لا تبُحْ لزوجتك بأسرار يمكن أن: تثير شهيتها المالية، أو تثير غيرتها. انور عبد المتعال.
كم كنت ساذجاً عندما كنت أبوح بكل أسراري لزوجتي العزيزة!! أذكر ذات يوم - وبمبادرة مني.. ودون أن تسألني زوجتي، وبراءة الأطفال تبدو في عينيّ، أنني قلت لها: أخي قذافي أرسل لي مبلغاً من المال من السعودية. ماذا تظنون كان ردها؟ قالت لي: أعطني هذا المبلغ!! قد يظن أصحاب الفكر السطحي والتحليل العاطفي أن هذا الطلب هو طلب تعسفي أو عاطفي.. لكن في حقيقة الأمر فإن هذا الطلب –لعمري- يحفل بالكثير من الذكاء والدهاء. هل سمعتم يوماً ب(فن التفاوض) أو (فن المساومة)؟ هذا الطلب يتضمن الأثنين معاً في آن واحد. (تطلب جلّ الهدف، لتنال ثلثيه أو نصفه، على أسوأ الفروض). عندما سمعت طلب زوجتي المدهش، الذي ألجمني برهة، رجعت بذاكرتي القهقرى، ثم استدعيت مقولة صديقي (ع)، ثم أعملت فيها الفكر، وأمعنت فيها التأمل، ثم ابتسمت ابتسامة النصر وقلت لنفسي مردداً ذات الجملة، وبنفس الفرحة والنبرة الهستيرية الخاصة بأرخميدس: لقد وجدتها.. وجدتها!! لك التحية يا صديقي (ع)، أرخميدس زمانك، فأنت حقا خبير في سيكولوجية النساء بدرجة (عالم وفيلسوف). وبالرغم من قناعتي الراسخة بأن نظرية صديقي تتضمن الإثم بصورة أكبر من النفع، بسبب ما فيها من تحامل على الزوجة وإجحاف في حقها، إلا أنني أيضاً لا أنكر فوائدها، ويمكن أن نقيسها بالحكمة والقاعدة التي تقول: "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، إن جاز القياس. وبناء على هذا القياس، مستفيداً من نظرية صديقي، ومن التجربة واللدغة التي لُدغتُها من زوجتي سابقاً، قمت بتطبيق نظريته بصورة جزئية. والقصة هي أنني قبل فترة قمت بعقد صفقة تجارية صغيرة، ربحت من جرائها مبلغاً صغيراً من المال، لكنني تكتمت على الأمر ولم أخبر زوجتي بالموضوع البتة. ولا غرو أنه لم يحدث أي عجز في الميزان التجاري ولا في الميزانية، ولم يحدث كذلك خلل في ميزان المدفوعات الخاص ببيتي وأسرتي، بناء على تكتمي على تلك الصفقة. والسبب بسيط، وهو أن هذه الصفقة لم تكن مضمنة مسبقاً ضمن الايرادات الخاصة بالميزانية المقترحة ((Budget في بيتنا، لذلك لم تؤثر عليها سلباً أو ايجاباً.
صديقي العزيز الآخر، عاد يوماً من العمل فرحاً مسروراً، وبادر بالبوح لزوجته بسرّ وقال لها: اليوم تناولت وجبة دسمة في مطعم فخم بعد خروجي من العمل. قالت له بكل غضب وخيبة أمل: تأكل أنت وجبة دسمة في مطعم فخم، ونحن نأكل أكل البيت العادي؟! إذا كررتها مجدداً فأنا لا أعفو ولا أغفر لك هذه الفعلة. قبل سنة حللت ضيفاً على صديقي العزيز الكريم المدير المالي هاني ادريس في منزله العامر في أبوظبي.. خرجنا في مشوار، فدعاني هاني لتناول الغداء في أحد المطاعم الفخمة في أبوظبي، وكان نظام المطعم هو نظام البوفيه المفتوح (بطبيعة الحال عندما تكون: مدعواً في مطعم فخم بنظام البوفيه المفتوح، تتمنى أن يكون لك جهاز هضمي مثل جهاز الجرادة، تأكل بشراهة.. بلا هوادة.. وبلا توقف. تأكل طعامك، ثم تهضمه لحظياً، ثم تأكل مجدداً.. وهكذا دواليك). عندما عدنا إلى البيت قالت لنا والدة هاني، الأستاذة الفاضلة إكرام: تعالوا اتغدوا. قلنا لها: لا لا ما عايزين نتغدى، فقالت لنا بذكاء ملحوظ، ممزوج بعتاب مبطن لطيف، لا يخلو من خفة دم جلية: طبعاً.. مش متغدين برة.. عشان كده ما عايزين تاكلوا أكل البيت! بطبيعة الحال فإن عقلية الأم تختلف عن عقلية الزوجة في التعاطي والتعامل مع الأمور التي تهم الإبن/ الزوج. فالأم تحزن عندما يتناول ابنها طعامه في المطعم، لأنها تريد أن يأكل من يديها، وتخشى عليه من تناول طعام غير مضمون العواقب خارج البيت، بينما تحزن الزوجة من نفس الفعل، لأنها ترفض أن يستمتع زوجها بتناول طعام شهي في المطعم بمفرده، كما في قصة زوجة صديقي.. تتعدد الأسباب والحزن واحد!!
في الختام، لا أقول لك عزيزي الزوج كما قال صديقي (ع): لا تكلم زوجتك، ولكن أقول لك: لا تبُحْ لزوجتك بأسرار يمكن أن: تثير شهيتها المالية، أو تثير غيرتها. دعني أسدي لك نصيحتين، هي خلاصة هذا الموضوع:
أولاً: لا تقاطع زوجتك. لا تتجاهل ولا تلغي ضلع الحميمية في نظرية مثلث الحب، التي صاغها العالم الأمريكي روبرت ستيرنبرغ، في علاقتك معها(والحميمية حسب نظرية مثلث الحب هي الإحساس بالقرب, الترابط والاتصال. مثلا الشخص الذي تشاركه أسرارك وتكلمه عن أشياء خاصة بك هو شخص تربطك به علاقه حميمية.)، بل على العكس تماماً.. تجاذب معها أطراف الحديث.. عبر لها عن حبك.. أهدي لها باقة ورد.. قدم لها دعوة عشاء في مطعم فخم.. قل لها أنها ضمن قائمة أجمل عشر نساء في العالم. قم بعمل عصف ذهني مع زوجتك لتثري النقاش.. اطرح مواضيع علمية للنقاش.. كلمها في الأدب.. الدين.. الشعر.. الفلسفة.. كلمها عن كتاب قرأته.. وعن كتاب تتمنى هي قراءته.. كلمها عن المشاكل التي تواجهها، واسألها عن مشاكلها، ثم اكتفِ بهذا القدر.
ثانياً: لست مطالباً وملزماً بأن تقدم لزوجتك كشف حساب مفصل عن أرصدتك في البنوك، ولا عن صفقاتك التجارية الناجحة.. لا تبُحْ بأسرارك لزوجتك بصورة تلقائية وطوعية، لا سيما الخاصة بموقفك المالي. لا تحكي لها عن قائمة الدخل، ولا عن قائمة المركز المالي، ولا عن قائمة رأس المال، ولا عن قائمة التدفقات النقدية الخاصة بك. لماذا تفتح على نفسك –عزيزي الزوج- باباً للمسائلة والمحاسبة والابتزاز المالي؟! لماذا تجلب على نفسك عواقب وخيمة أنت في غنى عنها؟! لماذا تقص على زوجتك بأنك اليوم قد دعوت صديقك الحميم لتناول أشهى الوجبات في المطعم الفخم الذي أُفتتح مؤخراً، وأنك أصررت على سداد الفاتورة، وقمت بالفعل بذلك؟؟!! لماذا تروي لها قصة المكافئة المالية التي نلتها اليوم في الشركة؟! لماذا تحكي لزوجتك بأنك اليوم عندما ذهبت للبنك، قابلت مديرة الفرع، والتي اتضح أنها كانت زميلتك في الجامعة، وأنكما كنتما متفقان على الزواج، وأنكما تذكرتما بعضكما البعض مباشرة منذ الوهلة الأولى من اللقاء بعد عشرين عاماً من مغادرة الجامعة، وأنها قامت بدعوتك لشرب فنجان قهوة في مكتبها؟؟!!
الإمام الشافعي أدلى بدلوه في هذا الشأن.. وقدم وصفة سوسيولوجية استثنائية، صاغها ووضعها في قالب شعري جميل، ينصح فيها، ليس فقط بعدم إفشاء الأسرار للزوجة، بل أيضاً بعدم إفشاء الأسرار لكل الناس، على حد سواء، يقول فيها: اذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمق/ إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق.
كم كنت ساذجاً عندما كنت أبوح بكل أسراري لزوجتي العزيزة!! أذكر ذات يوم - وبمبادرة مني.. ودون أن تسألني زوجتي، وبراءة الأطفال تبدو في عينيّ، أنني قلت لها: أخي قذافي أرسل لي مبلغاً من المال من السعودية. ماذا تظنون كان ردها؟ قالت لي: أعطني هذا المبلغ!! قد يظن أصحاب الفكر السطحي والتحليل العاطفي أن هذا الطلب هو طلب تعسفي أو عاطفي.. لكن في حقيقة الأمر فإن هذا الطلب –لعمري- يحفل بالكثير من الذكاء والدهاء. هل سمعتم يوماً ب(فن التفاوض) أو (فن المساومة)؟ هذا الطلب يتضمن الأثنين معاً في آن واحد. (تطلب جلّ الهدف، لتنال ثلثيه أو نصفه، على أسوأ الفروض). عندما سمعت طلب زوجتي المدهش، الذي ألجمني برهة، رجعت بذاكرتي القهقرى، ثم استدعيت مقولة صديقي (ع)، ثم أعملت فيها الفكر، وأمعنت فيها التأمل، ثم ابتسمت ابتسامة النصر وقلت لنفسي مردداً ذات الجملة، وبنفس الفرحة والنبرة الهستيرية الخاصة بأرخميدس: لقد وجدتها.. وجدتها!! لك التحية يا صديقي (ع)، أرخميدس زمانك، فأنت حقا خبير في سيكولوجية النساء بدرجة (عالم وفيلسوف). وبالرغم من قناعتي الراسخة بأن نظرية صديقي تتضمن الإثم بصورة أكبر من النفع، بسبب ما فيها من تحامل على الزوجة وإجحاف في حقها، إلا أنني أيضاً لا أنكر فوائدها، ويمكن أن نقيسها بالحكمة والقاعدة التي تقول: "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، إن جاز القياس. وبناء على هذا القياس، مستفيداً من نظرية صديقي، ومن التجربة واللدغة التي لُدغتُها من زوجتي سابقاً، قمت بتطبيق نظريته بصورة جزئية. والقصة هي أنني قبل فترة قمت بعقد صفقة تجارية صغيرة، ربحت من جرائها مبلغاً صغيراً من المال، لكنني تكتمت على الأمر ولم أخبر زوجتي بالموضوع البتة. ولا غرو أنه لم يحدث أي عجز في الميزان التجاري ولا في الميزانية، ولم يحدث كذلك خلل في ميزان المدفوعات الخاص ببيتي وأسرتي، بناء على تكتمي على تلك الصفقة. والسبب بسيط، وهو أن هذه الصفقة لم تكن مضمنة مسبقاً ضمن الايرادات الخاصة بالميزانية المقترحة ((Budget في بيتنا، لذلك لم تؤثر عليها سلباً أو ايجاباً.
صديقي العزيز الآخر، عاد يوماً من العمل فرحاً مسروراً، وبادر بالبوح لزوجته بسرّ وقال لها: اليوم تناولت وجبة دسمة في مطعم فخم بعد خروجي من العمل. قالت له بكل غضب وخيبة أمل: تأكل أنت وجبة دسمة في مطعم فخم، ونحن نأكل أكل البيت العادي؟! إذا كررتها مجدداً فأنا لا أعفو ولا أغفر لك هذه الفعلة. قبل سنة حللت ضيفاً على صديقي العزيز الكريم المدير المالي هاني ادريس في منزله العامر في أبوظبي.. خرجنا في مشوار، فدعاني هاني لتناول الغداء في أحد المطاعم الفخمة في أبوظبي، وكان نظام المطعم هو نظام البوفيه المفتوح (بطبيعة الحال عندما تكون: مدعواً في مطعم فخم بنظام البوفيه المفتوح، تتمنى أن يكون لك جهاز هضمي مثل جهاز الجرادة، تأكل بشراهة.. بلا هوادة.. وبلا توقف. تأكل طعامك، ثم تهضمه لحظياً، ثم تأكل مجدداً.. وهكذا دواليك). عندما عدنا إلى البيت قالت لنا والدة هاني، الأستاذة الفاضلة إكرام: تعالوا اتغدوا. قلنا لها: لا لا ما عايزين نتغدى، فقالت لنا بذكاء ملحوظ، ممزوج بعتاب مبطن لطيف، لا يخلو من خفة دم جلية: طبعاً.. مش متغدين برة.. عشان كده ما عايزين تاكلوا أكل البيت! بطبيعة الحال فإن عقلية الأم تختلف عن عقلية الزوجة في التعاطي والتعامل مع الأمور التي تهم الإبن/ الزوج. فالأم تحزن عندما يتناول ابنها طعامه في المطعم، لأنها تريد أن يأكل من يديها، وتخشى عليه من تناول طعام غير مضمون العواقب خارج البيت، بينما تحزن الزوجة من نفس الفعل، لأنها ترفض أن يستمتع زوجها بتناول طعام شهي في المطعم بمفرده، كما في قصة زوجة صديقي.. تتعدد الأسباب والحزن واحد!!
