اللعبة مكشوفة يابوأنس
لا يمكن المرور مرور الكرام على ما يقوله ويقوم به النائب السابق المحامي الدكتور أحمد عبدالمحسن المليفي (حصل على هذه الدرجة العلمية مؤخرا), فالتناقضات والخلط الذي يقوم به في وسائل الاعلام وأماكن أخرى, يدعونا إلى التوقف عنده, لأن الرد عليه موجود, ولكنه ذكي ويعرف كيف يلعبها, فينسق مع المحطات الفضائية - مثل قناة الوطن - ليتم استقباله مع ضيف مناصر ضعيف الطرح والحجة, لتكون الغلبة للمليفي, أيضا قناة الراي استقبلته مع النائب علي الدقباسي الذي لم يكن على مستوى الطموح, إلا أنه رد في بعض النقاط, ومع هذا لم يكن ملما قانونيا بشكل جيد ليرد على الخلط المريع الذي يقوم به بوأنس.
لا أستطيع أن أصدق أن النائب السابق أحمد المليفي حريص على الوطن كما يقول من خلال تحركاته ضد البدون, وإن أظهر هذا الشيء للعامة من خلال تصديه لملف غير المستحقين والمزورين الذي يلوح به في أي مكان يحل فيه, وأنا هنا لا أشكك بوطنيته وحبه لوطنه, ولكن أقصد أن تحركاته في هذا الملف بالذات, تأتي لحسابات أكبر مما يظهر لنا.
دعونا في البداية نعرف ماذا قال المليفي بخصوص الشعب الكويتي, ففي لقاءه مع موقع الشبكة الوطنية الكويتية, قال في أحد أجوبته هنا:
أحمد المليفي: اذا كنت تشوف البلد عدل اعتقد انك ستتفق معي بأن ما يحدث في الكويت ليس من اخلاق الكويتيين وليس من صفاتهم فهل يجوز ان يكون المجنسين اكثر من الشعب الاصلي لا توجدهذه المعادلة الا في الكويت.
ونلاحظ هنا, أنا الأخ المليفي غير راض ٍ على أن عدد المجنسين أكثر من عدد الشعب الاصلي, وهذه بالنسبة لي عنصرية واضحة يقوم على أساسها بوأنس بنفي "كويتية" مئات الآلاف من الكويتيين لأنهم على حد ما يقول ليسوا من الشعب الأصلي, ويقوم بحصر الكويتيين فقط بأولئك الأصليين كما أسماهم, ولو ربطناها بتحركاته في ملف التجنيس لعرفنا كيف يتخذ المليفي من كلمته أعلاه مبدأ يمشي عليه, بأن يقوم بمعارضة حقوق البدون حتى يقطع الطريق أمام مجنسين جدد, باعتباره لا يعترف من الأصل بكويتية الآلاف المؤلفة من المواطنين ولا يريد كويتيين جدد (واتركوا عنكم حديثه عن المستحقين فهو مجرد كلام وسأثبته لكم أدناه).
جميعنا يذكر تلويح أحمد المليفي باستجواب رئيس الوزراء بخصوص مصروفات ديوان الأخير وتجنيس بعض من غير المستحقين, وبعد سحب الجنسيات من عدد من المواطنين, تراجع أحمد المليفي وبقي فقط يعمل "كلاميا" حاله حال غيره, وبعد خروجه من البرلمان, وتحديدا في لقاءه مع الشبكة الوطنية الكويتية, سألته السؤال التالي أنقله لكم مع اجابته :
س: في لقاءك مع برنامج "رايكم شباب" على قناة "الراي" قلت - بما معناه - أنك لا تؤيد موضوع سيادية الجنسية وأنك من المؤيدين للسماح للقضاء بالنظر في هذاالجانب, ولكننا نجد في قولك هذا تناقضا مع دعوتك لسحب جناسي بعض من حصلوا عليها دون عرض المسألة على جهة محايدة ونزيهة كالقضاء, فلماذا لم تشرع قانونا وتحشد له التأييد من زملاءك للسماح للقضاء النظر في هذه المسألة بدلا من ترك الموضوع بيد وزارة الداخلية التي في نفس الوقت تنتقدها لوجود الفساد والمصالح الشخصية في منح الجنسية لغير المستحقين لها؟
ج: نعم اعتقد ان قضية عدم السماح للقضاء بالنظر في موضوع الجنسية احد اسباب العبث في الجنسية وان شاء الله اذا نجحت بالانتخابات سأعمل على طرح مشروع بهذا الشأن لأني على ثقة بأن الكثير ممن منحوا الجنسية ستسحب منهم اذاطبق القانون بصوره صحيحة.
