kw.بنت الكويت.www
عضو ذهبي
سيدة نساء العالمين
رابعة بنات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
أمها : خديجة بنت خويلد
لقد شاء الله أن يقترن مولد فاطمة - رضي الله عنها وأرضاها - في السنة الخامسة قبل المبعث بقليل بالحادث العظيم الذي ارتضت فيه قريش ( محمداً عليه أفضل الصلاة والتسليم ) حكماً لما اشتد الخلاف بينهم حول وضع الحجر الأسود بعد تجديد بناء الكعبة , وكيف استطاع عليه أفضل الصلاة والسلام برجاحة عقله أن يحل المشكلة وتغمد سيوف الحرب بين القبائل .
واستبشر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بمولدها وتوسم فيها البركة واليمن فـ سمّاها
فــــاطـــمـــة
ولقّبها بـ " الزهراء "
وكانت تكنى أم أبيها وكانت - رضي الله عنها وأرضاها - شديدة الشبه بأبيها - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ترعرعت فاطمة - رضي الله عنها وأرضاها - في بنت نبوي رحيم لتأخذ قسطاً من وافراً من الأدب والحنان والتوجيه النبوي الرشيد ومما تتمتع به أمها السيدة خديجة- رضي الله عنها وأرضاها - من صفات زكية وسجايا حسنة .
وبذلك نشأت على العفة الكاملة وعزة النفس وحب الخير وحُسن الخلُق مُتّخذة أباها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- القدوة الحسنة في جميع تصرفاتها .
ما كادت الزهراء - رضي الله عنها وأرضاها - تبلغ الخامسة من عمرها ، حتى بدأ التحول الكبير في حياة أبيها بنزول الوحي عليه , وشاهدت والدتها تقف إلى جانب أبيها وتشاركه في كل ما يواجهه من أحداث عِظام وخطوب جسام .
شاهدت - رضي الله عنها وأرضاها - العديد من مكائد الكفار لأبيها العظيم- صلى الله عليه وآله وسلم- فتمنت لو استطاعت أن تفديه بحياتها وتمنعه من أذى المشركين ولكن أنّى لها ذلك وهي في عمرها الصغير
كان من أشدّ ما قاسته من آلام - رضي الله عنها وأرضاها - في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب حتى أثر الحصار والجوع في صحتها فبقيت طوال حياتها تعاني من ضعف البنية .
وما كادت الزهراء الصغيرة - رضي الله عنها وأرضاها - تخرج من محنة الحصار المهلك حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها وأرضاها - فامتلأت نفسها حزناً وألماً وأسى
ووجدت نفسها بعد وفاة أمها أمام مسؤوليات كثيرة وضخمة نحو أبيها النبي الكريم وهو يمر بظروف قاسية في سبيل الدعوة وخاصة بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته الوفية خديجة - رضي الله عنها وأرضاها - ووقفت إلى جانب أبيها لتقدم له العوض عن أمها أغلى الأمهات وأكرم الزوجات لذلك كانت تُكنى بأم أبيها .
بقيت فاطمة وأختها أم كلثوم - رضي الله عنهما وأرضاهما - في مكة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أن أرسل صحابيّاً لإحضارهما وكان ذلك في السنة الثالثة عشرة من الهجرة .
بعد أن تزوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من السيدة عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - تقدّم كبار الصحابة لخطبة الزهراء بعد أن كانوا يحجمون عن ذلك سابقاً لوجودها مع أبيها وخدمتها إياه ثم تقدم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاه - ليخطب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ابنته فاطمة .
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاه - بأن يبيع درعه الخطيمة التي أعطاه إياها فاشتراها عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - بأربعمائة وسبعين درهماً
وفي يوم الزفاف مضت الزهراء إلى البيت الذي جهزه لسكنها علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما وأرضاهما -حيث انتظرا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي ذهب إليهما بعد صلاة العشاء ثم دعا بماء فتوضأ منه ثم أفرغه عليهما وقال :
" اللهم بارك فيهما , وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما "
وقد فرح المسلمون بزواج الزهراء من علي - رضي الله عنهما وأرضاهما - وجاء حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - بكبشين فنحرهما وأطعم الناس في المدينة .
لم يمض عام على الزواج المبارك حتى وضعت الزهراء الحفيد الأول لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في السنة الثالثة للهجرة ففرح به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وسمّاه (الحسن) .
وما أن بلغ الحسن من العمر عاماً حتى ولد بعده ( الحسين) في شهر شعبان سنة أربع من الهجرة .
