقت عليها... حيث توضح المادة الثالثة من تلك الاتفاقية الدولية في بندها الثاني أنّه «ليس ضرورياً أن تكون الجرائم المبيّنة قد ألحقت ضرراً أو أذى بأملاك الدولة»... كما تشترط المادة الثامنة من تلك الاتفاقية في مدونات قواعد سلوك الموظفين العموميين «الإفصاح عن أي تصرفات بما في ذلك الهبات أو المنافع الكبيرة، التي قد تفضي إلى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين»... وحتى يتضح الأمر أكثر فإنّ المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تُعرِّف الموظف العمومي بأنّه أي شخص يشغل منصباً تشريعياً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضائياً لدى أي دولة طرف في الاتفاقية، سواءً أكان معيناً أم منتخباً، وهذا ما ينطبق على سمو رئيس مجلس الوزراء وعلى أي عضو من أعضاء مجلس الأمة فترة توليه مسؤوليته النيابية... وفي هذا السياق تجرّم المادة 15 من تلك الاتفاقية من بين ما تجرّمه من أفعال الفساد والإفساد «وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه، أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواءً لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية»!

هذه هي المعايير الدولية المعتمدة في تعريف جرائم الفساد والإفساد، وهي منطبقة مع الأسف على واقعة الشيك، ما لم تتضح الحقيقة، التي ينتظر الجميع سماعها من سمو الرئيس!





التعليق

من وجهة نظري ان الكاتب احمد الديين فصل القضيه تفصيل قانوني.
ومن يريد ان يدافع عن سمو رئيس مجلس الوزراء فل يأتي بحجج يتقبلها العقل البشري.

والأدله والبراهين خير دليل.

نقل المقال للاستفاده.
 

صريح

عضو مميز
لا تخاف الشيك اللي طلع وراه شيكات بتطلع:)


وقانون الذمه الماليه قانون ضروري والخافي أعظم
 
أعلى