لاحظوا معي كيف هي المراوغة, هو قال نعم أنا قلت هذا الشيء, وسأعمل به إذا نجحت, بينما أنا لم أسأله هل أنت قلت كذا؟ أو هل ستفعل كذا؟ أنا سألته لماذا لم تقم أصلا بتشريع هذا القانون وتحشد له التأييد حتى يتم تنظيم المسألة أفضل من أن تترك بيد من تتهمهم بالفساد وأنهم مختطفين من "المماليك" كما صرح بذلك, ولكن لأنه مستفيد بعدم وجود آلية واضحة وصحيحة لهذا الملف تعطي أصحاب الحقوق حقوقهم, قام بما قام به بإجبار الحكومة بسحب الجنسيات, فالمسألة كان يفترض أن تعرض على القضاء حتى يفصل بالأمر ونعرف هل بالفعل هؤلاء غير مستحقين أم لا, وهل بالفعل مزورين وجيش شعبي تعاونوا عن عمد وعلى أرض الواقع مع الغزاة أم أجبروا حالهم حال الكثيرين!
نأتي إلى تحركاته الأخيرة المعارضة لحقوق البدون المدنية, والتي أسمى فيها مقترح قانون الحقوق المدنية بقانون مكافئة المزورين, فهو معتمد على بعض الملفات التي يلوح بها, والمتضمنة إدانات - كما يزعم - لكثير من البدون, ويريد أن يوصل رسالة أن هناك غير مستحقين لا يستحقون التمتع بهذه الحقوق, ولا ندري, هل نصّب المليفي نفسه قاضيا ليحكم على الناس بهذا الشكل الفاشل بأنهم مزورين دون أن تتوفر لهم المحاكمة العادلة ليحكم القضاء إن كانوا مزورين أم لا, ألا يعرف رجل القانون أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته", ولكنه ومن خلال تحركاته وكأنه يقول: "المتهم مدان حتى تثبت براءته", ألسنا في دولة القانون يا رجل القانون, وما تقوم به هو اتهامات باطلة لن تصح إلا بأحكام قضائية؟
طبعا هو سيعتمد على تقرير لجنة ثامر, والطريف, أنه في لقاءه مع برنامج "تو الليل" في قناة الوطن, وعندما جاء على ذكر الشيخ ثامر جابر الأحمد, قال: "احنا إذا قلنا ثامر فهذا ولد جابر الأحمد", غريب! هل يحكم على الناس بناءً على أسمائهم؟ فإذا كان كذلك لماذا لم يحكم على الشيخة أوراد بأنها ابنة الشيخ جابر الأحمد, بل لماذا لم يحكم على الشيخ ناصر المحمد عندما أراد استجوابه بأنه ابن أخ الشيخ جابر الأحمد؟ أم أن المسألة تأتي وفقا للأهواء يا بوأنس؟
حتى تقرير لجنة ثامر, يفترض ألا يتم الاعتداد به, فهذه اللجنة استعانت باللجنة التنفيذية وجهات أخرى وما لديهم من بيانات ومعلومات ووثائق واكتفوا بذلك وأطلقوا حكمهم النهائي! بينما الأمر يحتاج إلى "القضاء" حتى يثبت لنا صحة ما استعانوا به من وثائق ومستندات, بمعنى, أن تقرير لجنة ثامر لا يساوي قيمة الورق الذي كتب فيه إن لم يتم إحالة الأمر إلى القضاء.
