العين في اللغة والشعر

يمك دروبي

عضو بلاتيني
العين في اللغة والشعر


حرف العين هو رقم 18 في الأبجدية العربية.
ولما أراد الخليل بن أحمد أن يضع «كتاب العين»، وهو أقدم المعاجم العربية، وجد حرف العين أقصى الحروف في الحلق وأدخلها, فجعل أول الكتاب العين.
والعين أداة البصر عند الإنسان، وهي العضو الوحيد الذي يؤهله لكي يدرك جميع الفنون الجميلة من رسم ونحت ورقص وما إلى ذلك ما عدا فناً واحداً هو الموسيقى التي تدرك بالأذن، والشعر هو الفن الوحيد الذي يدرك بالعين وبالأذن، بحيث تقرأه أو تسمعه. والعين تدل على سمة الوجه ونفسية المرء إذا كان حزيناً أم فرحاً أم خائفاً وإذا كان ساخطاً أم راضياً، فهي التي تعبّر عن مكنونات النفس.
والعين تدفق بالجمال وبالسحر والعاطفة، فهي مرآة الروح.والعين كذلك هي نبع الماء.

والعين تدل على الإعجاب. فإذا أعجبت بشيء تقول: يا عيني! وإذا شئت أن تلبّي طلباً لعزيز قلت له: على عيني.

والعين في الأمثال كذلك، تقول: «العين لا تعلو على الحاجب». وتقول: «العين لا تقاوم المخرز».

وتقول: «العين بصيرة واليد قصيرة». ويخزي العين. وهناك العين الشريرة و«صيبة العين». ويقال احمرّت عينه أي أنه غاضب وينوي الشر.

والعين: الراصد والمراقب والجاسوس. والذهب العين. أي الصافي. وعين الفعل الحرف الوسط في الفعل الثلاثي.

والمطر العين: إذا كان من ناحية القِبلة.

وعين الشمس شعاعها. ودفع عيناً: أي نقداً. والعين: الدينار. والعين في الميزان: الميل أي أن ترجح إحدى كفتيه على الأخرى.

وعين كل شيء: خياره. والعين: حقيقة الشيء. والعين: الربا.

ويقال: قرير العين ويا قرّة عيني. القرّ عكس الحر أي البارد. اللغة العربية نشأت في الصحراء حيث الحر الشديد. فأصبحت البرودة الشيء المطلوب والمرغوب، لو نشأت في البلاد الاسكندنافية لما كانت البرودة هي الشيء المستحب لأنهم يرغبون في الدفء وليس في البرد. فقرير العين تعني أن عينه باردة أي أنها لا تدمع، فالدمع ساخن، فهي تعني أنه مرتاح ومسرور.

وأصبح أثراً بعد عين، أي لم يبق منه أي أثر. ويقال: خمرة كعين الديك أي شديدة الصفاء.

العين في الشعر

حظيت العين في الشعر العربي في قديمه وحديثه بنصيب وافر من الاهتمام. فنادراً ما وجد شاعر عربي لم يتغزّل بعيني حبيبته. والشاعر شبّه العين بالسيف وبالسهم وبالنرجس. وشبّه جمال عين المرأة وسوادها بعين الريم والظبي والبقر الوحشي لاتساع عينيها، وبعيون المَها.

وفيما يلي أبيات مختارة من الشعر العربي قديمه وحديثه في وصف جمال العين والتغزّل بها:

قال جرير:

إن العيونَ التي في طرفها حَورٌ
قتلننا ثم لم يحيينَ قتلانا
يَصرعْنَ عن ذا اللبِ حتى لا حراكَ به
وهنَّ أضعفُ خلقِ اللهِ إنساناَ

ومن شعر عمر بن أبي ربيعة:

إذا جئتَ فامنحْ طرفَ عينك غيرنا
لكي يحسبوا أن الهوى حيثُ تنظرُ

وقال المتنبي:

لعينيكِ ما يلقى الفؤادُ وما لقي
وللحبِ ما لم يبقَ مني وما بقي
وما كنتُ ممن يدخلُ العشقُ قلبَه
ولكن من يُبصر جفونكِ يعشقِ

قال الوأواء الدمشقي الأندلسي:

فأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ
ورداً وعضتْ على العتابِ بالبَرَدِ

شبّه الشاعر العين بزهرة النرجس.

