أروع كتاب قرأته في حياتي (1)

ابني محمد عندما كان رضيعاً، سلك سلوكاً أضحكني بشدة، لدرجة أنني كدت أن أسقط أرضاً من فرط الضحك.. قدّمتْ له أمه ذات يوم قنّينة التغذية أو (Bottle feeding)، أو ما نسميها في السودان ب(البزّازة)، فألقم "البزّازة" فمه، وطفق يمصّ مصّة من الحليب، ثم ينزع "البزّازة" من فمه وينظر إلى كمية الحليب المتبقية في القنينة، ثم يلقم البزّازة فمه مرة أخرى ويمصّ مصة، ثم ينزعها ويراقب الحليب المتناقص.. فعل ذلك مراراً، ولسان حاله يعكس إحساس الحسرة والأسف على تناقص الحليب الذي كان يتجرّعه ويسيغه ويتلذذ بطعمه. أخبرت أخي بالقصة فضحك وقال لي: (هو دافع حاجة من جيبه؟! ما يشرب وخلاص.. ولمّا يخلص حيجيبو ليهو حليب تاني).

هذا هو بالضبط السلوك الذي سلكته وأنا أقرأ ذلك الكتاب الإستثنائي الممتع.. وهذا هو تحديداً الإحساس الذي انتابني وأحسسته.. فكلما قرأت صفحة من ذلك الكتاب، توقفت عن القراءة، وتفقّدت وتحسّست بقية الصفحات المتناقصة القليلة وأنا في غاية الحسرة والأسف على الكتاب الرائع الذي كدت أن أفرغ من قراءته.

هل تناولت يوماً طبقاً مكوناً من توليفة وأصناف مختلفة من اللحوم؟ لحم البقر ولحم الضان والكبدة والسمك ولحم الدجاج.. ماذا كان إحساسك عندئذ؟ لا بدّ أنك شعرت بالسعادة والرضا.. لسببين: أولاً لأن هناك شبه إجماع بين البشر بأن اللحوم البيضاء والحمراء تتمتع بمذاقات استثنائية. وثانياً لأنها تتمتع بقيم غذائية أعلى من بقية الماكولات. هذا بالضبط هو الشعور الذي انتابني عندما قرأت ذلك الكتاب.. فهو عبارة عن توليفة من التجارب الثرية، انتقاها الكاتب بذكاء شديد وعناية فائقة، وصاغها بأسلوب رصين وكلمات ومفردات جزلة جميلة فمنحتنا تلك المذاقات المختلفة، ووهبتنا تلك القيم والجرعات الثقافية والعلمية العالية. ومن يظن أن تشبيهي للكتاب باللحوم تشبيه مبتذل وسخيف، فإنني أقول إن الله تعالى وعد عباده الصالحين المتقين بأنهم سيأكلون في الجنة فواكه مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون.

هل تدري كيف تصنع النحلة عسلاً؟ تنزل على هذه الزهرة فتمتص بعضا من رحيقها، وتحط رحالها على زهرة أخرى فتنهل شيئا من رحيقها.. ثم تقوم في نهاية المطاف بمعالجة ذلك الرحيق وسكبه في الخلية عسلاً خالصاً سائغاً للشاربين.. هذا بالضبط ما فعله كاتب هذا الكتاب.. فقد قرأ كتباً متنوعة، في مجالات مختلفة، إطّلع فيها على تجارب ونظريات وأفكار متباينة لشخصيات مختلفة، فكانت النتيجة الحتمية هي أن أخرج لنا كتابا أشبه بالعسل.. عصارة وخلاصة تجارب الحكماء والفلاسفة والخبراء في شتى المجالات .

إذا كنت تظنّ أنك قرأت أجمل وأروع الكتب في مجال العلوم الإنسانية، ولم تقرأ هذا الكتاب، فاسمح لي بأن أقول لك أن متعتك في القراءة ناقصة، حتى تقتني هذا الكتاب وتقرأه. وأن كنت تحسب نفسك في زمرة المثقفين ولم تقرأ هذا الكتاب، فاعذرني إذا قلت لك إن ثقافتك لم ولن تكتمل إلا بعد قراءة هذا الكتاب. وإن كنت تعتقد أن مكتبتك الثقافية تضم وتحوى كتباً قيّمة من الوزن الثقيل، ولا تضم هذا الكتاب بين أرففها، فأقول لك إن مكتبتك تفتقر إذن إلى كتاب من الوزن الثقيل، وتحتاج إلى جوهرة ودرّة تزينها.. ألا وهي هذا الكتاب المميز.

