اسامة المعملي
عضو
أنا مع الدولة و لكن ....... عفوًا خليفة المسلمين(منقول)
عفوًا خليفة المسلمين
فكرة الخلافة الإسلامية فكرةٌ كبيرةٌ على عقولنا.. على تصوراتنا.. على مفاهيمنا.. على ثقافتنا.. على واقعنا..
نحن في القرن الواحد والعشرين، قرن قيام الدول على أساس المواطنة والجنس واعتبار الحدود الترابية وصنم الأسلاك الشائكة، وإلغاء الاعتبارات الدينية، وعلى وشك تقبًّل فكرة تقطيع أوصال العالم الإسلامي.. وأعتاب التخلص من بقايا آثار هوس الخلافة؛ فعدتَّها لنا خضراء جذعة !
كانت تأخذنا الدهشة –يا خليفة المسلمين- من مجرد تشريح جثة التاريخ، والقيام بعملية نبش ذاكرة الأيام للوقوف على أطلال الخلافة الراشدة؛ فكيف نقبلها واقعًا معاشًا ونحن كالقصعة التي تداعت عليها سائر الأمم ..؟!
كيف تفرض علينا خلافةً؛ ولا زلتَ في مرحلة الحبو السياسي، ولا تملك وعيًا سياسيًا ناضجًا، أو تجربةً واقعية ناجحة، أو مشروعًا إسلاميًا جادًا، أو دراسةً واقعيةً منطقيةً للمنظومة الدولية المعاصرة؟
يتسائل سروري ..!
كيف ستقيم خلافةً؛ ودولتُك لا تعترف بالأمم المتحدة، وتناصب إسرائيل العداء والحرب.. ولم تقم علاقات جيدة مع دول الجوار..؟!
وكيف ستقيم خلافةً: في عصرٍ نُساق فيه كالنعاج، والكلمة فيه للكفر العالمي، وتحكمنا منظومة دولية لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أخضعتها لنظامها وساستها بقانونها ؟!
ثم كيف تفرض نفسك علينا خليفةً: ولم نر مراسم نصب الخليفة في قنوات الإعلام، ولا قَسَم الخليفة الدستوري، ولا طقوس تسلُّم مقاليد الحكم؛ بله ولا اسم ولا رسم خليفتنا المعاصر..؟!
وهكذا؛ سيقول خصوم إعلان الخلافة المعاصرة الكثير، وسينشرون الشبهات، ويثيرون الشغب في كل مجمع وحفل..
سيقولون: إنه مرض الوهم والخيال المثالي، والتشبع بما لم يُعط ..
سيقولون: إنه افتئاتٌ على الأمة وعلمائها وقادتها ومفكريها، واغتصابٌ لحقِّ من أبرز حقوقها..
سيقولون: إنه إعلانٌ سابقٌ لأوانه واستعجالٌ لوقته؛ من حيث لم تتوفر مقومات وشروط الخلافة التي تخاطب السحابة فتدرّ عليه بالخراج ..!
وسيقولون الكثير الكثير .. وربما رمى بعض المهزومين نفسيًا وفكريًا دعاة تقبُّل الخلافة المعاصرة بالجنون والسفه؛ تمامًا كما استعظم المنافقون الأوائل فكرة قيام الخلافة وتحطيم حضارتي كسرى والروم، والحال أن الواحد منهم يتهكّم بأنه لا يقدر أن يقضي حاجته في ظل حصارٍ محليِّ، والخليفةُ يعدهم كنوز الدول العظمى المتحكِّمة برقاب العالم في ذلك العصر: كسرى وقيصر..!
والحقُّ أنه لم يحفظ لنا التاريخ خليفةً واحدًا من خلفاء المسلمين اجتمعت عليه كلمة المسلمين كافة دون اعتراضات واختلافات وإبداء معارضة؛ بما فيهم بعض الخلفاء الراشدين: كعثمان – رضي الله عنه- في أواخر خلافته، وعليِّ رضي الله عنه، وحتى الصِّدِّيق –رضي الله عنه- امتنع عليِّ بن أبي طالب من بيعته في الشُّهور الستَّة الأولى من خِلافته، وسعد بن عبادة والصِّدِّيق هو هو؛ فكيف ستجتمع الأمة - مع ما أصابها من وهنٍ، وغزوٍ فكريِّ، وخطابٍ سلطاني، وانفتاحٍ فوضويٍّ على ثقافة المناوئين لنظام الخلافة، وركونٍ إلى الدنيا، وزهدٍ بالخلافة ومقاصدها وأعباءها وتكاليفها ومشاقها- على خليفةٍ، أو حتى مجرد قبول فكرة الخلافة ؟!
لذلك انعقد الإجماع على عدم اعتبار الاجتماع على الخليفة كشرط لصحة إمامته، قال الجويني في الغياثي: (مما يقطع به: أن الإجماع ليس شرطًا في عقد الإمامة بالإجماع) اهـ. ويعلل الجويني عدم الاشتراط، فيقول: (الغرض من نصب الإمام حفظ الحوزة والاهتمام بمهمات الإسلام، ومعظم الأمور الخطيرة لا تقبل الريث والمكث، ولو أخر النظر فيه لجر ذلك خللاً لا يتلافى، وخبلاً متفاقماً لا يستدرك، فاستبان من وضع الإمامة استحالة اشتراط الإجماع في عقدها).اهـ [الغياثي: 67– 68]. ويشهد لكلام الجويني ما جاء في خطبة عمر –رضي الله عنه- عندما قال: (كانت بيعة أبي بكر فلتة، ولكن الله وقى المسلمين شرها) [رواه البخاري وغيره]. يعني أن بيعة أبي بكر تمت في لحظة، وقد كان يمكن أن تحدث في تلك اللحظة أمور عظيمة، لكن الله سلم.
ويقول ابن حزم رحمه الله: (أما من قال: إن الإمامة لا تصح إلا بعقد فضلاء الأمة في أقطار البلاد فباطل، لأنه من تكليف ما لا يطاق وما ليس في الوسع وما هو أعظم الحرج، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقال تعالى: {وما جعل عليكم في الدِّيْن من حرج} [الحج: 78]... ولا بد من ضياع أمور المسلمين قبل أن يجمع جزء من مائة جزء من فضلاء أهل هذه البلاد، فبطل هذا القول الفاسد، مع أنه لو كان ممكناً لما لزم، لأنه دعوى بلا برهان) اهـ. [الفصل في الملل والأهواء والنحل: 3/84].
أبو معاذ الأنصاري 2/9/1435عفوًا خليفة المسلمين
فكرة الخلافة الإسلامية فكرةٌ كبيرةٌ على عقولنا.. على تصوراتنا.. على مفاهيمنا.. على ثقافتنا.. على واقعنا..
نحن في القرن الواحد والعشرين، قرن قيام الدول على أساس المواطنة والجنس واعتبار الحدود الترابية وصنم الأسلاك الشائكة، وإلغاء الاعتبارات الدينية، وعلى وشك تقبًّل فكرة تقطيع أوصال العالم الإسلامي.. وأعتاب التخلص من بقايا آثار هوس الخلافة؛ فعدتَّها لنا خضراء جذعة !
كانت تأخذنا الدهشة –يا خليفة المسلمين- من مجرد تشريح جثة التاريخ، والقيام بعملية نبش ذاكرة الأيام للوقوف على أطلال الخلافة الراشدة؛ فكيف نقبلها واقعًا معاشًا ونحن كالقصعة التي تداعت عليها سائر الأمم ..؟!
كيف تفرض علينا خلافةً؛ ولا زلتَ في مرحلة الحبو السياسي، ولا تملك وعيًا سياسيًا ناضجًا، أو تجربةً واقعية ناجحة، أو مشروعًا إسلاميًا جادًا، أو دراسةً واقعيةً منطقيةً للمنظومة الدولية المعاصرة؟
يتسائل سروري ..!
كيف ستقيم خلافةً؛ ودولتُك لا تعترف بالأمم المتحدة، وتناصب إسرائيل العداء والحرب.. ولم تقم علاقات جيدة مع دول الجوار..؟!
وكيف ستقيم خلافةً: في عصرٍ نُساق فيه كالنعاج، والكلمة فيه للكفر العالمي، وتحكمنا منظومة دولية لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أخضعتها لنظامها وساستها بقانونها ؟!
ثم كيف تفرض نفسك علينا خليفةً: ولم نر مراسم نصب الخليفة في قنوات الإعلام، ولا قَسَم الخليفة الدستوري، ولا طقوس تسلُّم مقاليد الحكم؛ بله ولا اسم ولا رسم خليفتنا المعاصر..؟!
