نحن لها
ماذا عساي أن أقول؟ فالبعض الآن أصبح يرى الأمر تقليديا بحتا, حيث لكثرة الجلسات البدونية البرلمانية, نجد الكتابات قبلها وبعدها, قبلها تحث وتناشد وتطالب وتأمل بأن تنعقد الجلسة لتنتهي المشكلة, وبعدها تشجب وتستنكر وتدين وترفض إفشال الجلسة, هذا هو حالنا منذ أن وعينا على الدنيا على مر السنوات الطويلة المريرة, وعلى مر الجلسات البرلمانية المخصصة للبدون والتي تنتهي - بسرعة - بسيناريوهات فاشلة حقيرة.
جلسة الخميس الأسود 7 يناير 2009, كانت مضحكة مبكية, فترى كيف الجدال والسجال الذي حصل بين النواب وبعض الوزراء والنقاش الطويل والمانشيتات التي نقلتها لنا الصحف عن تغزل هؤلاء بالبدون وتضحياتهم وولائهم, وعن طعن أولئك بأصولهم وتضحياتهم وولائهم, وعن الكلام الفارغ للبعض منهم كالوزير الروضان الذي "يتعهد" بتقديم مرئيات للحل, وربما لا يعلم أن كثير من المتابعين صنفوا كلمته هذه على أنها "نكتة" !
المضحك المبكي, هو كيف كان البعض - مثل عسكر العنزي - يدافع بشدة عن البدون, ثم وقبل التصويت على تمديد الجلسة بهدف إستكمال المناقشة والتصويت على القانون, نجده ينسحب مع من انسحب لإفشال الجلسة بإنعدام النصاب, وبالتالي لا مناقشة ولا تصويت ! بالله عليكم أي ازدواج يحمله هؤلاء, وأي مسؤولية يعرفونها, بل أي عقول ووعي يحمله من أوصلهم إلى البرلمان وهم بهذه الخسة؟
نعم, توقعنا سيناريوهات سلبية, حتى لا نقع في فخ التفاؤل العميق, فنُصدم ونصطدم بما هو غير متوقع, ولكن ألا يكفيكم "خسة"؟ ألم تشبعوا دناءة؟ ألم تطفحوا ظلم للناس؟ أتسائل كيف تفكرون, وإلى ماذا تهدفون؟ لا تقولوا "تطفيش البدون", فوالله رغم أنها كلمة لها وقع كبير على النفس, إلا أني ممن يسارعون إلى الضحك والقهقهة عند سماعها, فأنتم يا أعزائي تعرفون استحالة تطبيق هذا "الحلم", وأن البدون كما قال الدكتور فارس الوقيان (باقون في الكويت إلى أن يرث الله الأرض وما عليها), نعم كلامه ليس مقدس, ولكنه حقيقة وواقع, والدليل أنكم حتى الآن لا تستطيعون التخلص منهم وكشف ما يدينهم رغم ما تلوحون به من مستندات لا تجرؤون على إحالتها إلى القضاء, حتى وإن كنتم تملكون ما يدين البعض, فأنتم تُبقون على ما تملكونه بغرض الإبقاء على القضية عالقة بالاشارة إلى هؤلاء بأنهم مزورون وبالتالي ينسحب الأمر على الباقي بلغة تعميمية غبية.
أرجو أن لا يخرج لي من يقول أن الحكومة لا مصلحة لها من منح الناس حقوقهم, ولا مصلحة لها من التجنيس, وبالتالي هي لن تقدم الحلول ولن تقرها, ونقول فلتذهب مصالحها إلى الجحيم, وليذهب كل مؤيديها إلى الجحيم أيضا, لأن هذا الحديث - الذي قيل وتكرر بكل أسف - لا يعرف طريقا إلى المنطق والعقل والشرع والقانون ولا الإنسانية, فأي مصالح هذه التي تتعارض مع "حقوق" عشرات الآلاف من البشر كفلها لهم الدستور والمعاهدات الدولية والشرع قبل ذلك؟ خصوصا ونحن نتحدث عن أجيال متعاقبة, وهذا هو ما يحير الحكومة والعنصريين, وهو الأجيال المتعاقبة, التي ما زالت تتعاقب, وستتعاقب إلى يوم الدين, دون أن يكون هناك حل لموضوع الهوية عندهم ولحقوقهم الإنسانية؟
هل خسرنا في خميس 7 يناير؟ طبعا لا, وإن أسميناه بالخميس الأسود, فهو لفعايلهم السودة, التي سودت وجوههم, وما أكثر الأيام السوداء التي تمر على البدون, وبالتالي هي تسوّد وجوه كل معارضيهم, وأيضا تسوّد صحفهم, حيث يقابلون العدل سبحانه, ويسألهم لم حرمتم أفراد هذه الأمة من حقوقهم؟ فأي "ترقيعة ٍ" سيقدمونها حينها ؟
ولا يفوتني أن أدعو اخواني واخواتي البدونيين, أن لا يتملكهم اليأس والاحباط, فيجب أن يلتفتوا حولهم ويروا كيف أن الأمور تحتاج إلى جهاد حقيقي, وإن كنا نتسائل في كثير من الأحيان أنها حقوق إنسانية وبالتالي يفترض إقرارها سريعا, إلا أن هذا قدرنا, أن نناضل من أجل حقوق إنسانية أصيلة, ليعقبها بعد ذلك قضية الهوية, هم يريدونكم أن تصلوا إلى مرحلة اليأس, وأن تنسوا شيئا اسمه "حقوق", فأرجوكم خيبوا آمالهم.... نعم المشوار قد يطول ويطول, ونحن لها, بتوفيق من الله سبحانه.