وأذكر, في جريدة الراي, وفي صفحة هموم الناس, عند المحرر عبدالله متولي, قامت مواطنة كويتية بإطلاق مناشدة لوزير الداخلية تطالبه بإعادة جنسيتها المسحوبة, فقد تم سحب جنسيتها بعد التحرير لتعاونها مع الجيش الشعبي, بينما القضاء برأها لأنها كانت "مجبرة"! لاحظوا معي, القضاء برأها وجنسيتها مسحوبة, بمعنى, كم بدون لدينا متهم بتعاونه مع الجيش الشعبي ومحروم من كثير من حقوقه وهو لم يعرض على القضاء؟
بل نذهب إلى ماهو أكثر وأكبر من هذا, فقد صرح أحد أبطال المقاومة, المقدم متقاعد محمد عبيد المطيري, لجريدة النهار بتاريخ 16 مارس 2009, أن "منهم من كلف بالانتساب الى الجيش الشعبي العراقي بأوامر عليا ولكن ظلموا فيما بعد" قاصدا البدون طبعا. المصدر
وفي ندوة (الحقوق المدنية لعديمي الجنسية "نطرة دولية") التي عقدت في كلية الحقوق - جامعة الكويت ظهر يوم الأحد 10 يناير 2010, قال المليفي بعد سؤال وجهته له شخصيا في ورقة مكتوبة ولم يقرأه بالكامل, بل لم يقرأه من الأساس وإنما أشار إلى أن السؤال يتحدث عن القيود الأمنية, قال أنه يعلم أن القيود الأمنية أغلبها غير صحيحة وأنهم فقط يعتمدون على ما هو موثق (!) عجيب, وكيف لم يتحرك بهذا التزوير الذي تقوم به اللجنة التنفيذية لشؤون البدون؟ لا ويقول أنه يعتمد على ما هو موثق, ويعيد تنصيب نفسه كقاضي ليطلق أحكامه بناء على ما يرده من اللجنة التنفيذية.
الجميل, أن ردودا قانونية علمية جائته من محاضري تلك الندوة, من د. عيسى العنزي رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الكويت, ود. رشيد العنزي الأستاذ المساعد في القانون الدولي, ود. محمد الفيلي الخبير الدستوري, كلهم تحدثوا بأسلوب علمي قانوني بحت تناولوا فيه استحقاق البدون للحقوق المدنية المتضمنة للمقترح بقانون, وأنه يكفينا وجود معاهدات دولية ملزمة تلزم الدولة على اعطاء "كل شخص" الحقوق الواردة بالعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية, وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وأن عدم تطبيق هذين العهدين, مع اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات, يعرض الدولة للمسائلة الدولية, ولم يستبعد د. رشيد العنزي, أن يحصل مع الكويت كما حصل مع الرئيس السوداني بعد مذكرة الاعتقال التي صدرت بحقه.
الحديث يطول عن تحركات أحمد المليفي المريبة, ولكن نكتفي بهذا القدر, ونقول يابوأنس, صدقني, التناقض واضح, والتضليل أوضح, واللعبة مكشوفة, ولن نسمح لك بمزيد من التضليل, وسنخرج لك من كل مكان لنكشف زيف ادعاءاتك, فإن كنت صادقا, ركز على مطالبك بإحالة القيود الأمنية إلى القضاء, لا أن تطلق الأحكام بأن الناس مزورة وتحتكم لوسائل الاعلام لتترك الناس يرتابون من البدون ويتوجسون منهم ليتشتت التعاطف معهم, فعليك أن تحترم القانون كرجل قانون, رغم أنك لم تبق ِ أي احترام لهذا المسكين المسمى "قانون"!