هو باختصار أجمل كتاب قرأته في حياتي على الإطلاق، بعد كتاب الله وكتب الحديث والتفسير والسيرة، والكتب الإسلامية عموماً، ولا أكون مغالياً إن قلت أنني لن أقرأ أجمل ولا أشمل ولا أروع ولا أكثر ثقافة منه. هو كتاب مميز بكل المقاييس. عندما قرأت عنوان الكتاب لأول وهلة، احتقرته ونظرت له نظرة دونية.. وقلت لنفسي: كتاب عادي يطرح مشكلة عادية، مثله مثل الكثير من الكتب الموجودة في المكتبات، والتي تطرح مشكلات مشابهة ومماثلة لها، وما أكثرها. في نهاية المطاف قررت أن أشتريه، لأنني أعاني من هذه المشكلة التي يطرحها عنوان الكتاب.. لكنني عندما قرأته وجدته يتناول ويعالج الكثير من المشاكل، ويطرح الحلول لها بطريقة مدهشة ومثيرة، واكتشفت أن عنوان الكتاب لم يكن ملائماً، أو بصورة أدقّ، لم يصف بصورة دقيقة وواضحة محتوى الكتاب الدسم الرائع.

ولكي أؤكد لك – عزيزي القارئ - صحة زعمي، دعني استصحبك في تطواف سريع ونزهة قصيرة في روضة هذا الكتاب الغنّاء.

هل مررت يوماً بتجربة مريرة عندما فقدت عزيزاً وحبيباً لديك، ولم تعرف كيف تتحمل آلام وعذاب ذلك الفراق؟ هذا الكتاب سيدلك على كيفية تحمل الآلام عندما نفقد حبيباً وعزيزاً لديك.

هل أنت رجل أعمال أو مدير، وتريد وصفة سحرية تستطيع بواسطتها أن تحقق أرباحاً مالية، أو تتجنب خسارة مالية في شركتك أو مؤسستك؟ وهل تعاني من طريقة إدارة العمل وتواجه مشاكل كثيرة متعلقة بالإدارة؟ هذا الكتاب سيوفر لك الحلول لكل ذلك.

هل أنت مثقف.. تحب قراءة الكتب ذات الوزن الثقيل، من حيث المفردات الجزلة الرصينة والأفكار النيّرة العبقرية، وتحب قراءة أفكار وآراء الفلاسفة والحكماء المليئة بالحكم والمواعظ والعِبَر؟ أقول لك بكل ثقة بأنك ستجد في هذا الكتاب ما يشبع نهمتك ويطفئ ظمأك.

لا.. أنت لا تحب آراء وأفكار الفلاسفة المعقدة والجامدة، بل تحب قراءة القصص المسلية الممتعة والمضحكة.. أقول لك أنك ستقرأ في هذا الكتاب هذا النوع من القصص التي تحبها، وستضحك حتى تصاب بآلام في بطنك.

هل حدث أنك يوماً أسديت معروفاً لشخص ما، ثم تنكّر لك ذلك الشخص ولم يتعامل معك بصورة لائقة تليق بتعاملك الراقي معه؟ ستجد في هذا الكتاب قصصاً مماثلة تمنحك العزاء والسلوى وتطيّب خاطرك ونفسك وتهدّئ من روعك وثائرتك.

هل تبحثين عن طريقة تصطادين بها زوجاً، أو بالأحرى، بواسطتها تستطيعين أن تختاري الزوج المناسب، عندما يتقدم لخطبتك الكثير من الزواج؟ هذا الكتاب سيدلك على تجربة فتاة استطاعت أن تجذب الكثير من الخطّاب لخطبتها

في الجزء الثاني من هذا الموضوع سأفصح لكم بإذن الله عن ماهية وكُنه الكتاب، وسأحكي لكم قصة الفتاة التي اصطادت زوجاً بطريقة ذكية وشقية (كما وعدت القراء في الموضوع السابق)، وسأحكي لكم قصة أخرى من القصص الممتعة التي ذكرناها هنا بصورة مقتضبة.

تسعدني وتسرني متابعتكم

الكاتب الصحفي / أنور عبد المتعال سر الختم
 
حياك الله أخي الحبيب ابو سالم.. أحييك على شغفك بالقراءة وعلى حبك لها.. فالناس موتى.. وأهل العلم أحياء.. وأول خطوات العلم هي القراءة. نشرت الجزء الثاني من الموضوع..ونشرت فيه بعضا مما وعدت بنشره، لكنني لم أنشر كل المواضيع التي أشرت لها.. لكي لا أفرغ الكتاب من مضمونه ومحتواه، ولكي لا أفسد المتعة للقارئ، كما أشرت. عموما لو قرأت الجزء الثاني ستجد بعضا من وعدي.. أما لو اقتنيت وقرأت الكتاب فستستحوذ على المتعة كلها.. لك الشكر والتحية مجددا أبا سالم
 
أعلى