خواطر دعوية ( لماذا لا يخرج النور )

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
لماذا لا يخرج النور؟؟؟


الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد...

نظرت في المصباح فلم أجد النور يخرج منه , فتساءلت لماذا لا يخرج منك النور؟؟

تتبعت وصلاته حتى مصدر الكهرباء وبدأت أراجع لأرى من أين جاء الخلل الذي أدى إلى إنعدام النور , المصدر سليم والكهرباء موجودة , والوصلة سليمة ليس بها قطع إذا لابد من أن العيب في المصباح نفسه...

ثم وجدتني أتساءل عن حال المسلم لماذا لا يخرج منه النور , لماذا لا نرى النور في قلبه وعلى جوارحه , لماذا لا تنير تصرفاته ولا نرى إلا ظلام من عقيدة أو معاملة " إلا من رحم الله "

لابد أن هناك خلل في مكان ما..

أما المصدر فهو بلاشك لا عيب فيه , بل هو النور كله فإن كان المسلم يعبد الله تعالى ويتقرب إليه ويتصل به فإن الله تعالى وصف نفسه في كتابه العزيز بقوله تعالى ( الله نور السماوات والأرض )
وهذا الوصف الإلهي لا يعلم كنهه إلا الجبار جل وعلا ومع ذلك فإن إتصال المسلم به لابد من أن يملأ كيانه وفؤاده بالنور...


ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم يقينا هذه الحقيقة فكان إذا قام يصلي في جوف الليل ابتدأ بالدعاء ( اللّهُمّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السّمَاوَاتِ والأرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قيّامُ السّمَاواتِ والأَرْضِ. وَلَكَ الْحَمدُ أَنْتَ رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنّ، أَنْتَ الحَقّ، وَوَعْدُكَ الحَقّ، ولِقَاؤُكَ حَقّ، والْجَنةُ حَقّ، والنّارُ حَقّ، والسّاعَةُ حَقّ. اللّهُمّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فاغْفِرْ لِي مَا قَدّمْتُ وَما أَخّرْتُ وَما أَسْرَرْتُ ومَا أَعْلَنْتُ. أَنْكَ إِلهِي لا إلَهَ إلاّ أَنْتَ)

ولكن النبي صلى الله عليه اتصل بهذا النور على أفضل ما يكون حتى وصفه تعالى في كتابه (يا أيها النبي إن أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا )

فهو كالشمس المنير عليه أفضل الصلاة والسلام , ولكن المشكلة فينا نحن..

فالمصدر لا إشكال فيه ,إذا الوصلة والوصلة أيضا لا إشكال فيه
فإن أفضل وصلة أو وسيلة بين العبد وبين ربه هي الصلاة فهي عماد الدين ومن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين وهي خير ما يفعله الناس وهذه العبادة الجليلة قد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( الصلاة نور والصدقة برهان )


فالوصلة نور وإذا تقرب الإنسان إلى ربه بالقرآن الكريم الذي هو كلامه المعجز فإن القرآن الكريم أيضا نور قال تعالى( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ) فوصفه الله تعالى بأنه نور مبين..

وكل من تمسك بهذه الأنورار لابد أن ينجيه الله تعالى من فتن الدنيا إلى نور التوحيد قال تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور النور والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات )


ولما سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن النور الذي يعلو وجهه وهو آدم ( اسمر اللون ) قال نحن قوم خلونا بالله في ظلمات الليل فكسانا من جماله وجلاله.

المشكلة إذا صح القرب والإتصال في المصباح وهو القلب...

فالمصباح يعلوه الوسخ بسبب الذنوب ولا يعنى بتنظيفه بالتوبة والندم والإستغفار.

ويعلوه الوسخ بسبب الجهل والشبهات في الدين ولا يتعاهده صاحبه برفع الجهل عن نفسه بالعلم.

ويعلوه الوسخ بالشركيات والبدع ولا يعنى بتنظيفه بالإخلاص والإتباع.

أمور كثيرة تجعل خروج الضوء منه ممتنعا , ورؤية آىثاره على الجوارح بعيدة المنال.

ورحم الله القائل
إني بليت بأربع ما سلطت
إلا لأجل شقاوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى
كيف الخلاص وكلهم أعدائي
إبليس يسلك في طريق مهالكي،
والنفس تأمرني بكل بلائي،
وأرى الهوى تدعو إليه خواطري
في ظلمة الشبهات والآراء
وزخارف الدنيا تقول أما ترى
حسني وفخر ملابسي وبهائي




وعلى حسب جهد العبد المسلم في تعاهد قلبه يكون نوره في الدنيا والآخرة و فإذا كان الناس أكثرهم وقود للنار فإنك ترى بعضهم وهم الموحدين الصادقين المخلصين على غير هذه الهيئة , قال تعالى ( يوم ترى المؤمنين يسعى نورهم بين ايدهم وبأيمانهم )

فيسعى هذا النور الذي حصلوه في الدنيا فجعله الله تعالى يسعى بين أيديهم حتى المنافقين والمنافقات يقع في أنفسهم الحزن والسى العظيم من هذا المشهد فبعدما كانوا يسخرون من اهل الدين في الدنيا تراهم يوم القيامة على غير هذه الحالة قال تعالى ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) ولكن هيهات يخدعهم الله تعالى ( قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) فلا يجدون إلا العذاب بين أيديهم


ولما يتعجبون ويسألون عن سبب هذا التفريق العظيم والقسمة الهائلة بينهم وبين أهل الإيمان كما قال تعالى ( ينادونهم ألم نكن معكم ) يرد عليهم كما في قوله ( بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء وعد الله وغركم بالله الغرور ) فلا حول ولا قوة إلا بالله

فاللهم اجعلنا من أهل النور في الدنيا والآخرة ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا إنك انت العزيز الحكيم آمين يارب العالمين

وفي هذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين
 

cast^away

عضو ذهبي
جزاك الله خير الجزاء اخى الفاضل ابو عمر...كلامك درر...ربنا اغفر لنا ذنوبنا..واجعل من فوقنا نورا..ومن تحتنا نورا....ومن امامنا نورا ومن خلفنا نورا...وعن يميننا نورا وعن شمالنا نورا..
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
جزانا وإياكم وغفر الله لنا ولكم ولجميع المسلمين

مشكور على المرور
 
أعلى