جامعة جابر و"فصل" الهيئة

بعد اقرار مجلس الأمة قانون انشاء جامعة الشيخ جابر رحمه الله للعلوم التطبيقية تباينت الآراء بين متفائل فرح بالقانون، وبين متشائم حزن عن ما سيؤوله هذا القانون. ومن خلال دراستي الجامعية في البكالوريوس الهندسة في الولايات المتحدة، كانت الجامعة الوحدة تقدم مجالين من التخصص الأول يسمى بكالوريوس علم الهندسة "science"، وبكالوريوس الهندسة "technology" التكنولوجية أو التطبيقية. وكلاهما يطبقان برنامج الأربع سنوات دراسية، ويتشابهون في كثير من المواد في السنوات الأولى. ولكن في آخر سنتين تقريبا يتركز علم الهندسة في المجالات النظرية والتصميمية، ويتركز الهندسة التكنولوجية في التطبيقات المختبرية والعملية.

وعادة يكون الطلبة ذووا المعدلات العالية في الثانوية العامة يتم قبولهم في مجال علم الهندسة لما يتطلب الكثير من المهارات العلمية والذهنية في الرياضيات وغيرها من المواد العلمية. وفوق كل هذا فإن سوق العمل هناك هو الذي يفرض على الطالب في تحديد مجاله العلمي لما يحققه هذا السوق من تنافس وطلب نوعي كما يخلق التطور المستمر في التعليم في هذه الدول المتقدمة.

وبعد هذه المقدمة الطويلة نوعا ما، أجد أن قرار انشاء جامعة جابر التطبيقية أمرا ضروريا كون أنها يفترض أن تتناسب مع الخطة التنموية. بمعنى أن توفر الدولة سواء بالقطاع العام أو الخاص مجالات تقنية تناسب هذه التخصصات حتى تستفيد منهم ومن عملهم وهذا لا يتم إلا أن يقوم ديوان الخدمة المدنية باعتماد تخصص مهندس تكنولوجي تكون له معايير مناسبة له.

والشق الأهم في هذه الجامعة بما يتمثل في نقطة الخلاف الأساسية من هذا القانون وهو الذل يتعلق بالمادة الرابعة منه والتي تنص على " تتكون الجامعة من الكليات التطبيقية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في تاريخ العمل بهذا القانون، وأي كيانات أخرى تدعو الحاجة الى انشائها، ويكون إنشاء الكليات المانحة لدرجة البكالوريوس ودمجها والغائها بمرسوم بناء على توصية مجلس الجامعة" وهذه المادة تقلل من أهمية الهدف الأساسي التي أنشئت له هذه الجامعة والذي يعتبر أساسا لخلق بيئة تعليمية إضافية للبلد لتخلق فرص وظيفية جديدة لتعيين كفاءات علمية مؤهلة لا تقل أهمية من كفاءات الجامعة الحالية كما تخلق فرص تعليمية إضافية للطلبة، لأن في حالة فصل الكليات التطبيقية فإن الذي تم انجازه فقط هو استحداث مسمى لا غير، ويعتبر في اعتقادي "لا طبنا ولا غدا الشر".

وأيضا هذه المادة أراها، كوني عضو هيئة تدريب، تتنافى مع المادة الثانية من قانون انشاء الهيئة والذي ينص "غرض الهيئة هو توفير القوى العامة الوطنية بما يكفل مواجهة القصور في القوى العاملة الفنية الوطنية وتلبية احتياجات التنمية في البلاد. فكيف يتم الغاء الكليات التكنولوجية في الهيئة ذات السنتين والنصف، وتحويلها لنظام البكالوريوس التطبيقي والغاء فئات من الكوادر الفنية التي تحتاجها سوق العمل بشكل مستمر والذين يفترض أن يكونوا صف ثاني يكملون الأشخاص الذين سيتخرجون من جامعة جابر.

أتمنى من الأخوة أعضاء البرلمان التروي لهذا القرار ووضع مصلحة مستقبل البلد بين أعينهم والترفع عن ضغوطات المصالح والدفع قدما للإضافة للبلد وليس فقط اللجوء للحلول الترقيعية التي سئمنا منها. وكما نتمنى من الحكومة اللجوء في تحسين مواد القانون وحث الديوان على تطوير مسمياته بما يناسب تقدم العلوم والمجالات المهنية.
 
أعلى