وجوب الدعوة إلى الكتاب والسنة والتحذير من الحزبية والمحدثات البدعية

ابوحفص

عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :

الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي مهنة الأنبياء والمرسلين والعلماء العاملين بالكتاب والسنة .

قال الله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) .
( هذه سبيلي ) قال العلامة ابن السعدي في تفسيره : (( أي طريقي التي أدعوا إليها ، وهي السبيل الموصلة إلى الله ، وإلى دار كرامته المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له )) .
-----------------------------------------------------------------------------------
قال شيخنا العلامة أبوالعباس بن أحمد آل هلال في كتابه : (( القواعد التأصيلية والأبواب الترشيدية في فقه الدعوة إلى رب البرية )) قال حفظه الله تعالى :
باب التحذير من الابتداع في الدعوة إلى الله لأنها عبادة فيجب أن تكون على طريقة النبي عليه السلام وأصحابه .

هذا الباب شأنه خطير ، وأمره عظيم ، فمتابعة النبي عليه السلام أحد ركني العبادة المقبولة ، والدعوة عبادة فيجب أن تكون على نهج النبي عليه السلام ، لأن العبادات توقيفية ، لا اجتهادية ، كما سبق التنبيه على ذلك ، ولفت النظر إليه غير واحد من أهل العلم والفضل ، كإمام عصرنا الحاضر الشيخ الألباني الفاضل رحمه الله تعالى ، في بعض مناظراته ، وتلميذه البار شيخنا المفضال أبو أنس محمد بن موسى آل نصر حفظه الله تعالى .

قال تعالى في سورة الشورى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ... ) . يٌستفاد منها تلك القاعدة المذكورة وهي : (( أن العبادات توقيفية لا اجتهادية )) . فما أذن به الله من الدين ، فهو عبادة مقبولة ، وما لم يأذن به الله ، فهو بدعة مردودة .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي لفظ : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) متفق عليه ، واللفظ الثاني لمسلم فقط .

قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم : (( وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام ، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث : ( الأعمال بالنيات ) ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يٌراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب ، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ، ورسوله ، فهو مردود على عامله ، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ، ورسوله فليس من الدين في شيء )) .
وقال رحمه الله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس عليه أمرنا ) (( إشارة إلى أن أعمال العاملين كلّهم ، ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة ، وتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها ، بأمرها ونهيها ، فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشرع موافقاً لها فهو مقبول ، ومن كان خارجاً عن ذلك فهو مردود )) انتهى .

وفي خطبة الجمعة نقول كما هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ... الخ ) .
فمتابعة النبي عليه السلام أحد ركني العبادة المقبولة .
الباب الرابع صفحة (( 15 )) . ويليه الباب الخامس صفحة (( 18 )) .
من كتاب (( القواعد التأصيلية والأبواب الترشيدية في فقه الدعوة إلى رب البرية )) . تأليف شيخنا أبوالعباس مصطفى بن أحمد آل هلال حفظه الله تعالى .



--------------------------------------------------------------------------------------------------

باب البيان بأن الدعوة إلى الله إنما تكون إلى القرآن والسنة لا إلى القوانين الحزبية والمحدثات البدعية .

الله جل في علاه أمرنا باتباع القرآن ، والسنة ، وهما الدين كله ، فالدعوة إلى التمسك بهما ، هي التمسك بدين الله الحنيف المستقيم ، وهذا مقصد الداعي .

قال تعالى في سورة الأنعام : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) .
وقال تعالى في سورة الأعراف : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) .
وقال تعالى في سورة الحشر : ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .

وعن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحةٌٌ ، وعلى الأبواب ستورٌٌ مرخاةٌٌ ، وعلى باب الصراط داعٍ يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تعوجوا ( وفي رواية : ولا تتفرقوا ) وداعٍ يدعوا من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال : ويحك ، لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه فالصراط : الإسلام والستور : حدود الله ، والأبواب المفتحة : محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط : كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط : واعظ الله في قلب كل مسلم ) أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح والآجري في الشريعة واللفظ له ، وصححه الإمام الألباني في المشكاة .

ومن دعا إلى القوانين الحزبية والمحدثات البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فقد سلك سبيلاً من سبل الشيطان وتعد حدود الرحمان .
وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) . انتهى من كتاب القواعد التأصيلية والأبواب الترشيدية في فقه الدعوة إلى رب البرية .

أقول وبالله التوفيق :
أخي الفاضل وأختي الفاضلة : ينبغي أن يكون عزمك وهمتك أن تدعو الناس من الدنيا إلى الآخرة ، ومن الذنب إلى الطاعة ، وترك التعصب والحزبية ، واتباع منهج الشرع ، ورد قول الخلق ، وإرضاء رب الكون بالتمسك بكتابه واتباع نهج خير الخلق ، فبذلك تعود الأمة إلى ما كانت عليه - قروناً كثيراً - وحدةً واحدةً ، وروحاً واحداً ، وجسداً واحداً ؛ يلتقي فيها - بوعاء الحق - على صفاء النهج ، شرعيةً راسخةً ، لا ينكسر بابٌها ، ولا يٌخدش لبابها ، تناصحاً واعتصاماً ، وهذا يحتاج من الجميع تعاوناً حقيقياً ، وتكاتفاً شرعياً .
فهذا سبيل النجاة ، وطريق السعادة الدنيوية والأخروية - كتاب الله تعالى ، وسنة النبي الأمين عليه السلام ، ومنهج السلف الصالح والعلماء الموثوق بدينهم وعلمهم ، فيجب على الناس بعامة ، والدعاة بخاصة ، أن يعرفوا قدرهم ويلتزموا أمرهم ، بالحجة والبرهان .
وهكذا دعوة الخلق إلى الحق ، يجب أن تكون على طريق القرآن ، والسنة ، بفهم السلف الصالح ، والعلماء الربانيين العاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم المتبعين نهج سلفهم الصالح .

عصمنا الله وإياكم من الزلل ووفقنا لصالح العمل وهدانا بفضله سبيل الرشاد وطريق السداد إنه جل شأنه قريب مجيب .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبتوفيقه تتحقق الغايات .
 
أعلى