ســـــاحـــــر
عضو فعال
تحرك بنك الكويت المركزي خلال الاشهر القليلة الماضية باتجاه ضبط عمليات الاقراض الاستهلاكي الشخصي والمقسط، وذلك بعد ان وصلت معدلات نمو ذلك الاقراض الى مستويات خيالية في سنوات قليلة، فالنمو بين مارس 2006 ومارس ،2007 كان بنسبة 20% ومارس 2005 ومارس 2007 نحو 47%، وبين مارس 2004 ومارس 2007 نحو 70%، وبين مارس 2003 ومارس 2007 نحو 125%، اي ان متوسط النمو السنوي في خلال 4 سنوات كان اكثر من 31%.
هذه المؤشرات اقلقت عددا من النواب وعلى رأسهم النائب ضيف الله بورمية الذي كان رأس الحربة المطالبة بإلغاء القروض، ووجدت مطالبته صدى شعبيا، لكن الامر جوبه بالرفض من قبل الحكومة، إلا ان فصول القضية مستمرة ولو بأشكال اخرى.
ففي موازاة ذلك، اصدر البنك المركزي جملة تعليمات وتعاميم جديدة لا يمكن تفسيرها، الا في اطار مجابهة الحملة بإجراءات فنية نقدية تلجم ولو قليلا جموح الاقراض والاقتراض.
ومن بين تلك الاجراءات محاولة تقنين الحملات الترويجية التي تقوم بها البنوك للتشجيع على الاقتراض بحوافز وجوائز وسيارات ورحلات سفر ورواتب مدى الحياة وغيرها من الادوات المشروعة.. والمثيرة في آن!
لكن البنك المركزي كان له رأي آخر، اذ انه رأى ضرورة لجم جموح حملات الترويج تماشيا مع ضرورات المزاج العام، والذوق السليم لمواجهة من يريد الاصطياد بالماء العكر، الى ذلك قام 'المركزي' بجملة خطوات اخرى، مثل جعل التأمين على القروض اختياريا وليس الزاميا كما كان ومنع البنوك من اخذ عمولات على السداد المبكر للقروض، فضلا عن ضم التسهيلات الممنوحة ببطاقات الائتمان الى حساب القروض الاجمالي الخاضع لتعليمات صارمة مثل عدم وصول الاقساط الى اكثر من 50% من الراتب.
وكان آخر الاجراءات طلب ملفات كاملة عن كل العملاء المقترضين لفحصها وقمع البنوك المخالفة للضوابط، حيث تبين ان هناك عشرات التجاوزات بأساليب مختلفة لجأت اليها بعض البنوك بهدف الالتفاف على الضوابط.
للبنوك وجهة نظر متعلقة اولا بأن مداخيل الافراد في الكويت قد لا تكون كلها مرتبطة بالراتب فقط وأن قروض السكن يجب ان تمدد آجالها الى 20 أو 30 سنة، وان تسهيلات بطاقات الائتمان لا يمكن احتسابها كقروض مكتملة العناصر المفترض ان تتوصف بها القروض والى ما هنالك من اعتراضات شكلية او جوهرية. وللبنوك مصلحة في الضغط ولو بشكل غير معلن للحؤول دون قضم جزء من 'لقمة' القروض السائغة. فمعظم الارباح تأتي من التسهيلات الشخصية ما دامت الرواتب مربوطة الوثاق وهي الضامن الاكبر من المخاطر. فإذا كانت نسبة 93% من القوى العاملة حكومية فان الراتب مضمون تماما وبالتالي فإن مخاطر الإقراض شبه معدومة.
اذا، تتضارب وجهات النظر هذه من دون الاخذ في الاعتبار الآثار الاجتماعية الجانبية للمسألة، ففي البلاد نهم بالغ للاستهلاك الجاري واقتناء السلع الفاخرة وبناء المساكن الفارهة في ما يشبه تقليد الكل للكل في انماط المعيشة والاستهلاك والسفر واقتناء كل نفيس او رخيص ما دام جارنا يقتنيه. ولم تجد هذه الظاهرة علاجا بالطرق الكلاسيكية التي لجأت إليها الحكومة بتشكيل لجان تدرس من دون طائل، وإطلاق تحذيرات لا يسمع صداها.
لذا علت الصرخة في البرلمان، وكانت المطالبة باسقاط القروض بحجة ازدياد مديونية الاسر ورزوح عائلات تحت عبء الاقساط الباهظة وما إلى هنالك من شعارات شعبوية تدغدغ الجماهير 'الغفورة'، علما بان الاحصاءات الرسمية تؤكد ان المتعثر من القروض لا تتجاوز نسبته 3% من الاجمالي.
ومع ذلك يبدو أن ضربات النواب على الوتر اتت نغما بات البنك المركزي والمصارف تردد صداه بحسرة حينا وتبرم احيانا.
لكن من نافل القول ان اجراءات المركزي الاخيرة اتت لفعل ما يمكن فعله بهذا الملف الشائك. اما هل تنفع تلك الاجراءات فهذا متروك لتطور المطالبات النيابية.
تبقى الاشارة الى ان المصارف تنوء تحت ضربات النواب، لاسيما بورمية، فهي تتلقى التعليمات والتحذيرات الواحدة تلو الأخرى ولا تعرف كيف ترد على هذه الحملة، فهي لا تريد الظهور بمظهر المرابي الباحث عن تعظيم الفائدة مهما كلف الثمن، كما لا تريد ان يأكل الفاجر مال التاجر.. فهل هناك معادلة أخرى يمكن ابتكارها؟ الامر متروك لساحر يخرج الارنب من قبعته في اللحظة المناسبة.