وقال أحد الشعراء:

ومن عجبٍ أني أحنُّ إليهمُ
وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها
ويشتاقهم قلبي وهم من بين أضلعي

وقال شاعر آخر:

إن العيونَ النُجلَ أمضى موقعاً
من كل هنديّ وكل يماني
فضلُ العيونِ على السيوف بأنها
قتَّلت ولم تخرج من الأجفانِ

وقال الشريف الرضيّ:

وعدٌ لعينيكً عندي ما وفيتُ به
يا طالما كذّبتْ عينيَّ عيناك
أنتِ النعيمُ لقلبي والعذابُ له
فما أمرَّكِ في قلبي وأحلاكِ

وأما ليلى العامرية فقد قالت:

كلانا مُظهرٌ للناسِ بغضاً
وكلٌّ عندَ صاحبه مكينُ
وأسرارُ المَلاحظِ ليس تخفى
إذا نطقت بما تُخفي العيونُ

وقال علي بن الجَهم:

عيونُ المها بين الرصافةِ والجسرِ
جلبنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري

وقال شاعرٌ أخر:

وإذا التقينا والعيونُ روامقٌ
صمتَ الفؤادُ وطرفها يتكلمُ
تشكو، فأفهم ما تقول بطرفها
ويردّ طرفي مثلَ ذاك فتفهمُ

وقال بشّار بن بُردْ وكان أعمى:

يا قومُ أُذني لبعضِ الحيّ عاشقةٌ
والأذنُ تعشقُ قبلَ العينِ أحياناً
قالوا: بمن لا ترى تَهذي؟ فقلتُ لهم:
الأذنُ كالعينِ، توفي القلب ما كانا

وقالت الشاعرة طيف البغدادية:

هل في زيارةِ صَبٍ عاشقٍ دَنفٍ
أجرٌ؟ فقالت ودمُع العين يستبقُ
لولا الوشاةُ، وأن الخوف يقلقني
لهانَ ذاك وعلَّ الأمرَ يتفقُ

وقال الشاعر:

بكيتُ على الشبابِ بدمعِ عيني
فلم يُغنِ البكاءُ ولا النحيبُ
فيا أسفاً أسفت على الشبابِ
نعاهُ الشيبُ والرأسُ الخَضيبُ
عريتُ من الشبابِ وكان غضاً
كما يعرى من الورقِ القضيبُ
فيا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً
فأخبره بما صنعَ المشيبُ

وقال غيره:

إذا نظرت طرفي تكلمَ طرفُها
وجاوبها طرفي ونحن سكوتُ
فكم نَظرةٍ منها تخبّرُ بالرضا
وأخرى لها نفسي تكادُ تموتُ

وقيل:

ومجلسِ لذةٍ لم تقوَ فيه
علي شكوى ولا غدرِ الذنوبِ
فلما لم نطق فيه كلاماً
تكلمتِ العيونُ عن القلوب

وقال شاعر:

بين السيوفِ وعينهِ مُشاكله
من أجلها قيل للأغمادِ أجفانُ

وقال شاعر آخر:

يا ربُّ إن العيونَ السودَ قاتلتي
وأن عشيقها مازال مقتولاً
إني تعشقتها عمداً على خطرٍ
ليقضي اللهُ أمراً كان مفعولا

وقال شاعر:

أشارت بطرفِ العين خِيفَة أهلها
إشارةَ محزونٍ ولم تتكلمِ
فأيقنتُ أن الطرفَ قد قال مرحباً
وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيّمِ

وقال أحمد شوقي:

وتعطلتْ لغةُ الكلامِ وخاطبتْ
عينيَّ في لغةِ الهوى عيناكِ

وقال الأخطل الصغير:

هاتها من يدِ الرضا
جرعةً تبعثُ الجفونْ
كيفَ يشكو من الظما
من له هذه العيونْ

وقال نزار قباني:

عيناكِ كنهري أحزانِ
نهريْ موسيقى حملاني
لوراء, وراء الأزمانِ
أأقول أحبكِ يا قمري
آهٍ لو كا بإمكاني
فأنا لا أملكُ في الدنيا
إلا عينيكِ وأحزاني





ميشال خليل جحا
 

أم فواز

فـزّاعة
كلام جميل جدا عن ( العيون )
وانا اقرأ الموضوع .. تذكرت المثل اللي يقول ؛
اللي يشوفني بعين أشوفه بعيوني الثنتين :rolleyes:

شكرا @يمك دروبي على هذا الانتقاء الرائع ..
بس اعتقد مكانه في الشبكة الثقافية اذا ما كنت غلطانه :وردة:
 
أعلى