عبد الله الهريسي
عضو فعال
الشيخ أحمد الحمود
الأجندة: "خروج الرئيس اليمني بداية سقوط الرئيس السوري من أجل الحرب على إيران"
لست مبالغا حين أقول أن التقدير والاحترام الذي يحظى به الشيخ أحمد الحمود لدى غالبية الشعب الكويتي يرجع لما يتميز به من شخصية تستحق الاحترام وأداء يثير التقدير والأعجاب. لذا فأن أنظار هذ الغالبية تلتفت إليه لاعتقادها أنه رجل المرحلة القادمة.
والشيخ أحمد الحمود يدرك أهمية هذه المرحلة التي يسعى من خلالها إلى تحقيق طموحاته الشخصية والسياسية، فما تمسك بوزارة الداخلية إلا من أجل تحقيق هذه الطموحات والتي تتعدا المنصب الوزاري. يساعده في ذلك أدائه المتميز في الوزارة يضاف إليه عدم وجود خلافات أو صراعات مؤثرة بينه وبين ابناء الأسرة الحاكمة والشخصيات النافذة في البلد. إلى أن تركيزه على الشأن الأمني والسياسي في البلد دون الشأن الخارجي يضعفه امام خصوصه السياسيين ويؤثر على تحقيق طموحاته، فأن الشأن الداخلي يساعده في تثبيت مكانته بالوزارة ويؤدي إلى زيادة قبوله لدى الشارع الكويتي، إلا أن الجانب الخارجي يوفر له قبولا دوليا لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تعترض طريقه من أجل تحقيق طموحاته التي يرنوا إليها. ونظرا لأهمية الأحداث الإقليمية في المرحلة الحالية التي فرضت نفسها على دول المنطقة، لذا يعد الاهتمام بها أولى من الاهتمام بالشأن المحلي للدول على رغم من أهميته لمن أراد أن يكون له مكانا في المستقبل.
فثورات الربيع العربي أدت إلى تسارع الأحداث في المنطقة، فقد أسقطت الثورات العربية أنظمة عربية كما تتساقط حبات العقد الواحدة تلوا الأخرى، فمن تونس إلى مصر وليبيا وآخرها سقوط الرئيس اليمني بعد توقيعه على "الوثيقة الخليجية". وقد تستمر الحبات بالتساقط حتى لا تبق حبة في العقد.
لذا فإن الأنظمة العربية تواجه خطرا حقيقا لا تعرف محركه ولكن ترى حراكا يهدد بقاء انظمتها واستقرارها، من أجل هذا تسعى هذه الأنظمة بكل ما تملكه من إمكانيات وطاقات لمواجهة هذا الخطر. ولا يتوقف خوف هذه الأنظمة من سقوط أنظمتها فحسب، بل يمتد هذا الخوف إلى تبعيات هذا السقوط من ملاحقات ومحاكمات قد تصل إلى القضاء عليها جسديا وماليا.
وفي ظل هذا الحراك الدائر في المنطقة العربية والذي ادى إلى تهاوي بعض هذه الأنظمة وزعزعت البعض الآخر وتخبطه، تمكنت إيران من بسط نفوذها على بعض الدول العربية والتغلغل إلى مراكز القيادة السياسية والاقتصادية في دول أخرى.
ومن هذا نجد أن الأنظمة العربية تواجه معضلتنا، أولهما في الثورات العربية التي قد لا ينجو منها نظاما عربيا. والمعضلة الثانية هي الخطر الإيراني على دول المنطقة والمتمثل بالسلاح النووي الإيراني والرغبات التوسعية لها في المنطقة. ويرجع السبب الحقيقي لهذه المعضلتين أن كل من أطراف الصراع لا يثق بالآخر، فالشعوب العربية لا تثق بأنظمتها، ولا الأنظمة العربية تثق في إيران، فالأزمة في حقيقتها أزمة ثقة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.
إلا ان معظم الأنظمة العربية وحلفائها بدأت في ترتيب أوراقها للعمل من أجل مواجهة إيران وليس لأجل تحقيق تطلعات شعوبها، لاعتقادها بان الخطر الحقيقي الذي يهدد كيانها وشعوبها في هذه المرحلة ويجب التصدي له هي إيران. لذا فأن منطلقات ألية عمل هذه الأنظمة منطلقات أمنية وعسكرية وليست سياسية واقتصادية. ورأس الحربة في تطبيق هذه الآلية هي المملكة العربية السعودية، فبعد ترتيب بيت الحكم في السعودية – إلى حد ما- من خلال تولي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز منصب ولي العهد، والذي يعطي للبعد الأمني أولوية عما سواه، قامت المملكة بتطبيق تلك الأجندة المتمثلة بتأمين حدودها وخصوصا الجنوبية منها من أجل التوجه إلى اسقاط حلفاء إيران في سوريا لتهيئة المنطقة لإسقاط النظام الايراني.
ويعتبر خروج الرئيس اليمني من السلطة بداية تطبيق هذه الأجندة من أجل الوصول إلى اسقاط الرئيس السوري حليف إيران الرئيسي والذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط، إلا أنه قبل سقوط النظام السوري لابد من ترتيب الأوضاع السياسية الداخلية – إلى حد ما – في البحرين والكويت، ففي البحرين ستكون هناك اصلاحات ترتكز على الاصلاحيات السياسية و التي من أهمها خروج رئيس الوزراء البحريني من السلطة مع إعطاء صلاحيات سياسية أكبر تقترب من صلاحيات الدستور الكويتي. أما فيما يخص الكويت سيتم إعادة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي من خلال الالتزام بالعمل بالدستور التزاما قانونيا مع خروج رئيس الوزراء الكويتي ورئيس مجلس الأمة من الحياة السياسية. ويتم تنفيذ هذه الأجندة إما من خلال الضغط السياسي المباشر أو من خلال أبناء الأسرة الحاكمة للبلدين أو باستخدامهما معا. وما قبول ملك البحرين بقرار لجنة تقصي الحقائق وتعهده بتنفيذ توصياتها، والزيارة المتوقعة للأمير نايف للكويت إلا يدخل في إطار هذه الأجندة.
ومن نافلة القول أن نشير إلى أن الأحداث في مصر الحالية ستؤدي بلا شك إلى خروج المشير حسين الطنطاوي من السلطة، إلا أن هذا قد لا يكفي ثوار مصر فقد تؤدي ارتفاع وتير الأحداث إلى تسليم المجلس العسكري للسلطة بفترة أقرب مما يتوقعه الجميع، لأن استقرار مصر ضرورة ملحة من أجل تنفيذ هذه الأجندة. كما سنلاحظ دعما ماليا كبيرا لمصر من قبل الدولة الخليجية خصوصا من السعودية. وهذا يعني قبول أمريكيا والسعودية بتقديم تنازلات مهمة لثوار مصر.
أما فيما يخص الشأن العراقي، نجد أن أقرب السيناريوهات للتحقق فما تؤول له الأوضاع فيه، هو سعي أطراف الصراع في المنطقة إلى إبقاء السلطة الحاكمة فيه هشة ضعيفة، فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها يهدفون إلى تحجيم تأثير العراق على الدول المحيطة به، بينما نجد إيران وحلفائها يسعون إلى السيطرة عليه من أجل استغلاله كمنطقة دفاعية متقدمة لإيران لمواجهة أي تهديد محتمل لها. ومن خلال هذا الصراع سيصبح العراق في الفترة القادمة أقرب ما يكون إلى منطقة عبور القوافل حتى تدنوا ساعة الحسم، وبوادر هذه الساعة هو حدوث تشققات كبيرة في السلطة الحاكمة بالعراق وقد يواكبها اغتيالات سياسية ودينية في العراق. فأطراف الصراع في المنطقة متفقون على ضعف السلطة العراقية إلا أنهما يختلفون في الهدف من ذلك.
وفيما يخص روسيا، فدخولها في منظمة التجارة العالمية بعد موافقة أمريكيا على ذلك يعتبر بداية تخليها عن النظام السوري، كما أنها ستعوض بصفقات عسكرية يقوم بشرائها دول الخليج والجزائر وليبيا. وفيما يخص الصين فأن المتابع لسياستها الخارجية يجد أن النظام السوري لا يمثل لها أهمية قصوى. بينما نجد أن اسرائيل خلال هذه المرحلة ستلتزم بسياسة ضبط النفس وستكتفي بالدعم الاستخباراتي لأمريكيا وحلفائها.
المحصلة:
أن على الشيخ أحمد الحمود الاستفادة من الأجندة التي يتم تطبيقها الآن والمرتكزة على الجانب العسكري والأمني والتي بدأ تنفيذها بخروج الرئيس اليمني من السلطة ولن تتوقف حتى يسقط النظام الايراني أن أراد يكون له دور في المستقبل.