فانجلاء غبار المعركة يستحق عناء الانتظار.
القبس
هذه المؤشرات اقلقت عددا من النواب وعلى رأسهم النائب ضيف الله بورمية الذي كان رأس الحربة المطالبة بإلغاء القروض، ووجدت مطالبته صدى شعبيا، لكن الامر جوبه بالرفض من قبل الحكومة، إلا ان فصول القضية مستمرة ولو بأشكال اخرى.
ففي موازاة ذلك، اصدر البنك المركزي جملة تعليمات وتعاميم جديدة لا يمكن تفسيرها، الا في اطار مجابهة الحملة بإجراءات فنية نقدية تلجم ولو قليلا جموح الاقراض والاقتراض.
ومن بين تلك الاجراءات محاولة تقنين الحملات الترويجية التي تقوم بها البنوك للتشجيع على الاقتراض بحوافز وجوائز وسيارات ورحلات سفر ورواتب مدى الحياة وغيرها من الادوات المشروعة.. والمثيرة في آن!
لكن البنك المركزي كان له رأي آخر، اذ انه رأى ضرورة لجم جموح حملات الترويج تماشيا مع ضرورات المزاج العام، والذوق السليم لمواجهة من يريد الاصطياد بالماء العكر، الى ذلك قام 'المركزي' بجملة خطوات اخرى، مثل جعل التأمين على القروض اختياريا وليس الزاميا كما كان ومنع البنوك من اخذ عمولات على السداد المبكر للقروض، فضلا عن ضم التسهيلات الممنوحة ببطاقات الائتمان الى حساب القروض الاجمالي الخاضع لتعليمات صارمة مثل عدم وصول الاقساط الى اكثر من 50% من الراتب.
وكان آخر الاجراءات طلب ملفات كاملة عن كل العملاء المقترضين لفحصها وقمع البنوك المخالفة للضوابط، حيث تبين ان هناك عشرات التجاوزات بأساليب مختلفة لجأت اليها بعض البنوك بهدف الالتفاف على الضوابط.
للبنوك وجهة نظر متعلقة اولا بأن مداخيل الافراد في الكويت قد لا تكون كلها مرتبطة بالراتب فقط وأن قروض السكن يجب ان تمدد آجالها الى 20 أو 30 سنة، وان تسهيلات بطاقات الائتمان لا يمكن احتسابها كقروض مكتملة العناصر المفترض ان تتوصف بها القروض والى ما هنالك من اعتراضات شكلية او جوهرية. وللبنوك مصلحة في الضغط ولو بشكل غير معلن للحؤول دون قضم جزء من 'لقمة' القروض السائغة. فمعظم الارباح تأتي من التسهيلات الشخصية ما دامت الرواتب مربوطة الوثاق وهي الضامن الاكبر من المخاطر. فإذا كانت نسبة 93% من القوى العاملة حكومية فان الراتب مضمون تماما وبالتالي فإن مخاطر الإقراض شبه معدومة.
اذا، تتضارب وجهات النظر هذه من دون الاخذ في الاعتبار الآثار الاجتماعية الجانبية للمسألة، ففي البلاد نهم بالغ للاستهلاك الجاري واقتناء السلع الفاخرة وبناء المساكن الفارهة في ما يشبه تقليد الكل للكل في انماط المعيشة والاستهلاك والسفر واقتناء كل نفيس او رخيص ما دام جارنا يقتنيه. ولم تجد هذه الظاهرة علاجا بالطرق الكلاسيكية التي لجأت إليها الحكومة بتشكيل لجان تدرس من دون طائل، وإطلاق تحذيرات لا يسمع صداها.
لذا علت الصرخة في البرلمان، وكانت المطالبة باسقاط القروض بحجة ازدياد مديونية الاسر ورزوح عائلات تحت عبء الاقساط الباهظة وما إلى هنالك من شعارات شعبوية تدغدغ الجماهير 'الغفورة'، علما بان الاحصاءات الرسمية تؤكد ان المتعثر من القروض لا تتجاوز نسبته 3% من الاجمالي.
ومع ذلك يبدو أن ضربات النواب على الوتر اتت نغما بات البنك المركزي والمصارف تردد صداه بحسرة حينا وتبرم احيانا.
لكن من نافل القول ان اجراءات المركزي الاخيرة اتت لفعل ما يمكن فعله بهذا الملف الشائك. اما هل تنفع تلك الاجراءات فهذا متروك لتطور المطالبات النيابية.
تبقى الاشارة الى ان المصارف تنوء تحت ضربات النواب، لاسيما بورمية، فهي تتلقى التعليمات والتحذيرات الواحدة تلو الأخرى ولا تعرف كيف ترد على هذه الحملة، فهي لا تريد الظهور بمظهر المرابي الباحث عن تعظيم الفائدة مهما كلف الثمن، كما لا تريد ان يأكل الفاجر مال التاجر.. فهل هناك معادلة أخرى يمكن ابتكارها؟ الامر متروك لساحر يخرج الارنب من قبعته في اللحظة المناسبة.
فانجلاء غبار المعركة يستحق عناء الانتظار.
القبس