وتتابع الثمر المبارك فولدت الزهراء في العام الخامس للهجرة طفلة أسماها جدها - صلى الله عليه وآله وسلم - ( زينب )
وبعد عامين من مولد زينب وضعت طفلة أخرى اختار لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اسم ( أم كلثوم )
تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - :
" ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من فاطمة , وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها ورحّب بها وكذلم كانت هي تصنع به "
وحينما أراد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاه- خطب بنت أبي جهل وعنده فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وآله و سلم - فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت :
إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكحا ابنة أبي جهل
فقام النبي صلى الله عليه وسلم فـ تشهّد ثم قال :
" أما بعد فإني قد أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني فصدقني وإن فاطمة بنت محمد بضعة مني وأنا أكره أن تفتنوها وإنها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا ...
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم- على المنبر :
إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها
فنزل علي - رضي الله عنه وأرضاه - عن الخطبة .
ومع هذا الحب الفيّاض فقد بيّن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لابنته وغيرها أنه لا بد من العمل والتزود بالتقوى .. فقد قام يوماً فنادى :
"... يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً ، يا .. يا .. يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئاً "
وفي رواية أخرى
" ... يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله ضرّاً ولا نفعاً "
وفي حديث المرأة المخزومية التي سرقت واستشفع لها قومها بحِبِّهِ أسمة بن زيد بن حارثة ..
فذكر في الحديث :
" وإيم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها "
قال علي لفاطمة - رضي الله عنهما وأرضاهما - لقد شقوتِ يا فاطمة حتى أسليتِ صدري , وقد جاء الله بسبي فاذهبي فالتمسي واحدة تخدمك .
فقالت : أفعل إن شاء الله
ثم أتت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما رآها هش لها وسأل : ما جاء بك أي بنيتي ؟
فقالت : جئت لأسلم عليك ... واستحييت أن تسأله ورجعت
فأتياه جميعاً فذكر له عليّ حالها
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
" لا والله , لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم , ولا أجد ما أنفق عليهم ولكن أبيع وأنفق عليهم بالثمن "
فرجعا إلى منزلهما , فأتاهما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد دخلا قطيفتهما إذا غطّيا رؤوسهما بدت أقدامهما , وإذا غطّيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما . فثار اللقاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
فقال : مكانكما ! ... ألا أخبركما بخير ما سألتماني ؟
فقالا : بلى
فقال :
" ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما فسبّحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم "
لقد مرّت السيدة فاطمة - رضي الله عنها وأرضاها - بأحداثٍ كثيرة ومتشابطة وقاسية حيث شهدت وفاة أمها ومن ثم أختها رقيّة وتلتها في السنة الثامنة للهجرة أختها زينب وفي السنة التاسعة أختها أم كلثوم .
واحتملت حياة الفقر ، لكنها الفتاة التي ربّاها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تكن تستسلم للأحزان أو اليأس با كانت مثال للفتاة الصابرة المرابطة المهاجرة .
لمّا حج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع وأرسى قواعد الدين مرض - صلى الله عليه وآله وسلم وما إن سمعت فاطمة- رضي الله عنها وأرضاها - بذلك حتى هرعت لتوّها لتطمئن عليه وهو عند أم المؤمنين - عائشة رضي الله عنها وأرضاها - فلما رآها هشّ للقائها قائلاً :" مرحباً يا بنيّتي ، ثم قبّلها وأجلسها ثم سارّها فبكت بكاءً شديداً , فلما رأى جزعها سارّها ثانية فضحكت . فقلت لها - أي عائشة - خصّك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - من بين سائر نسائه بالسّرار وأنت تبكين ؟ فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سألتها : ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت : ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -سرّه .
قالت : لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم قلت : عزمت عليك بمالي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - . قالت : أما الآن فنعم .
أما حين سارّني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة مرة وإنه عارضه الآن مرتين وإني أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإنه نعم السلف أنا لك , قالت فبكيت بكائي الذي رأيت , فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال :" يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ؟ وإنك أول أهلي لحوقاً بي .. فضحكت.
بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم جعلت تقول :
يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه
يا أبتاه جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه
فلما دفن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قالت :
" يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب "
وبكت الزهراء أم أبيها وقد ذكروا قول الله تعالى :
" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " جزء من آية 144 سورة آل عمران
"وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخُلْد أفإيْن مِتَّ فهم الخالدون " آية 34 سورة الأنبياء
لم تمض على وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حوالي ستة أشهر حتى انتقلت إلى جوار ربها .
رحم الله الزهراء أم أبيها وزوجة سيد الفرسان وأم الحسن والحسين الشهداء سيدا شباب أهل الجنة وأم زينب بطلة كربلاء وأم كلثوم زوجة عمر الفاروق
رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً وجمعنا وإيّاهم في الفردوس الأعلى مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه وأصحابه وأهلينا وأحبابنا وكافة المؤمنين الموحدين .. اللهم آمين
والله من وراء القصد
كتبته بتصرف /
بنت الكويت
المصدر / نساء حول الرسول والرد على مفتريات المستشرقين