الرياضة لعب وأخلاق

q8wiseguy

عضو جديد
الرياضة لعب وأخلاق​


تعتبر الرياضة أحد الروافد الأساسية لتنمية الشباب بدنيا وذهنيا وغرس القيم و المبادئ الأخلاقية ، كما أنها تعمل على تهذيب النفس من خلال التعود على الصبر وشحذ الإرادة وتطويع الرغبات من أجل بلوغ الهدف المنشود والتتويج بالنتائج المرجوة في ظل التنافس المستمر الذي يحتم تطوير الذات من الجانبين الذهني والبدني .
وفي حقيقة الأمر أن موضوع الرياضة وإعداد النشء قد حاد عن جادته في الأندية الكويتية ككل ، إذ أن هناك تجاهلا شبه كامل للتطوير الجانبين المعنوي والأخلاقي واقتصار الألعاب الرياضية على جانب التطوير البدني وخوض المنافسات وذك يخضع أيضا لمستويات واعتبارات متفاوتة .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل المواثيق الرياضية تتضمن بنود و مواد تحث على غرس الأخلاق وتطوير الجوانب الأخلاقية المجتمعية والرياضية على حد سواء من أجل إيجاد جيل شاب واعي ويتمتع بأخلاق وروح رياضية عالية ، إلا أنه بجولة سريعة في ما تفرده الصحف الرياضية من ممارسات وأخلاقيات وسلوكيات على مستويات متباينة وفي ألعاب رياضية مختلفة يجعل الصورة جلية إزاء الوضع الذي نحن نعانيه .
كل ما تقدم يوضح لنا الحاجة الملحة التي يجب على الجهات المعنية على رأسها الهيئة العامة للشباب والرياضة ومجالس إدارات الاتحادات الأندية الرياضية أن تضعها ضمن خطتها وهو البعد الأخلاقي والسلوكي في الألعاب الرياضية ، إذ يتعين عليها أن تطلب برنامجا لتطوير الألعاب الرياضية من الجوانب النفسية والأخلاقية ، كما يفترض من الهيئة والاتحادات ومجالس إدارات الأندية تحديد برامج مصاحبة للفعاليات الرياضية يتضمن الندوات والدورات في شان أخلاقيات اللعبة وسبل تطويرها ، كما يجب أن تكون تلك البرامج ومدى تقيد اللاعبون فيها أحد أدوات تقييم اللاعب والمفاضلة بينهم .
لاشك أن التقهقر الذي أصاب الرياضة الكويتية ككل ليس سوى دليل على الفساد والتقهقر الذي يعتري مؤسسات الدولة كافة ، ولكن ذلك ليس سببا للوقوف موقف المتفرجين على تردي أوضاع الرياضة الكويتية ، ويمكن في هذا الصدد ملاحظة أنه على الرغم من إنشاء العديد من المؤسسات الرياضية وإصدار بعض القوانين الرامية إلى تطوير الوضع الرياضي إلا أن الرياضة في مجملها في تراجع مستمر .
ومرد ذلك إلى أسباب عدة من بينها تراجع الوازع الأخلاقي ، فعلى سبيل المثال أن السير على الطريق بصورة مثالية نتيجة لقناعة ذاتية يعتبر مثالا للأخلاق الحميدة ، أما حين تنصاع للأوامر والإرشادات فهو أمر حميد ولكن الطامة الكبرى إذا ما ضربتها عرض الحائط ، لذا منذ العهد الغابر قال افلاطون انه مهما علا شأن المسؤول ونفوذه إذا لم يتحلى بالأخلاق فهو لا يستحق منصبه .
أما بالنسبة للانصياع للأوامر و الإرشادات وهي في الرياضة اللوائح والقوانين المنظمة لشأن من شؤون الرياضة ، وفي هذا الجانب نواجه مشاكل عدة من أبرزها تخلف التشريعات الرياضية و طمس هذه القوانين واللوائح لغاية في نفس القائمين على الشؤون الرياضية وعدم اكتمال الأرضية التشريعية وتشابك الصلاحيات وتناقض الرؤى بين مؤسسات الدولة .
وليس لنا يد في الجانب الأخلاقي لدى المسؤولين عن الرياضة فهي حصاد لسنوات طويلة من التربية وغرس القيم ، والأمر هنا سيقتصر على اختيار من هو أفضل من هذه الناحية ، ولكن كلنا نعلم ما هي الاعتبارات والحسابات التي نضعها أمامنا حين الاختيار ، فلا يعتقد الكثير من أعضاء الأندية أنهم لم يساهموا ولو بقدر يسير في هذه المعضلة .
أما من ناحية اللوائح والنظم التي تنسق شؤون الألعاب الرياضية فهي متخلفة عن مواكبة تطورات الرياضة الحديثة كما أنها مشتتة بين قوانين ولوائح عدة إذ لا توجد مرجعية قانونية واحدة للرجوع إليها ، كما أن هناك طمسا واضحا للوائح التي تنظم بعض الألعاب بل أنه من شبه المستحيل الاطلاع عليها حتى من الجهة المعنية .
الهيئة العامة للشباب والرياضة تركت الحبل على الغارب في الوقت الذي الرياضة الكويتية بأمس الحاجة إلى جهة رقابية محايدة للفصل في النزاعات بين الاتحادات والأندية واللاعبين ، فيكفي أن نقول إن بعد صدور القانون رقم 49 لسنة 2005 في شأن تنظيم الاحتراف في المجال الرياضي والتعميم رقم 117 بشأن تطورات الأندية إزاء شروط و قواعد انتقال اللاعبين في عهد الرئيس السابق الشيخ فهد جابر الأحمد الصباح والأمور تراوح مكانها وليس هناك أي لائحة أو نظام لتنسيق هذه المسألة المهمة والجوهرية وكأن الموضوع يتطلب خمس سنوات لتقييم الاحتراف الجزئي والانتقال إلى الاحتراف الكلي كما لو انه ليس هناك تجارب يمكن الاستفادة منها لإرساء الموضوع بشكل متكامل وسريع وكذلك الاختلاف بشأن مصادر تمويل المؤسسات التابعة للقانون والجهات الخاضعة له والتلاعب الذي لحق إقرار ميزانية الاحتراف وكل ذلك غيض من فيض في ما يتعلق بالقوانين الرياضية .
وتجسد المشاكل التي تواجه تطبيق القوانين الرياضية كقانون تنظيم الاحتراف ولائحة التفرغ الرياضي واستكمال المنشآت الرياضية وزيادة الدعم المالي للأندية القصور في البنية التشريعية و عدم المهنية للقائمين عليها وكذلك غياب الرؤية الواضحة والمتكاملة حين اتخاذها .
وفي الغالب كان الصراع إزاء هذه القوانين هو نزاع مصالح يحول دون الغاية الاجتماعية النبيلة التي تصبوا إليها تلك القوانين ، و لا أعلم من تفتق ذهنه عن أننا في الكويت يجب أن نسلك الطريق من بدايته على الرغم من أن الدول الأخرى قطعت مئات الأميال في هذا الاتجاه ، وكان حريا أن نأتي بأفضل النماذج و أكثرها تطورا لنطبقها في الكويت ، ودائما هناك فرصة للتعديل والإضافة والإلغاء كما هو الحال الآن ولكننا في الوقت الراهن أكثر تخلفا .
في الحقيقة لدي بعض التساؤلات ولعل الأخوة أصحاب الخبرة يزيدوننا معرفة واطلاعا في هذا الشأن فعلى سبيل المثال لماذا يكون مصير اللاعب الهاوي الاحتكار حين التوقيع على طلب الانضمام لأي من الأندية ؟ ولماذا يلغى دوره كطرف ثان في الاتفاق ويكون عليه انتظار قرار مجلس الإدارة لكي يحدد مصيره ومستقبله الرياضي؟ ولماذا لا تطلب الجهة المعنية تجديد طلب الانضمام كل عامين بموافقة الطرفين ؟ ولماذا لا يعتبر اللاعب الهاوي حرا بعد بلوغه سن 18 عاما ويحدد ما إذا يريد الاستمرار مع النادي أم لا ؟ وهناك العديد من التساؤلات التي تخطر في بال الشخص والجواب في السؤال التالي لماذا هذا العناء ؟ إذ انه بدلا من يعمل النادي على كسب ولاء اللاعب وتهيئة الظروف والحوافز لاستمراره يكفي أن يضع قيد إداري أو قانوني فالأمر من هذه الزاوية هين .
 
أعلى