ansab-online
عضو ذهبي
قضية البدون بعد الخدم فهل سنتعظ ؟
أصبحت قضية حقوق الإنسان ذات أهمية كبرى في المجتمع الدولي. ولما أصبح تطور الدول يقاس بمدى احترامها لحقوق الإنسان فقد تبلورت تلك المبادئ والحقوق باعتبارها أساسية ومهمة لما لها من صلة وثيقة بكرامة الإنسان واحترام إنسانيته، إضافة إلى كونها مقياساً للحضارة وهدف كل تقدم اجتماعي، وأصبحت أكثر الدول موقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان وملزمة بتنفيذها، بالإضافة إلى نمو وزيادة منظمات حقوق الإنسان سواء على المستويين العالمي أو المحلي، فهناك لجان حكومية ولجان أهلية تتابع وتراقب وتساهم في منع أي انتهاك أو تعسف السلطات الحكومية ضد حقوق أي فرد من أفراد المجتمع، وتساهم هذه المنظمات في الدفاع عن حقوق الإنسان وتقديم الاستشارات، وتصدر تقاريرها ضد انتهاكات الدول وتساعد على وضع خطط لحل بعض المعضلات التي لا تقوم بعض الدول بحلها، ومنها قضية البدون التي بدأت المنظمات الدولية تزحف إليها بشتى الطرق أمام صمت حكومي.
في الأسبوع الماضي زار وفد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الكويت، وهذه المفوضية هيئة مستقلة غير حكومية ومتخصصة بشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية، نشاطها هو الاطلاع على الشكاوى والتقارير التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بانتهاكات حقوق الإنسان في الدول وتتحقق من مصداقيتها ورفع تقارير إلى الأمم المتحدة وحكومة الدولة التي صدرت منها هذه الانتهاكات. وذكر ممثلا المفوضية مورين لنج وباترك في المؤتمر الصحافي الذي أقامته جمعية المحامين الكويتية أن المفوضية مهتمة بقضية البدون، وقامت بزيارة إلى بعض المناطق التي تتواجد فيها هذه الفئة في الكويت واطلعت على الأوضاع السيئة لهم بعد أن التقت واستمعت إلى أصحاب هذه الفئة في بيوتهم وخارج بيوتهم عن الحياة المأسوية والضغوط التي مورست عليهم من قبل الحكومة وسلبهم أبسط مقومات الحياة الكريمة، كما التقت مع بعض القانونيين، الذين أوضحوا لها مدى مشروعية وقانونية وجود هذه الفئة في الكويت. والمفوضية تهدف من هذه الزيارة إلى رفع الظلم عن هذه الفئة بمنحها حقوقها الإنسانية. وهذا هو الهدف الأساسي الذي تطمح إليه بالإضافة إلى منح المستحقين من البدون الذين ليس عليهم أي قيود أمنية الجنسية الكويتية، وانتهت بقولها إنها وبعد بحث هذه القضية بكل جوانبها سترفع توصيات إلى الأمم المتحدة والحكومة الكويتية لرفع الظلم عن هذه الفئة ومنحها حقوقها.
لم يستوعب المسؤولون في الحكومة أن العالم أصبح كالقرية، وأن العالم لم يعد يتقبل إقصاء الإنسان وحرمانه من حقوقه الإنسانية والقانونية التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي وقعت عليه دولة الكويت، بغض النظر عن الجنس أو اللون. وللأسف بعض المسؤولين يتعمدون استمرار الإساءة إلى الكويت في المحافل الدولية والمحلية فقد رفض أمين سر لجنة البدون التابعة لوزارة الداخلية مقابلة ممثلة المفوضية للتباحث معها. وهذا يدل على أن السياسة والعقلية لم تتغير، وعندما يقع الفاس بالراس يهرع هذا المسؤول وغيره إلى محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه مع منظمات حقوق الإنسان، كما حدث عندما وضعت الخارجية الأميركية الكويت على القائمة السوداء في المتاجرة بالبشر هرع المسؤولون في وزارات الداخلية والشؤون والعدل وغيرها من الوزارات إلى إصدار قرارات مهمة بعد أن لطخوا سمعة الكويت وأساؤوا إليها أبلغ إساءة، ومنها إصدار قرار بإنشاء ملاجئ سكنية للخدم في حال اختلافهم مع مخدوميهم، وكذلك عدم السماح لمخدوميهم احتجاز جوازات سفرهم تحت أي ذريعة. هؤلاء المسؤولون كان بإمكانهم إصدار هذه القرارات، لكنهم لم يفعلوا إلا عندما أصبحت سمعة الكويت على المحك أمام مهلة الخارجية الاميركية، وهي 60 يوماً، وإلا ستفرض عليها العقوبات الاقتصادية. والأمر كذلك بالنسبة إلى البدون سيأخذ طريق الخدم نفسه لأن الخارجية الأميركية كررت مطالباتها بتعديل أوضاع البدون في تقارير عدة، ولأعوام طوال، ولكن المسؤولين وللأسف لم يأخذوا حتى اللحظة بجدية تـــــلك التقارير، وإن كــــــانت وزارة الشؤون أصدرت الآن قرارات سريعة لصالح الخدم قبل انتهاء مدة الإنذار وهي 60 يوماً، فإن الأمر سيكون في غاية الصعوبة على الكويت إذا منحت الخارجية الأميركية المهلة ذاتها في قضية البدون.
ملحوظة :
لم يعد هناك أي حل سوى أن تبادر الحكومة الكويتية بالعمل على حل قضيه البدون حلاً عادلاً وجذرياً بمنحهم حقوقهم الإنسانية وتجنيس المستحقين منهم، لأن هناك مؤشرات على بوادر الحل من الخارج حذرنا منها في السابق بأكثر من مقال، ولكن من دون جدوى، فهل ستتعظ الحكومة هذه المرة أم أنها ستواصل عنادها إلى أن يقع الفاس في الراس وساعتها سيحصل على الجنسية المستحق وغير المستحق؟
محامية وكاتبة كويتية
http://www.alraialaam.com/16-07-2007/ie5/articles.htm#2