وهكذا؛ سيقول خصوم إعلان الخلافة المعاصرة الكثير، وسينشرون الشبهات، ويثيرون الشغب في كل مجمع وحفل..
سيقولون: إنه مرض الوهم والخيال المثالي، والتشبع بما لم يُعط ..
سيقولون: إنه افتئاتٌ على الأمة وعلمائها وقادتها ومفكريها، واغتصابٌ لحقِّ من أبرز حقوقها..
سيقولون: إنه إعلانٌ سابقٌ لأوانه واستعجالٌ لوقته؛ من حيث لم تتوفر مقومات وشروط الخلافة التي تخاطب السحابة فتدرّ عليه بالخراج ..!
وسيقولون الكثير الكثير .. وربما رمى بعض المهزومين نفسيًا وفكريًا دعاة تقبُّل الخلافة المعاصرة بالجنون والسفه؛ تمامًا كما استعظم المنافقون الأوائل فكرة قيام الخلافة وتحطيم حضارتي كسرى والروم، والحال أن الواحد منهم يتهكّم بأنه لا يقدر أن يقضي حاجته في ظل حصارٍ محليِّ، والخليفةُ يعدهم كنوز الدول العظمى المتحكِّمة برقاب العالم في ذلك العصر: كسرى وقيصر..!
والحقُّ أنه لم يحفظ لنا التاريخ خليفةً واحدًا من خلفاء المسلمين اجتمعت عليه كلمة المسلمين كافة دون اعتراضات واختلافات وإبداء معارضة؛ بما فيهم بعض الخلفاء الراشدين: كعثمان – رضي الله عنه- في أواخر خلافته، وعليِّ رضي الله عنه، وحتى الصِّدِّيق –رضي الله عنه- امتنع عليِّ بن أبي طالب من بيعته في الشُّهور الستَّة الأولى من خِلافته، وسعد بن عبادة والصِّدِّيق هو هو؛ فكيف ستجتمع الأمة - مع ما أصابها من وهنٍ، وغزوٍ فكريِّ، وخطابٍ سلطاني، وانفتاحٍ فوضويٍّ على ثقافة المناوئين لنظام الخلافة، وركونٍ إلى الدنيا، وزهدٍ بالخلافة ومقاصدها وأعباءها وتكاليفها ومشاقها- على خليفةٍ، أو حتى مجرد قبول فكرة الخلافة ؟!
لذلك انعقد الإجماع على عدم اعتبار الاجتماع على الخليفة كشرط لصحة إمامته، قال الجويني في الغياثي: (مما يقطع به: أن الإجماع ليس شرطًا في عقد الإمامة بالإجماع) اهـ. ويعلل الجويني عدم الاشتراط، فيقول: (الغرض من نصب الإمام حفظ الحوزة والاهتمام بمهمات الإسلام، ومعظم الأمور الخطيرة لا تقبل الريث والمكث، ولو أخر النظر فيه لجر ذلك خللاً لا يتلافى، وخبلاً متفاقماً لا يستدرك، فاستبان من وضع الإمامة استحالة اشتراط الإجماع في عقدها).اهـ [الغياثي: 67– 68]. ويشهد لكلام الجويني ما جاء في خطبة عمر –رضي الله عنه- عندما قال: (كانت بيعة أبي بكر فلتة، ولكن الله وقى المسلمين شرها) [رواه البخاري وغيره]. يعني أن بيعة أبي بكر تمت في لحظة، وقد كان يمكن أن تحدث في تلك اللحظة أمور عظيمة، لكن الله سلم.
ويقول ابن حزم رحمه الله: (أما من قال: إن الإمامة لا تصح إلا بعقد فضلاء الأمة في أقطار البلاد فباطل، لأنه من تكليف ما لا يطاق وما ليس في الوسع وما هو أعظم الحرج، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقال تعالى: {وما جعل عليكم في الدِّيْن من حرج} [الحج: 78]... ولا بد من ضياع أمور المسلمين قبل أن يجمع جزء من مائة جزء من فضلاء أهل هذه البلاد، فبطل هذا القول الفاسد، مع أنه لو كان ممكناً لما لزم، لأنه دعوى بلا برهان) اهـ. [الفصل في الملل والأهواء والنحل: 3/84].