السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان الأصمعي يجلس في خيمته يتعشى .. وأثناء عشائه إذ بأعرابي يطل من كوة بباب الخيمة ..
قال له الأصمعي : هلمّ يا أعرابي إلى العشاء
فدخل الأعرابي ولم يسلم ولم يسمِِّ .. وبدأ يلتهم الأكل التهاما ..
نظر إليه الأصمعي بتعجب واحتقار .. فقال ( وليته ما قال ) ..
ما هذا يا أعرابي والله لقد قلت فيك شعرا ..
فقال الأعرابي على الفور : هات .. هات ( والأكل في فمه والسمن يسيل من أصابعه وفمه )
قال الأصمعي : كأنك أثلة في أرض هشِِِِِِّ *** سقاها وابل من بعد رشّ
توقف الأعرابي من أكله ونظر إليه نظرات قوية قائلا له : ماذا تقول ؟ تقول أنني أثلة وأنا مذكر ؟!
ولكن أنت ( هذا محش على الطاير ) : كأنك بعرة في عقب كبش *** مدللة وذاك الكبش يمشي
عندها صعق الأصمعي .. وقال يا إلهي هذا الأعرابي الذي لايساوي النعل التي في قدمي يسبني ويشتمني ..
والله لأجعلنه أضحوكة لمن يسمع خبرنا ( ولاندري من الذي أصبح أضحوكة )
عندها قال الأصمعي وبصوت ملئه الثقة : يا أعرابي .. هل تجيد الشعر ؟
رد على الفور : كيف لاأجيده وأنا أمه وأبوه
قال الأصمعي : إن كنت كما قلت فعارض لي هذا البيت ( واختار اصعب قافية حتى يعجزه قافية الواو )
قوم بنجد قد عهدناهموا *** سقاهم الله من النوّ نوّ
رد على الفور بعد أن اتكأ على جنبه :
نوّ تلألأ في دجى ليلة حالكة مظلمة لو ؟ ( النو = القمر )
رد الأصمعي من الذهول : لو ماذا يا أعرابي ؟
لو سار فيها فارس لانثنى على بساط الأرض منطو ( منطو = سريع)
رد الأصمعي : منطو ماذا يا أعرابي ؟
منطويَ الهضمِ كظيم الحشا كالباز ينقضُ من الجو ( كظيم الحشا = مشدودة بطنه )
رد الأصمعي : جو ماذا يا أعرابي ؟
جو السما والريح تعلوا به فاشتْمّ ريح الأرض فاعلو
رد الأصمعي : فاعلو ماذا يا أعرابي ؟
فاعلّو لمّا عِيل من صبره فصار نجوى القوم ينعو
رد الأصمعي : ينعو ماذا يا أعرابي ؟
ينعو رجالا شُرِّعَت للخنا لَقِيتَ مالاقو ويلقو
رد الأصمعي : يلقو ماذا يا أعرابي ؟
إن كنت لاتفهم ما قلته فأنت عندي رجل بو
رد الأصمعي : بو ماذا يا أعرابي ؟
البو ِسلخٌ حُشي جلده يا ألف قرنان تقم أو ( البو = أحشاء الدابة بعد سلخها أعزكم الله )
رد الأصمعي : أو ماذا يا أعرابي ؟
أو أضرب الرأس بصوانة تقول في ضربتها قو
عنده سكت الأصمعي ولم يحر جوابا
القصة برواية الراوي عبدالله بن عابد الوقداني رحمه الله
التعديل الأخير: