سلسلة تيسير العلم الشرعي ( شروط الحديث الصحيح )

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
تمهيد



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين ثم أما بعد...


فهذه أول مشاركة في موضوع شروط الحديث الصحيح , وقد نويت - والله تعالى ييسر لنا - أن أجعلها في ستة مشاركات بحيث تكون الأولى هي تمهيد للمادة ثم تكون كل مشاركة باقية في شرط من شروط صحة الحديث الخمسة.


وفي الحقيقة علم الحديث علم ضخم جدا , وعلماء الحديث خاصة لهم منة في أعناق المسلمين جميعا لا يوفيهم حقهم على ما بذلوا من مجهود إلا رب العالمين يوم القيامة.

فلولا علم الحديث وما قعدوه من قواعد راسخة لقبول الرواية لقال من شاء ما شاء.

فعلم الحديث خادم وجميع العلوم الأخرى مخدومة , ومن هنا يظهر شرف هذا العلم فكل العلوم تحتاج إلى هذا العلم.


والأحاديث أو الروايات بوجه عام تتكون من شقان إسناد ومتن.

أما الإسناد فهو سلسلة الرجال وأما المتن فهو الكلام .
على سبيل المثال يقول البخاري حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ- انتهى

فالسند هو سلسلة الرجال وله طرف علوي وطرف سفلي
أما العلوي فيبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم علقمة بن وقاص الليثي رحمه الله ثم محمد بن إبراهيم التيمي رحمه الله ثم يحيى بن سعيد الأنصاري رحمه الله ثم سفيان بن عيينة رحمه الله ثم الحميدي رحمه الله شيخ البخاري ثم الإمام البخاري جبل الحفظ وإمام الدنيا في علم الحديث رحمهم الله جميعا.

هذا جميعا يسمى الإسناد وفيه شروط يأتي بيانها إن شاء الله تعالى, ثم المتن وهو الكلام - وفيه أيضا شروط يأتي بيانها إن شاء الله - فيبدأ من قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال ... )

وكلما قل عدد الرجال بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلما اقترب الراوي من الضوء و ولذلك كان أهل العلم يحبون العلو أي في الإسناد حتى قال يحيى بن معين رحمه الله وهو في مرض الموت ( بيت خالي وإسناد عالي )

أهمية الأسانيد

الأسانيد لها أهمية عظمى في العلوم الشرعية كافة
فكم من أقوال نسبت لابن عباس وعن الصحابة مكذوبة عليهم

وحتى الكتب المصنفة فأحد طرق إثبات النسب لصاحبها هو النظر في الأسانيد.وكم من كتب نفي صلاتها بأصحابها مثل كتاب (الصلاة) و(الرد على الزنادقة) قال الذهبي أن الكتابان موضوعان على الإمام أحمد.
ومثل كتاب ( الحيدة )لعبد العزيز بن يحيي الكناني قال الذهبي أحسبه موضوعا لأن في إسناده واحد متروك أو كذاب فتفرد بهذه الرواية.
فإذا خرج كتاب إلى الوجود فيفتش في كتب الفهارس وفي الإسناد.

فالأسانيد إذا هي صمام الأمان للرواية , فلا تقبل رواية رواها مجهول أو قطع السند عنها فلا نعلم من دخل فيها ومن غير من ألفاظها وغير ذلك.


وليس هناك أحد معصوم من الخطأ أو الزلل أو النسيان أو الوهم من الناس جميعا إلا الرسول المُبلغ صلوات ربي وسلامه عليه , ولهذا كان يجب على المسلمين ان يحفظوا الروايات بألفاظها كما وردت وخرجت من فم المعصوم صلى الله عليه وسلم.

وإذا كانت عناية المسلمين في حفظ الألفاظ النبوية من الوهم أو التحريف الغير مقصود فكيف بمن يتعمد الكذب أو التدليس أو تبديل الألفاظ , ليغير من معالم الشريعة وأصول الديانة.

وبما أنه معلوم أن الألفاظ النبوية في مجال العبادات هي بمثابة الأحكام التشريعة فتغيير لفطة واحدة من الألفاظ النبوية كاف وقادر على تغيير الحكم الشرعي في ذلك.

وما دخل الخلط والخطأ في بعض كتب الفقه إلا عندما قل إعتناء بعض المصنفين للفقه بهذا العلم أي علم الحديث , فلربما كان يبذل جهدا كبيرا في الجمع بين الأقوال أو في التخصيص أو في النسخ ولا يدري أن رواية من التي بين يديه ضعيفة او ساقطة , وقد كان في مقدور هذا المصنف أن يريحنا من مجهود كبير في المطالعة إذا كان إعتناءه بعلم الحديث أكبر وإلمامه به أفضل.

بداية العناية بالأسانيد
وقد بدأ العناية بالإسناد عند الفتنة الكبرى وكما قال ابن عباس رضى الله عنهما قال إذا قال واحد قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم فكانت تمتد إليه أعناقنا وآذاننا فلما وقعت الفتنة قلنا سموا لنا رجالكم.

لقد سمع الزهري ابن أبي فروة يحدث بغير الأسانيد فقال :قاتلك الله يا أبا فروة تحدثنا بأحاديث لا خطام لها ولا أزمة.
ولذلك قال ابن المبارك : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
فكم تعبوا في التفتيش عن أحوال الرواة وكم تعبوا في التفتيش عن أحوال الرواة...


خاتمة
الإنسان لا ينجو إلا بالعلم الشرعي أما العبادة فإن أكثر أقدام العباد زلت بسبب قلة إعتناءهم بالعلم الشرعي.

وينبغي على طالب العلم أن يجرد النية لله تعالى , وأن يعلم أن كل ما يعلمه من علوم الشريعة لرفع الجهل أو الخطأ عن نفسه ثم عن غيره إن إستطاع ذلك.

وليعلم طالب العلم أن العلم الشرعي لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك , فهو كالضيف العزيز الكريم إذا أحس بأنك تنشغل عنه ولا تعطيه الإهتمام المطلوب له انصرف عنك.

وهذا العلم من علوم الأصول والتي يسميها بعض العلماء بعلوم الآلات , وهي من العلوم التي تحتاج إلى ملكة خاصة تختلف من إنسان لآخر , فإذا دخل المسلم في العلوم الشرعية وأراد الزيادة والتفقه علم من نفسه بعد معرفته للحد الأدنى في كل العلم , أقول علم من نفسه ملكة معينة ظاهرة في نفسه , بمعنى أنه قد يميل إلى الحديث أو الفقه أو التفسير أو العقيدة أو غير ذلك من العلوم الشرعية , يجد أنه يفهم أسرارها ويفقه دقائقها فيزداد فيها تعلما وقراءة وجمعا.

وليعلم أيضا طالب العلم أن العلم يحمل على كثير من الكبر ولا ينجيه إلا الإخلاص لله تعالى , فكل الناس تحب أو توصف بالعلم ولا توصف بالجهل أبدا...
كما قال على رضي الله عنه : كفي بالعلم شرفا أن يدعيه من ليس بأهله وكفى بالجهل عارا أن يتبرأ منه من هو فيه.
فالإنسان إذا لم يتق الله عز وجل لتاه على الخلق به.
ولذلك قال الشافعي بعدما بعد صيته وترك الشعر برغم تمكنه فيه.

فلولا الشعر بالعلماء يزُري لكنت اليوم أشعر من لبيد
ولولا خشية الرحمن ربي ظننت الناس كُلَهُمُ عبيدي

وهذا من سلطان العلم وتمكنه فيه.
والإخلاص يرحمك من كل ذلك

ومن بركات الإخلاص أنك تخضع لمن يعلمك ولو كان من دونك.
وعلماءنا ضربوا أفضل مثل في هذا الباب (باب الخضوع لما لا يعلمون إذا علموا) وذلك مثل ما رواه البيهقي في سننه أن عبد الله ابن وهب قال سمعت مالكا يفتي الناس أنه ليس عليهم تخليل البراجم في الوضوء فقلت كيف تفتي بذلك وفيه عندنا سنة فروى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي كان يخلل بين الأصابع فقال الإمام هذا حديث حسن وما سمعت به إلا الساعة. وقال ابن وهب ورأيته بعد ذلك يسأل فيفتي بذلك.
وابن وهب من تلاميذ الإمام مالك , فتأمل رحمك الله كيف يغير الشيخ مذهبه لما علم صحة الرواية عن خلاف ما كان يفتي من تلميذه.

وقال الشافعي:ما من أحد إلا و تعزب عنه سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اشتهر عنه أنه قال للإمام أحمد : يا أحمد أنتم أعلم بالحديث منا فإذا كان عندك الحديث فأعلمني حتى أقول به كوفيا كان أم بصريا أم حجازيا
وقال الذهبي : ولم يقل مصريا لأن الشافعي كان أعلم بأحاديث أهل مصر من أحمد.
وهذا يدل على أن العلماء كانوا يعترفون بالعجز ولا يعترف بالعجز إلا بالمخلص.

وقال العلماء ليس الثقة الذي لا يخطئ ولكن الثقة هو الذي يخطئ فيبين.

وقال ابن معين : أنا لست أعجب من الذي يخطئ وإنما أعجب من الذي لا يخطئ – يشير إلى أنه ليس موجود.
فلئن يرفل الرجل في ثياب الجهل خير له من أن يعلم شيئا يحاجه به الله يوم القيامة ويكبه على وجه في النار.وأما حسن التوجه وحسن الدرك فيكون ذلك بمعرفة قصدك.


والحمد لله رب العالمين


يتبع إن شاء الله مع أول شرط من شروط الحديث الصحيح
 
الأخ الفاضل / أبو عمر !!

شكراً لك على هذا الموضوع الجيد !!

ونتمنى ألا تتوقف هذه السلسلة العلمية على شروط الحديث الصحيح !!
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الأخ الفاضل / أبو عمر !!

شكراً لك على هذا الموضوع الجيد !!

ونتمنى ألا تتوقف هذه السلسلة العلمية على شروط الحديث الصحيح !!


إن شاء الله لا تتوقف أخي المتبحر عند هذا الحد , وأنتظر تعليقاتك ومشاركاتك ومراجعاتك


أخي المتبحر أبحر الله بك عملك الصالح إلى الجنة إن شاء الله تعالى
 

أبو المعز

عضو فعال
جزاك الله خيرا أبا عمر :إستحسان:

وفقك الله وجزاك بكل حرف أضعافا مضاعفة.

اللهم أصلح حال المسلمين يا رب و ثبتهم على دينك.
 

سعيد

عضو ذهبي
بارك الله فيك أخي أبا عمر .....

مقدمة طيبة ما شاء الله ... شرح مرتب وواضح ...

ولأنني طالب نجيب فأحببت أن أستفسر عن بعض كلامك وفقك الله :

السؤال الأول :قولك : "وكلما قل عدد الرجال بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلما اقترب الراوي من الضوء "

ما قصدك أخي باقتراب الراوي من الضوء ؟

السؤال الثاني :قولك :"قال يحيى بن معين رحمه الله وهو في مرض الموت ( بيت خالي وإسناد عالي )"

ماذا كان يعني يحيى بن معين رحمه الله ب "بيت خالي"؟

السؤال الثالث:قولك :"الإنسان لا ينجو إلا بالعلم الشرعي أما العبادة فإن أكثر أقدام العباد زلت بسبب قلة إعتناءهم بالعلم الشرعي."

ألا يكفي أخي قليل من العلم لدخول الجنة والنجاة من النار خصوصا لمن لم ينالوا حظا من المؤهلات أو الفراغ ..فليس كل أحد يصلح أن يكون عالما أو طالب علم ،،قال تعالى :"فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم .."الآية ؟

وجزاك الله خيرا ...شيخنا

 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
جزاك الله خيرا أبا عمر :إستحسان:

وفقك الله وجزاك بكل حرف أضعافا مضاعفة.

اللهم أصلح حال المسلمين يا رب و ثبتهم على دينك.



آمين يارب العالمين


جزانا وإياكم الخير ووقفنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
بارك الله فيك أخي أبا عمر .....

مقدمة طيبة ما شاء الله ... شرح مرتب وواضح ...

ولأنني طالب نجيب فأحببت أن أستفسر عن بعض كلامك وفقك الله :

السؤال الأول :قولك : "وكلما قل عدد الرجال بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلما اقترب الراوي من الضوء "

ما قصدك أخي باقتراب الراوي من الضوء ؟

السؤال الثاني :قولك :"قال يحيى بن معين رحمه الله وهو في مرض الموت ( بيت خالي وإسناد عالي )"

ماذا كان يعني يحيى بن معين رحمه الله ب "بيت خالي"؟

السؤال الثالث:قولك :"الإنسان لا ينجو إلا بالعلم الشرعي أما العبادة فإن أكثر أقدام العباد زلت بسبب قلة إعتناءهم بالعلم الشرعي."

ألا يكفي أخي قليل من العلم لدخول الجنة والنجاة من النار خصوصا لمن لم ينالوا حظا من المؤهلات أو الفراغ ..فليس كل أحد يصلح أن يكون عالما أو طالب علم ،،قال تعالى :"فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم .."الآية ؟

وجزاك الله خيرا ...شيخنا


جزاكم الله خيرا أخي سعيد على كلامك الطيب وعلى حضورك ومراجعتك خلفي.


وبالنسبة لإستفسارك الأول : فإن الضوء المقصود به هو النبي صلى الله عليه وسلم , وكلما قل عدد الرواة كلما كان ذلك شرفا للراوي من جهة وكلما قوي ضبط السند من جهة أخرى.


وأما بخصوص إستفسارك الثاني : فإن لا أعلم تفسيرا معينا لقول يحيى بن معين رحمه الله من أحد من سادة العلم إلا ما فهمته من شرح الشيوخ حفظهم الله , وأظنه يقصد بيت خالي أي يخلو من شواغل الدنيا التي تمنع العالم من الإستفادة من كتبه ومن التصنيف والمراجعة.
فالإمام يحيى رحمه الله كان له قوة في الحفظ عالية جدا , وقد كان يحفظ الحاديث الضعيفة التي تختلط في أسانيدها بعض الأسماء المشابهة حتى ينبه عليها .
ومما رأيته من عادة عند الشيوخ المعاصرين وهو إتخاذ بيت آخر إن قدر على ذلك يجلس فيه للدراسة والتصنيف والمذاكرة بعيدا عن شواغل الدنيا , وكأن يحيى رحمه الله يتمنى بيتا خاليا من هموم الدنيا ليتفرغ فيه إلى الطلب.


وأما بالنسبة لإستفسارك الثالث : أقول نعم أخي الكريم ليس مطلوبا من الناس أن يصيروا علماء أو فقهاء او محدثين , ولكن مطلوب من الإنسان أن يحرص على العلم الشرعي في كل ما يحتاجه من أمور دنياه وأخراه.

بمعنى أن الإنسان لا يلزمه تعلم فقه البيوع والمعاملات المالية الشرعية وصحة العقود إلا أن يدخل في مشروع تجاري فيلزمه حينئذ ان يُلم ولو بأصول هذه المعاملات ويعلم حدود الشرع فيها وما يجوز من شروط وغير ذلك.

وهكذا في أمور الزواج فإنه طالما كان عازبا لا يأثم إذا لم يُلم بالحقوق الزوجية وحقوق الأبناء وغير ذلك إلا أن ينوي زواجا فيلزمه حينئذ تعلم وفقه هذه الحقوق , فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وهكذا في أمور التوحيد والعقيدة وما يلزمه من معرفة قدر في التفسير وما يحتاجه في الفقه وغير ذلك.


والعُبَّاد الذي أهملوا العلم الشرعي وظنوا أنهم بعبادتهم يسيرون على طريق صحيح ضل اكثرهم , لأنهم لا يفرقون مثلا بين حديث النفس ووسوسة الشيطان وفتح الرحمن , ولا يفرقون بين حدود الورع والمباح ولا بين المكروه والحرام , فكل مستحب عندهم فرض وكل مكروه عندهم حرام , وهم يشددون على الناس فكلما عرضت عليه مسالة قال نأخذ بالأحوط والأحوط لابد أن يكون الأشد بطبيعة الحال , فإذا استمر في منهجه هكذا تجده يتبنى الأحوط فالأحوط فالأحوط اي الأشد فالأشد فالأشد ولا يجد الناس في نهاية الحال الحنيفية السمحاء.

ولهذا فإن الإنسان لكي يسير إلى ربه سيرا سليما لابد أن يكون مجتهدا في أمرين العلم والعبادة قال تعالى (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[النحل/97]))[النحل/97] )

وتأمل الشرطان العمل الصالح أن العبادة وفيها شرطان والإيمان وهذا لا يكون إلا بعلم ...


وتذكر مثال العابد الذي قال لرجل عالم أنا أسجد سجدتين سهو في نهاية كل صلاة منذ أربعين سنة ووالله ما سهوت قط ولكني أفعلها إحترازا فرد عليه العالم أنت صلاتك باطلة منذ أربعين سنة.


وأرجو أن أكون قد وُفقت في بيان مرادي والله أعلى وأعلم


والحمد لله رب العالمين
 
الله يجزاك خير ويرحم والديك...
عن ابي هريره رضي الله عنه ،ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((يقول الله: اذا اراد عبدي ان يعمل سيئه، فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فان عملها ، فاكتبوها بمثلها، وان تركها من اجلي،فاكتبوها له حسنه ،واذا اراد ان يعمل حسنه ، فلم يعملها ،فاكتبوها له حسنه،فان عملها، فاكتبوها له بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف)) . اخرجه مسلم 131
ان شاء الله ان يجعلك ممن تضاعف لهم الى يوم الدين:إستحسان::إستحسان:
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الله يجزاك خير ويرحم والديك...
عن ابي هريره رضي الله عنه ،ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((يقول الله: اذا اراد عبدي ان يعمل سيئه، فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فان عملها ، فاكتبوها بمثلها، وان تركها من اجلي،فاكتبوها له حسنه ،واذا اراد ان يعمل حسنه ، فلم يعملها ،فاكتبوها له حسنه،فان عملها، فاكتبوها له بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف)) . اخرجه مسلم 131
ان شاء الله ان يجعلك ممن تضاعف لهم الى يوم الدين:إستحسان::إستحسان:


آمين لنا ولكم إن شاء الله رب العالمين


جزاك الله خيرا ورحم الله والدينا ووالديك.
 

وادي المسك

عضو بلاتيني
منذ بدأ الموضوع وأنا أقرأ بسعادة وشغف لايعلمها إلا الله ...

ليست سعادتى وشغفي لندرة مايقرأ أو لصعوبة الحصول عليه ...

بل لأني أرى زميلا عزيز على قلبي يسطر حروفا نورانيه مباركه أثرها لاينتهي مع قرائتها بل يستمر الي ما شاء الله ... وكذلك كأني أرى موقنا وداعيا بصدق أن يتحقق ما اشعر به أن زميلي لا يشرح اصول علم الحديث فحسب ..

بل أنه يبني جبال الحسنات لوجه رب كريم عفو رحيم أكرم وأرحم مما يتصوره عقل بشر ولعلها بإذن الله تكون في يوم نحتاج الي حرف نتعذر فيه أمام وجه مالك الملك جل وعلا فتخرج هذه الحروف والكلمات النيره في صحيفة اعماله فيرجح الكريم العفو بها بميزان حسانته ويرزقه الجنه بإذن الله تبارك وتعالي ...


لن أشكرك أخي ابو عمر فلقد أخترت لك شيئا غير اعظم من الشكر أرى أنك بكل جدارة تستحقه :)


الله يثبتك ويحفظك ويحميك ويزيدك علما فوق علم تنتفع به نفسك وينتفع به مجتمعك ومحيطك وكل مسلم ...

وتذكر دائما بأنك ما أنت الا طويلب ..فأنت بهذا الاسم والصفه ترتفع وتسموا أكثر من لو أطلقنا عليك عالم فالعلم لله ييسر له من يشاء وليس لبشر فضل فيه ...


طويلبي الغالي ... :)


ننتظر باقي الشروح بنفس قدر السعادة والشغف الذي تابعنا فيه ماكتبت ...:)

أجمل وأعذب التحيات :وردة:
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
منذ بدأ الموضوع وأنا أقرأ بسعادة وشغف لايعلمها إلا الله ...

ليست سعادتى وشغفي لندرة مايقرأ أو لصعوبة الحصول عليه ...

بل لأني أرى زميلا عزيز على قلبي يسطر حروفا نورانيه مباركه أثرها لاينتهي مع قرائتها بل يستمر الي ما شاء الله ... وكذلك كأني أرى موقنا وداعيا بصدق أن يتحقق ما اشعر به أن زميلي لا يشرح اصول علم الحديث فحسب ..

بل أنه يبني جبال الحسنات لوجه رب كريم عفو رحيم أكرم وأرحم مما يتصوره عقل بشر ولعلها بإذن الله تكون في يوم نحتاج الي حرف نتعذر فيه أمام وجه مالك الملك جل وعلا فتخرج هذه الحروف والكلمات النيره في صحيفة اعماله فيرجح الكريم العفو بها بميزان حسانته ويرزقه الجنه بإذن الله تبارك وتعالي ...


لن أشكرك أخي ابو عمر فلقد أخترت لك شيئا غير اعظم من الشكر أرى أنك بكل جدارة تستحقه :)


الله يثبتك ويحفظك ويحميك ويزيدك علما فوق علم تنتفع به نفسك وينتفع به مجتمعك ومحيطك وكل مسلم ...

وتذكر دائما بأنك ما أنت الا طويلب ..فأنت بهذا الاسم والصفه ترتفع وتسموا أكثر من لو أطلقنا عليك عالم فالعلم لله ييسر له من يشاء وليس لبشر فضل فيه ...


طويلبي الغالي ... :)


ننتظر باقي الشروح بنفس قدر السعادة والشغف الذي تابعنا فيه ماكتبت ...:)

أجمل وأعذب التحيات :وردة:


هكذا استنار الموضوع بدخول صاحب الأدب العذب والعسل المسال وادي المسك وحامله.


إن كان في الموضوع فائدة فإن الفضل لله تعالى ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم ثم لأهل العلم الذين شرحوا وفصلوا وبينوا وكتبوا ودونوا رحمهم الله جميعا أحيا وأمواتا.


وإن شاء الله ننتظر يوما بعد كل مشاركة حتى يتسنى لنا تقليب الموضوع ومناقشة أقوال أهل العلم والفضل ثم ننتقل إلى ما بعده.


وأخيرا جزاك الله خيرا يا أخي الكريم على دعاءك والذي أتعكز عليه وعلى دعاء إخواني في أثناء سيري في الدنيا فجزاك الله بمثله واكثر.


والحمد لله رب العالمين
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
شروط الحديث الصحيح وشرح الشرط الأول ( إتصال السند )


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين ثم أما بعد...


الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اثطفى ثم أما بعد...

أهل العلم لهم فضل وعلو على جميع الناس قال تعالى (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))[المجادلة/11]) , وإن كان لأهل العلم المنزلة الكبيرة في الدنيا والآخرة إلا أن أهل الحديث لهم فضيلة مميزة ألا وهو نضرة الحديث وهو أمر مشاهد في وجوه أهل الحديث ورواته والمشتغلين به من أهل العلم , فتجد أن وجوههم ناضرة وعليها سمت جميل مدهش , وهذه النضرة مستفادة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه )مشكاة المصابيح - (ج 1 / ص 49) , وفي لفظة عند الطبراني ( نضر الله وجه امرئ )

وسئل الإمام أحمد عن الطائفة المذكورة في الحديث عند مسلم - (ج 10 / ص 36)
( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ) قال إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم.

فليحتسب كل إنسان أجرا في قراءة مثل هذه الكلمات في علم إختص به أهل الإسلام عن غيرهم من الأمم.


شروط الحديث الصحيح :
هو ما أن ينقله الضابط العدل عن مثله إلى منتهاه بغير شذوذ ولا علة.

وإن كان سعينا في هذا السلسلة هو التيسير فسأحاول جهدي إن شاء الله تعالى أن أضع معالم هذه الشروط بطريقة مبسطة غير مخلة بالمعنى إن شاء الله تعالى والله المعين.


الشروط خمسة
إتصال السند
ضبط الرواة
عدالة الرواة
السلامة من الشذوذ
السلامة من العلة

فالشروط إذا ثلاثة في السند وشرطان في المتن , بمعنى أنه ينبغي على العالم أن يثبت ثلاثة شروط وينفي شرطان.



الشرط الأول
إتصال السند: والسند كما سبق هو سلسلة الرجال الناقلين للخبر , ومعنى إتصال السند أن كل راوي من رواته قد أخذه مباشرة أو حكما عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه
ومعنى مباشرة أي أن يتلقى الراوي عنه فيسمع منه أو يرى ويقول حدثني أو سمعت أو رأيت.
ومعنى أخذه حكما أن يروي عن من عاصره بلفظ يحتمل السماع أو الرؤية مثل قال فلان أو سمع فلان وهذا الأخير فيه خلاف بين العلماء , فهل يشترط مع المعاصرة ثبوت الملاقاة أو يكفي إمكانيتها على قولين الأول لمسلم أنه لا يشرط والقول الثاني للبخاري وهو الإشتراط ولو مرة واحدة.

فكأن كل راو أسند الكلام إلى شيخِه وشيخُه أسنده إلى شيخِه حتى يصل على مخرج الكلام.


ولنأخذ حديثا نجعله مثالا نتدرب عليه مثال ذلك حديث إنما الأعمال بالنيات


حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.انتهى


فالإسناد إذا كالآتي :
البخاري محمد بن إسماعيل رحمه الله يروي الحديث عن
الحميدي عبد الله بن الزبير شيخ البخاري وهو يرويه عن
سفيان بن عيينة شيخ الحميدي وهو يرويه عن
يحيى بن سعيد الأنصاري شيخ سفيان وهو يرويه عن
محمد بن إبراهيم التيمي شيخ يحيى وهو يرويه عن
علقمة بن وقاص الليثي وهو يرويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


هذا الإسناد لكي نثبت إتصاله أي ننفي إنقطاعه علينا أن ننفي كل وجوه الإنقطاع في السند وهي ستة أشياء ( التعليق, الإعضال, الإنقطاع, الإرسال , التدليس, الإرسال الخفي )

كل الأمور السابقة تقدح في السند فلابد من نفيها في الإسناد حتى يحكم بصحته.

1- الحديث المعلق ( التعليق )
التعليق هو أن يحذف من أول الإسناد راو أو اثنين أو ثلاثة أو كله ولكن بشرط التوالي

ففي مثالنا السابق مثل أن يقول البخاري مثلا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فهذا يكون حديث معلق لأن السند قد حذف من أوله أكثر من راو على التوالي.



2- الحديث المعضل ( الإعضال )
وهو ما سقط من إسناده راويان متواليان من أي مكان في السند
فهو يتفق مع المعضل في التوالي ويخالفه في عدم إشتراط أن يكون الحذف من أول الإسناد بل من أي مكان في الإسناد.
ولكن لو حذف من أول السند روايان على التوالي فيكون معلقا ومعضلا في نفس الوقت.

مثال أن يقول البخاري رحمه الله عن ( يحيى بن سعيد الأنصاري ) فهنا سقط راويان من أول الإسناد فيكون معضلا ومعلقا.
ولو قال البخاري حدثنا الحميدي عن محمد بن إبراهيم التيمي يكون في هذه الحالة معضلا فقط لأن الحذف لم يكن من أول الإسناد ولكن كان سقوط راويان على التوالي .


3- الحديث المنقطع ( الإنقطاع )
وهو ما سقط منه راو في أي مكان في السند .


4- الحديث المرسل ( الإرسال )
وهو الحديث الذي يقول فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , أي ان التابعي لا يذكر الصحابي الذي يروي عنه.
وبعض الناس يعبر عن المرسل بأنه ما سقط منه الصحابي وهذا خطأ لأن الجهالة بالصحابي لا تضر لأنهم كلهم عدول رضي الله عنهم جميعا.
ولكن التابعي قد يكون أخذ الحديث من تابعي آخر وهناك من التابعين من يروي بعضهم عن بعض.
ولكن مراسيل التابعين تختلف فإذا كان الراوي للحديث المرسل أحد من كبار التابعين كسعيد بن المسيب فإن حديثه يمضي لأن جل شيوخ سعيد بن المسيب رحمه الله من الصحابة , وأما لو روى الحديث المرسل أحد من صغار التابعين أو من كان له شيخ أو شيخان من الصحابة فهذا لا يمر إلا إذا عُلم الرواي الذي أخذ منه التابعي لأن الإحتمال الأكبر الغالب أن يكون قد أخذه من تابعي مثله وهكذا .


5- التدليس
التدليس مأخوذ من الدلس وهو إختلاط النور والظلام وهو على أنواع عدة:

تدليس الإسناد: وهو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه ما لم يسمع منه.
وهذا النوع من التدليس يكون بسبب حب العلو من الرواي الذي يسقط شيخ حتى يقترب أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم.
بمعنى أن هناك شيخا يروي الحديث لجماعة من الراوة مثلا وادي المسك وسعيد والفاروق وأبو المعز وأبو عمر .
والراوي أبو عمر يروي أحاديث عن هذا الشيخ مباشرة ولكن يأتي عليه ظرف يدفعه لكي يسافر مثلا وعندما يعود يسأل من هم في طبقته من الرواة كوادي المسك أو غيره عن الأحاديث التي القاها الشيخ عليهم أثناء السفر , فيأخذها من أحد اقرانه ولكن هذا يجهله ينزل درجة في الإسناد فبدلا من أن يكون هو الرواي مباشرة عن شيخه , ينزل درجة فيروي أبو عمر عن الفاروق مثلا ومن هنا يدفعه حب العلو في أن يسقط الفاروق أو قرينه في الطلب الذي أخذ عنه فيروي عن شيخه الذي سمع منه قبلا ما لم يسمعه.

وأبو عمر في هذه الحالة لا يستطيع أن يقول حدثني الشيخ بل تجده يقول عن الشيخ و فيروي الحديث بالعنعنة لأنه لا يستطيع الكذب.

أرجو أن تكون واضحة هذه المسألة


تدليس الشيوخ : وهو أن يعمد الراوي إلى شيخه فيكنيه بعدة كنى أو ألقاب حتى يعمي امره على المحدثين وذلك لأنه ربما يكون كذاب أو متروك
وذلك مثل محمد بن سالم الكلبي , فإذا أراد أن يحدث عنه فيقول حدثني أبو علي أو يقول حدثني الشجاع أو الأعور أو ما إلى ذلك



تدليس التسوية أو التجويد : وهو أشر أنواع التدليس وهو أن يسقط المدلس شيخ شيخه فصاعدا مثال ذلك
الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أنس .
فالوليد يدلس تدليس التسوية وهو لا يسقط من سمع منه مباشرة بل يسقط شيخ شيخه اي من وفق الأوزاعي
وخطورة هذا التدليس أنه يسقط ما بين الزهري والأوزاعي فتنظر إلى الإسناد فتقول صحيح أن الأوزاعي أدرك الزهري ولاتلتفت إلى التدليس الواقع في السند
وهذا التدليس لا يؤثر على الحديث في الظاهر ولكن قد يغتر العالم وينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو منه براء. وهذا النوع لا يلتفت إليه إلا الجهابذة من العلماء لأن هذا السقوط يكون غالبا من الكذابين.


تدليس الأماكن والبلدان :
وهذا النوع من التدليس يقوم به من أراد أن يتبجح بكثرة الرحلة ومقابلة الشيوخ وخطورته أنك لو أوهمت بأن دخلت مصر مثلا وحدثت عن فلان وهو عالم بمصر فيخدع العالم فيحكم بالاتصال.


تدليس العطف : وهذا التدليس خطر أيضا لأن الراوي يروي عن شيخ ثم يسكت قليلا ثم يسم شيخا آخرا و ترجع خطورته في أن الشيخ الأول إن كان ضعيفا إلا أنك تغتر وتظن أن الشيخ الثاني متابعا له فتحكم بصحة الحديث
كان يقوم بمثل هذا النوع هشيم بن بشير فقال مثلا حدثني حصين ومغيرة عن فلان. وهو في الحقيقة سمع من حصين دون مغيرة ولكنه يعطف اسم الشيخ الآخر على الشيخ الأول ليكسبه قوة.


الراوي المدلس لا يحكم على حديث بالإتصال إلا إذا صرح بالسماع أو الرؤية


6- الإرسال الخفي
والفرق بين الإرسال الظاهر ( وهو ما سبق بيانه ) والإسرال الخفي أن الإرسال الظاهر هو أن يروي الراوي عن من لم يدركه , كرواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الإرسال الخفي فهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه , كرواية المخضرمين عن النبي صلى الله عليه وسلم فالإرسال الأول يدرك بعدم المعاصرة والإرسال الثاني يدرك بعدم اللقاء.



هذه هي الشروط الخاصة بإثبات إتصال السند والتي تتناول أول شرط من شروط الحديث الصحيح , وهناك أمور أخرى تتعلق بالسند من حيث القوة والدرجة وغير ذلك لعلنا نأتي عليها بين عرض الشروط الخمسة إن شاء الله تعالى .


وفي هذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين

 

وادي المسك

عضو بلاتيني


شرح عميق وميسر نستطيع فهمه ومتابعته بسلاسه دون تعقيد او ملل ...

جزاك الله اخوي الغالي ابو عمر وبارك فيك وحفظك :وردة:
 

سعيد

عضو ذهبي
جزاك الله خيرا ومتعنا بك ..

سؤال..
نقرأ في بعض الكتب التي تروي الأحاديث ألفاظا مختصرة مثل .. (نا) و(أنا) وأظن هناك غيرها ..

تأتي بين خلال السند فهل هناك قائمة معروفة لهذه الاختصارات لدى المشتغلين بالحديث وهلا ذكرتها إن وجدت ....وفقك الله

تعقيب ..
وأما بخصوص إستفسارك الثاني : فإن لا أعلم تفسيرا معينا لقول يحيى بن معين رحمه الله من أحد من سادة العلم إلا ما فهمته من شرح الشيوخ حفظهم الله , وأظنه يقصد بيت خالي أي يخلو من شواغل الدنيا التي تمنع العالم من الإستفادة من كتبه ومن التصنيف والمراجعة.
فالإمام يحيى رحمه الله كان له قوة في الحفظ عالية جدا , وقد كان يحفظ الحاديث الضعيفة التي تختلط في أسانيدها بعض الأسماء المشابهة حتى ينبه عليها .

ومما رأيته من عادة عند الشيوخ المعاصرين وهو إتخاذ بيت آخر إن قدر على ذلك يجلس فيه للدراسة والتصنيف والمذاكرة بعيدا عن شواغل الدنيا , وكأن يحيى رحمه الله يتمنى بيتا خاليا من هموم الدنيا ليتفرغ فيه إلى الطلب.

جزاك الله خيرا على هذه اللطائف ...

مقولة يحيى بن معين رحمه الله .... تأملتها فإذا سمحت لي أن أبدي ما فهمته ...وأرجو أن تسددني

يحيى بن معين رحمه الله سئل وهو على فراش المرض ..والمسلم وهو على فراش مرض الموت يغلب جانب الرجاء ويحسن الظن بالله ...فيتذكر ماهو عليه من خير ...

في هذا السياق كانت إجابة يحيى بن معين رحمه الله ..أي وهو مقبل على الموت ..

فنظر إلى ما خرج به من الدنيا ... وقدم به إلى الآخرة ..

بيت خالي ...أي ليس لديه من متاع الدنيا شيء ..فالحساب عليه أخف

وإسناد عالي ....وهو شرف العلم الذي حصله وقام به خير قيام

وجزاك الله خيرا
 
أخي الفاضل / أبا عمر !!

شكراً لك على عرضك الجيد والسهل لمصطلح الحديث !!

لقد فتح علي هذا العرض المبسط أبواباً كثيرة وأجاب عن إشكالات تدور في ذهني !!

نتمنى منك الاستمرار وعدم التوقف !!

وحبذا لو كتبت مواضيع أخرى تكون على شكل سلاسل علمية ولكن بشرط أن تكون متنوعة ولا تقتصر على علم الحديث ، وذلك بعد الفراغ من هذا الموضوع النافع !!

ولك جزيل الشكر أولاً وآخراً !!
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
جزاك الله خيرا ومتعنا بك ..
سؤال..
نقرأ في بعض الكتب التي تروي الأحاديث ألفاظا مختصرة مثل .. (نا) و(أنا) وأظن هناك غيرها ..

تأتي بين خلال السند فهل هناك قائمة معروفة لهذه الاختصارات لدى المشتغلين بالحديث وهلا ذكرتها إن وجدت ....وفقك الله

وجزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا على طرح مثل هذا السؤال ...

هذا موضوع متصل بمسألة صيغ التحديث و طريقة التحمل والآداء للحديث النبوي الشريف , وسوف يأتي بعض بيانه إن شاء الله تعالى في شرط ضبط الرواة وعلى كل حال...

هناك بعض الخلاف بين أهل العلم رحمهم الله في صيغ التحديث , أي اللفظة التي يجب على الراوي أن يقولها ليعلم العالم أنه قد أخذ مباشرة الحديث عن شيخه بالسماع أو بالقراءة

فهل يقول الراوي حدثنا أم يقول أخبرنا أم أنبأءنا وهل هذه الالفاظ تكون بمعنى واحد أم هناك فرق بين هذه الصيغ جميعا ؟ , ولفظة نا هي إختصار لكلمة حدثنا وأنقل لك الآن بعض التفصيل من شرح شيخنا المفضال ابو إسحاق الحويني في سلسلة شرح صحيح البخاري عندما تناول مسألة صيغ التحديث.


قال حفظه الله ( أقوال العلماء في صيغ التحديث (حدثنا، أخبرنا، أنبأنا، سمعت...)

قال: وقال لنا الحميدي : كان عند ابن عيينة (حدثنا) و(أخبرنا) و(أنبأنا) و(سمعت) كل هذه الصيغ لا فرق بينها وبين بعضها الإمام سفيان بن عيينة أبو محمد الهلالي -. رحمه الله كما قال الشافعي : لولا سفيان ومالك لذهب علم أهل الحجاز . فـسفيان بن عيينة إمام ثقة ثبت، وهو الوحيد في الدنيا من بين المدلسين الذين تستوي عنعنته مع تصريحه بالسماع، وإلا فالمدلس لابد أن يقول: حدثني، أو أنبأني، أو سمعت التي تفيد أنه سمع ذلك من شيخه مباشرةً. ولو عنعن المدلس الإسناد ردوا عليه حديثه، ولم يقبلوه إلا أن يصرح بالتحديث، إلا سفيان بن عيينة ، فهذا هو الوحيد الذي تستوي عنعنته مع تصريحه بالسماع، كما صرح بذلك ابن حبان في مقدمة صحيحه عند كلامه عن المدلسين.

وكتب ابن حبان : أن ليس في الدنيا من له هذه الخصيصة إلا سفيان بن عيينة ،وقال: إنه كان لا يحدث إلا عن ثقة مثل نفسه، ولا نعلم هذا لأحدٍ إلا لـسفيان بن عيينة رحمه الله. فلما نقل الإمام البخاري هذا الكلام عن سفيان بن عيينة ، علمنا أنه مراد البخاري من الصياغة، إذاً كأن البخاري يذهب إلى رأي سفيان بن عيينة أنه لا فرق بين هذه الصيغ جميعاً. وهذا هو أصل الوضع اللغوي في الكلمة، كما قال تعالى:
sQoos.gif
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
eQoos.gif
[الزلزلة:4]، فذكر التحديث وذكر الإخبار بمعنى واحد، وقال تعالى:
sQoos.gif
وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
eQoos.gif
[فاطر:14] وهذا في الإنباء والإخبار، فالتحديث والإنباء والإخبار وإثبات السماع كله بمعنى واحد، وهذا على أصل الوضع اللغوي.

وإلى هذا القول ذهب إمام أهل المدينة في زمانه، وهو محمد بن شهاب الزهري رحمه الله، وذهب إليه مالك وابن عيينة كما سمعتم الآن، ويحيى بن سعيد القطان ، وذهب إليه أكثر أهل الحجاز وأكثر أهل الكوفة، وهو الذي اختاره ابن الحاجب في مختصره، في كل هذه الصيغ،
ونقل الحاكم أبو عبد الله صاحب: المستدرك عن الأئمة الأربعة: أنهم يقولون بذلك.
وذهب آخرون إلى التفصيل ما بين أن يأخذ التلميذ من الشيخ مشافهة، أو أن يقرأ التلميذ على الشيخ، فقالوا: إذا جاءت اللفظة مطلقةً فهذا يدل على أن الشيخ هو الذي قرأ، مثل لو قال التلميذ: حدثنا فلان، أو أخبرنا، أو أنبأنا هكذا بإطلاق؛ فهذا يدل على أن الشيخ هو الذي قرأ. فإذا قُرئ على الشيخ فينبغي أن يغير اللفظة، فيقول: حدثنا فلان بقراءة فلان عليه، أو أنبأنا أو أخبرنا بقراءة فلان عليه، وإلى هذا الرأي ذهب الإمام إسحاق بن راهويه ، والإمام النسائي ، وابن حبان . ابن حبان لا يقول: حدثنا، إنما يقول: أخبرنا، والنسائي أيضاً، إنما يستخدم لفظة الإخبار، وقلما يستخدم لفظة التحديث كأن يقول: حدثنا أو حدثني، وقلما يستخدم لفظة الإنباء، كأن يقول: أنبأنا أو أنبأني، إنما المشهور عند النسائي أنه كان يختار لفظة الإخبار. ومنهم من قال: إذا قال: حدثنا، يكون هذا من لفظ الشيخ، وإذا قال: أخبرنا، فتكون قراءة على الشيخ، وهذا مذهب ابن جريج ، والأوزاعي ، واختاره الشافعي ، وابن وهب ، رحمهم الله، وعليه أكثر أهل المشرق. والذين جاءوا بعدهم كان لهم تفصيل أكثر، قالوا: إذا قال: حدثنا فيكون سمعه التلميذ مع جماعة، وإذا قال: حدثني، يكون سمعه التلميذ وحده من الشيخ، وهكذا في أخبرنا وأخبرني، وأنبأنا وأنبأني، وسمعنا وسمعت ... إلخ.
وهذه كلها مسائل اصطلاحية ولا مشاحة في الاصطلاح، ولكن ينبغي بعدما استقر عمل العلماء على هذا أن يراعي المتأخرون اصطلاح المتقدمين فيها، لماذا؟ لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فينبغي عليهم أن لا يتجاوزوها، فالذي على المتأخرين أن يراعوا هذا، وليس على سبيل الوجوب.

وللطحاوي - أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة المشهورة، وهو من تلاميذ الإمام النسائي - جزء اسمه: (جزء التسوية بين حدثنا وأخبرنا) أي أن الطحاوي يذهب إلى هذا المذهب الذي ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله، وسبقه إلى ذلك الزهري ، ومالك ، وابن عيينة ، كما بينا ذلك. .انتهى


وفي هذا بعض التفصيل لما سألت عنه أخي الكريم.


وبالنسبة لمقولة يحيى بن معين رحمه الله تعالى , أقول ربما يكون هذا قصده من البيت الخالي ولكني أميل للتفسير الآخر وذلك اني لا أعرف عن الإمام يحيى أنه كان من الأغنياء فضلا عن أنه ربط الأمرين معا بحرف العطف وهما من أمور الدنيا.

فلا أعتقد أنه رغب في أمر آخروي ثم بعده أمر دنيوي فلو كان صحيحا لكان الأولى أن يقول إسناد عالي وبيت خالي.

ولكني أظن انه أشار إلى أمنيتين في مسألة طلب العلم البيت الخالي الذي يستطيع معه أن يدرس والإسناد العالي الذي يقوى به الحديث والله أعلى وأعلم
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
أخي الفاضل / أبا عمر !!

شكراً لك على عرضك الجيد والسهل لمصطلح الحديث !!

لقد فتح علي هذا العرض المبسط أبواباً كثيرة وأجاب عن إشكالات تدور في ذهني !!

نتمنى منك الاستمرار وعدم التوقف !!

وحبذا لو كتبت مواضيع أخرى تكون على شكل سلاسل علمية ولكن بشرط أن تكون متنوعة ولا تقتصر على علم الحديث ، وذلك بعد الفراغ من هذا الموضوع النافع !!

ولك جزيل الشكر أولاً وآخراً !!


جزاكم الله خيرا يا المتبحر على كلامك الطيب معي دائما


أنوي أن أفعل ما تدعوني إليه إن شاء الله تعالى إن كتب الله لنا بقاء وقدر في العمر بقية ..


والله أسأل أن يجزيك وكل إخواني في هذا المنتدى الطيب عني خير الجزاء في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه
 
أعلى