في الختام، لا أقول لك عزيزي الزوج كما قال صديقي (ع): لا تكلم زوجتك، ولكن أقول لك: لا تبُحْ لزوجتك بأسرار يمكن أن: تثير شهيتها المالية، أو تثير غيرتها. دعني أسدي لك نصيحتين، هي خلاصة هذا الموضوع:
أولاً: لا تقاطع زوجتك. لا تتجاهل ولا تلغي ضلع الحميمية في نظرية مثلث الحب، التي صاغها العالم الأمريكي روبرت ستيرنبرغ، في علاقتك معها(والحميمية حسب نظرية مثلث الحب هي الإحساس بالقرب, الترابط والاتصال. مثلا الشخص الذي تشاركه أسرارك وتكلمه عن أشياء خاصة بك هو شخص تربطك به علاقه حميمية.)، بل على العكس تماماً.. تجاذب معها أطراف الحديث.. عبر لها عن حبك.. أهدي لها باقة ورد.. قدم لها دعوة عشاء في مطعم فخم.. قل لها أنها ضمن قائمة أجمل عشر نساء في العالم. قم بعمل عصف ذهني مع زوجتك لتثري النقاش.. اطرح مواضيع علمية للنقاش.. كلمها في الأدب.. الدين.. الشعر.. الفلسفة.. كلمها عن كتاب قرأته.. وعن كتاب تتمنى هي قراءته.. كلمها عن المشاكل التي تواجهها، واسألها عن مشاكلها، ثم اكتفِ بهذا القدر.
ثانياً: لست مطالباً وملزماً بأن تقدم لزوجتك كشف حساب مفصل عن أرصدتك في البنوك، ولا عن صفقاتك التجارية الناجحة.. لا تبُحْ بأسرارك لزوجتك بصورة تلقائية وطوعية، لا سيما الخاصة بموقفك المالي. لا تحكي لها عن قائمة الدخل، ولا عن قائمة المركز المالي، ولا عن قائمة رأس المال، ولا عن قائمة التدفقات النقدية الخاصة بك. لماذا تفتح على نفسك –عزيزي الزوج- باباً للمسائلة والمحاسبة والابتزاز المالي؟! لماذا تجلب على نفسك عواقب وخيمة أنت في غنى عنها؟! لماذا تقص على زوجتك بأنك اليوم قد دعوت صديقك الحميم لتناول أشهى الوجبات في المطعم الفخم الذي أُفتتح مؤخراً، وأنك أصررت على سداد الفاتورة، وقمت بالفعل بذلك؟؟!! لماذا تروي لها قصة المكافئة المالية التي نلتها اليوم في الشركة؟! لماذا تحكي لزوجتك بأنك اليوم عندما ذهبت للبنك، قابلت مديرة الفرع، والتي اتضح أنها كانت زميلتك في الجامعة، وأنكما كنتما متفقان على الزواج، وأنكما تذكرتما بعضكما البعض مباشرة منذ الوهلة الأولى من اللقاء بعد عشرين عاماً من مغادرة الجامعة، وأنها قامت بدعوتك لشرب فنجان قهوة في مكتبها؟؟!!
الإمام الشافعي أدلى بدلوه في هذا الشأن.. وقدم وصفة سوسيولوجية استثنائية، صاغها ووضعها في قالب شعري جميل، ينصح فيها، ليس فقط بعدم إفشاء الأسرار للزوجة، بل أيضاً بعدم إفشاء الأسرار لكل الناس، على حد سواء، يقول فيها: اذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمق/ إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق.